خِلافُ ابْنِ نَصْرِ اللهِ مَعَ البُهُوتِي؛ حيث جاءَ في كَشَّافِ القِناعِ (2/306): (أَوْ تَرَكَ حَرْفًا مِنْها - أَيِ الفاتِحَة - لَمْ يُعْتَدَّ بِها؛ لأَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْها، وَإِنَّما قَرَأَ بَعْضَها، أَوْ تَرَكَ تَشْدِيدَةً مِنْها لَمْ يُعْتَدَّ بِها؛ لأَنَّ التَّشْدِيدَةَ بِمَنْزِلَةِ حَرْفٍ؛ فَإِنَّ الحَرْفَ المشَدَّدَ قائِمٌ مَقامَ حَرْفَيْنِ، فَإِذا أَخَلَّ بِها فَقَدْ أَخَلَّ بِحَرْفٍ. قالَ ابْنُ نَصْرِ اللهِ في (شَرْحِ الفُرُوعِ): وَهَذا ِإذا فاتَ مَحَلُّها وَبَعُدَ عَنْهُ، بِحَيْثُ يَخِلُّ بِالموالاةِ، أَمَّا لَوْ كانَ قَرِيبًا مِنْهُ فَأَعادَ الكَلِمَةَ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ؛ لأَنَّهُ يَكُونُ بِمَثابَةِ مَنْ نَطَقَ بِها عَلَى غَيْرِ الصَّوابِ، فَيَأْتِي بِها عَلَى وَجْهِ الصَّوابِ. قالَ: وَهَذا كُلُّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ بُطْلانِ صَلاتِهِ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ: أَنْ يَكُونَ تَرْكُ التَّشْدِيدَةِ سَهْوًا أَوْ خَطأً، أَمَّا لَوْ تَرَكَها عَمْدًا فَقاعِدَةُ المذْهَبِ: تَقْتَضِي بُطْلانَ صَلاتِهِ ـ إِنِ انْتَقَلَ عَنْ مَحِلِّها ـ كَغَيْرِها مِنَ الأَرْكانِ، فَأَمَّا ما دَامَ في مَحَلِّها وَهُوَ حَرْفُها لَمْ تَبْطُلْ). اهـ. قالَ البٌهٌوتِيُّ تَعْلِيقًا عَلَى كَلامِ ابْنِ نَصْرِ اللهِ: (وَفِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّ الفاتِحَةَ رُكْنٌ وَاحِدٌ مَحَلُّهُ القِيامُ، لا أَنَّ كُلَّ حَرْفٍِ رُكْنٌ).
وَالسُّؤالُ: ما هِيَ حَقِيقَةُ الخِلافِ بَيْنَ ابْنِ نَصْرِ اللهِ وَالبُهُوتِيِّ؟ وَما وَجْهُ الصَّوابِ؟ وَهَلِ الفاتِحَةُ رُكْنٌ مُسْتَقِلٌّ أَمْ أَنَّ كُلَّ حَرْفٍ ركن (على المذهب الحنبلي)؟