ما حُكْمُ مَسِّ المصْحَفِ بِدُونِ وُضُوءٍ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
خزانة الأسئلة / طهارة / حكم مس المصحف بدون وضوء
ما حكم مس المصحف بدون وضوء؟
السؤال
ما حُكْمُ مَسِّ المصْحَفِ بِدُونِ وُضُوءٍ؟
ما حكم مس المصحف بدون وضوء؟
الجواب
الحَمْدُ للهِ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبارَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِجابَةً عَنْ سُؤالِكَ نَقُولُ وَبِاللهِ تَعالَى التَّوْفِيقُ:
فَقَدْ ذَهَبَ جماهِيرُ أَهْلِ العِلْمِ سَلَفًا وَخَلَفًا مِنَ الصَّحابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ أَنْ يَمَسَّ القُرْآنَ إِلَّا طاهِرٌ مِنَ الحَدَثَيْنِ الأَكْبَرِ وَالأَصْغَرِ جَمِيعًا، وَبِهذا قالَ الأَئِمَّةُ الأَرْبَعَةُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ. قالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ في الاسْتِذْكارِ (8/ 10) : "أَجْمَعَ فُقَهاءُ الأَمْصارِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمُ الفَتْوَى وَعَلَى أَصْحابِهِمْ بِأَنَّ المصْحَفَ لا يَمَسُّهُ إِلَّا طاهِرٌ".
وَقَدِ احْتَجُّوا لِذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ أَبْرَزُها ما رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قالَ: «لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ». فَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ في الكِتابِ المشْهُورِ الَّذِي بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لآلِ حَزْمٍ، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وَحَكِيمِ بْنِ حِزامٍ وَعُثْمانَ بْنِ أَبِي العاصِ وَثَوْبانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
وَقَدْ أَفاضَ أَهْلُ العِلْمِ وَالتَّحْقِيقِ في بَحْثِ هَذِهِ الأَحادِيثِ وَدِراسَتِها، وَبِالنَّظَرِ إِلَى آحادِها فَإِنَّهُ لا يَسْلَمُ مِنْها طَرِيقٌ، إِلَّا أَنَّها مُجْتَمِعَةٌ لا تَنْزِلُ عَنْ رُتْبَةِ الاحْتِجاجِ.
وَمِمَّا يُعَضِّدُ هَذا الحَدِيثَ أَنَّ القَوْلَ بِهِ هُوَ المعْرُوفُ المشْهُورُ عَنْ جَماعَةٍ مِنَ الصَّحابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَلا يُعْلَمُ لَهُمْ مِنَ الصَّحابَةِ مُخالِفٌ.
قالَ الإِمامُ النَّوَوِيُّ في المجْمُوعِ شَرْحِ المهَذَّبِ 2/ 80 : "إِنَّهُ قَوْلُ عَلِيٍّ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخالِفٌ مِنَ الصَّحابَةِ"، وَقالَ شَيْخُ الإِسْـلامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في مَجْمُوعِ الفَتاوَى (21/ 266) : "وَهُوَ قَوْلُ سَلْمانَ الفارِسِيِّ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِما، وَلا يُعْلَمَ لَهُما مِنَ الصَّحابَةِ مُخالِفٌ".
وَمِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ القائِلِينَ بِالوُجُوبِ قَوْلُ اللهِ تَعالَى:﴿لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ الواقعة: 79، وَقَدْ نُوقِشَ الاسْتِدلْالُ بِالآيَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ المقْصُودَ بِذَلِكَ اللَّوْحُ المحْفُوظُ وَإِنَّ المرادَ بِقَوْلِهِ: ﴿الْمُطَهَّرُونَ﴾ الملائِكَةُ وَلَيْسُوا بَنِي آدَمَ؛ كَما هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ مِنَ الصَّحابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَمَعَ هَذا فَقَدْ قالَ ابْنُ القَيِّمِ في كِتابِ التِّبْيانِ في أَقْسامِ القُرْآنِ (1/ 408) : "وَسَمِعْتُ شَيْخَ الإِسْلامِ - يَعْنِي ابَْن تَيْمِيَةَ - يُقَرِّرُ الاسْتِدْلالَ بِالآيَةِ عَلَى أَنَّ المصْحَفَ لا يَمَسُّهُ المحْدِثُ بِوَجْهٍ آخَرَ فَقالَ: هَذا مِنْ بابِ التَّنْبِيهِ وَالإِشارَةِ؛ لأَنَّهُ إِذا كانَتْ الصُّحُفُ الَّتِي في السَّماءِ لا يَمَسُّها إِلَّا المطَهَّرُونَ، فَكَذَلِكَ الصُّحُفُ الَّتِي بِأَيْدِينا مِنَ القُرْآنِ لا يَنْبَغي أَنْ يَمَسَّها إِلَّا طاهِرٌ، وَالحَدِيثُ مُشْتَقٌّ مِنَ هَذِهِ الآيَةِ".
وَقالَ شَيْخُ الإِسْـلامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في شَرْحِ العُمْدَةِ ص (384) : "الوَجْهُ في هَذا وَاللهُ أَعْلَمُ: أَنَّ الَّذِي في اللَّوْحِ المحْـفُوظِ هُوَ القُرْآنُ الَّذِي في المصْحَفِ، كَما أَنَّ الَّذِي في هَذا المصْحَفِ هُوَ الَّذِي في هَذا المصْحَفِ بَعَيْنِهِ، سَواءٌ كانَ المحَلُّ وَرَقًا أَوْ أَدِيمًا أَوْ حَجَرًا أَوْ لِخافًا، فَإِذا كانَ مِنْ حُكْمِ الكِتابِ الَّذي في السَّماء أَلَّا يَمَسَّهُ إِلَّا المطَهَّرُونَ وَجَبَ أنْ يَكُونَ الكِتابُ الَّذِي في الأَرْضِ كَذَلِكَ؛ لأَنَّ حُرْمتَهُ كَحُرْمَتِهِ، أَوْ يَكُونَ الكِتابُ اسْمَ جِنْسٍ يَعُمُّ كُلَّ ما فِيهِ القُرْآنُ، سَواءً كانَ في السَّـماءِ أَوِ الأَرْضِ، وَقَدْ أَوْحـَــى إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً} [البينة: 2]، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالَى: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ} [عبس: 13، 14]. فَوَصَفَها أَنَّها مُطَهَّرَةٌ فَلا يَصْلُحُ لِلمُحْدِثِ مَسُّها".
وَقَدْ خالَفَ في ذَلِكَ بَعْضُ التَّابِعِينَ فَقالُوا بِجَوازِ مَسِّ القُرْآنِ مِنَ المحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ، وَهَذا مَذْهَبُ الظَّاهِرِيَّةِ. وَفِيما تَقَدَّمَ ما يُبَيِّنُ ضَعْفَ هَذا القَوْلِ.
وَمِمَّا يُفِيدُ التَّنَبُّهُ لَهُ أَنَّ الجُمْهُورَ القائِلِينَ بِوُجُوبِ الوُضُوءِ لِمَسِّ القُرْآنِ ذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ إِلَى جَوازِ مَسِّ الصِّغارِ المصْحَفَ مِنْ غَيْرِ طَهارَةٍ، وَهَذا هُوَ مَذْهَبُ الحَنَفِيَّةِ وَالمالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَرِوايَةٌ عِنْدَ الحنابِلَةِ، وَالحُجَّةُ في ذَلِكَ أَنَّ في تَكْلِيفِ الصِّبْيانِ وَأَمْرِهِمْ بِالوُضُوءِ حَرَجًا عَلَيْهِمْ، قَدْ يُؤَدِّي إِلَى تَرْكِ حِفْظِ القُرْآنِ وَتَعَلُّمِهِ ، فَأُبِيحَ لَهُمُ المسُّ لِضَرُورَةِ التَّعَلُّمِ، وَدَفْعًا لِلحَرَجِ وَالمشَقَّةِ عَنْهُمْ، لا سِيِّما وَأَنَّهُمْ مَرْفُوعٌ عَنْهُمْ قَلَمُ التَّكْلِيفِ، وَهَذا القَوْلُ لَهُ حَظُّ مِنَ النَّظَرِ كَبِيرٌ، وَاللهُ تَعالَى أَعْلَمُ.
