ما حُكْمُ الكَلامِ في أُمُورِ الدُّنْيا دَاخِلَ المسْجِدِ؟
خزانة الأسئلة / صلاة / حكم الكلام في أمور الدنيا داخل المسجد
ما حكم الكلام في أمور الدنيا داخل المسجد؟
السؤال
ما حُكْمُ الكَلامِ في أُمُورِ الدُّنْيا دَاخِلَ المسْجِدِ؟
ما حكم الكلام في أمور الدنيا داخل المسجد؟
الجواب
الحَمْدُ للهِ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبارَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ العِلْمِ في هَذا عَلَى أَقْوالٍ:
الأَوَّلُ: أَنَّ التَّحَدُّثَ في المسْجِدِ بِما لا إِثْمَ فِيهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيا مُباحٌ، وَبِهذا قالَتِ الشَّافِعِيَّةُ، وَالظَّاهِرِيَّةُ.
الثَّانِي: أَنَّ التَّحَدُّثَ في المسْجِدِ بِما لا إِثْمَ فِيهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيا مَكْرُوهٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ المالِكِيَّةِ وَالحَنابِلَةِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ التَّحَدُّثَ في المسْجِدِ بِما لا إِثْمَ فِيهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيا حَرامٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الحَنَفِيَّةِ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ما إِذا جَلَسَ لِذَلِكَ، أَمَّا ما كانَ عارِضًا فَهُوَ مَكْرُوهٌ.
وَهَذا الاخْتِلافُ فِيما إِذا لَمْ يُفْضِ الحَدِيثُ في المسْجِدِ إِلَى مَفْسَدَةٍ مِنْ تَشْوِيشٍ عَلَى قارِئٍ أَوْ مُصلٍّ أَوْ عابَدٍ. وَإِلَّا فَلا أَظُنُّ أَنَّ هُناكَ خِلافًا في تَحْرِيمِهِ حِيَنئِذٍ؛ لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهْىَ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالقُرْآنِ إِذا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَذًى كَما في حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالقِراءَةِ في الصَّلاةِ» رَواهُ أَحْمَدُ (5326)، وَقَدْ جاءَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ البَياضِيِّ فَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ أَحْمَدَ (18543) وَمالِكٍ (178). وَهَذا النَّهْيُ قَدْ جاءَ مِنْ طُرُقٍ وَهُوَ حَدِيثُ صَحِيحٌ كَما قالَ الحافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وَالعِراقِيُّ.
وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنَ القَوْلَيْنِ جَوازُ التَّحَدُّثِ بِأَمْرِ الدُّنْيا إِذا كانَ عارِضًا وَلَمْ تُتَّخَذُ المساجِدُ لِذَلِكَ؛ وَذَلِكَ لما رَوَىَ مُسْلِمٌ (670) مِنْ حَدِيثِ جابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قالَ: كانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ أَوِ الغَداةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَإِذا طَلَعَتْ قامَ، وَكانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ في أَمْرِ الجاهِلِيَّةِ فَيَضْحَكُونَ وَيَبْتَسِمُ.
وَقَدْ وَرَدَتْ أَحادِيثُ في النَّهْيِ عَنِ اتِّخاذِ المساجِدِ لِحَدِيثِ الدُّنْيا مِنْها ما رَوَاهُ الطَّبَرانِيُّ في مُعْجَمِهِ (10452) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «سَيَكُونُ في آخِرِ الزَّمانِ قَوْمٌ يَجْلِسُونَ في المساجِدِ حِلَقًا حِلَقًا، إِمامُهُمُ الدُّنْيا، لا تُجالِسُوهُمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ للهِ فِيهِمْ حاجَةٌ» وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ. قالَ في العِلَلِ المتَناهِيَةِ (1/410): "هَذا الحَدِيثُ لا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللهِ، المتَّهَمُ بِهِ بَزِيعٌ"، قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: "لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ غَيْرُهُ، وَبَزِيعٌ مَتْرٌُوك"، قالَ ابْنُ حِبَّانَ: "يَأْتِي عَنِ الثِّقاتِ بِأَشْياءَ مَوْضُوعَةٍ كَأَنَّهُ المتَعَمِّدُ لَها"، وَقالَ في مِيزانِ الاعْتِدالِ (2/16): "وَقالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَهُ هَكَذا مَناكِيرُ لا يُتابَعُ عَلَيْها"، وَبَزِيعٌ هَذا هُوَ أَبُو خَلِيلٍ الخَصَّافُ الرَّاوِي عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
أخوكم/
خالد المصلح
06/01/1425هـ
الحَمْدُ للهِ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبارَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ العِلْمِ في هَذا عَلَى أَقْوالٍ:
الأَوَّلُ: أَنَّ التَّحَدُّثَ في المسْجِدِ بِما لا إِثْمَ فِيهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيا مُباحٌ، وَبِهذا قالَتِ الشَّافِعِيَّةُ، وَالظَّاهِرِيَّةُ.
