فَضِيْلَةَ الشَّيْخِ! السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، هَلْ يَجُوزُ قِرَاءَةُ القُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ التَّرتِيْبِ الوَارِدِ فِي المُصْحَفِ، وَهُوَ مَا يُعْرَفُ بِالتَّنْكِيِسِ؟
خزانة الأسئلة / تفسير / التنكيس في قراءة القرآن
فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل يجوز قراءة القرآن في الصلاة على غير الترتيب الوارد في المصحف، وهو ما يُعْرَف بالتنكيس؟
السؤال
فَضِيْلَةَ الشَّيْخِ! السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، هَلْ يَجُوزُ قِرَاءَةُ القُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ التَّرتِيْبِ الوَارِدِ فِي المُصْحَفِ، وَهُوَ مَا يُعْرَفُ بِالتَّنْكِيِسِ؟
فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل يجوز قراءة القرآن في الصلاة على غير الترتيب الوارد في المصحف، وهو ما يُعْرَف بالتنكيس؟
الجواب
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيِنَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَالتَّنْكِيْسُ فِي قِرَاءَةِ القُرْآنِ لَهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ:
الصُّورَةُ الأُولَى: تَنْكِيْسُ السُّوَرِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَقْرَأَ عَلَى خِلَافِ تَرْتِيْبِ المُصْحَفِ، كَأَنْ يَقْرَأَ سُوْرَةَ النَّاسِ قَبْلَ سُورَةِ الإِخْلَاصِ، فَهَذَا كَرِهَهُ جُمهُورُ الفُقُهاءِ، مِنَ الحَنَفِيَّةِ والمَالِكِيَّةِ والحَنَابِلَةِ، فِيْمَا إِذَا كَانَتِ القِرَاءَةُ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلِمَنْ يَتْلُو فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّهُ خِلَافُ الأَوْلَى.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ التَّنْكِيسُ فِي رَكْعَتَيْنِ، بِأَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سُورَةً قَبْلَ الَّتِي قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى، فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ: إِنَّه لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ. وَذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.
وعُمْدَةُ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ: أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِتَرْتِيْبِ الصَّحَابَةِ ـ رَضِيَ الله عَنْهُمْ ـ الَّذِي اسْتَقَرَّ إِجْمَاعُهُم عَلَيْهِ.
وَأَمَّا مَنْ جَوَّزَهُ فَقَالَ: إِنَّ تَرْتِيْبَ السُّوَرِ اجْتِهَادِيٌّ، لَيْسَ فِيْهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّم نَصٌّ، وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتْ مَصَاحِفُ الصَّحَابَةِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ـ قَبْلَ مُصْحَفِ عُثْمَانَ.
وَالصَّوَابُ: أَنَّهُ لا يُكْرَهُ الإِخْلَالُ بِتَرْتِيْبِ السُّوَرِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ (772) مِنْ حَدِيْثِ حَذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي صَلَاتِهِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، قَالَ: ((صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ، فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ)).
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: تَنْكِيسُ الآيَاتِ، وَقَدْ حُكِيَ الإِجْمَاعُ عَلَى كَرَاهَتِهِ، مَا لَمْ يُخِلَّ بِالمَعْنَى، فَإِنْ أَخَلَّ بِهِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ، وَحَرَّمَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ؛ لِأَنَّ تَرْتِيْبَ الآيَاتِ تَوْقِيْفِيٌّ، وَهَذَا هُوَ الأَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ، فِيْمَا إِذَا كَانَتْ الآيَاتُ مُتَلاحِقَةً فِي قِرَاءَةٍ وَاحِدَةٍ.
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: تَنْكِيسُ الكَلِمَاتِ، وَهَذَا مُحرَّمٌ بِالاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِنَظْمِ القُرآنِ.
وَاللهُ أَعْلَمُ
أخوكم
أ.د.خالد المصلح
1/ 8 / 1428 هـ
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيِنَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَالتَّنْكِيْسُ فِي قِرَاءَةِ القُرْآنِ لَهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ:
الصُّورَةُ الأُولَى: تَنْكِيْسُ السُّوَرِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَقْرَأَ عَلَى خِلَافِ تَرْتِيْبِ المُصْحَفِ، كَأَنْ يَقْرَأَ سُوْرَةَ النَّاسِ قَبْلَ سُورَةِ الإِخْلَاصِ، فَهَذَا كَرِهَهُ جُمهُورُ الفُقُهاءِ، مِنَ الحَنَفِيَّةِ والمَالِكِيَّةِ والحَنَابِلَةِ، فِيْمَا إِذَا كَانَتِ القِرَاءَةُ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلِمَنْ يَتْلُو فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّهُ خِلَافُ الأَوْلَى.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ التَّنْكِيسُ فِي رَكْعَتَيْنِ، بِأَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سُورَةً قَبْلَ الَّتِي قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى، فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ: إِنَّه لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ. وَذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.
وعُمْدَةُ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ: أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِتَرْتِيْبِ الصَّحَابَةِ ـ رَضِيَ الله عَنْهُمْ ـ الَّذِي اسْتَقَرَّ إِجْمَاعُهُم عَلَيْهِ.
وَأَمَّا مَنْ جَوَّزَهُ فَقَالَ: إِنَّ تَرْتِيْبَ السُّوَرِ اجْتِهَادِيٌّ، لَيْسَ فِيْهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّم نَصٌّ، وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتْ مَصَاحِفُ الصَّحَابَةِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ـ قَبْلَ مُصْحَفِ عُثْمَانَ.
وَالصَّوَابُ: أَنَّهُ لا يُكْرَهُ الإِخْلَالُ بِتَرْتِيْبِ السُّوَرِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ+++ (772)--- مِنْ حَدِيْثِ حَذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي صَلَاتِهِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، قَالَ: ((صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ، فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ)).
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: تَنْكِيسُ الآيَاتِ، وَقَدْ حُكِيَ الإِجْمَاعُ عَلَى كَرَاهَتِهِ، مَا لَمْ يُخِلَّ بِالمَعْنَى، فَإِنْ أَخَلَّ بِهِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ، وَحَرَّمَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ؛ لِأَنَّ تَرْتِيْبَ الآيَاتِ تَوْقِيْفِيٌّ، وَهَذَا هُوَ الأَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ، فِيْمَا إِذَا كَانَتْ الآيَاتُ مُتَلاحِقَةً فِي قِرَاءَةٍ وَاحِدَةٍ.
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: تَنْكِيسُ الكَلِمَاتِ، وَهَذَا مُحرَّمٌ بِالاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِنَظْمِ القُرآنِ.
وَاللهُ أَعْلَمُ
أخوكم
أ.د.خالد المصلح
1/ 8 / 1428 هـ