هل للمعاصي والذُّنوب أثرٌ في انطماس البصيرة؟ وهل يصُحُّ إطلاقُ لفظ الإدراك على الله؟ وما معنى قول الغزالي: "إنَّ هذه الحياة الدنيا مرحلة متوسِّطة لمحاولة إدراك الله تعالى".
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
هل للمعاصي والذُّنوب أثرٌ في انطماس البصيرة؟ وهل يصُحُّ إطلاقُ لفظ الإدراك على الله؟ وما معنى قول الغزالي: "إنَّ هذه الحياة الدنيا مرحلة متوسِّطة لمحاولة إدراك الله تعالى".
السؤال
هل للمعاصي والذُّنوب أثرٌ في انطماس البصيرة؟ وهل يصُحُّ إطلاقُ لفظ الإدراك على الله؟ وما معنى قول الغزالي: "إنَّ هذه الحياة الدنيا مرحلة متوسِّطة لمحاولة إدراك الله تعالى".
هل للمعاصي والذُّنوب أثرٌ في انطماس البصيرة؟ وهل يصُحُّ إطلاقُ لفظ الإدراك على الله؟ وما معنى قول الغزالي: "إنَّ هذه الحياة الدنيا مرحلة متوسِّطة لمحاولة إدراك الله تعالى".
الجواب
الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإجابةً على سؤالك، نقول وبالله تعالى التوفيق:
لا شكَّ أن المعاصي والذُّنوب من أعظم أسباب انطماس البصائر والقلوب، وينتُج عنها الخَتْم والغِشاوةُ التي تذكر، قال الله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)} [البقرة: 7]، وبالمقابل فإن التقوى هي حياة القلوب، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: 29] أي: إن اتَّقيتم الله تعالى بامتثال أمره واجتناب نهيه، رزقكم هذا الفرقان الذي تُميِّزون به بين الحق والباطل.
أما ما نقلتَه عن الغزالي من أن هذه الحياة الدنيا مرحلة متوسطة لمحاولة إدراك الله تعالى، فأحتاج للحكم على هذا الكلام ومدى صحته أن أقف على نصِّ كلامه، ومهما يكن من أمرٍ فإنَّ هذه الحياة الدنيا هي مرحلة وجود الإنسان بعد العدم، قال الله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)} [الإنسان: 1] فأوجده الله تعالى في هذه الحياة لعبادته، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) } [الذاريات: 56] وثمرة عبادة الله معرفته سبحانه وتعالى، ولاشكَّ أن هذا من أعظم المقاصد، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الترمذي وابن ماجه، عن أبي هريرة رضي الله عنه: «الدنيا ملعونةٌ، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه وعالماً أو متعلماً» والمراد بالدنيا هنا: كل ما أشغل العبدَ عمَّا من أجله خُلق، وهو عبادة الله سبحانه وتوحيده ومعرفته، فإن كان مرادُ الغزالي بقوله: إنها مرحلة متوسطة لإدراك الله تعالى ما ذكرناه، فالمعنى صحيح، لكن إطلاقُ لفظ الإدراك بالنسبة لله تعالى غير صحيح، لأنَّ إدراك الله سبحانه وتعالى مُحال، قال تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: 103] هذا بالنسبة للإحاطة والإدراك البصري، فالمؤمنون يرونه سبحانه في الآخرة، لكنهم لا يدركونه ولا يُحيطون به، ولا تنافي بين إثبات الرؤية ونفي الإدراك، فالإدراك أخصُّ من الرؤية، ونفيه لا يستلزم نفيها، فهذه الشمس نراها ولكننا لا ندركها لشدة وهجها وإضاءتها، والشيء قد يُرى ولكنه لا يدرك، وأما الإدراك العلمي فلا يحصُل لأحد كائناً من كان، قال تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110)} [طه: 110]، فهذا أفضل الخلق وأعلمهم بالله رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، يقول في دعائه الذي أخرجه مسلم: «لا أُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيتَ على نفسك» حتى إنّه صلى الله عليه وسلم يُفتح له من المحامد ما كان يجهلها من قبل، عندما يشفع للخلق عند الله تعالى، في فصل القضاء في عرصات القيامة، قال صلى الله عليه وسلم في حديث أنس عند البخاري في قصة الشفاعة العظمى: «فيُؤذَن لي ويُلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن، ،فأحمده بتلك المحامد».
