ما الأَعْذارُ الَّتِي تُبيحُ الفِطْرَ في رَمَضانَ؟
خزانة الأسئلة / الصوم / الأعذار التي تبيح الفطر في رمضان
ما هي الأعذار التي تبيح الفطر في رمضان؟
السؤال
ما الأَعْذارُ الَّتِي تُبيحُ الفِطْرَ في رَمَضانَ؟
ما هي الأعذار التي تبيح الفطر في رمضان؟
الجواب
الحَمدُ لِلَّهِ، وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبارَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصَحبِهِ.
أمَّا بَعْدُ:
فإجابَةً عَلَى سُؤالِكَ نَقولُ وباللهِ تَعالَى التَّوفيقُ:
إنَّ اللهَ تَعالَى ذَكَرَ عُذرَيْنِ في آياتِ الصِّيامِ، فقالَ اللهُ - جَلَّ وعَلَا -: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البَقَرَةُ:184]، هَذَانِ عُذْرانِ: السَّفَرُ والمَرَضُ، وتَحْتَ هَذَيْنِ العُذرَيْنِ تَفاصيلُ تَتَصِلُ بصِفَةِ المَرَضِ المُبيحِ للفِطْرِ والسَّفَرِ المُبيحِ للفِطْرِ في رَمَضانَ، وهَذَا مِمَّا يَطُولُ بَيانُهُ، لكِنْ نَتَكلَّمُ - في الجُمْلَةِ - عَنِ الأعْذارِ الَّتِي تُبيحُ الفِطْرَ: المَرَضُ والسَّفَرُ.
وقَدْ أشارَتِ الآياتُ إلى مَعنًى ثَالِثٍ أيضًا مِنَ الأعْذارِ وهُوَ: عَدَمُ القُدْرَةِ. وقَدْ تَقولُ: أيْنَ أشارَتْ آياتُ الصِّيامِ إلى ذَلِكَ؟ نَقولُ: في قَوْلِ اللهِ - جَلَّ وعَلا -: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البَقَرَةُ:184]، وهُنا أَقولُ: إنَّ الصِّيامَ - في أَوَّلِ ما شَرَعَهُ اللهُ تَعالَى وفَرَضَهُ عَلَى أهلِ الإيمانِ - أيَّامٌ مَعْدُوداتٌ، ثُمَّ إنَّ اللهَ تَعالَى خَيَّرَ المُؤمنينَ بَيْنَ خِيارَيْنِ: إمَّا أنْ يَصومُوا، وإمَّا أنْ يُفطِروا ويَفتَدوا عَنْ هَذَا الفِطْرِ بإطْعامٍ؛ فقالَ اللهُ تَعالَى: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البَقَرَةُ:184] يَعنِي: عَلَى الَّذِينَ يُطِيقونَ صِيامَ هذِهِ الأيَّامِ ولم يَصُومُوا فِديَةُ طَعامِ مِسْكينٍ.
{فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} [البَقَرَةُ:184] يَعنِي: زادَ عَلَى المِسْكينِ، {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ}، ثُمَّ قالَ: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البَقَرَةُ:184] يَعنِي: وأخْذُكُم بالصِّيامِ هُوَ خَيْرٌ لَكُم مِنْ أنْ تَفتَدوا بالإطْعامِ.
ويَقولُ كَثيرٌ مِنَ المُفسِّرينَ في هذِهِ الآيَةِ: إنَّها قَدْ نُسِخَتْ بقَوْلِهِ جَلَّ وعَلا: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البَقَرَةُ:185]، ويَقولُ ابنُ عَبَّاسٍ كما في الصَّحيحِ: هذِهِ الآيَةُ ليْسَتْ مَنسُوخَةً، هِيَ في الشَّيْخِ الكَبيرِ والمَرأَةِ الكَبيرَةِ لا يَقدِرانِ عَلَى الصَّوْمِ أو لا يُطيقانِ الصَّوْمَ، فيُطعِمانِ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسكينًا. وكَلامُ ابنِ عَبَّاسٍ مُتوجِّهٌ؛ وذَلِكَ أنَّ الآيَةَ لم يُرفَعْ حُكْمُها بالكُلِّيةِ، بَلْ بَقِيَ حُكْمُها، وذَلِكَ في جُزئيَّةٍ مِنَ الجُزئيَّاتِ، وهُوَ فِيما يَتَّصِلُ بمَنْ لا يَقدِرُ عَلَى الصَّوْمِ.