الثَّانِي: أَنَّ التَّحَدُّثَ في المسْجِدِ بِما لا إِثْمَ فِيهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيا مَكْرُوهٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ المالِكِيَّةِ وَالحَنابِلَةِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ التَّحَدُّثَ في المسْجِدِ بِما لا إِثْمَ فِيهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيا حَرامٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الحَنَفِيَّةِ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ما إِذا جَلَسَ لِذَلِكَ، أَمَّا ما كانَ عارِضًا فَهُوَ مَكْرُوهٌ.
وَهَذا الاخْتِلافُ فِيما إِذا لَمْ يُفْضِ الحَدِيثُ في المسْجِدِ إِلَى مَفْسَدَةٍ مِنْ تَشْوِيشٍ عَلَى قارِئٍ أَوْ مُصلٍّ أَوْ عابَدٍ. وَإِلَّا فَلا أَظُنُّ أَنَّ هُناكَ خِلافًا في تَحْرِيمِهِ حِيَنئِذٍ؛ لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهْىَ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالقُرْآنِ إِذا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَذًى كَما في حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالقِراءَةِ في الصَّلاةِ» رَواهُ أَحْمَدُ (5326)، وَقَدْ جاءَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ البَياضِيِّ فَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ أَحْمَدَ (18543) وَمالِكٍ (178). وَهَذا النَّهْيُ قَدْ جاءَ مِنْ طُرُقٍ وَهُوَ حَدِيثُ صَحِيحٌ كَما قالَ الحافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وَالعِراقِيُّ.
وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنَ القَوْلَيْنِ جَوازُ التَّحَدُّثِ بِأَمْرِ الدُّنْيا إِذا كانَ عارِضًا وَلَمْ تُتَّخَذُ المساجِدُ لِذَلِكَ؛ وَذَلِكَ لما رَوَىَ مُسْلِمٌ (670) مِنْ حَدِيثِ جابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قالَ: كانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ أَوِ الغَداةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَإِذا طَلَعَتْ قامَ، وَكانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ في أَمْرِ الجاهِلِيَّةِ فَيَضْحَكُونَ وَيَبْتَسِمُ.
وَقَدْ وَرَدَتْ أَحادِيثُ في النَّهْيِ عَنِ اتِّخاذِ المساجِدِ لِحَدِيثِ الدُّنْيا مِنْها ما رَوَاهُ الطَّبَرانِيُّ في مُعْجَمِهِ (10452) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «سَيَكُونُ في آخِرِ الزَّمانِ قَوْمٌ يَجْلِسُونَ في المساجِدِ حِلَقًا حِلَقًا، إِمامُهُمُ الدُّنْيا، لا تُجالِسُوهُمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ للهِ فِيهِمْ حاجَةٌ» وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ. قالَ في العِلَلِ المتَناهِيَةِ (1/410): "هَذا الحَدِيثُ لا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللهِ، المتَّهَمُ بِهِ بَزِيعٌ"، قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: "لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ غَيْرُهُ، وَبَزِيعٌ مَتْرٌُوك"، قالَ ابْنُ حِبَّانَ: "يَأْتِي عَنِ الثِّقاتِ بِأَشْياءَ مَوْضُوعَةٍ كَأَنَّهُ المتَعَمِّدُ لَها"، وَقالَ في مِيزانِ الاعْتِدالِ (2/16): "وَقالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَهُ هَكَذا مَناكِيرُ لا يُتابَعُ عَلَيْها"، وَبَزِيعٌ هَذا هُوَ أَبُو خَلِيلٍ الخَصَّافُ الرَّاوِي عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
أخوكم/
خالد المصلح
06/01/1425هـ