هَلِ الحجُّ يُكفِّرُ حَتَّى الكبائِرَ كمَا هُوَ ظاهرُ الحدِيثِ: «رَجَعَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»؟
خزانة الأسئلة / مناسك / هل الحج يكفر الكبائر؟
هل الحج يكفر حتى الكبائر كما هو ظاهر الحديث: «رَجَعَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»؟
السؤال
هَلِ الحجُّ يُكفِّرُ حَتَّى الكبائِرَ كمَا هُوَ ظاهرُ الحدِيثِ: «رَجَعَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»؟
هل الحج يكفر حتى الكبائر كما هو ظاهر الحديث: «رَجَعَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»؟
الجواب
بِسْمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيمِ.
الحَمدُ لِلَّهِ وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّم وبارَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصَحبِهِ.
أمَّا بَعْدُ:
فقد اختَلفَ أهلُ العِلمِ في ذَلِكَ عَلَى قَوْلَينِ في الجُملَةِ:
الأوَّلِ: أنَّ هَذَا وأشْباهَهُ خاصٌّ بالصَّغائرِ فَقَطْ، أمَّا الكبائرُ فلا يُكفِّرُها إلَّا التَّوبةُ، واستدلُّوا لذَلِكَ بما في مُسلِمٍ (233) من طَريقِ عُمَرَ بْنِ إسحاقَ مولَى زائدةَ عنْ أبيهِ عَنْ أَبي هُريرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ». قالُوا: فإذا كانَتْ هَذِهِ العباداتُ العظيمةُ الجليلَةُ تَكفِيرُها لِمَا بَيْنَها مَشروطًا باجتِنابِ الكبائرِ فغَيْرُها مِنْ بابِ أَوْلَى. وبِهَذَا قالَ أكْثَرُ أَهلِ العِلمِ، قال عياضٌ في هَذَا: هَذَا المَذكورُ في الأحاديثِ من غُفرانِ الصَّغائرِ دُوْنَ الكبائرِ هُوَ مَذهبُ أهْلِ السُّنةِ والجماعَةِ، نَقَلَهُ النَّوويُّ في الْمَجموعِ شَرْحِ المُهذَّبِ (6/432) قالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ في التَّمهيدِ (4/ 50) نَصْرًا لهَذَا القَوْلِ: "وَبِهَذَا كُلِّهِ الآثارُ الصِّحاحُ عَنِ السَّلَفِ قَدْ جاءَتْ وَعَلَيْهِ جَماعةُ عُلَماءِ المسلمِينَ".
الثَّاني: أنَّ هَذَا الحَديثَ وأشباهَهُ مِمَّا جاءَتْ فِيْهِ المَغفِرةُ والتَّكفيرُ مُطلقةً، فإنَّها تَشمَلُ الكبائرَ والصغائرَ؛ لأنَّ هَذَا مُقْتضَى الإطلاقِ، كما أنَّ وُرودَ تَقييدِهِ في نَصٍّ مِنَ النُّصوصِ لا يَلزَمُ مِنْهُ حَمْلُ المُطلَقِ عَلَى المُقَيَّدِ فِيْما إذا اختَلفَ السبَبُ والحُكْمُ، وَهَذَا قَوْلُ ابنِ المُنذِرِ رَحِمَهُ اللهُ، وهُوَ ظاهرُ كلامِ شَيْخِ الإسلامِ ابنِ تَيْميَّةَ، وهُوَ قَوْلُ جَماعةٍ من أهلِ العِلمِ مِنَ الحَنَفيَّةِ والمالِكيَّةِ والشَّافعيةِ والحَنابِلةِ وغَيْرِهِم. ولا أرَى مانعًا مِنْهُ، بل هُوَ ظاهِرُ هَذِهِ النُّصوصِ المُطلَقةِ. واللهُ أَعْلمُ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيمِ.
الحَمدُ لِلَّهِ وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّم وبارَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصَحبِهِ.
أمَّا بَعْدُ:
فقد اختَلفَ أهلُ العِلمِ في ذَلِكَ عَلَى قَوْلَينِ في الجُملَةِ:
الأوَّلِ: أنَّ هَذَا وأشْباهَهُ خاصٌّ بالصَّغائرِ فَقَطْ، أمَّا الكبائرُ فلا يُكفِّرُها إلَّا التَّوبةُ، واستدلُّوا لذَلِكَ بما في مُسلِمٍ +++(233)--- من طَريقِ عُمَرَ بْنِ إسحاقَ مولَى زائدةَ عنْ أبيهِ عَنْ أَبي هُريرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ». قالُوا: فإذا كانَتْ هَذِهِ العباداتُ العظيمةُ الجليلَةُ تَكفِيرُها لِمَا بَيْنَها مَشروطًا باجتِنابِ الكبائرِ فغَيْرُها مِنْ بابِ أَوْلَى. وبِهَذَا قالَ أكْثَرُ أَهلِ العِلمِ، قال عياضٌ في هَذَا: هَذَا المَذكورُ في الأحاديثِ من غُفرانِ الصَّغائرِ دُوْنَ الكبائرِ هُوَ مَذهبُ أهْلِ السُّنةِ والجماعَةِ، نَقَلَهُ النَّوويُّ في الْمَجموعِ شَرْحِ المُهذَّبِ +++(6/432)--- قالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ في التَّمهيدِ +++(4/ 50)--- نَصْرًا لهَذَا القَوْلِ: "وَبِهَذَا كُلِّهِ الآثارُ الصِّحاحُ عَنِ السَّلَفِ قَدْ جاءَتْ وَعَلَيْهِ جَماعةُ عُلَماءِ المسلمِينَ".
الثَّاني: أنَّ هَذَا الحَديثَ وأشباهَهُ مِمَّا جاءَتْ فِيْهِ المَغفِرةُ والتَّكفيرُ مُطلقةً، فإنَّها تَشمَلُ الكبائرَ والصغائرَ؛ لأنَّ هَذَا مُقْتضَى الإطلاقِ، كما أنَّ وُرودَ تَقييدِهِ في نَصٍّ مِنَ النُّصوصِ لا يَلزَمُ مِنْهُ حَمْلُ المُطلَقِ عَلَى المُقَيَّدِ فِيْما إذا اختَلفَ السبَبُ والحُكْمُ، وَهَذَا قَوْلُ ابنِ المُنذِرِ رَحِمَهُ اللهُ، وهُوَ ظاهرُ كلامِ شَيْخِ الإسلامِ ابنِ تَيْميَّةَ، وهُوَ قَوْلُ جَماعةٍ من أهلِ العِلمِ مِنَ الحَنَفيَّةِ والمالِكيَّةِ والشَّافعيةِ والحَنابِلةِ وغَيْرِهِم. ولا أرَى مانعًا مِنْهُ، بل هُوَ ظاهِرُ هَذِهِ النُّصوصِ المُطلَقةِ. واللهُ أَعْلمُ.