وهُنَا نُضيفُ الثَّالِثَ مِمَّنْ يُباحُ لَهُمُ الفِطْرُ، وهُمُ الَّذينَ لا يُطيقُونَ الصِّيامَ لهَرَمٍ أو كِبَرٍ أو نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الأسْبابِ، فهَؤُلاءِ يُباحُ لهُمُ الفِطْرُ، وهذِهِ الأعْذارُ الثَّلاثَةُ هِيَ مَحَلُّ اتِّفاقٍ، ولا خِلافَ بَيْنَ العُلَماءِ في أنَّها مِنَ المُبيحاتِ للفِطْرِ.
وهُناكَ عُذْرٌ رَابعٌ، لكِنَّهُ يَختَلِفُ عَنْ هذِهِ الثَّلاثَةِ في أنَّهُ لا يَجوزُ مَعَهُ الصَّومُ، فتِلْكَ الأعْذارُ هِيَ مِنَ المُبيحاتِ للفِطْرِ، وأمَّا العُذْرُ الرَّابِعُ فإنَّهُ يَحرُمُ مَعَهُ الصَّوْمُ ألَا وهُوَ الحَيْضُ فإنَّهُ مِمَّا تُمنَعُ فِيهِ المَرأَةُ مِنَ الصِّيامِ، وهَذَا مَحَلُّ اتِّفاقٍ، ولا خِلافَ بَيْنَ العُلَماءِ فِيهِ، وقَدْ حَكَى الإجماعَ عَلَى هَذَا، ابنُ جَريرٍ الطَّبَريِّ والنَّوَويُّ، وجَماعاتٌ مِنْ أهلِ العِلمِ أنَّهُ لا يَصِحُّ صَوْمُ الحائِضِ، ولهَذَا لو أنَّ الحائِضَ قالَتِ: النَّاسُ صُوَّمٌ وأنا أُريدُ أنْ أَصُومَ وأُعيدَ أيضًا. فنَقولُ لِها: لَسْتِ مَأمُورةً بالصِّيامِ، وهَذَا الصِّيامُ الَّذِي تَقومينَ بِهِ لا يَقرِّبُكِ إلى اللهِ تَعالَى، بَلْ هُوَ يُبعِدُكِ مِنَ اللهِ جَلَّ وعَلا، بَلْ تَأثَمُ إذا تَقرَّبَتْ بهَذَا الصِّيامِ لِلَّهِ تَعالَى؛ لأنَّها داخِلَةٌ فِيما في الصَّحيحَيْنِ مِنْ حَديثِ القاسِمِ بنِ مُحمَّدٍ عَنْ عائشَةَ: أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - قالَ: «مَن أحدَثَ في أمْرِنا هَذَا ما ليْسَ مِنْهُ فهُوَ رَدٌّ»، فهِيَ أحدَثَتْ أمْرًا فصامَتْ حَيْثُ حَرَّمَ اللهُ تَعالَى عَلَيْها الصِّيامَ، كما لو أنَّها صَلَّتْ وهِيَ حائِضٌ، فإنَّ صَلاتَها لا تُفيدُها، بَلْ هِيَ تُبعِدُها مِنَ اللهِ جَلَّ وعَلا، وهَذَا مَحَلُّ اتِّفاقٍ بَيْنَ العُلَماءِ.
إذًا: الحائِضُ هِيَ مِمَّنْ لا يَصِحُّ صَوْمُها، وهِيَ في الجُملَةِ داخِلَةٌ مِنَ المَعذُورينَ أو مِمَّنْ يُباحُ لَهُم الفِطْرُ، يَعنِي: مِمَّنْ لا يُمنَعُونَ مِنَ الفِطْرِ.
والدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ عَلَى أنَّ الحائِضَ لا تَصومُ: ما في الصَّحيحَيْنِ مِنْ حَديثِ أبِي سَعيدٍ الخُدريِّ أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - لِما أخبَرَ بنَقْصِ الدِّينِ والعَقْلِ في المَرأَةِ قالَ: «وأما نُقصانُ دِينِها فهِيَ تَمكُثُ اللَّيالِيَ لا تُصَلِّي ولا تَصومُ»، وفي الصَّحيحَيْنِ قالَ: «أليْسَتْ إذا حاضَتْ لم تُصلِّ ولم تَصُمْ»، وهَذَا يَدُلُّ عَلَى أنَّها مَمنُوعَةٌ مِنْ ذَلِكَ.
وفي صَحيحِ الإمامِ مُسلِمٍ مِنْ حَديثِ مُعاذٍ عَنْ عائشَةَ أنَّها سأَلَتْها: «ما بالُ الحائِضِ تَقضِي الصَّوْمَ ولا تَقضِي الصَّلاةَ؟ قالَتْ: كانَ يُصيبُنا ذَلِكَ عَلَى عَهَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فنُؤمَرُ بقَضاءِ الصَّوْمِ ولا نُؤمَرُ بقَضاءِ الصَّلاةِ».
إذًا: هَؤُلاءِ هُمُ الَّذينَ يُباحُ لهُمُ الفِطْرُ في رَمَضانِ، فأوَّلُهُم: المَريضُ، ثُمَّ المُسافِرُ، ثُمَّ الَّذِي لا يُطيقُ لهَرَمٍ أو مَرَضٍ لا يُرْجَى بُرْؤُهُ، ثُمَّ الحائِضُ، فهَؤُلاءِ هُمُ الَّذِينَ أَذِنَ اللهُ تَعالَى لهُم بالفِطْرِ في نَهارِ رَمَضانَ.
وفي حُكْمِ الحائِضِ أيضًا: النُّفَساءُ، فهِيَ أيضًا مِمَّن لا يَصِحُّ صَوْمُها، وهَذَا مَحَلُّ اتِّفاقٍ بَيْنَ أهلِ العِلمِ.
الحَمدُ لِلَّهِ، وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبارَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصَحبِهِ.
أمَّا بَعْدُ:
فإجابَةً عَلَى سُؤالِكَ نَقولُ وباللهِ تَعالَى التَّوفيقُ:
إنَّ اللهَ تَعالَى ذَكَرَ عُذرَيْنِ في آياتِ الصِّيامِ، فقالَ اللهُ - جَلَّ وعَلَا -: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البَقَرَةُ:184]، هَذَانِ عُذْرانِ: السَّفَرُ والمَرَضُ، وتَحْتَ هَذَيْنِ العُذرَيْنِ تَفاصيلُ تَتَصِلُ بصِفَةِ المَرَضِ المُبيحِ للفِطْرِ والسَّفَرِ المُبيحِ للفِطْرِ في رَمَضانَ، وهَذَا مِمَّا يَطُولُ بَيانُهُ، لكِنْ نَتَكلَّمُ - في الجُمْلَةِ - عَنِ الأعْذارِ الَّتِي تُبيحُ الفِطْرَ: المَرَضُ والسَّفَرُ.
وقَدْ أشارَتِ الآياتُ إلى مَعنًى ثَالِثٍ أيضًا مِنَ الأعْذارِ وهُوَ: عَدَمُ القُدْرَةِ. وقَدْ تَقولُ: أيْنَ أشارَتْ آياتُ الصِّيامِ إلى ذَلِكَ؟ نَقولُ: في قَوْلِ اللهِ - جَلَّ وعَلا -: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البَقَرَةُ:184]، وهُنا أَقولُ: إنَّ الصِّيامَ - في أَوَّلِ ما شَرَعَهُ اللهُ تَعالَى وفَرَضَهُ عَلَى أهلِ الإيمانِ - أيَّامٌ مَعْدُوداتٌ، ثُمَّ إنَّ اللهَ تَعالَى خَيَّرَ المُؤمنينَ بَيْنَ خِيارَيْنِ: إمَّا أنْ يَصومُوا، وإمَّا أنْ يُفطِروا ويَفتَدوا عَنْ هَذَا الفِطْرِ بإطْعامٍ؛ فقالَ اللهُ تَعالَى: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البَقَرَةُ:184] يَعنِي: عَلَى الَّذِينَ يُطِيقونَ صِيامَ هذِهِ الأيَّامِ ولم يَصُومُوا فِديَةُ طَعامِ مِسْكينٍ.
{فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} [البَقَرَةُ:184] يَعنِي: زادَ عَلَى المِسْكينِ، {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ}، ثُمَّ قالَ: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البَقَرَةُ:184] يَعنِي: وأخْذُكُم بالصِّيامِ هُوَ خَيْرٌ لَكُم مِنْ أنْ تَفتَدوا بالإطْعامِ.
ويَقولُ كَثيرٌ مِنَ المُفسِّرينَ في هذِهِ الآيَةِ: إنَّها قَدْ نُسِخَتْ بقَوْلِهِ جَلَّ وعَلا: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البَقَرَةُ:185]، ويَقولُ ابنُ عَبَّاسٍ كما في الصَّحيحِ: هذِهِ الآيَةُ ليْسَتْ مَنسُوخَةً، هِيَ في الشَّيْخِ الكَبيرِ والمَرأَةِ الكَبيرَةِ لا يَقدِرانِ عَلَى الصَّوْمِ أو لا يُطيقانِ الصَّوْمَ، فيُطعِمانِ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسكينًا. وكَلامُ ابنِ عَبَّاسٍ مُتوجِّهٌ؛ وذَلِكَ أنَّ الآيَةَ لم يُرفَعْ حُكْمُها بالكُلِّيةِ، بَلْ بَقِيَ حُكْمُها، وذَلِكَ في جُزئيَّةٍ مِنَ الجُزئيَّاتِ، وهُوَ فِيما يَتَّصِلُ بمَنْ لا يَقدِرُ عَلَى الصَّوْمِ.
وهُنَا نُضيفُ الثَّالِثَ مِمَّنْ يُباحُ لَهُمُ الفِطْرُ، وهُمُ الَّذينَ لا يُطيقُونَ الصِّيامَ لهَرَمٍ أو كِبَرٍ أو نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الأسْبابِ، فهَؤُلاءِ يُباحُ لهُمُ الفِطْرُ، وهذِهِ الأعْذارُ الثَّلاثَةُ هِيَ مَحَلُّ اتِّفاقٍ، ولا خِلافَ بَيْنَ العُلَماءِ في أنَّها مِنَ المُبيحاتِ للفِطْرِ.
