يُوْجَدُ أُنَاسٌ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يُعَالِجُونَ النَّاسَ مِنَ الأَمْرَاضِ الرُّوحِيَّةِ وَالكَشْفَ عَلَيْهَا مِنْ سِحْرِ ومَسٍّ وَعَيْنٍ، وَيَسْتَعِينُونَ فِي ذَلِكَ -عَلَى زَعْمِهِمْ- بِجِنٍّ مُسْلِمِينَ، وَهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ لَا يَفْعَلُونَ شِرْكِيَّاتٍ فِي تَحْضِيرِهِمْ، بَلْ تَعَاوُنٌ عَلَى الخَيْرِ، وَيَْحَتَجُّونَ بِكَلَامِ شَيْخِ الإِسْلَامِ ابنِ تَيْمِيَةَ وَيَقُولُونَ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ خِلَافِيَّةٌ بَيْنَ عُلَمَاءِ المُسْلِمِينَ وَلِكُلٍّ رَأْيُهُ وَحُرِّيَّةُ اخْتِيَارِهِ بَيْنَ الفَتَاوَى. مَا هُوَ حُكْمُ هَذَا الاسْتِخْدَامِ لِلْجِنِّ؟ وَهَلْ تُعْتَبَرُ مَسْأَلَةً خِلَافِيَّةً كَمَا يَزْعُمُونَ بِالرَّغم مِنْ أَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَنَالُوا فَتْوَى وَاحِدَةً تَدْعَمُهُمْ، إِلَّا كَلَامَ شَيْخِ الإِسْلَامِ وَهُوَ كَلَامٌ مَقْطُوعٌ كَجُزْءٍ مِنْ كَلَامٍ لَهُ سَابِقٍ وَلَاحِقٍ، وَلَيْسَ بِصِيغَةِ سُؤَالٍ وَجَوابٍ كَمَا تَعْلَمُونَ حَتَّى نَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ، وَعَلَى حَسَبِ عِلْمِنَا القَاصِرِ أَنَّ الشَّيْخَ -رَحِمَهُ اللهُ- كَانَ يُعَالِجُ المَصْرُوعِينَ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ حَالَةٌ وَاحِدَةٌ تُبَيِّنُ أَنَّهُ اسْتَعَانَ بِهِمْ، بَلْ كَانَ مَنْهَجُهُ وَاضِحًا، وَيَتَّبِعُ فِيهِ مَا هُو مَعْرُوفٌ مِنْ هَدْيِ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلامِ؟ وَكَيْفَ يَكُونُ الجَوابُ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّهُ لا يُوجَدُ دَلِيلٌ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَمْنَعُ اسْتِخْدَامَهُمْ؟ وَهَلْ هُنَاكَ آلِيَّةٌ يُمْكِنُ أَنْ يَطْمَئِنَ إِلَيْهَا القَلْبُ لِمَعْرِفَةِ الجِنِّ، وَتَمْيِيزِ الصَّالحِ مِنَ الطَّالِحِ لِمَا عُلِمَ عَنْهُمْ مِنْ كَثْرَةِ الكَذِبِ؟