الحَمدُ لِلَّهِ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِجَابَةً عَنْ سُؤَالِك نَقُولُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: الَّذِي أُوصِي بِهِ الطَّالِبَ أَنْ يَعْتَنِيَ بِالْقَوَاعِدِ وَالضَّوَابِطِ الَّتِي تُبْنَى عَلَيْهَا أَبْوَابُ الْمُعَامَلَاتِ وَمَسَائِلُهَا، وَذَلِكَ مِنْ جِهَةِ فَهْمِ تِلْكَ الْقَوَاعِدِ وَضَبْطِ أَدِلَّتِهَا مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالنَّظَرِ فِي تَطْبِيقَاتِهَا الْعَمَلِيَّةِ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِيَكْتَسِبَ بِذَلِكَ الدرْبَةَ فِي اسْتِعْمَالِهَا فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي تَعْرِضُ لَهُ مِمَّا لَمْ يَتَكَلَّمْ الْفُقَهَاءُ الْمُتَقَدِّمُونَ عَنْهُ. وَمِمَّا يُفِيدُ إِفَادَةً بَيِّنَةً فِي دِرَاسَةِ الْمُعَامَلَاتِ الْعِنَايَةُ بِفَهْمِ النُّصُوصِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ حَيْثُ مَعانِيها وَغَايَاتُهَا وَحُكْمُهَا وَأَسْرَارُهَا؛ فَإِنَّ الْعِنَايَةَ بِذَلِكَ تَفْتَحُ لِلطَّالِبِ آفَاقًا وَاسِعَةً فِي مَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ وَالْاسْتِدْلَالِ بِالنُّصُوصِ عَلَيْهَا، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي دَرْءِ التَّعَارُضِ (7/342): "فَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ بَيَّنَا جَمِيعَ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْمَاءِ الْعَامَّةِ، لَكِنْ يَحْتَاجُ إِدْخَالُ الْأَعْيَانِ فِي ذَلِكَ إِلَى فَهْمٍ دَقِيقٍ وَنَظَرٍ ثَاقِبٍ لِإِدْخَالِ كُلِّ مُعَيَّنٍ تَحْتَ النَّوْعِ، وَإِدْخَالِ ذَلِكَ النَّوْعِ تَحْتَ آخَرَ بَيَّنَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". كَمَا أَنَّنِي أُنَبِّهُ إِخْوَانِي طُلَّابَ الْعِلْمِ إِلَى عَدَمِ صَرْفِ الْوَقْتِ وَكَدِّ الذِّهْنِ فِي فَهْمِ وَتَصَوُّرِ مَسَائِلَ لَا وَاقِعَ لَهَا فِي مُعَامَلَاتِ النَّاسِ الْيَوْمَ؛ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ إِهْدَارًا لِلْوَقْتِ وَتَشْتِيتًا لِلذِّهْنِ، وَكَثِيرًا مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْغَفْلَةِ عَمَّا يَهِمُّ مِنْ ضَبْطِ الْقَوَاعِدِ وَدَرْكِ الْأُصُولِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أخوكم/
خالد المصلح
08/04/1425هـ