هَلْ يَجُوزُ أَنْ نَقُولَ: فُلَانٌ شَهِيدٌ؟
خزانة الأسئلة / جهاد / هل يجوز أن نقول: فلان شهيد؟
هل يجوز أن نقول: فلان شهيد؟
السؤال
هَلْ يَجُوزُ أَنْ نَقُولَ: فُلَانٌ شَهِيدٌ؟
هل يجوز أن نقول: فلان شهيد؟
الجواب
الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَالشَّهِيدُ هُوَ مَنْ قُتِلَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ، وَكَانَ قِتَالُهُ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ ـ تَعَالَى ـ وَلِهَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْهَدُ لِمُعَيَّنٍ بِأَنَّهُ شَهِيدٌ، وَلَوْ قَامَ بِهِ سَبَبُ الشَّهَادَةِ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى نِيَّتِهِ أَمْرٌ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ إلَّا مِنْ طَرِيقِ الْوَحْيِ، وَهَذَا ظَاهِرُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْبُخَارِيُّ ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ حَيْثُ قَالَ فِي إحْدَى تَرَاجِمِ كِتَابِهِ: بَابُ لَا يُقَالُ: فُلَانٌ شَهِيدٌ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ»أخرجه البخاري (2787) واللفظ له، ومسلم (1876).
وَاسْتَدَلَّ لِهَذَا بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ(114) مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ سِمَاكٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ، فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، فُلَانٌ شَهِيدٌ حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ، فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «كَلَّا إنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا الْمُؤْمِنُونَ»، قَالَ: فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا الْمُؤْمِنُونَ.
وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ(342) مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَجْفَاءِ: سَمِعْت عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ يَقُولُ: وَأُخْرَى تَقُولُونَهَا فِي مَغَازِيكُمْ: قُتِلَ فُلَانٌ شَهِيدًا، مَاتَ فُلَانٌ شَهِيدًا، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَوْقَرَ عَجْزَ دَابَّتِهِ أَوْ دَفَّ رَاحِلَتَهُ ذَهَبًا وَفِضَّةً يَبْتَغِي التِّجَارَةَ، فَلَا تَقُولُوا ذَاكُمْ، وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: «مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ». وَقَدْ حَسَّنَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي(6/90).
وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ إطْلَاقِ وَصْفِ الشَّهِيدِ عَلَى مَنْ قَامَ بِهِ سَبَبُ الشَّهَادَةِ ظَاهِرًا إلَّا إذَا ظَهَرَ مِنْهُ مَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ الْوَصْفِ، كَأَنْ يَغِلَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ هَذَا مُقْتَضَى إجْرَاءِ أَحْكَامِ الدُّنْيَا عَلَى الظَّوَاهِرِ، وَأَنَّ الْأَسْمَاءَ الشَّرْعِيَّةَ تُثْبَتُ لِأَهْلِهَا الْمَوْصُوفِينَ بِهَا ظَاهِرًا، أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ الْآخِرَةِ فَذَاكَ عِلْمُهُ عِنْدَ رَبِّي.
وَيَشْهَدُ لِهَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّ أَصْحَابَهُ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ـ فِي قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ شَهِيدٌ بِنَاءً عَلَى مَا ظَهَرَ مِنْ حَالِ أُولَئِكَ الْقَتْلَى ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ـ فَلَمَّا قَالُوهُ فِيمَنْ وُجِدَ فِيهِ مَانِعٌ نَفَاهُ عَنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «كَلَّا، إنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ»صحيح مسلم (114). وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ حَيْثُ أَنْكَرَهُ مَعَ احْتِمَالِ وُجُودِ الْمَانِعِ.
فَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُوصَفَ مَنْ قَامَ بِهِ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ شَهِيدٌ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ، وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ، إِلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي عَدَمُ ابْتِذَالِ هَذَا الِاسْمِ الشَّرْعِيِّ بِإِطْلَاقِهِ عَلَى مَنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْهُ، فَضْلًا عَمَّنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ سَبَبُهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَالشَّهِيدُ هُوَ مَنْ قُتِلَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ، وَكَانَ قِتَالُهُ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ ـ تَعَالَى ـ وَلِهَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْهَدُ لِمُعَيَّنٍ بِأَنَّهُ شَهِيدٌ، وَلَوْ قَامَ بِهِ سَبَبُ الشَّهَادَةِ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى نِيَّتِهِ أَمْرٌ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ إلَّا مِنْ طَرِيقِ الْوَحْيِ، وَهَذَا ظَاهِرُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْبُخَارِيُّ ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ حَيْثُ قَالَ فِي إحْدَى تَرَاجِمِ كِتَابِهِ: بَابُ لَا يُقَالُ: فُلَانٌ شَهِيدٌ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ»+++أخرجه البخاري (2787) واللفظ له، ومسلم (1876)---.
وَاسْتَدَلَّ لِهَذَا بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ+++(114)--- مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ سِمَاكٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ، فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، فُلَانٌ شَهِيدٌ حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ، فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «كَلَّا إنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا الْمُؤْمِنُونَ»، قَالَ: فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا الْمُؤْمِنُونَ.
وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ+++(342)--- مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَجْفَاءِ: سَمِعْت عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ يَقُولُ: وَأُخْرَى تَقُولُونَهَا فِي مَغَازِيكُمْ: قُتِلَ فُلَانٌ شَهِيدًا، مَاتَ فُلَانٌ شَهِيدًا، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَوْقَرَ عَجْزَ دَابَّتِهِ أَوْ دَفَّ رَاحِلَتَهُ ذَهَبًا وَفِضَّةً يَبْتَغِي التِّجَارَةَ، فَلَا تَقُولُوا ذَاكُمْ، وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: «مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ». وَقَدْ حَسَّنَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي+++(6/90)---.
وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ إطْلَاقِ وَصْفِ الشَّهِيدِ عَلَى مَنْ قَامَ بِهِ سَبَبُ الشَّهَادَةِ ظَاهِرًا إلَّا إذَا ظَهَرَ مِنْهُ مَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ الْوَصْفِ، كَأَنْ يَغِلَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ هَذَا مُقْتَضَى إجْرَاءِ أَحْكَامِ الدُّنْيَا عَلَى الظَّوَاهِرِ، وَأَنَّ الْأَسْمَاءَ الشَّرْعِيَّةَ تُثْبَتُ لِأَهْلِهَا الْمَوْصُوفِينَ بِهَا ظَاهِرًا، أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ الْآخِرَةِ فَذَاكَ عِلْمُهُ عِنْدَ رَبِّي.
وَيَشْهَدُ لِهَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّ أَصْحَابَهُ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ـ فِي قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ شَهِيدٌ بِنَاءً عَلَى مَا ظَهَرَ مِنْ حَالِ أُولَئِكَ الْقَتْلَى ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ـ فَلَمَّا قَالُوهُ فِيمَنْ وُجِدَ فِيهِ مَانِعٌ نَفَاهُ عَنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «كَلَّا، إنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ»+++صحيح مسلم (114)---. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ حَيْثُ أَنْكَرَهُ مَعَ احْتِمَالِ وُجُودِ الْمَانِعِ.
فَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُوصَفَ مَنْ قَامَ بِهِ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ شَهِيدٌ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ، وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ، إِلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي عَدَمُ ابْتِذَالِ هَذَا الِاسْمِ الشَّرْعِيِّ بِإِطْلَاقِهِ عَلَى مَنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْهُ، فَضْلًا عَمَّنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ سَبَبُهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.