أَخُوكُمْ/
خالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ المصْلِحُ
17/10/1424هـ
الحَمْدُ للهِ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبارَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِجابَةً عَنْ سُؤالِكَ نَقُولُ وَبِاللهِ تَعالَى التَّوْفِيقُ:
فَقَدْ ذَهَبَ جماهِيرُ أَهْلِ العِلْمِ سَلَفًا وَخَلَفًا مِنَ الصَّحابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ أَنْ يَمَسَّ القُرْآنَ إِلَّا طاهِرٌ مِنَ الحَدَثَيْنِ الأَكْبَرِ وَالأَصْغَرِ جَمِيعًا، وَبِهذا قالَ الأَئِمَّةُ الأَرْبَعَةُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ. قالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ في الاسْتِذْكارِ +++(8/ 10)--- : "أَجْمَعَ فُقَهاءُ الأَمْصارِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمُ الفَتْوَى وَعَلَى أَصْحابِهِمْ بِأَنَّ المصْحَفَ لا يَمَسُّهُ إِلَّا طاهِرٌ".
وَقَدِ احْتَجُّوا لِذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ أَبْرَزُها ما رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قالَ: «لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ». فَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ في الكِتابِ المشْهُورِ الَّذِي بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لآلِ حَزْمٍ، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وَحَكِيمِ بْنِ حِزامٍ وَعُثْمانَ بْنِ أَبِي العاصِ وَثَوْبانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
وَقَدْ أَفاضَ أَهْلُ العِلْمِ وَالتَّحْقِيقِ في بَحْثِ هَذِهِ الأَحادِيثِ وَدِراسَتِها، وَبِالنَّظَرِ إِلَى آحادِها فَإِنَّهُ لا يَسْلَمُ مِنْها طَرِيقٌ، إِلَّا أَنَّها مُجْتَمِعَةٌ لا تَنْزِلُ عَنْ رُتْبَةِ الاحْتِجاجِ.
وَمِمَّا يُعَضِّدُ هَذا الحَدِيثَ أَنَّ القَوْلَ بِهِ هُوَ المعْرُوفُ المشْهُورُ عَنْ جَماعَةٍ مِنَ الصَّحابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَلا يُعْلَمُ لَهُمْ مِنَ الصَّحابَةِ مُخالِفٌ.
قالَ الإِمامُ النَّوَوِيُّ في المجْمُوعِ شَرْحِ المهَذَّبِ +++2/ 80--- : "إِنَّهُ قَوْلُ عَلِيٍّ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخالِفٌ مِنَ الصَّحابَةِ"، وَقالَ شَيْخُ الإِسْـلامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في مَجْمُوعِ الفَتاوَى +++ (21/ 266)--- : "وَهُوَ قَوْلُ سَلْمانَ الفارِسِيِّ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِما، وَلا يُعْلَمَ لَهُما مِنَ الصَّحابَةِ مُخالِفٌ".
وَمِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ القائِلِينَ بِالوُجُوبِ قَوْلُ اللهِ تَعالَى:﴿لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ +++الواقعة: 79---، وَقَدْ نُوقِشَ الاسْتِدلْالُ بِالآيَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ المقْصُودَ بِذَلِكَ اللَّوْحُ المحْفُوظُ وَإِنَّ المرادَ بِقَوْلِهِ: ﴿الْمُطَهَّرُونَ﴾ الملائِكَةُ وَلَيْسُوا بَنِي آدَمَ؛ كَما هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ مِنَ الصَّحابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَمَعَ هَذا فَقَدْ قالَ ابْنُ القَيِّمِ في كِتابِ التِّبْيانِ في أَقْسامِ القُرْآنِ +++(1/ 408)--- : "وَسَمِعْتُ شَيْخَ الإِسْلامِ - يَعْنِي ابَْن تَيْمِيَةَ - يُقَرِّرُ الاسْتِدْلالَ بِالآيَةِ عَلَى أَنَّ المصْحَفَ لا يَمَسُّهُ المحْدِثُ بِوَجْهٍ آخَرَ فَقالَ: هَذا مِنْ بابِ التَّنْبِيهِ وَالإِشارَةِ؛ لأَنَّهُ إِذا كانَتْ الصُّحُفُ الَّتِي في السَّماءِ لا يَمَسُّها إِلَّا المطَهَّرُونَ، فَكَذَلِكَ الصُّحُفُ الَّتِي بِأَيْدِينا مِنَ القُرْآنِ لا يَنْبَغي أَنْ يَمَسَّها إِلَّا طاهِرٌ، وَالحَدِيثُ مُشْتَقٌّ مِنَ هَذِهِ الآيَةِ".
