الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَالْحَقِيقَةُ أَنَّ الْمُشْكِلَةَ لَيْسَتْ فِي الْيَمِينِ، وَلَكِنَّ الْمُشْكِلَةَ فِي تَسَلُّطِ بَعْضِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ، وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَهُنَّ بِغَيْرِ حَقٍّ، هَذِهِ الْمُشْكِلَةُ يَجِبُ أَنْ يَقِفَ عِنْدَهَا طَلَبَةُ الْعِلْمِ، وَأَهْلُ الدَّعْوَةِ وَأَهْلُ الْفَضْلِ؛ بَلْ أَنَا أَدْعُو الْمُجْتَمَعَ كَافَّةً إلَى أَنْ يُنْصِفَ الْمَرْأَةَ مِنَ الظُّلْمِ الْوَاقِعِ عَلَيْهَا مِنْ بَعْضِ الرِّجَالِ فِي مَسْأَلَةِ أَكْلِ الْأَمْوَالِ، سَوَاءً كَانَ ذَلِكَ مِيرَاثًا، أَمْ كَانَ ذَلِكَ مُرَتَّبًا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَنَحْنُ نَسْمَعُ مِنَ الْقصَصِ مَا تَتَقَرَّحُ لَهُ الْأَكْبَادُ فِي مَسْأَلَةِ تَسَلُّطِ بَعْضِ الرِّجَالِ عَلَى أَمْوَالِ النِّسَاءِ.
أَنَا أُذَكِّرُ الرِّجَالَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ؛ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ(2673) ، وَمُسْلِمٌ(138) ، وَبِقَوْلِهِ: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ (3/26)، وَالدَّيْلَمِيُّ(7635)، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي (التَّحْقِيقُ) (1554) ، فَكَيْفَ بِاَلَّذِي يَأْخُذُ الْأَمْوَالَ الطَّائِلَةَ مِنَ النِّسَاءِ، ثُمَّ يَجْحَدُهُنَّ؟! بَلْ تَجِدُهُ يَأْخُذُ مِنْهَا الْمَالَ الْكَثِيرَ ثُمَّ يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا بِهَذَا الْمَالِ، فَهَذَا فِي غَايَةِ الْغَبْنِ وَغَايَةِ الظُّلْمِ لِلْمَرْأَةِ.
أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْيَمِينِ فَلَا أُرِيدُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا شَيْءٌ يَخُصُّهُ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ؛ لَكِنْ هَلِ الْيَمِينُ تَمْنَعُ مِنَ الطَّلَاقِ؟
الْجَوَابُ: لَا تَمْنَعُهُ مِنَ الطَّلَاقِ، وَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ، وَكَوْنُ الطَّلَاقِ حَصَلَ فِي غَيْبَتِكِ لَا يُؤَثِّرُ، فَالطَّلَاقُ يَحْصُلُ فِي الْغِيْبَةِ وَالْحُضُورِ، لَكِنِّي أُعَزِّيكِ فِيمَا نَالَكِ مِنْ مُصَابٍ، وَأُوَجِّهُكِ إِلَى الْغَالِبِ الطَّالِبِ، اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، فَاسْأَلِيهِ أَنْ يُنْصِفَكِ مِنْهُ.
أَخُوكُمْ
أ.د. خَالِد الْمُصْلِح
5/3/1433هـــ