يَقُولُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِفِطْرِ مَنِ اسْتَمْنَى وَهُوَ صَائِمٌ، وَيَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ: «يَدَعُ شَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي»+++أخرجه البخاري (7492)، ومسلم (1151) ---. وَلَكِنَّ اللَّهَ لَمْ يُحَرِّمْ جَمِيعَ الشَّهَوَاتِ- كَمَا يَقُولُ الشَّيْخُ الْأَلْبَانِيُّ- وَإِلَّا لَحَكَمْنَا بِفِطْرِ مَنِ اشْتَهَى أَنْ يَشُمَّ طِيبًا فَاشْتَمَّهُ، أَوْ مَنْ قَبَّلَ زَوْجَتَهُ أَوْ بَاشَرَهَا وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ، فَهَذِهِ شَهَوَاتٌ، وَهِيَ لَا تُفَطِّرُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الصَّائِمِ بَعْضَ الشَّهَوَاتِ الَّتِي حَدَّدَهَا، وَالِاسْتِمْنَاءُ لَا أَجِدُهُ مُحَدَّدًا بِوُضُوحٍ فِي هَذِهِ الشَّهَوَاتِ، وَعَلَى فَرْضِ تَحْرِيمِهِ كَمَا يَقُولُ الْكَثِيرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ، فَلَيْسَ كُلُّ حَرَامٍ مُفَطِّرًا.
أَرْجُو مِنْ سَمَاحَتِكُمْ أَنْ تُبَيِّنُوا لِي كَيْفَ يَسْتَدِلُّ الْعُلَمَاءُ عَلَى فِطْرِ مَنِ اسْتَمْنَى ـ أَحْسَنَ اللَّهُ إلَيْكُمْ ـ وَيَحْتَجُّ مَنْ يُحَرِّمُ الِاسْتِمْنَاءَ بِآيَةِ: ﴿وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ(5) إلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ﴾+++[الْمُؤْمِنُونَ:5،6]--- الْآيَةَ، فَيَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ نَفَى كُلَّ أَحَدٍ سِوَى الزَّوْجَةِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ، وَعَلَيْهِ حَرَّمُوا أَنْ يُسْتَمْتَعَ بِغَيْرِهِمَا وَلَوْ كَانَ مَعَ نَفْسِهِ.
وَلَكِنْ يَتَبَيَّنُ لِي شَيْءٌ غَرِيبٌ، يُوَسْوِسُ لِي الشَّيْطَانُ أَنَّهُ يُبْطِلُ اسْتِدْلَالَهُمْ، وَلَكِنِّي لَا أَسْتَجِيزُ ذَلِكَ، فَهُمْ عُلَمَاءُ وَأَنَا عَامِيٌّ جَاهِلٌ أَمَامَهُمْ، فَمِنَ الْمَعْرُوفِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مَسْأَلَةِ حِفْظِ الْفَرْجِ حِفْظُهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّهُ أَوْ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ أَحَدٌ سِوَى الزَّوْجَةِ أَوْ مِلْكِ الْيَمِينِ.
فَقَدْ يَقُولُ أَحَدٌ: إِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى فَرْجِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا ذُكِرَ.
وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا: أَنَّ نَظَرَهُ لِفَرْجِهِ جَائِزٌ وَأَنَّهُ لَا يُوجَدُ نَصٌّ قَطْعِيٌّ يُحَرِّمُهُ.
وَعِنْدَهَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ لَا يُوجَدُ أَيْضًا نَصٌّ قَطْعِيٌّ يُحَرِّمُ الِاسْتِمْنَاءَ، وَأَنَّهُ أَجَازَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ.
وَالَّذِي يَتَبَيَّنُ لِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْآيَةَ تَتَحَدَّثُ عَنِ الْعَلَاقَةِ الْجِنْسِيَّةِ بَيْنَ شَخْصَيْنِ، فَهِيَ تَمْنَعُ هَذِهِ الْعَلَاقَةَ إِلَّا مَعَ الزَّوْجَةِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ، أَمَّا الْإِنْسَانُ مَعَ نَفْسِهِ فَلَا أَجِدُ فِيهَا مَا يُفِيدُ ذَلِكَ، هَذِهِ فَقَطْ خَوَاطِرُ قَدْ تَكُونُ مِنَ الشَّيْطَانِ، أَكْتُبُهَا إِلَيْكُمْ عَسَى أَنْ تُوَضِّحُوا لِي الْحَقَّ وَأَنْ تَهْدُونِي سَوَاءَ الصِّرَاطُ، وَجَزَاكُمْ اللَّهُ خَيْرًا.