وهُناكَ عُذْرٌ رَابعٌ، لكِنَّهُ يَختَلِفُ عَنْ هذِهِ الثَّلاثَةِ في أنَّهُ لا يَجوزُ مَعَهُ الصَّومُ، فتِلْكَ الأعْذارُ هِيَ مِنَ المُبيحاتِ للفِطْرِ، وأمَّا العُذْرُ الرَّابِعُ فإنَّهُ يَحرُمُ مَعَهُ الصَّوْمُ ألَا وهُوَ الحَيْضُ فإنَّهُ مِمَّا تُمنَعُ فِيهِ المَرأَةُ مِنَ الصِّيامِ، وهَذَا مَحَلُّ اتِّفاقٍ، ولا خِلافَ بَيْنَ العُلَماءِ فِيهِ، وقَدْ حَكَى الإجماعَ عَلَى هَذَا، ابنُ جَريرٍ الطَّبَريِّ والنَّوَويُّ، وجَماعاتٌ مِنْ أهلِ العِلمِ أنَّهُ لا يَصِحُّ صَوْمُ الحائِضِ، ولهَذَا لو أنَّ الحائِضَ قالَتِ: النَّاسُ صُوَّمٌ وأنا أُريدُ أنْ أَصُومَ وأُعيدَ أيضًا. فنَقولُ لِها: لَسْتِ مَأمُورةً بالصِّيامِ، وهَذَا الصِّيامُ الَّذِي تَقومينَ بِهِ لا يَقرِّبُكِ إلى اللهِ تَعالَى، بَلْ هُوَ يُبعِدُكِ مِنَ اللهِ جَلَّ وعَلا، بَلْ تَأثَمُ إذا تَقرَّبَتْ بهَذَا الصِّيامِ لِلَّهِ تَعالَى؛ لأنَّها داخِلَةٌ فِيما في الصَّحيحَيْنِ مِنْ حَديثِ القاسِمِ بنِ مُحمَّدٍ عَنْ عائشَةَ: أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - قالَ: «مَن أحدَثَ في أمْرِنا هَذَا ما ليْسَ مِنْهُ فهُوَ رَدٌّ»، فهِيَ أحدَثَتْ أمْرًا فصامَتْ حَيْثُ حَرَّمَ اللهُ تَعالَى عَلَيْها الصِّيامَ، كما لو أنَّها صَلَّتْ وهِيَ حائِضٌ، فإنَّ صَلاتَها لا تُفيدُها، بَلْ هِيَ تُبعِدُها مِنَ اللهِ جَلَّ وعَلا، وهَذَا مَحَلُّ اتِّفاقٍ بَيْنَ العُلَماءِ.
إذًا: الحائِضُ هِيَ مِمَّنْ لا يَصِحُّ صَوْمُها، وهِيَ في الجُملَةِ داخِلَةٌ مِنَ المَعذُورينَ أو مِمَّنْ يُباحُ لَهُم الفِطْرُ، يَعنِي: مِمَّنْ لا يُمنَعُونَ مِنَ الفِطْرِ.
والدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ عَلَى أنَّ الحائِضَ لا تَصومُ: ما في الصَّحيحَيْنِ مِنْ حَديثِ أبِي سَعيدٍ الخُدريِّ أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - لِما أخبَرَ بنَقْصِ الدِّينِ والعَقْلِ في المَرأَةِ قالَ: «وأما نُقصانُ دِينِها فهِيَ تَمكُثُ اللَّيالِيَ لا تُصَلِّي ولا تَصومُ»، وفي الصَّحيحَيْنِ قالَ: «أليْسَتْ إذا حاضَتْ لم تُصلِّ ولم تَصُمْ»، وهَذَا يَدُلُّ عَلَى أنَّها مَمنُوعَةٌ مِنْ ذَلِكَ.
وفي صَحيحِ الإمامِ مُسلِمٍ مِنْ حَديثِ مُعاذٍ عَنْ عائشَةَ أنَّها سأَلَتْها: «ما بالُ الحائِضِ تَقضِي الصَّوْمَ ولا تَقضِي الصَّلاةَ؟ قالَتْ: كانَ يُصيبُنا ذَلِكَ عَلَى عَهَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فنُؤمَرُ بقَضاءِ الصَّوْمِ ولا نُؤمَرُ بقَضاءِ الصَّلاةِ».
إذًا: هَؤُلاءِ هُمُ الَّذينَ يُباحُ لهُمُ الفِطْرُ في رَمَضانِ، فأوَّلُهُم: المَريضُ، ثُمَّ المُسافِرُ، ثُمَّ الَّذِي لا يُطيقُ لهَرَمٍ أو مَرَضٍ لا يُرْجَى بُرْؤُهُ، ثُمَّ الحائِضُ، فهَؤُلاءِ هُمُ الَّذِينَ أَذِنَ اللهُ تَعالَى لهُم بالفِطْرِ في نَهارِ رَمَضانَ.
وفي حُكْمِ الحائِضِ أيضًا: النُّفَساءُ، فهِيَ أيضًا مِمَّن لا يَصِحُّ صَوْمُها، وهَذَا مَحَلُّ اتِّفاقٍ بَيْنَ أهلِ العِلمِ.