قَضَيَّةُ المَراصِدِ وقَضَيَّةُ الحِسابِ، هَلْ هِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الرُّؤيَةِ الشَّرْعيَّةِ أمِ الرُّؤيَةُ هِيَ المُعتبَرَةُ في دُخُولِ الشَّهْرِ وخُرُوجِهِ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
خزانة الأسئلة / الصوم / المراصد والرؤية الشرعية في تحديد هلال الشهر
قضية المراصد وقضية الحساب، هل هي مُقَدَّمة على الرؤية الشرعية أم الرؤية هي المعتبرة في دخول الشهر وخروجه؟
السؤال
قَضَيَّةُ المَراصِدِ وقَضَيَّةُ الحِسابِ، هَلْ هِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الرُّؤيَةِ الشَّرْعيَّةِ أمِ الرُّؤيَةُ هِيَ المُعتبَرَةُ في دُخُولِ الشَّهْرِ وخُرُوجِهِ؟
قضية المراصد وقضية الحساب، هل هي مُقَدَّمة على الرؤية الشرعية أم الرؤية هي المعتبرة في دخول الشهر وخروجه؟
الجواب
الحَمدُ لِلَّهِ، وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبارَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصَحبِهِ.
أمَّا بَعْدُ:
فإجابَةً عَلَى سُؤالِكَ نَقولُ وباللهِ تَعَالَى التَّوفيقُ:
فِيما يَتَّصِلُ بالمَراصِدِ فأنتَ ذَكَرْتَ قَضيَّتَيْنِ: المَراصِدَ والحِسابَ، فالمَراصِدُ هُوَ أقرَبُ إلى الرُّؤيَةِ بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنَ الرُّؤيَةِ، لكِنَّها تَعتَمِدُ عَلَى وَسائِلِ التَّقريبِ المُعاصِرَةِ، فاستِعمالُ المَراصِدِ لا حَرَجَ فِيهِ للاستِعانَةِ برُؤيَةِ الأَهِلَّةِ ولا يُوجَدُ ما يَمنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وقَدْ صَدرَتْ بهَذا الفَتْوَى مِنْ جِهاتٍ عَديدَةٍ مِنْها هَيئَةُ كِبارِ العُلَماءِ ومِنْها جِهاتٌ ومَجامِعُ فِقْهيَّةٌ أُخْرَى، والمَسْألَةُ -ولِلَّهِ الحَمْدُ- واضِحَةٌ وجَليَّةٌ أنَّهُ لا حَرَجَ في أنْ يُرَى الهِلالُ مِنْ طَريقِ المَراصِدِ.
وهُناكَ إشْكاليةٌ فِقْهيَّةٌ ذَكَرَها بَعْضُ النَّاسِ أنَّهُ إذا رُئِيَ في المَرصَدِ، ولم يُرَ بالعَيْنِ المُجَرَّدَةِ فهَلْ يُعْتَدُّ برُؤيَا المَرصَدِ أو لا يُعْتَدُّ بِها؟
مِنَ الفُقَهاءِ مَنْ لَهُ مَنْهَجٌ، وهُوَ أنَّ هذِهِ المَراصِدَ يُستَفادُ مِنْها في النَّفْيِ دُونَ الإثْباتِ، ومِنْهُم مَنْ يَعتَمِدُها في النَّفْيِ وفي الإثْباتِ، والمَسألَةُ مِنْ حَيْثُ الطَّرْحُ الفِقْهِيُّ قَريبَةٌ ولَها عِدَّةُ وُجوهٍ، والَّذِي يَظْهَرُ أنَّ اعتِمادَ هَذا لا حَرَجَ فِيهِ، وقَدْ صَدرَتْ بِهِ الفَتْوَى مِنْ جِهاتٍ عَديدَةٍ كما ذَكَرْتُ.
وأمَّا الحِسابُ فهُوَ قَضيَّةٌ مُختلِفَةٌ، وذَلِكَ أنَّ مِنْ أهْلِ العِلمِ مَنْ حَكَى الإجْماعَ عَلَى عَدْمِ اعتِبارِ الحِسابِ، بَلْ مِنْ فُقَهاءِ المالكيَّةِ مَنْ قالَ: إنَّهُ إذا اعتُمِدَ ثُبُوتُ الشَّهْرِ مِنْ طَريقِ الحِسابِ فلا يَلْزَمُ النَّاسُ أنْ يَصيرُوا عَلَى هَذَا الإخْبارِ أو عَلَى هَذا الإعلامِ بأنَّ الشَّهْرَ قَدْ دَخَلَ إذا كانَ عُمْدَتُهُ الحِسابَ، وعَلَى هَذا جُمهورُ فُقَهاءِ العَصْرِ أيضًا.
والَّذِي يَظْهَرُ في هذِهِ المَسألَةِ، أنَّ الحِسابَ مُعتَبَرٌ في النَّفْيِ لا في الإثْباتِ، إذا تَمكَّنَ النَّاسُ مِنَ الرُّؤيَةِ وعَمِلُوا بِها، وأمَّا إذا تَعطَّلَتِ الرُّؤيَةُ ولم يَكُنْ هُناكَ ما يَتَراءَى كما هُوَ الحالُ في أكثَرِ شُهُورِ السَّنَةِ؛ فهُنا العَمَلُ بالحِسابِ عَمَلٌ بأمْرٍ ظَنِّيٍّ ويَغلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِحَّتُهُ، فلا حَرَجَ في اعتِمادِهِ واعتِبارِهِ في هذِهِ الحالِ، وهُوَ أفضَلُ مِنْ أنْ لا يَجِدَ النَّاسُ شيئًا يَعتَمِدُون عَلَيْهِ، يَعنَي: ليْسَ هُناكِ رُؤَيَةٌ فأقرَبُ ما يُعمَلُ بِهِ في حالِ انعِدامِ الرُّؤيَةِ هُوَ الحِسابُ.
أمَّا فِيما يَتَّصِلُ بثُبوتِ شَهْرِ رَمَضانَ أو عَدَمِهِ، فالأقرَبُ مِنَ الأقْوالِ أنَّ الحِسابَ يَعتَمِدُ في النَّفْيِ لا في الإثْباتِ، وهذِهِ المَسْألَةُ مَسْألَةٌ قَريبَةٌ -مِثْلَما ذَكَرْتُ لَكَ- لا فِيما يَتَّصِلُ بالمَراصِدِ ولا فِيما يَتَّصِلُ بالرُّؤيَةِ، ولا فِيما يَتَّصِلُ بالحِسابِ، ليْسَ هَذا مِنَ الشَّأْنِ الَّذِي يُمكِنُ أنْ يُتَداوَلَ وأنْ يُسْتنَدَ فِيهِ إلى قَوْلِ فُلانٍ أو إلى مَذْهَبِ فُلانٍ؛ لأنَّ الأمْرَ مَحْسُومٌ مِنْ حَيْثُ الواقِعُ العَمَلِيُّ، فالنَّاسُ تَبَعٌ لأئِمَّتِهِم، وتَبَعٌ لِما يُعلَنُ في بِلادِهِم، «الصَّوْمُ يَوْمَ يَصومُ النَّاسُ، والفِطْرُ يَوْمَ يُفطِرُ النَّاسُ».
الحَمدُ لِلَّهِ، وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبارَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصَحبِهِ.
أمَّا بَعْدُ:
فإجابَةً عَلَى سُؤالِكَ نَقولُ وباللهِ تَعَالَى التَّوفيقُ:
فِيما يَتَّصِلُ بالمَراصِدِ فأنتَ ذَكَرْتَ قَضيَّتَيْنِ: المَراصِدَ والحِسابَ، فالمَراصِدُ هُوَ أقرَبُ إلى الرُّؤيَةِ بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنَ الرُّؤيَةِ، لكِنَّها تَعتَمِدُ عَلَى وَسائِلِ التَّقريبِ المُعاصِرَةِ، فاستِعمالُ المَراصِدِ لا حَرَجَ فِيهِ للاستِعانَةِ برُؤيَةِ الأَهِلَّةِ ولا يُوجَدُ ما يَمنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وقَدْ صَدرَتْ بهَذا الفَتْوَى مِنْ جِهاتٍ عَديدَةٍ مِنْها هَيئَةُ كِبارِ العُلَماءِ ومِنْها جِهاتٌ ومَجامِعُ فِقْهيَّةٌ أُخْرَى، والمَسْألَةُ -ولِلَّهِ الحَمْدُ- واضِحَةٌ وجَليَّةٌ أنَّهُ لا حَرَجَ في أنْ يُرَى الهِلالُ مِنْ طَريقِ المَراصِدِ.