المهم أن إدراك الله تعالى بالبصر والعلم ممتنعٌ، فسبحانك اللهمَّ ذي السُّبُحات، لا تدركك الأفهام ولا تبلغك الأوهام.
الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإجابةً على سؤالك، نقول وبالله تعالى التوفيق:
لا شكَّ أن المعاصي والذُّنوب من أعظم أسباب انطماس البصائر والقلوب، وينتُج عنها الخَتْم والغِشاوةُ التي تذكر، قال الله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)} [البقرة: 7]، وبالمقابل فإن التقوى هي حياة القلوب، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: 29] أي: إن اتَّقيتم الله تعالى بامتثال أمره واجتناب نهيه، رزقكم هذا الفرقان الذي تُميِّزون به بين الحق والباطل.
أما ما نقلتَه عن الغزالي من أن هذه الحياة الدنيا مرحلة متوسطة لمحاولة إدراك الله تعالى، فأحتاج للحكم على هذا الكلام ومدى صحته أن أقف على نصِّ كلامه، ومهما يكن من أمرٍ فإنَّ هذه الحياة الدنيا هي مرحلة وجود الإنسان بعد العدم، قال الله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)} [الإنسان: 1] فأوجده الله تعالى في هذه الحياة لعبادته، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) } [الذاريات: 56] وثمرة عبادة الله معرفته سبحانه وتعالى، ولاشكَّ أن هذا من أعظم المقاصد، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الترمذي وابن ماجه، عن أبي هريرة رضي الله عنه: «الدنيا ملعونةٌ، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه وعالماً أو متعلماً» والمراد بالدنيا هنا: كل ما أشغل العبدَ عمَّا من أجله خُلق، وهو عبادة الله سبحانه وتوحيده ومعرفته، فإن كان مرادُ الغزالي بقوله: إنها مرحلة متوسطة لإدراك الله تعالى ما ذكرناه، فالمعنى صحيح، لكن إطلاقُ لفظ الإدراك بالنسبة لله تعالى غير صحيح، لأنَّ إدراك الله سبحانه وتعالى مُحال، قال تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: 103] هذا بالنسبة للإحاطة والإدراك البصري، فالمؤمنون يرونه سبحانه في الآخرة، لكنهم لا يدركونه ولا يُحيطون به، ولا تنافي بين إثبات الرؤية ونفي الإدراك، فالإدراك أخصُّ من الرؤية، ونفيه لا يستلزم نفيها، فهذه الشمس نراها ولكننا لا ندركها لشدة وهجها وإضاءتها، والشيء قد يُرى ولكنه لا يدرك، وأما الإدراك العلمي فلا يحصُل لأحد كائناً من كان، قال تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110)} [طه: 110]، فهذا أفضل الخلق وأعلمهم بالله رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، يقول في دعائه الذي أخرجه مسلم: «لا أُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيتَ على نفسك» حتى إنّه صلى الله عليه وسلم يُفتح له من المحامد ما كان يجهلها من قبل، عندما يشفع للخلق عند الله تعالى، في فصل القضاء في عرصات القيامة، قال صلى الله عليه وسلم في حديث أنس عند البخاري في قصة الشفاعة العظمى: «فيُؤذَن لي ويُلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن، ،فأحمده بتلك المحامد».
المهم أن إدراك الله تعالى بالبصر والعلم ممتنعٌ، فسبحانك اللهمَّ ذي السُّبُحات، لا تدركك الأفهام ولا تبلغك الأوهام.