الحَمْدُ للهِ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبارَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.
أَمَّا بَعْدُ.
فإِجابَةً عَلَى سُؤالِكَ نَقُولُ وَبِاللهِ تَعالَى التَّوْفِيقُ:
ما يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الكِريماتِ الَّتِي تُوضَعُ عَلَى الأَيْدِي، لا أَتَصَوَّرُ كَيْفَ يَكُونُ مانِعًا مِنْ وُصُولِ الماءِ، فَإِذا كانَ كِريمًا عادِيًّا، فَهُوَ يَتَشَرَّبُهُ البَدَنُ وَلَنْ يُكُوِّنَ طَبَقَةً تَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الماءِ.
وأَمَّا ما يُسْتَعْمَلُ في فَرْدِ الشَّعَرِ أَوْ تَجْعِيدِهِ مِنْ وَضْعِ مَوادَّ تَحْفَظُ الشَّعَرَ عَلَى شَكْلٍ مُعَيَّنٍ وَقَدْ تَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الماءِ إِلَى الشَّعَرِ، فالَّذِي يَظْهَرُ لِي وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لا حَرَجَ فِيها، وَكَوْنُها تَمْنَعُ -وَقَدْ يَكُونُ هُناكَ مِنَ المنْعِ- لَكِنَّ المعْلُومَ أَنَّهُ يَجُوزُ المسْحُ وَصَبُّ الماءِ في الاغْتِسالِ عَلَى الحائِلِ فِيما يَتَعَلَّقُ بِالشَّعَرِ في غُسْلِ الجنابَةِ، وَقَدْ سَأَلَتْ أُمُّ سَلَمَةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوَتَنْقُضُ المرْأَةُ ضَفائِرَها لِلجَنابَةِ؟ فَقالَ: «لَا»، وَهذا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَقْضَ الضَّفائِرِ لَيْسَ مِمَّا يَجِبُ لِلاغْتِسالِ، مَعَ احْتِمالِ أَنَّهُ قَدْ لا يَصِلُ الماءُ إِلَى داخِلِ الضَّفِيرَةِ، فَدَلَّ هَذا عَلَى أَنَّهُ لا يَجِبُ تَبْلِيغُ الماءِ، إِنَّما الواجِبُ هُوَ إِفاضَةُ الماءِ عَلَى الرَّأْسِ، وَالمبالَغَةُ مَسْنُونَةٌ.
فالَّذي يَظْهَرُ لي أَنَّ هَذِه الكِريماتِ الَّتِي تُوضَعُ عَلَى الشَّعَرِ لأَجْلِ فَرْدِهِ، وَتَبْقَى مُدَّةً مُعَيَّنَةً، أَنَّهُ لا حَرَجَ فِيها إِنْ شاءَ اللهُ تَعالَى، وَالأَوْلَى وَالأَحْوَطُ في البُعْدِ عَنِ الشُّبُهاتِ هُوَ اجْتِنابُها، لَكِنْ في مَقامِ الحلالِ وَالحرَامِ فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّ وَلَبَّد شَعْرَهُ، وَالتَّلْبِيدُ هُوَ وَضْعُ شَيْءٍ عَلَى الشَّعْرِ يُمْسِكُهُ مِنَ التَّفَرُّقِ مِنْ عَسَلٍ أَوْ صَمْغٍ، هَكَذا قالَ العُلَماءُ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ يَحْتاجُ إِلَى الاغْتِسالِ، فَالتَّلْبِيدُ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ صَبِّ الماءِ وَاسْتِعْمالِهِ مَعَ بَقائِهِ مُدَّةَ حَجِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.
وَأَمَّا إِذا وَضَعَتْ طَبَقَةً مِنَ الكِريمِ فَإِنَّها تُزِيلُ الطَّبَقَةَ وَتَغْسِلُ المكانَ.
وَأَمَّا بِالنَّسْبَةِ لِلصَّلَواتِ الماضِيَةِ مَعَ وُجُودِ طَبَقَةِ الكِريمِ؛ فَإِنَّهُ إِنْ كانَ ناشِئًا عَنْ جَهْلٍ فَلا حَرَجَ إِنْ شاءَ اللهُ.