وَقالَ شَيْخُ الإِسْـلامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ في شَرْحِ العُمْدَةِ +++ ص (384)--- : "الوَجْهُ في هَذا وَاللهُ أَعْلَمُ: أَنَّ الَّذِي في اللَّوْحِ المحْـفُوظِ هُوَ القُرْآنُ الَّذِي في المصْحَفِ، كَما أَنَّ الَّذِي في هَذا المصْحَفِ هُوَ الَّذِي في هَذا المصْحَفِ بَعَيْنِهِ، سَواءٌ كانَ المحَلُّ وَرَقًا أَوْ أَدِيمًا أَوْ حَجَرًا أَوْ لِخافًا، فَإِذا كانَ مِنْ حُكْمِ الكِتابِ الَّذي في السَّماء أَلَّا يَمَسَّهُ إِلَّا المطَهَّرُونَ وَجَبَ أنْ يَكُونَ الكِتابُ الَّذِي في الأَرْضِ كَذَلِكَ؛ لأَنَّ حُرْمتَهُ كَحُرْمَتِهِ، أَوْ يَكُونَ الكِتابُ اسْمَ جِنْسٍ يَعُمُّ كُلَّ ما فِيهِ القُرْآنُ، سَواءً كانَ في السَّـماءِ أَوِ الأَرْضِ، وَقَدْ أَوْحـَــى إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً} +++[البينة: 2]---، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالَى: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ} +++[عبس: 13، 14]---. فَوَصَفَها أَنَّها مُطَهَّرَةٌ فَلا يَصْلُحُ لِلمُحْدِثِ مَسُّها".
وَقَدْ خالَفَ في ذَلِكَ بَعْضُ التَّابِعِينَ فَقالُوا بِجَوازِ مَسِّ القُرْآنِ مِنَ المحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ، وَهَذا مَذْهَبُ الظَّاهِرِيَّةِ. وَفِيما تَقَدَّمَ ما يُبَيِّنُ ضَعْفَ هَذا القَوْلِ.
وَمِمَّا يُفِيدُ التَّنَبُّهُ لَهُ أَنَّ الجُمْهُورَ القائِلِينَ بِوُجُوبِ الوُضُوءِ لِمَسِّ القُرْآنِ ذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ إِلَى جَوازِ مَسِّ الصِّغارِ المصْحَفَ مِنْ غَيْرِ طَهارَةٍ، وَهَذا هُوَ مَذْهَبُ الحَنَفِيَّةِ وَالمالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَرِوايَةٌ عِنْدَ الحنابِلَةِ، وَالحُجَّةُ في ذَلِكَ أَنَّ في تَكْلِيفِ الصِّبْيانِ وَأَمْرِهِمْ بِالوُضُوءِ حَرَجًا عَلَيْهِمْ، قَدْ يُؤَدِّي إِلَى تَرْكِ حِفْظِ القُرْآنِ وَتَعَلُّمِهِ ، فَأُبِيحَ لَهُمُ المسُّ لِضَرُورَةِ التَّعَلُّمِ، وَدَفْعًا لِلحَرَجِ وَالمشَقَّةِ عَنْهُمْ، لا سِيِّما وَأَنَّهُمْ مَرْفُوعٌ عَنْهُمْ قَلَمُ التَّكْلِيفِ، وَهَذا القَوْلُ لَهُ حَظُّ مِنَ النَّظَرِ كَبِيرٌ، وَاللهُ تَعالَى أَعْلَمُ.
أَخُوكُمْ/
خالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ المصْلِحُ
17/10/1424هـ