الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَهَذِهِ الشُّرُوطُ مِنْهَا مَا هُوَ وَاجِبٌ بِالشَّرْعِ، فَيَكُونُ اشْتِرَاطُهَا تَوْكِيدًا لَهَا، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فِي الشَّرْعِ، فَاشْتِرَاطُهَا إلْزَامٌ بِهَا، وَقَبُولُ ذَلِكَ الْتِزَامٌ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (الْمَائِدَةِ:1) ، وقَوْله تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا} (الْإِسْرَاءِ:34) ، وَلِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ»، وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ، بَابِ أَجْرِ السَّمْسَرَةِ، وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ وُجُوهٍ عِدَّةٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا، قَالَ عَنْهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي عَارِضَتِهِ(6/103): قَدْ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ عَدِيدَةٍ، وَمُقْتَضَى الْقُرْآنِ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ.
وَمِنَ الشُّرُوطِ مَا هُوَ لِمَصْلَحَةِ الْمَعْهَدِ، وَقَدْ يَتَضَمَّنُ مَصْلَحَةً لِلطَّالِبِ، فَإِذَا الْتَزَمَ بِهَا الطَّالِبُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهَا؛ لِدُخُولِهَا فِي الْأَدِلَّةِ الَّتِي تُوجِبُ الْوَفَاءَ بِالْعُقُودِ وَالْعَهْدِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
أخوكم/
خالد المصلح