وهُناكَ إشْكاليةٌ فِقْهيَّةٌ ذَكَرَها بَعْضُ النَّاسِ أنَّهُ إذا رُئِيَ في المَرصَدِ، ولم يُرَ بالعَيْنِ المُجَرَّدَةِ فهَلْ يُعْتَدُّ برُؤيَا المَرصَدِ أو لا يُعْتَدُّ بِها؟
مِنَ الفُقَهاءِ مَنْ لَهُ مَنْهَجٌ، وهُوَ أنَّ هذِهِ المَراصِدَ يُستَفادُ مِنْها في النَّفْيِ دُونَ الإثْباتِ، ومِنْهُم مَنْ يَعتَمِدُها في النَّفْيِ وفي الإثْباتِ، والمَسألَةُ مِنْ حَيْثُ الطَّرْحُ الفِقْهِيُّ قَريبَةٌ ولَها عِدَّةُ وُجوهٍ، والَّذِي يَظْهَرُ أنَّ اعتِمادَ هَذا لا حَرَجَ فِيهِ، وقَدْ صَدرَتْ بِهِ الفَتْوَى مِنْ جِهاتٍ عَديدَةٍ كما ذَكَرْتُ.
وأمَّا الحِسابُ فهُوَ قَضيَّةٌ مُختلِفَةٌ، وذَلِكَ أنَّ مِنْ أهْلِ العِلمِ مَنْ حَكَى الإجْماعَ عَلَى عَدْمِ اعتِبارِ الحِسابِ، بَلْ مِنْ فُقَهاءِ المالكيَّةِ مَنْ قالَ: إنَّهُ إذا اعتُمِدَ ثُبُوتُ الشَّهْرِ مِنْ طَريقِ الحِسابِ فلا يَلْزَمُ النَّاسُ أنْ يَصيرُوا عَلَى هَذَا الإخْبارِ أو عَلَى هَذا الإعلامِ بأنَّ الشَّهْرَ قَدْ دَخَلَ إذا كانَ عُمْدَتُهُ الحِسابَ، وعَلَى هَذا جُمهورُ فُقَهاءِ العَصْرِ أيضًا.
والَّذِي يَظْهَرُ في هذِهِ المَسألَةِ، أنَّ الحِسابَ مُعتَبَرٌ في النَّفْيِ لا في الإثْباتِ، إذا تَمكَّنَ النَّاسُ مِنَ الرُّؤيَةِ وعَمِلُوا بِها، وأمَّا إذا تَعطَّلَتِ الرُّؤيَةُ ولم يَكُنْ هُناكَ ما يَتَراءَى كما هُوَ الحالُ في أكثَرِ شُهُورِ السَّنَةِ؛ فهُنا العَمَلُ بالحِسابِ عَمَلٌ بأمْرٍ ظَنِّيٍّ ويَغلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِحَّتُهُ، فلا حَرَجَ في اعتِمادِهِ واعتِبارِهِ في هذِهِ الحالِ، وهُوَ أفضَلُ مِنْ أنْ لا يَجِدَ النَّاسُ شيئًا يَعتَمِدُون عَلَيْهِ، يَعنَي: ليْسَ هُناكِ رُؤَيَةٌ فأقرَبُ ما يُعمَلُ بِهِ في حالِ انعِدامِ الرُّؤيَةِ هُوَ الحِسابُ.
أمَّا فِيما يَتَّصِلُ بثُبوتِ شَهْرِ رَمَضانَ أو عَدَمِهِ، فالأقرَبُ مِنَ الأقْوالِ أنَّ الحِسابَ يَعتَمِدُ في النَّفْيِ لا في الإثْباتِ، وهذِهِ المَسْألَةُ مَسْألَةٌ قَريبَةٌ -مِثْلَما ذَكَرْتُ لَكَ- لا فِيما يَتَّصِلُ بالمَراصِدِ ولا فِيما يَتَّصِلُ بالرُّؤيَةِ، ولا فِيما يَتَّصِلُ بالحِسابِ، ليْسَ هَذا مِنَ الشَّأْنِ الَّذِي يُمكِنُ أنْ يُتَداوَلَ وأنْ يُسْتنَدَ فِيهِ إلى قَوْلِ فُلانٍ أو إلى مَذْهَبِ فُلانٍ؛ لأنَّ الأمْرَ مَحْسُومٌ مِنْ حَيْثُ الواقِعُ العَمَلِيُّ، فالنَّاسُ تَبَعٌ لأئِمَّتِهِم، وتَبَعٌ لِما يُعلَنُ في بِلادِهِم، «الصَّوْمُ يَوْمَ يَصومُ النَّاسُ، والفِطْرُ يَوْمَ يُفطِرُ النَّاسُ».