فَضِيلَةَ الشَّيْخِ خَالِد، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، مَا حُكْمُ تَرْتِيلِ الدُّعَاءِ، سَوَاءٌ فِي الْقُنُوتِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ خَارِجَهَا؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
خزانة الأسئلة / الذكر والدعاء / حكم ترتيل الدعاء في الصلاة وفي خارجها
فضيلة الشيخ خالد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما حكم ترتيل الدعاء، سواء في القنوت في الصلاة، أو خارجها؟
السؤال
فَضِيلَةَ الشَّيْخِ خَالِد، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، مَا حُكْمُ تَرْتِيلِ الدُّعَاءِ، سَوَاءٌ فِي الْقُنُوتِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ خَارِجَهَا؟
فضيلة الشيخ خالد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما حكم ترتيل الدعاء، سواء في القنوت في الصلاة، أو خارجها؟
الجواب
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ. وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. أَمَّا بَعْدُ: فَالتَّرْتِيلُ الْمَأْمُورُ بِهِ هُوَ تَرْتِيلُ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} الْمُزَّمِّلِ:4 ، وَهُوَ أَنْ يَقْرَأَهُ الْعَبْدُ بِتَأَنٍّ وَتَثَبُّتٍ وَتَمَهُّلٍ؛ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ تَدَبُّرِ مَعَانِيهِ، وَهَذَا مَشْرُوعٌ فِي كُلِّ مَا يَحْتَاجُ إلَى تَدَبُّرٍ وَتَفَهُّمٍ، فَلَا حَرَجَ فِي تَرْتِيلِ الدُّعَاءِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، فَالتَّرْتِيلُ لَيْسَ خَاصًّا بِالْقُرْآنِ، بَلْ هُوَ مَطْلُوبٌ فِي كُلِّ مَا يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ وَتَدَبُّرٍ وَفَهْمٍ وَفِكْرٍ، وَلِذَلِكَ أَمَرَ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قِرَاءَةِ أَحَادِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ السُّيُوطِيّ فِي أَلْفِيَّتِهِ:
وَرَتِّلْ الْحَدِيثَ وَاعْقُدْ مَجْلِسًا يَوْمًا بِأُسْبُوعٍ لِلْامْلَاءِ ائْتِسَا
وَقَدْ اقْتَرَنَ التَّرْتِيلُ فِي فَهْمِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ بِتَحْسِينِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ وَالتَّغَنِّي بِهَا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا، فَالتَّرْتِيلُ هُوَ التَّمَهُّلُ وَالتَّأَنِّي فِي الْقِرَاءَةِ، وَأَمَّا التَّغَنِّي فَهُوَ تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ، وَقَدْ جَاءَ الْأَمْرُ بِهِ عِنْدَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ فِي أَحَادِيثَ عَدِيدَةٍ، مِنْهَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (7525) مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ»، وَعِلَّةُ ذَلِكَ أَنَّ التَّغَنِّيَ وَتَحْسِينَ الصَّوْتِ وَالتَّرَنُّمَ فِي الْقِرَاءَةِ مِنْ أَسْبَابِ الْإِقْبَالِ عَلَيْهَا، وَالْإِنْصَاتِ لَهَا، قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْفَتْحِ (9/ 72) : "وَلَا شَكَّ أَنَّ النُّفُوسَ تَمِيلُ إلَى سَمَاعِ الْقِرَاءَةِ بِالتَّرَنُّمِ أَكْثَرَ مِنْ مَيْلِهَا لِمَنْ لَا يَتَرَنَّمُ؛ لِأَنَّ لِلتَّطْرِيبِ تَأْثِيرًا فِي رِقَّةِ الْقَلْبِ وَإِجْرَاءِ الدَّمْعِ" اهـ. وَأَمَّا التَّغَنِّي بِالْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، كَقِرَاءَةِ الْحَدِيثِ، وَدُعَاءِ الْقُنُوتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهَا قَوْلَانِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ تَحْسِينَ الصَّوْتِ وَالتَّغَنِّيَ خَاصٌّ بِالْقُرْآنِ فَقَطْ، فَلَا يَكُونُ فِي الدُّعَاءِ؛ لِعَدَمِ وُرُودِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
الثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ؛ إذْ مَقْصُودُ التَّحْسِينِ حُضُورُ الْقَلْبِ وَتَأَثُّرُهُ، وَهَذَا مَطْلُوبٌ فِي قِرَاءَةِ غَيْرِ الْقُرْآنِ، كَالدُّعَاءِ وَقِرَاءَةِ الْحَدِيثِ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ التَّحْسِينُ مِمَّا يَشْتَبِهُ بِالْقُرْآنِ، حَتَّى يَلْتَبِسَ عَلَى السَّامِعِ، هَلْ هُوَ قُرْآنٌ أَوْ غَيْرُهُ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ وَاسِعٌ، فَلَوْ حَسَّنَ الْمَرْءُ صَوْتَهُ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَذَلِكَ لِمَا فِي التَّحْسِينِ مِنْ مَصْلَحَةِ حُضُورِ الْقَلْبِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَالتَّعْلِيلُ بِهِ لِلْمَنْعِ لَا يَسْتَقِيمُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَ النَّقْلِ لَيْسَ نَقْلًا لِلْعَدَمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَخُوكُمْ
أ. د. خَالِد الْمُصْلِح
22/ 9/ 1428هـ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ. وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. أَمَّا بَعْدُ: فَالتَّرْتِيلُ الْمَأْمُورُ بِهِ هُوَ تَرْتِيلُ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} +++الْمُزَّمِّلِ:4--- ، وَهُوَ أَنْ يَقْرَأَهُ الْعَبْدُ بِتَأَنٍّ وَتَثَبُّتٍ وَتَمَهُّلٍ؛ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ تَدَبُّرِ مَعَانِيهِ، وَهَذَا مَشْرُوعٌ فِي كُلِّ مَا يَحْتَاجُ إلَى تَدَبُّرٍ وَتَفَهُّمٍ، فَلَا حَرَجَ فِي تَرْتِيلِ الدُّعَاءِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، فَالتَّرْتِيلُ لَيْسَ خَاصًّا بِالْقُرْآنِ، بَلْ هُوَ مَطْلُوبٌ فِي كُلِّ مَا يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ وَتَدَبُّرٍ وَفَهْمٍ وَفِكْرٍ، وَلِذَلِكَ أَمَرَ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قِرَاءَةِ أَحَادِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ السُّيُوطِيّ فِي أَلْفِيَّتِهِ:
وَرَتِّلْ الْحَدِيثَ وَاعْقُدْ مَجْلِسًا يَوْمًا بِأُسْبُوعٍ لِلْامْلَاءِ ائْتِسَا
وَقَدْ اقْتَرَنَ التَّرْتِيلُ فِي فَهْمِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ بِتَحْسِينِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ وَالتَّغَنِّي بِهَا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا، فَالتَّرْتِيلُ هُوَ التَّمَهُّلُ وَالتَّأَنِّي فِي الْقِرَاءَةِ، وَأَمَّا التَّغَنِّي فَهُوَ تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ، وَقَدْ جَاءَ الْأَمْرُ بِهِ عِنْدَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ فِي أَحَادِيثَ عَدِيدَةٍ، مِنْهَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ +++(7525)--- مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ»، وَعِلَّةُ ذَلِكَ أَنَّ التَّغَنِّيَ وَتَحْسِينَ الصَّوْتِ وَالتَّرَنُّمَ فِي الْقِرَاءَةِ مِنْ أَسْبَابِ الْإِقْبَالِ عَلَيْهَا، وَالْإِنْصَاتِ لَهَا، قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْفَتْحِ +++(9/ 72)--- : "وَلَا شَكَّ أَنَّ النُّفُوسَ تَمِيلُ إلَى سَمَاعِ الْقِرَاءَةِ بِالتَّرَنُّمِ أَكْثَرَ مِنْ مَيْلِهَا لِمَنْ لَا يَتَرَنَّمُ؛ لِأَنَّ لِلتَّطْرِيبِ تَأْثِيرًا فِي رِقَّةِ الْقَلْبِ وَإِجْرَاءِ الدَّمْعِ" اهـ. وَأَمَّا التَّغَنِّي بِالْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، كَقِرَاءَةِ الْحَدِيثِ، وَدُعَاءِ الْقُنُوتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهَا قَوْلَانِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ تَحْسِينَ الصَّوْتِ وَالتَّغَنِّيَ خَاصٌّ بِالْقُرْآنِ فَقَطْ، فَلَا يَكُونُ فِي الدُّعَاءِ؛ لِعَدَمِ وُرُودِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
الثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ؛ إذْ مَقْصُودُ التَّحْسِينِ حُضُورُ الْقَلْبِ وَتَأَثُّرُهُ، وَهَذَا مَطْلُوبٌ فِي قِرَاءَةِ غَيْرِ الْقُرْآنِ، كَالدُّعَاءِ وَقِرَاءَةِ الْحَدِيثِ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ التَّحْسِينُ مِمَّا يَشْتَبِهُ بِالْقُرْآنِ، حَتَّى يَلْتَبِسَ عَلَى السَّامِعِ، هَلْ هُوَ قُرْآنٌ أَوْ غَيْرُهُ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ وَاسِعٌ، فَلَوْ حَسَّنَ الْمَرْءُ صَوْتَهُ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَذَلِكَ لِمَا فِي التَّحْسِينِ مِنْ مَصْلَحَةِ حُضُورِ الْقَلْبِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَالتَّعْلِيلُ بِهِ لِلْمَنْعِ لَا يَسْتَقِيمُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَ النَّقْلِ لَيْسَ نَقْلًا لِلْعَدَمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَخُوكُمْ
أ. د. خَالِد الْمُصْلِح
22/ 9/ 1428هـ