×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

خزانة الأسئلة / منوع / هل الأرض تدور حول نفسها؟ وهل هذا ثابت بالكتاب والسنة؟

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

أود منكم إفادتي حول دوران الأرض، فقد حصل إشكال وخلاف قوي بين إمام المسجد وبعض المصلين، فالإمام يقول: الأرض ثابتة ولا تدور، وإن هذا عليه الإجماع، ويصر على ذلك، والمصلون يقولون: إن الحقائق العلمية أثبتت دوران الأرض. شكر الله لكم وأثابكم.

المشاهدات:7449

السؤال

أَودُّ مِنْكُم إفادَتِي حَوْلَ دَوَرانِ الأرْضِ، فقَدْ حَصَلَ إشكالٌ وخِلافٌ قَوِيٌّ بَيْنَ إمامِ المَسجِدِ وبَعْضِ المُصَلِّينَ، فالإمامُ يَقولُ: الأرْضُ ثابِتَةٌ ولا تَدورُ، وأنَّ هَذا عَلَيْهِ الإجْماعُ، ويُصِرُّ عَلَى ذَلِكَ، والمُصَلُّونَ يَقولونَ: إنَّ الحَقائِقَ العِلْميَّةَ أثْبتَتْ دَوَرانَ الأرْضِ. شَكَرَ اللهُ لَكُمْ وأثابَكُمْ.

