الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِلْقَاءِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الْبَحْرِيَّةِ فِي النَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمُوتُ فِي الْحَالِ، بَلْ يَبْقَى مُدَّةً طَوِيلَةً، وَقَدْ حَكَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْإِجْمَاعَ كَمَا فِي الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ(3/354) عَلَى جَوَازِ شَيِّ الْجَرَادِ بِالنَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمُوتُ فِي الْحَالِ، بَلْ يَبْقَى مُدَّةً طَوِيلَةً، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِيمَا ذَكَرْتَ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى الْجَوَازِ مَالِكٌ كَمَا فِي التَّاجِ وَالْإِكْلِيلِ(3/228)، وَأَحْمَدُ كَمَا فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ(6/204) وَالْمُغني(9/315). أَمَّا مَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ(6922) مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَوْ كُنْت أَنَا لَمْ أُحْرِقْهُمْ؛ لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ»، وَلَقَتَلْتُهُمْ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ أَيْضًا(3016) مِنْ طَرِيقِ بُكَيرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْثٍ، فَقَالَ: «إنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا فَأَحْرِقُوهُمَا بِالنَّارِ»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ حِينَ أَرَدْنَا الْخُرُوجَ: «إنِّي أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحْرِقُوا فُلَانًا وَفُلَانًا، وَإِنَّ النَّارَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إلَّا اللَّهُ، فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا»، فَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ هُوَ التَّعْذِيبُ بِالنَّارِ. وَأَمَّا الْقَتْلُ بِالنَّارِ لَا تَعْذِيبًا بَلْ لِأَجْلِ الْقَتْلِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، أَوْ دَفْعِ الضَّرَرِ فِيمَا لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أخوكم/
خالد المصلح
16/06/1425هـ