ما معنى قوله تعالى : {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7]؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
ما معنى قوله تعالى : {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7]؟
السؤال
ما معنى قوله تعالى : {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7]؟
ما معنى قوله تعالى : {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7]؟
الجواب
الحمد لله وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإجابة على سؤالك نقول وبالله تعالى التوفيق:
اعلم أن الله تعالى وصف كتابه بالإحكام فقال تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)} [هود: 1] فوصف سبحانه كتابه بأنه حكيم، وهذا وصف عام صادق على جميعه، والإحكام في هذه الآيات معناه الإتقان ، فإن كتاب الله تعالى مُتقَن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ووصف كتابه بأنه متشابه قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} [الزمر: 23] وهذا وصف صادق على جميعه، والتشابه في هذه الآية معناه تماثل الكلام وتناسبه واتِّساقه بحيث يُصدِّق بعضه بعضاً، فلا اختلاف بين أخباره وأحكامه، قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)} [النساء: 82، 83] ووصف الله تعالى كتابه بأن منه آيات محكمات وأخر متشابهات، وبيَّن سبحانه أن سبيل المؤمنين هو اتباع المحكم والإيمان بالمتشابه، وسبيل الزائغين الإعراض عن محكمه وإتباع متشابه فالمحكم الذي وُصفَت به بعض آيات القرآن معناه أنها لا تحتمل إلا معنى واحداً صحيحاً، أمّا المتشابه فهو ما احتمل معنيين أو أكثر: أحدهما معنى صحيح والآخر باطل، فيشتبه على بعض الناس أيُّ هذين المعنيين هو المراد، والفيصل في تحديد المعنى المراد من المتشابه هو أن يختار منها ما يوافق المُحكَم. وإليك مثالاً يتضح به المقام : أخبر الله تعالى في آيات كثيرة من كتابه أنه واحد لا إله غيره، ومن ذلك قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1] وورد في بعض الآيات أن الله تعالى تحدَّث عن نفسه بصيغة الجمع، نحو قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} [الحجر: 9]، فالآية الأولى مُحكَمة دالة على أن الله تعالى واحد أحد، والثانية فيها احتمال أن صيغة الجمع يُراد بها التعظيم أو التعدد ، فالذين في قلوبهم زيغ يتبعون المتشابه فيقولون: الآلهة متعددة، والمتبعون سبيل الهدى يحملون المتشابه على المحكم، فيقولون بالمحكم الفاصل القاطع، وهو أن الله واحد وأن الجمع للتعظيم لا للتعدد.
والواجب على العبد أن يقف مع النصوص ولا يتكلَّف ما لا يستطيع، وعليه أن يعتقد أن ما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من الأخبار الغيبية المتعلقة بالله أو باليوم الآخر أو الملائكة أو الجن أو غير ذلك، فهي كما قال الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حقيقة ومعناه على ما أراد، لا ندخل في ذلك متأوِّلين بآرائنا ولا متوهِّمين بأهوائنا، فإنَّه ما سلم في دينه إلا من سلَّم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
الحمد لله وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإجابة على سؤالك نقول وبالله تعالى التوفيق:
اعلم أن الله تعالى وصف كتابه بالإحكام فقال تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)} [هود: 1] فوصف سبحانه كتابه بأنه حكيم، وهذا وصف عام صادق على جميعه، والإحكام في هذه الآيات معناه الإتقان ، فإن كتاب الله تعالى مُتقَن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ووصف كتابه بأنه متشابه قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} [الزمر: 23] وهذا وصف صادق على جميعه، والتشابه في هذه الآية معناه تماثل الكلام وتناسبه واتِّساقه بحيث يُصدِّق بعضه بعضاً، فلا اختلاف بين أخباره وأحكامه، قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)} [النساء: 82، 83] ووصف الله تعالى كتابه بأن منه آيات محكمات وأخر متشابهات، وبيَّن سبحانه أن سبيل المؤمنين هو اتباع المحكم والإيمان بالمتشابه، وسبيل الزائغين الإعراض عن محكمه وإتباع متشابه فالمحكم الذي وُصفَت به بعض آيات القرآن معناه أنها لا تحتمل إلا معنى واحداً صحيحاً، أمّا المتشابه فهو ما احتمل معنيين أو أكثر: أحدهما معنى صحيح والآخر باطل، فيشتبه على بعض الناس أيُّ هذين المعنيين هو المراد، والفيصل في تحديد المعنى المراد من المتشابه هو أن يختار منها ما يوافق المُحكَم. وإليك مثالاً يتضح به المقام : أخبر الله تعالى في آيات كثيرة من كتابه أنه واحد لا إله غيره، ومن ذلك قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1] وورد في بعض الآيات أن الله تعالى تحدَّث عن نفسه بصيغة الجمع، نحو قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} [الحجر: 9]، فالآية الأولى مُحكَمة دالة على أن الله تعالى واحد أحد، والثانية فيها احتمال أن صيغة الجمع يُراد بها التعظيم أو التعدد ، فالذين في قلوبهم زيغ يتبعون المتشابه فيقولون: الآلهة متعددة، والمتبعون سبيل الهدى يحملون المتشابه على المحكم، فيقولون بالمحكم الفاصل القاطع، وهو أن الله واحد وأن الجمع للتعظيم لا للتعدد.
والواجب على العبد أن يقف مع النصوص ولا يتكلَّف ما لا يستطيع، وعليه أن يعتقد أن ما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من الأخبار الغيبية المتعلقة بالله أو باليوم الآخر أو الملائكة أو الجن أو غير ذلك، فهي كما قال الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حقيقة ومعناه على ما أراد، لا ندخل في ذلك متأوِّلين بآرائنا ولا متوهِّمين بأهوائنا، فإنَّه ما سلم في دينه إلا من سلَّم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم.