الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ التَّحَوُّلَ الْجِنْسِيَّ مِنْ ذَكَرٍ إِلَى أُنْثَى وَالْعَكْسُ لَهُ حَالَانِ تَخْتَلِفُ فِيهِمَا الْأَحْكَامُ:
الْحَالُ الْأُولَى:إذَا كَانَ هَذَا التَّحَوُّلُ لِإِظْهَارِ حَقِيقَةِ أَصْلِ الْجِنْسِ، سَوَاءً كَانَ أَصْلُ الْجِنْسِ أُنْثَى أَوِ الْعَكْسُ وَظَهَرَ عَلَيْهِ صِفَاتُ الذُّكُورَةِ أَوِ الْأُنُوثَةِ، فَإِنَّ إزَالَةَ هَذِهِ الصِّفَاتِ الظَّاهِرِيَّةِ لَا حَرَجَ فِيهِ، وَيَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْجِنْسِ الْأَصْلِيِّ، فَمَثَلًا إِذَا كَانَ أَصْلُ الْجِنْسِ أُنْثَى وَظَهَرَ عَلَى الشَّخْصِ صِفَاتُ الذُّكُورَةِ فَيَجُوزُ إِزَالَةُ هَذِهِ الصِّفَاتِ بِمَا يَسَّرَ اللَّهُ مِنْ أَسْبَابٍ طِبِّيَّةٍ، وَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ الشَّخْصُ إِلَى أَصْلِ جِنْسِهِ وَهُوَ الْأُنْثَوِيَّةُ، كَمَا فِي هَذَا الْمِثَالِ، وَتَثْبُتُ لَهُ جَمِيعُ أَحْكَامِ الْأُنْثَى، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا النِّكَاحَ رَجُلٌ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: إِذَا كَانَ هَذَا التَّحَوُّلُ لِإِخْفَاءِ صِفَاتِ الْجِنْسِ الْأَصْلِيِّ الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ ـ تَعَالَى ـ الْإِنْسَانَ عَلَيْهِ، وَإِظْهَارِ صِفَاتِ الْجِنْسِ الْآخَرِ الَّتِي جَاءَتْ مِنْ جَرَّاءِ التَّحْوِيلِ، فَهَذَا مِنْ عَظَائِمِ الْإِثْمِ وَكَبَائِرِ الذُّنُوبِ، فَهُوَ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ ـ تَعَالَى ـ مُوجِبٌ لِلْعُقُوبَةِ.
وَهَذَا الْعَبَثُ الَّذِي حَصَلَ بِإِظْهَارِ صِفَاتِ الْأُنُوثَةِ، وَإِخْفَاءِ صِفَاتِ الذُّكُورَةِ أَوْ الْعَكْسِ، لَا يُغَيِّرُ حَقِيقَةَ الشَّخْصِ، فَيَبْقَى لَهُ أَحْكَامُ أَصْلِ جِنْسِهِ مِنَ الذُّكُورَةِ أَوِ الْأُنُوثَةِ، فَإِذَا أَجْرَى ذَكَرٌ عَمَلِيَّةَ تَحَوُّلٍ إِلَى أُنْثَى، فَإِنَّهُ يَبْقَى لَهُ أَحْكَامُ الذُّكُورَةِ، وَلَا يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهِ النِّكَاحَ. وَاَللَّهُ الْهَادِي إِلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ.
أَخُوكُمْ
أ. د خَالِد الْمُصْلِح.
5/11/1434 هــ