هَلْ يَجِبُ الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ فِي فَكِّ الْعُمُلَاتِ الْوَرَقِيَّةِ مِنْ نَفْسِ الْجِنْسِ، سَوَاءً كَانَتْ وَرَقًا بِوَرَقٍ، أَوْ وَرَقًا بِمَعْدِنٍ؟
خزانة الأسئلة / بيوع / هل يجب الحلول والتقابض في فك العملات الورقية؟
هل يجب الحلول والتقابض في فك العملات الورقية من نفس الجنس، سواء كانت ورقًا بورق، أو ورقًا بمعدن؟
السؤال
هَلْ يَجِبُ الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ فِي فَكِّ الْعُمُلَاتِ الْوَرَقِيَّةِ مِنْ نَفْسِ الْجِنْسِ، سَوَاءً كَانَتْ وَرَقًا بِوَرَقٍ، أَوْ وَرَقًا بِمَعْدِنٍ؟
هل يجب الحلول والتقابض في فك العملات الورقية من نفس الجنس، سواء كانت ورقًا بورق، أو ورقًا بمعدن؟
الجواب
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَلِلْعُلَمَاءِ الْمُعَاصِرِينَ فِي وُجُوبِ الْحُلُولِ وَالتَّقَابُضِ فِي فَكِّ الْعُمُلَاتِ مِنْ نَفْسِ الْجِنْسِ، سَوَاءً أَكَانَ فَكَّ عُمْلَةٍ وَرَقِيَّةٍ بِعُمْلَةٍ وَرَقِيَّةٍ أَقَلَّ مِنْهَا - كَعَشَرَةِ رِيَالَاتٍ مِنْ فِئَةِ الْعَشَرَةِ، مُقَابِلَ عَشَرَةِ رِيَالَاتٍ مِنْ فِئَةِ الرِّيَالِ الْوَاحِدِ أَوْ الْخَمْسَةِ رِيَالَاتٍ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ - أَوْ كَانَ فَكَّ عُمْلَةٍ وَرَقِيَّةٍ بِمَا يُعَادِلُهَا مِنْ عُمْلَةٍ مَعْدِنِيَّةٍ - ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَجِبُ الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ فِي فَكِّ الْعُمْلَةِ، سَوَاءً كَانَ مِنْ عُمْلَةٍ وَرَقِيَّةٍ إِلَى مِثْلِهَا، أَوْ مِنْ عُمْلَةٍ مَعْدِنِيَّةٍ إلَى مِثْلِهَا، أَوْ مِنْ عُمْلَةٍ وَرَقِيَّةٍ إلَى عُمْلَةٍ مَعْدِنِيَّةٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ فِي هَذِهِ الْحَالِ، بَلْ يَجُوزُ التَّأْجِيلُ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ فِي هَذِهِ الْحَالِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّأْجِيلُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّيْخِ السَّعْدِيِّ.
وَالْأَقْرَبُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَيَجُوزُ التَّأْجِيلُ، وَذَلِكَ سَوَاءٌ قُلْنَا بِأَنَّ الْأَوْرَاقَ النَّقْدِيَّةَ قَائِمَةٌ مَقَامَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْأَكْثَرِينَ، أَوْ قُلْنَا: إِنَّهَا تَأْخُذُ حُكْمَ الْفُلُوسِ لِكَوْنِهَا نُقُودًا فِي الِاصْطِلَاحِ، كَمَا هُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنَ التَّأْجِيلِ فِي عَقْدِ الْفَكَّةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ فِي كُلِّ صُوَرِهِ – حَالَ اتِّفَاقِ الْعُمْلَةِ - يُعْتَبَرُ عَقْدَ إِحْسَانٍ وَإِرْفَاقٍ، وَلَيْسَ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ. وَوُقُوعُ الْمُبَادَلَةِ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْمُعَاوَضَةَ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِهَا، فَالْقَرْضُ يُعَرِّفُهُ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ بَذْلُ مَالٍ لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَرُدُّ بَدَلَهُ، وَالِاتِّفَاقُ مُنْعَقِدٌ عَلَى جَوَازِ التَّأْجِيلِ فِيهِ مَعَ كَوْنِهِ مُبَادَلَةً، وَذَلِكَ لِانْتِفَاءِ مَقْصُودِ الْمُعَاوَضَةِ، وَمِثْلُهُ عَقْدُ الْفَكَّةِ فَهُوَ مُبَادَلَةٌ عَلَى وَجْهِ الْإِحْسَانِ، فَلَا يَجِبُ فِيهَا مَا يَجِبُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، فَالْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ بِمَقَاصِدِهَا.
أَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهَا صَرْفٌ يَجْرِي فِيهَا مَا يَجْرِي فِي الصَّرْفِ مِنَ الْأَحْكَامِ لِأَجْلِ صُورَةِ الْمُبَادَلَةِ، مَعَ غِيَابِ مَقْصُودِهَا، فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ فِي مُعَامَلَاتِ النَّاسِ مَا جَاءَتِ الشَّرِيعَةُ بِرَفْعِهِ وَدَفْعِهِ؛ فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ لَا تُحَرِّمُ عَلَى النَّاسِ مَا تَدْعُو إلَيْهِ الْحَاجَةُ الْعَامَّةُ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ، فَلَا يُمْنَعُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِنَصٍّ بَيِّنٍ، وَنُصُوصُ الشَّرِيعَةِ جَاءَتْ بِالْإِذْنِ فِي بَعْضِ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ مُرَاعَاةً لِحَاجَةِ النَّاسِ وَرَفْعًا لِلْحَرَجِ عَنْهُمْ، كَالْإِذْنِ فِي الْعَرَايَا وَإِبَاحَةِ عَقْدِ الْجَعَالَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَعَقْدِ الْفَكَّةِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أخوكم
أ.د خالد المصلح
29 / 2 / 1435هـ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَلِلْعُلَمَاءِ الْمُعَاصِرِينَ فِي وُجُوبِ الْحُلُولِ وَالتَّقَابُضِ فِي فَكِّ الْعُمُلَاتِ مِنْ نَفْسِ الْجِنْسِ، سَوَاءً أَكَانَ فَكَّ عُمْلَةٍ وَرَقِيَّةٍ بِعُمْلَةٍ وَرَقِيَّةٍ أَقَلَّ مِنْهَا - كَعَشَرَةِ رِيَالَاتٍ مِنْ فِئَةِ الْعَشَرَةِ، مُقَابِلَ عَشَرَةِ رِيَالَاتٍ مِنْ فِئَةِ الرِّيَالِ الْوَاحِدِ أَوْ الْخَمْسَةِ رِيَالَاتٍ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ - أَوْ كَانَ فَكَّ عُمْلَةٍ وَرَقِيَّةٍ بِمَا يُعَادِلُهَا مِنْ عُمْلَةٍ مَعْدِنِيَّةٍ - ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَجِبُ الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ فِي فَكِّ الْعُمْلَةِ، سَوَاءً كَانَ مِنْ عُمْلَةٍ وَرَقِيَّةٍ إِلَى مِثْلِهَا، أَوْ مِنْ عُمْلَةٍ مَعْدِنِيَّةٍ إلَى مِثْلِهَا، أَوْ مِنْ عُمْلَةٍ وَرَقِيَّةٍ إلَى عُمْلَةٍ مَعْدِنِيَّةٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ فِي هَذِهِ الْحَالِ، بَلْ يَجُوزُ التَّأْجِيلُ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ فِي هَذِهِ الْحَالِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّأْجِيلُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّيْخِ السَّعْدِيِّ.
وَالْأَقْرَبُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَيَجُوزُ التَّأْجِيلُ، وَذَلِكَ سَوَاءٌ قُلْنَا بِأَنَّ الْأَوْرَاقَ النَّقْدِيَّةَ قَائِمَةٌ مَقَامَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْأَكْثَرِينَ، أَوْ قُلْنَا: إِنَّهَا تَأْخُذُ حُكْمَ الْفُلُوسِ لِكَوْنِهَا نُقُودًا فِي الِاصْطِلَاحِ، كَمَا هُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنَ التَّأْجِيلِ فِي عَقْدِ الْفَكَّةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ فِي كُلِّ صُوَرِهِ – حَالَ اتِّفَاقِ الْعُمْلَةِ - يُعْتَبَرُ عَقْدَ إِحْسَانٍ وَإِرْفَاقٍ، وَلَيْسَ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ. وَوُقُوعُ الْمُبَادَلَةِ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْمُعَاوَضَةَ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِهَا، فَالْقَرْضُ يُعَرِّفُهُ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ بَذْلُ مَالٍ لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَرُدُّ بَدَلَهُ، وَالِاتِّفَاقُ مُنْعَقِدٌ عَلَى جَوَازِ التَّأْجِيلِ فِيهِ مَعَ كَوْنِهِ مُبَادَلَةً، وَذَلِكَ لِانْتِفَاءِ مَقْصُودِ الْمُعَاوَضَةِ، وَمِثْلُهُ عَقْدُ الْفَكَّةِ فَهُوَ مُبَادَلَةٌ عَلَى وَجْهِ الْإِحْسَانِ، فَلَا يَجِبُ فِيهَا مَا يَجِبُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، فَالْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ بِمَقَاصِدِهَا.
أَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهَا صَرْفٌ يَجْرِي فِيهَا مَا يَجْرِي فِي الصَّرْفِ مِنَ الْأَحْكَامِ لِأَجْلِ صُورَةِ الْمُبَادَلَةِ، مَعَ غِيَابِ مَقْصُودِهَا، فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ فِي مُعَامَلَاتِ النَّاسِ مَا جَاءَتِ الشَّرِيعَةُ بِرَفْعِهِ وَدَفْعِهِ؛ فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ لَا تُحَرِّمُ عَلَى النَّاسِ مَا تَدْعُو إلَيْهِ الْحَاجَةُ الْعَامَّةُ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ، فَلَا يُمْنَعُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِنَصٍّ بَيِّنٍ، وَنُصُوصُ الشَّرِيعَةِ جَاءَتْ بِالْإِذْنِ فِي بَعْضِ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ مُرَاعَاةً لِحَاجَةِ النَّاسِ وَرَفْعًا لِلْحَرَجِ عَنْهُمْ، كَالْإِذْنِ فِي الْعَرَايَا وَإِبَاحَةِ عَقْدِ الْجَعَالَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَعَقْدِ الْفَكَّةِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أخوكم
أ.د خالد المصلح
29 / 2 / 1435هـ