الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِجَابَةً عَلَى سُؤَالِك نَقُولُ وَبِاَللَّهِ ـ تَعَالَى ـ التَّوْفِيقُ: اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الزِّنَى الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ إنَّمَا يَثْبُتُ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ بِالْفَرْجِ، أَمَّا مَاعَدَا ذَلِكَ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ فَإِنَّهُ زِنًى مُحَرَّمٌ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: «فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَى» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَأخرجه البخاري (6243)، ومسلم (2657) وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ لِكُلِّ عُضْوٍ زِنًى يَجِبُ تَوَقِّيهِ وَالْحَذَرُ مِنْهُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ ـ تَعَالَى ـ لِقَطْعِ كُلِّ الطُّرُقِ الْمُفْضِيَةِ إلَى الزِّنَى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}[الْإِسْرَاءِ:32]، وَلَكِنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْحَدُّ. أَمَّا الْحَدُّ وَهُوَ الْعُقُوبَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ فَذَلِكَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِشُرُوطٍ؛ وَمِنْهَا إيلَاجُ الْحَشَفَةِ وَهِيَ رَأْسُ الذَّكَرِ وَهِيَ مَا فَوْقَ الْخِتَانِ.
أَمَّا مَا سَأَلْت عَنْهُ مِنْ مُمَارَسَةِ بَعْضِهِمْ الْإِيلَاجَ بِحَائِلٍ، فَإِنَّهُ مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ فِيمَا أَعْلَمُ أَنَّ الْحَائِلَ إذَا كَانَ رَقِيقًا لَا يَمْنَعُ حَرَارَةَ الْفَرْجِ وَحُصُولَ اللَّذَّةِ فَلَا أَثَرَ لَهُ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْحَائِلِ الْكَثِيفِ فَعَدَّهُ بَعْضُهُمْ شُبْهَةً تَمْنَعُ الْحَدَّ.
أَمَّا مَا قَرَأْتَهُ أَوْ سَمِعْتَهُ عَنْ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ الْعُثَيْمِينِ ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ فَهُوَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ يَجِبُ بِالْإِنْزَالِ أَوْ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ، وَهُنَا لَمْ يُنْزِلْ وَالْخِتَانَانِ لَمْ يَلْتَقِيَا لِوُجُودِ الْحَائِلِ؛ لِذَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ، أَمَّا حَدُّ الزِّنَى فَلَمْ يُعَلَّقْ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ، بَلْ بِالْإِيلَاجِ، فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ.