ما هو المقصود بالحياة البرزخيَّة؟ وما هي الأحكام التي تتعلَّق بها؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
ما هو المقصود بالحياة البرزخيَّة؟ وما هي الأحكام التي تتعلَّق بها؟
السؤال
ما هو المقصود بالحياة البرزخيَّة؟ وما هي الأحكام التي تتعلَّق بها؟
ما هو المقصود بالحياة البرزخيَّة؟ وما هي الأحكام التي تتعلَّق بها؟
الجواب
الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإجابة على سؤالك نقول وبالله تعالى التوفيق:
البرزخ هي الدار التي تلي الموت إلى البعث، قال الله تعالى: {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)} [المؤمنون: 100]، فجميع الفترة التي بعد موت الإنسان إلى بعثه يُطلَق عليها الحياة البرزخية، وهذه الحياة هي محلُّ عذاب القبر ونعيمه.
أما من جهة أحكام هذه الدار، فإنها تختلف عن الدنيا والآخرة، قال ابن القيم في كتاب الروح (ج1/ ص311): "الله سبحانه جعل الدور الثلاثة: دار الدنيا، ودار البرزخ، ودار القرار، وجعل لكل دار أحكاماً تختصُّ بها، وركَّب هذا الإنسان في بدن ونفس، وجعل أحكام دار الدنيا على الأبدان والأرواحُ تبعاً لها، ولهذا جعل أحكامه الشرعية مرتَّبة على ما يظهر من حركات اللِّسان والجوارح، وإن أضمرت النفوسُ خلافه، وجعل أحكام البرزخ على الأرواح، والأبدان تبعاً لها، فكما تبعت الأرواح الأبدان في الحياة الدنيا، فتألمت لألمها، والتذَّت براحتها، وكانت هي التي باشرت أسباب النعيم والعذاب، تبعت الأبدانُ الأرواحَ في نعيمها وعذابها، والأرواح حينئذٍ هي التي تُباشر العذاب والنعيم، فالأبدان هنا ظاهرة والأرواح خفية، والأبدان كالقبور لها والأرواح هناك – أي في حياة البرزخ – ظاهرة والأبدان خفية في قبورها، تجري أحكام البرزخ على الأرواح فتسري إلى أبدانها نعيماً وعذاباً، كما تجري أحكام الدنيا على الأبدان فتسري على أرواحها نعيماً وعذاباً. أما عَوْدُ الأرواح إلى الأجسام في القبور، فهذا قد دلت عليه أحاديث كثيرة، منها حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، في وصف حال خروج روح المؤمن وروح الكافر، وما يُفعل بهما، وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فتُعاد روحُه في جسده، فيأتيه ملكان فيُجلسانه....» الحديث.
وهذا تصريح من النبي صلى الله عليه وسلم بعودة الروح إلى الجسد، وهذا الحديث رواه الإمام أحمد وأبو داود، وذهب إلى القول بموجب هذا الحديث جميع أهل السنة والحديث من سائر الطوائف، وقال ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح (ج1/ ص311-312): "وقد أرانا الله سبحانه وتعالى بُلطفه ورحمته وهدايته من ذلك نموذجاً في الدنيا من حال النائم، فإن ما يُنعَّم به أو يعذب يجري على روحه أصلاً والبدن تبعٌ له، وقد يقوى حتى يؤثر في البدن تأثير مشاهداً فيرى النائم في نومه أنه ضُرب، ويجد أثر الضرب في جسمه، ويرى أنه أكل وشرب فيستيقظ وهو يجد أثر الطعام والشراب في فيه، ويذهب عنه الجوع والظمأ، وأعجب من ذلك أنك ترى النائم يقوم من نومه ويضرب ويبطش ويدافع، كأنه يقظان وهو نائم لا شعور له بشيء من ذلك، وذلك أن الحكم لما جرى على الروح استعانت بالبدن من خارجه، ولو دخلت فيه لاستيقظ وأحسَّ فإذا كانت الروح تتألم وتنعم ويصل ذلك إلى بدنها بطرق الاستتباع، فهكذا في البرزخ، بل أعظم، فإنَّ تجرُّد الروح هناك أكمل وأقوى، وهي متعلقة ببدنها، لم تنقطع عنه كل الانقطاع، فإذا كان يومُ حشر الأجساد وقيامُ الناس من قبورهم، صار الحكم والنعيم والعذاب على الأرواح والأجساد ظاهراً بادياً أصلاً، ومتى أعطَيْتَ هذا الموضوع حقَّه تبين لك أنَّ ما أخبر به الرسولُ من عذاب القبر ونعيمة وضيقه وسعته وضمه وكونه حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة مطابق للعقل، وأنه حق لا مِرية فيه، وأنَّ من أشكل عليه ذلك فمن سوء فهمه وقلَّة علمه أُتِي".
الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإجابة على سؤالك نقول وبالله تعالى التوفيق:
البرزخ هي الدار التي تلي الموت إلى البعث، قال الله تعالى: {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)} [المؤمنون: 100]، فجميع الفترة التي بعد موت الإنسان إلى بعثه يُطلَق عليها الحياة البرزخية، وهذه الحياة هي محلُّ عذاب القبر ونعيمه.
أما من جهة أحكام هذه الدار، فإنها تختلف عن الدنيا والآخرة، قال ابن القيم في كتاب الروح (ج1/ ص311): "الله سبحانه جعل الدور الثلاثة: دار الدنيا، ودار البرزخ، ودار القرار، وجعل لكل دار أحكاماً تختصُّ بها، وركَّب هذا الإنسان في بدن ونفس، وجعل أحكام دار الدنيا على الأبدان والأرواحُ تبعاً لها، ولهذا جعل أحكامه الشرعية مرتَّبة على ما يظهر من حركات اللِّسان والجوارح، وإن أضمرت النفوسُ خلافه، وجعل أحكام البرزخ على الأرواح، والأبدان تبعاً لها، فكما تبعت الأرواح الأبدان في الحياة الدنيا، فتألمت لألمها، والتذَّت براحتها، وكانت هي التي باشرت أسباب النعيم والعذاب، تبعت الأبدانُ الأرواحَ في نعيمها وعذابها، والأرواح حينئذٍ هي التي تُباشر العذاب والنعيم، فالأبدان هنا ظاهرة والأرواح خفية، والأبدان كالقبور لها والأرواح هناك – أي في حياة البرزخ – ظاهرة والأبدان خفية في قبورها، تجري أحكام البرزخ على الأرواح فتسري إلى أبدانها نعيماً وعذاباً، كما تجري أحكام الدنيا على الأبدان فتسري على أرواحها نعيماً وعذاباً. أما عَوْدُ الأرواح إلى الأجسام في القبور، فهذا قد دلت عليه أحاديث كثيرة، منها حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، في وصف حال خروج روح المؤمن وروح الكافر، وما يُفعل بهما، وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فتُعاد روحُه في جسده، فيأتيه ملكان فيُجلسانه....» الحديث.
وهذا تصريح من النبي صلى الله عليه وسلم بعودة الروح إلى الجسد، وهذا الحديث رواه الإمام أحمد وأبو داود، وذهب إلى القول بموجب هذا الحديث جميع أهل السنة والحديث من سائر الطوائف، وقال ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح (ج1/ ص311-312): "وقد أرانا الله سبحانه وتعالى بُلطفه ورحمته وهدايته من ذلك نموذجاً في الدنيا من حال النائم، فإن ما يُنعَّم به أو يعذب يجري على روحه أصلاً والبدن تبعٌ له، وقد يقوى حتى يؤثر في البدن تأثير مشاهداً فيرى النائم في نومه أنه ضُرب، ويجد أثر الضرب في جسمه، ويرى أنه أكل وشرب فيستيقظ وهو يجد أثر الطعام والشراب في فيه، ويذهب عنه الجوع والظمأ، وأعجب من ذلك أنك ترى النائم يقوم من نومه ويضرب ويبطش ويدافع، كأنه يقظان وهو نائم لا شعور له بشيء من ذلك، وذلك أن الحكم لما جرى على الروح استعانت بالبدن من خارجه، ولو دخلت فيه لاستيقظ وأحسَّ فإذا كانت الروح تتألم وتنعم ويصل ذلك إلى بدنها بطرق الاستتباع، فهكذا في البرزخ، بل أعظم، فإنَّ تجرُّد الروح هناك أكمل وأقوى، وهي متعلقة ببدنها، لم تنقطع عنه كل الانقطاع، فإذا كان يومُ حشر الأجساد وقيامُ الناس من قبورهم، صار الحكم والنعيم والعذاب على الأرواح والأجساد ظاهراً بادياً أصلاً، ومتى أعطَيْتَ هذا الموضوع حقَّه تبين لك أنَّ ما أخبر به الرسولُ من عذاب القبر ونعيمة وضيقه وسعته وضمه وكونه حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة مطابق للعقل، وأنه حق لا مِرية فيه، وأنَّ من أشكل عليه ذلك فمن سوء فهمه وقلَّة علمه أُتِي".