الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحابِهِ أَجْمَعِينَ.
وَعَلَيْكُمُ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ العِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى في كَنِيسَةٍ عَلَى مَوْضِعٍ طاهِرٍ، فَإِنَّ صَلاتَهُ جائِزَةٌ صَحِيحَةٌ، نَقَلَ ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ في التَّمْهِيدِ (5/229). وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ في المسْأَلَةِ خِلافًا؛ وَهُوَ عَلَى ثَلاثَةِ أَقْوالٍ:
القَوْلُ الأَوَّلُ: كَراهِيَةُ الصَّلاةِ في الكَنِيسَةِ؛ لما فِيها مِنَ الصُّوَرِ، نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ قَوْلُ جَماعَةٍ مِنَ الحَنَفِيَّةِ، وَبِهِ قالَ مالِكٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، وَكَذَلِكَ مَذْهَبُ الحنابِلَةِ إِذا كانَ في الكَنِيسَةِ صُورَةٌ.
القَوْلُ الثَّاني: جَوازُ الصَّلاةِ في الكَنِيسَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الحَسَنِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ وَالشَّعْبِيِّ، وَهُوَ مَذْهَبُ الحَنابِلَةِ إِذا كانَتْ لا صُوَرَ فِيها.
القَوْلُ الثَّالِثُ: تَحْرِيمُ الصَّلاةِ في الكَنِيسَةِ؛ لأَنَّها مَحَلُّ الشَّياطِينِ، وَالصَّلاةُ فِيها نَوْعُ تَعْظِيمٍ لَهَا، وَبِهذا قالَ طائِفَةٌ مِنَ الحَنَفِيَّةِ.
وَاَّلذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ تُكْرَهُ الصَّلاةُ في الكَنِيسَةِ إِنْ كانَ فِيها صُوَرٌ، أَمَّا إِذا لَمْ يَكُنْ فِيها صُوَرٌ فَجائِزَةٌ. لَكِنْ لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الصَّلاةَ في المساجِدِ وَيَقْصِدَ الكَنائِسَ لِلصَّلاةِ فِيها؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَجُوزُ؛ إِذ الواجِبُ إِذا وُجِدَتِ المساجِدُ أَنْ يُصلَّى فِيها، وَلا يُعْدَلَ عَنْها إِلَى غَيْرِها. قالَ اللهُ تَعالَى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [النور: 36].
أخوكم
أ.د.خالد المصلح
28 /2 /1426هـ