الجواب

الحَمدُ لِلَّهِ، وأُصَلِّي وأُسَلِّمُ عَلَى نَبيِّنا مُحمَّدٍ وعَلَى آلِهِ وأصْحابِهِ أجمَعينَ.
أمَّا بَعْدُ:
فإنَّ ما نُقِلَ مِنْ إجماعِ أهلِ العِلمِ عَلَى أنَّ الأرْضَ لا تَدورُ وَهْمٌ وخَطَأٌ فِيما يَظهَرُ، فإنَّهُ لم يَثبُتْ إجماعٌ صَحيحٌ عَلَى مَنْعِ دَوَرانِ الأرضِ، ولَعَلَّ مَنْ ذَكرَ الإجماعَ عَلَى عَدَمِ دَوَرانِ الأرْضِ اعتَمدَ عَلَى ما ذَكرَهُ القُرْطُبيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- في تَفسيرِ قَوْلِهِ جَلَّ وعَلَا: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا﴾ [الرَّعْدُ: 3].
حَيْثُ قالَ: "والَّذي عَلَيْهِ المُسلِمونَ وأهْلُ الكِتابِ القَوْلُ بوُقوفِ الأرضِ وسُكونِها ومَدِّها، وأنَّ حَرَكتَها إنَّما تَكونُ في العادَةِ بزَلْزَلةٍ تُصيبُها" ([1]).
وهَذا إنِ استَقامَ أنَّهُ نَقْلٌ للإجماعِ فإنَّهُ إجماعٌ غَيْرُ صَحيحٍ؛ لأنَّهُ لا يَستَنِدُ إلى نَصٍّ، وإنَّما حَكَى القُرطُبيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- ما وَصَلَتْ إلَيْهِ عُلومُ النَّاسِ ومَعارِفُهُم في ذَلِكَ الوَقْتِ.
ومِثْلُ هَذا لا يُوصَفُ بأنَّهُ إجماعٌ؛ لأنَّ الإجماعَ لا بُدَّ أنْ يَستَنِدَ إلى سَماعٍ أو حِسٍّ، وليسَ في السَّمْعِ مِنَ الكِتابِ أو السُّنَّةِ ما يُفيدُ أنَّ الأرضَ لا تَدورُ، كما أنَّهُ ليسَ هُناكَ دَليلٌ حِسيٌّ يُفيدُ ذَلِكَ؛ فيَكونُ ما حَكاهُ القُرطُبيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- مِمَّا تَوصَّلَ الناسُ إلَيْهِ بالاجتِهادِ والظنِّ، لا بالعِلمِ واليَقينِ.
وغايَةُ ما يَستَدِلُّ بِهِ القائِلونَ بأنَّ الأرضَ لا تَدورُ ما فَهِمَهُ بَعْضُ أهلِ العِلمِ مِنْ دَلالَةِ بَعْضِ النُّصوصِ عَلَى أنَّ الأرضَ لا تَدورُ، ومِنْ ذَلِكَ ما جاءَ مِنْ وَصْفِ اللهِ تَعالَى الأرضَ بالقَرارِ في قَوْلِهِ تَعالَى: ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ قَرَارًا﴾ [غافِرُ: 64]، وهَذا لا دَليلَ فِيهِ عَلَى نَفْيِ دَوَرانِ الأرضِ؛ فإنَّ المَقصودَ ذِكْرُ المِنَّةِ عَلَى الخَلْقِ بالتَّمَكُّنِ مِنَ العَيْشِ عَلَى الأرضِ دُونَ مَيْلٍ أو اضطرابٍ، بِما جَعَلَ اللهُ في الأرضِ مِنْ رَواسي تَمسِكُها مِنْ أنْ تَميدَ بأهلِها، كما قالَ تَعالَى: ﴿وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ﴾.
وكَوْنُ الأرضِ قَرارًا لا يَمنَعُ حَركتَهَا ودَوَرانَها، وهَذا المَعنَى تَشهَدُ لَهُ الأمْثِلةُ في حَياةِ الناسِ، فراكِبُ السَّفينَةِ الَّتي تَجريِ في البَحرِ تَسيرُ بِهِ وتَتحرَّكُ وهُوَ عَلَى ظَهرِها في قَرارٍ وسُكونٍ إذا لم يَكُنْ أمواجٌ، وهَذا القَرارُ والسُّكونُ لم يَمنَعْ حَرَكتَهُ وتَنقُّلاتِهِ في سَفينَتِهِ، فصُنْعُ اللهِ تَعالَى الَّذي أتقَنَ كُلَّ شَيءٍ خَلَقَهُ أعظَمُ وأجَلُّ، فليسَ هُناكَ تَعارُض بَيْنَ قَرارِ الأرضِ وحَركتِها ودَوَرانِها.
ومِثْلُهُ استِدلالُ البَعْضِ عَلَى عَدَمِ دَوَرانِ الأرضِ بما ذَكَرهُ اللهُ تَعالَى في كِتابِهِ مِنْ جَريانِ الشَّمسِ والقَمرِ؛ كما قالَ تَعالَى: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ [يَس: 38-40]، وهذِهِ الآياتُ ليسَ فِيها ما يَنْفِي دَوَرانَ الأرضِ، ففِيها إثباتُ جَريانِ الشَّمسِ والقَمرِ.
وبِناءً عَلَى ما تَقَدَّمَ فإنَّ الصَّحيحَ أنَّهُ ليسَ في كِتابِ اللهِ ولا في سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، ولا في كَلامِ الأئمَّةِ مِنْ سَلَفِ الأُمَّةِ ما يَمنَعُ دَوَرانَ الأرضِ إذا أثبَتَتِ الحَقائِقَ العِلْميَّةَ ذَلِكَ.
ومِمَّا يَجدُرُ التَّنبُّهُ إلَيْهِ أنَّ مَسألَةَ دَوَرانِ الأرضِ ليسَتْ مِنْ مَسائِلِ الدِّينِ، حَيْثُ لم يَأتِ لَها ذِكْرٌ في ظاهِرِ نُصوصِ الكِتابِ والسُّنَّةِ لا نَفيًا ولا إثباتًا، فيَكونُ المَرجِعُ في إثباتِ دَوَرانِ الأرضِ أو نَفْيِهِ إلى ما تُثْبِتُهُ الدِّراساتُ والحَقائِقُ العِلميَّةُ. واللهُ أعلَمُ.
أخوكم.
أ.د خالد المصلح.
5/11/1434هـ

-
([1])"التفسير"(9/ 280).


الاكثر مشاهدة

2. جماع الزوجة في الحمام ( عدد المشاهدات46712 )
6. الزواج من متحول جنسيًّا ( عدد المشاهدات33243 )
7. مداعبة أرداف الزوجة ( عدد المشاهدات32792 )
10. ما الفرق بين محرَّم ولا يجوز؟ ( عدد المشاهدات23396 )
11. حكم قراءة مواضيع جنسية ( عدد المشاهدات23321 )
13. حكم استعمال الفكس للصائم ( عدد المشاهدات23089 )
15. وقت قراءة سورة الكهف ( عدد المشاهدات17371 )

التعليقات

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف