فَضيلَةَ الشَّيخِ، السَّلامُ عَلَيْكُم ورَحْمَةُ اللهِ وبَركاتُهُ، هَلْ حَرامٌ المُتاجَرَةُ في مَلابِسِ النِّساءِ في بِلادِ الكُفَّارِ، مَعَ العِلمِ أنَّها مَلابِسُ مُتبرِّجَةٌ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
خزانة الأسئلة / منوع / المتاجرة بالملابس النسائية الفاضحة في بلاد غير إسلامية
فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل حرام المتاجرة في ملابس النساء في بلاد الكفار، مع العلم أنها ملابس متبرجة؟
السؤال
فَضيلَةَ الشَّيخِ، السَّلامُ عَلَيْكُم ورَحْمَةُ اللهِ وبَركاتُهُ، هَلْ حَرامٌ المُتاجَرَةُ في مَلابِسِ النِّساءِ في بِلادِ الكُفَّارِ، مَعَ العِلمِ أنَّها مَلابِسُ مُتبرِّجَةٌ؟
فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل حرام المتاجرة في ملابس النساء في بلاد الكفار، مع العلم أنها ملابس متبرجة؟
الجواب
وعَلَيْكُمُ السَّلامُ ورَحمَةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ.
أمَّا بَعْدُ:
فَقَدِ اختَلفَ أهْلُ العِلمِ -رَحِمَهُمُ اللهُ- في حُكمِ بَيْعِ ما يُقصَدُ بِهِ المُحرَّمُ، كبَيْعِ العِنَبِ أو عَصيرِهِ لمَنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا، أو الخَشبِ لمَنْ يَتَّخِذُهُ آلَةَ لَهْوٍ، أو يَتَّخذُهُ صَليبًا وتَماثيلَ، عَلَى قَوْلَينِ -في الجُملَةِ- وهَذا فِيما إذا عَلِمَ أو غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أنَّهُ سَيُستَعْمَلُ في المُحرَّمِ:
القَوْلُ الأوَّلُ: أنَّ ذَلِكَ حَرامٌ لا يَجوزُ، وبهَذا قالَ جَماهيرُ العُلَماءِ مِنَ المالِكيَّةِ، والشافعيَّةِ في أصَحِّ القَولَيْنِ، والحَنابلَةِ والظاهِريَّةِ، وغَيْرِهِم، واستَدلُّوا لهَذا القَوْلِ بقَوْلِ اللهِ تَعالَى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائِدَةُ: 2]، وغَيْرِهِ مِنَ الأدِلَّةِ الَّتي في مَعناهُ.
القَوْلُ الثَّاني: أنَّ ذَلِكَ جائِزٌ، وقَدْ حَكاهُ ابنُ المُنذِرِ عَنِ الحَسنِ وعَطاءٍ والثَّوريِّ، قالَ الثَّوريُّ: بِعِ الحَلالَ مِمَّنْ شِئْتَ، وبِهِ قالَ أبو حَنيفَةُ، فِيما لا يَتحَقَّقُ فِيهِ مَعنَى الإعانَةِ عَلَى المَعصيَةِ، مِمَّا لا تَقومُ المَعصيَةُ بعَيْنِ المَبيعِ، كبَيْعِ ما يُصنَعُ مِنْهُ المُحرَّمُ، أمَّا ما يُستَعمَلُ في المُحرَّمِ كبَيْعِ السَّلاحِ في الفِتْنَةِ فإنَّهُ مَكروهٌ عِندَهُ.
وخالَفَهُ في ذَلِكَ صاحِباهُ، فقالَا بالكَراهَةِ مُطْلَقًا، وهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشافِعيَّةِ، واستَدلَّ أصحابُ هَذا القَوْلِ بأنَّ الأصلَ في المُعامَلاتِ والبُيوعِ الحِلُّ، كما قالَ اللهُ تَعالَى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ [البَقَرةُ: 275].
قالُوا: وما يَكونُ مِنْ مَعصيَةٍ فهُوَ مِنْ فِعْلِ المُشتَرِي، ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعامُ: 164]، فلا يُؤثِّرُ ذَلِكَ في صِحَّةِ البَيْعِ وجَوازِهِ.
والَّذي يَترجَّحُ مِنْ هَذَيْنِ القَولَيْنِ ما ذَهبَ إلَيْهِ الجُمهورُ، مِنْ تَحريمِ بَيْعِ ما يُعلَمُ أو يَغلِبُ عَلَى الظنِّ أنَّهُ يُستعمَلُ في المُحرَّمِ.
أمَّا الاستِدلالُ بأصلِ الإباحَةِ فالجَوابُ عَنْهُ: أنَّ كَوْنَ العَقْدِ يُفضِي إلى المُحرَّمِ أو الإعانَةِ عَلَيْهِ يَرفَعُ هَذا الأصْلَ؛ لأنَّ إعمالَ الأصلِ إنَّما يَكونُ في حالِ عَدمِ قِيامِ ما يَمنَعُهُ.
لكِنْ مِمَّا يُفيدُ التَّنبيهُ إلَيْهِ في هذِهِ المَسألَةِ أنَّ شِدَّةَ التَّحريمِ تَتَفاوَتُ، فما كانَ إفضاؤُهُ إلى مُحرَّمٍ قَريبًا كانَ تَحريمُهُ أشَدَّ وأغلَظَ، كما أنَّه يَنبَغي أنْ يُعلَمَ أنَّهُ لا فَرْقَ في تَحريمِ الإعانَةِ عَلَى المُحرَّمِ بالبَيْعِ أو الإجارَةِ أو غَيْرِها، بكَوْنِ المُشتَري أوِ المُستَأجِرِ أو غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ المُعانينَ بمُعاوَضَةٍ أو مَجَّانًا يَعتَقِدُ الإباحَةَ، فالعِبْرَةُ بِما يَعتقِدُهُ البائِعُ، كما أنَّهُ لا فَرْقَ في التَّحريمِ بَيْنَ كَوْنِ المُشتَري مُسلِمًا أو كافِرًا، سَواءٌ قُلنا: إنَّ الكُفَّارَ مُخاطَبونَ بفُروعِ الشَّريعَةِ أو لا؛ لأنَّ الحُكمَ يَتعلَّقُ بالبائِعِ، وهُوَ مُخاطَبٌ بالأحكامِ الشرعِيَّةِ، وبهَذا يَتبيَّنُ أنَّهُ لا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ المُعامَلَةِ في بِلادِ المُسلِمينَ أو في بِلادِ الكُفَّارِ. واللهُ أعلَمُ.
أخُوكُم
أ.د. خالِد المُصلِح.
وعَلَيْكُمُ السَّلامُ ورَحمَةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ.
أمَّا بَعْدُ:
فَقَدِ اختَلفَ أهْلُ العِلمِ -رَحِمَهُمُ اللهُ- في حُكمِ بَيْعِ ما يُقصَدُ بِهِ المُحرَّمُ، كبَيْعِ العِنَبِ أو عَصيرِهِ لمَنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا، أو الخَشبِ لمَنْ يَتَّخِذُهُ آلَةَ لَهْوٍ، أو يَتَّخذُهُ صَليبًا وتَماثيلَ، عَلَى قَوْلَينِ -في الجُملَةِ- وهَذا فِيما إذا عَلِمَ أو غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أنَّهُ سَيُستَعْمَلُ في المُحرَّمِ:
القَوْلُ الأوَّلُ: أنَّ ذَلِكَ حَرامٌ لا يَجوزُ، وبهَذا قالَ جَماهيرُ العُلَماءِ مِنَ المالِكيَّةِ، والشافعيَّةِ في أصَحِّ القَولَيْنِ، والحَنابلَةِ والظاهِريَّةِ، وغَيْرِهِم، واستَدلُّوا لهَذا القَوْلِ بقَوْلِ اللهِ تَعالَى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائِدَةُ: 2]، وغَيْرِهِ مِنَ الأدِلَّةِ الَّتي في مَعناهُ.
القَوْلُ الثَّاني: أنَّ ذَلِكَ جائِزٌ، وقَدْ حَكاهُ ابنُ المُنذِرِ عَنِ الحَسنِ وعَطاءٍ والثَّوريِّ، قالَ الثَّوريُّ: بِعِ الحَلالَ مِمَّنْ شِئْتَ، وبِهِ قالَ أبو حَنيفَةُ، فِيما لا يَتحَقَّقُ فِيهِ مَعنَى الإعانَةِ عَلَى المَعصيَةِ، مِمَّا لا تَقومُ المَعصيَةُ بعَيْنِ المَبيعِ، كبَيْعِ ما يُصنَعُ مِنْهُ المُحرَّمُ، أمَّا ما يُستَعمَلُ في المُحرَّمِ كبَيْعِ السَّلاحِ في الفِتْنَةِ فإنَّهُ مَكروهٌ عِندَهُ.
وخالَفَهُ في ذَلِكَ صاحِباهُ، فقالَا بالكَراهَةِ مُطْلَقًا، وهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشافِعيَّةِ، واستَدلَّ أصحابُ هَذا القَوْلِ بأنَّ الأصلَ في المُعامَلاتِ والبُيوعِ الحِلُّ، كما قالَ اللهُ تَعالَى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ [البَقَرةُ: 275].
قالُوا: وما يَكونُ مِنْ مَعصيَةٍ فهُوَ مِنْ فِعْلِ المُشتَرِي، ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعامُ: 164]، فلا يُؤثِّرُ ذَلِكَ في صِحَّةِ البَيْعِ وجَوازِهِ.
والَّذي يَترجَّحُ مِنْ هَذَيْنِ القَولَيْنِ ما ذَهبَ إلَيْهِ الجُمهورُ، مِنْ تَحريمِ بَيْعِ ما يُعلَمُ أو يَغلِبُ عَلَى الظنِّ أنَّهُ يُستعمَلُ في المُحرَّمِ.
أمَّا الاستِدلالُ بأصلِ الإباحَةِ فالجَوابُ عَنْهُ: أنَّ كَوْنَ العَقْدِ يُفضِي إلى المُحرَّمِ أو الإعانَةِ عَلَيْهِ يَرفَعُ هَذا الأصْلَ؛ لأنَّ إعمالَ الأصلِ إنَّما يَكونُ في حالِ عَدمِ قِيامِ ما يَمنَعُهُ.
لكِنْ مِمَّا يُفيدُ التَّنبيهُ إلَيْهِ في هذِهِ المَسألَةِ أنَّ شِدَّةَ التَّحريمِ تَتَفاوَتُ، فما كانَ إفضاؤُهُ إلى مُحرَّمٍ قَريبًا كانَ تَحريمُهُ أشَدَّ وأغلَظَ، كما أنَّه يَنبَغي أنْ يُعلَمَ أنَّهُ لا فَرْقَ في تَحريمِ الإعانَةِ عَلَى المُحرَّمِ بالبَيْعِ أو الإجارَةِ أو غَيْرِها، بكَوْنِ المُشتَري أوِ المُستَأجِرِ أو غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ المُعانينَ بمُعاوَضَةٍ أو مَجَّانًا يَعتَقِدُ الإباحَةَ، فالعِبْرَةُ بِما يَعتقِدُهُ البائِعُ، كما أنَّهُ لا فَرْقَ في التَّحريمِ بَيْنَ كَوْنِ المُشتَري مُسلِمًا أو كافِرًا، سَواءٌ قُلنا: إنَّ الكُفَّارَ مُخاطَبونَ بفُروعِ الشَّريعَةِ أو لا؛ لأنَّ الحُكمَ يَتعلَّقُ بالبائِعِ، وهُوَ مُخاطَبٌ بالأحكامِ الشرعِيَّةِ، وبهَذا يَتبيَّنُ أنَّهُ لا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ المُعامَلَةِ في بِلادِ المُسلِمينَ أو في بِلادِ الكُفَّارِ. واللهُ أعلَمُ.
أخُوكُم
أ.د. خالِد المُصلِح.