بسم الله الرحمن الرحيم
اخْتَلَفَ أَهْلُ العِلْمِ فِي تَعْلِيمِ القَبْرِ عَلَى أَقْوَالٍ: فَذَهَبَ جُمْهُورُ العُلَمَاءِ إِلَى جَوَازِ أَنْ يُوضَعَ عَلَى القَبْرِ عَلَامَةٌ مِنْ حَجَرٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ عُودٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَبِهَذَا قَالَ المَالِكَيَّةُ وَالحَنَابِلَةُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الحَنَفِيَّةِ، وَقَالَتِ الشَّافِعِيَّةُ بِاسْتِحْبَابِهِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاودَ مِنْ حَدِيثِ المُطَّلَبِ أَنَّهُ لَمَّا دُفِنَ عُثْمَانُ بنُ مَظْعُونٍ وَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ رَأْسِهِ حَجَرًا، وَقَالَ: «أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي»[سنن أبي داود(3206)] رَوَاهُ أَبُو دَاودَ مِنْ طَرِيقِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ حَنْطَب، يَرْوِيهِ عَنْ مَنْ لَمْ يُسَمِّهِ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَلَا تَضُرُّ جَهَالَةُ هَذَا؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كُلُّهُمْ عُدُولٌ. وَهُوَ حَدِيثٌ لَا بَأْسَ بِهِ. قَالَ عَنْهُ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، لَيْسَ فِيهِ إِلَّا كُثَيرُ بنُ زَيدٍ رَاوِيهِ عَنِ المُطَّلِبِ، وَهُوَ صَدُوقٌ. وَأَمَّا الحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا بِكَرَاهِيَةِ تَعْلِيمِ القَبْرِ لِمَا وَرَدَ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الكِتَابَةِ عَلَى القَبْرِ. وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ هُنَاكَ مَصْلَحَةٌ مِنْ تَعْلِيمِ القَبْرِ فَهُوَ سُنَّةٌ، وَإِلَّا فَهُوَ جَائِزٌ.
أخوكم/
خالد المصلح
15/11/1424هـ