فَضِيلَةَ الشَّيْخِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ فَضِيلَتَكُمْ إِذَا كَانَ بِإِمْكَانِي صَبْغُ شَعْرِي بِالسَّوَادِ، عِلْمًا بِأَنِّي شَابٌّ أَبْلُغُ مِنْ الْعُمْرِ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَةً ؟
خزانة الأسئلة / اللباس والزينة / صبغ الشعر بالسواد
فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أسأل فضيلتكم إذا كان بإمكاني صبغ شعري بالسواد، علمًا بأني شاب أبلغ من العمر ثلاثًا وعشرين سنة؟
السؤال
فَضِيلَةَ الشَّيْخِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ فَضِيلَتَكُمْ إِذَا كَانَ بِإِمْكَانِي صَبْغُ شَعْرِي بِالسَّوَادِ، عِلْمًا بِأَنِّي شَابٌّ أَبْلُغُ مِنْ الْعُمْرِ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَةً ؟
فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أسأل فضيلتكم إذا كان بإمكاني صبغ شعري بالسواد، علمًا بأني شاب أبلغ من العمر ثلاثًا وعشرين سنة؟
الجواب
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ ـ رَحِمَهُمُ اللَّهُ ـ فِي الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ، فَرَخَّصَ فِيهِ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ، مِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ـ وَبِذَلِكَ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَالْحَسَنُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَرَخَّصَ فِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ لِلْمَرْأَةِ فِي التَّزَيُّنِ لِلرَّجُلِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَذَهَبَ إلَى كَرَاهِيَةِ الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ، مِنْهُمْ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَمَكْحُولٌ وَالشَّعْبِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَاسْتَنَدُوا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ(2102) مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلحْيَتُهُ كَالثُّغَامَةِ بَيَاضًا، فَقَالَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: «غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ».
وَذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِ الصَّبْغِ بِالسَّوَادِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ(2466) وَأَبُو دَاوُد(4212) وَالنَّسَائِيُّ(5075) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِالْكْرِيمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ:« يَكُونُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَخْضِبُونَ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ، لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ».
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي عَبْدِالكرِيم مَنْ هُوَ؟ فَقِيلَ: الْجَزَرِيُّ، كَمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ السُّنَنِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: إنَّهُ ابْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَالَ عَنْهُ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي(6)499): "إسْنَادُهُ قَوِيٌّ، إلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ وَقْفِهِ فَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ، فَحُكْمُهُ الْمَرْفُوعُ". ا.ه.
وَاَلَّذِي يَتَرَجَّحُ لِي مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنَ الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ، وَذَلِكَ لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: «وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ»، عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ العِلْمِ عَدُّوا هَذِهِ الزِّيَادَةَ مُدْرَجَةً وَلَيْسَتْ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِأَنَّ أَبَا خَيْثَمَةَ سَأَلَ أَبَا الزُّبَيْرِ كَمَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ(1423): أَقَالَ جَابِرٌ: "جَنِّبُوهُ السَّوَادَ"؟ قَالَ: لَا.
وَعَلَى كُلٍّ؛ فَعَلَى الْقَوْلِ بِثُبُوتِ الزِّيَادَةِ فَإِنَّهَا لَا تُفِيدُ التَّحْرِيمَ، بَلْ تُفِيدُ الْكَرَاهَةَ، وَالْأَمْرُ إذَا كَانَ فِي الْآدَابِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَلِذَا قَالَ الْجُمْهُورُ بِالْكَرَاهَةِ دُونَ التَّحْرِيمِ.
أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ مِنْ مَقَالٍ مِنْ جِهَةِ إسْنَادِهِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ مَعْنَاهُ لَوْ ثَبَتَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ صَاحِبُ كِتَابِ الْخِضَابِ: إنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى كَرَاهَةِ الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ، بَلْ فِيهِ الْإِخْبَارُ عَنْ قَوْمٍ هَذِهِ صِفَتُهُمْ، وَلَيْسَ لِذَمِّ هَذَا الْوَصْفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَخُوكُمْ أ. د/ خَالِد الْمُصْلِح
25/7/1427ه
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ ـ رَحِمَهُمُ اللَّهُ ـ فِي الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ، فَرَخَّصَ فِيهِ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ، مِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ـ وَبِذَلِكَ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَالْحَسَنُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَرَخَّصَ فِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ لِلْمَرْأَةِ فِي التَّزَيُّنِ لِلرَّجُلِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَذَهَبَ إلَى كَرَاهِيَةِ الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ، مِنْهُمْ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَمَكْحُولٌ وَالشَّعْبِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَاسْتَنَدُوا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ+++(2102)--- مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلحْيَتُهُ كَالثُّغَامَةِ بَيَاضًا، فَقَالَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: «غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ».
وَذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِ الصَّبْغِ بِالسَّوَادِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ+++(2466)--- وَأَبُو دَاوُد+++(4212)--- وَالنَّسَائِيُّ+++(5075)--- مِنْ طَرِيقِ عَبْدِالْكْرِيمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ:« يَكُونُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَخْضِبُونَ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ، لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ».
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي عَبْدِالكرِيم مَنْ هُوَ؟ فَقِيلَ: الْجَزَرِيُّ، كَمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ السُّنَنِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: إنَّهُ ابْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَالَ عَنْهُ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي+++(6)499)---: "إسْنَادُهُ قَوِيٌّ، إلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ وَقْفِهِ فَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ، فَحُكْمُهُ الْمَرْفُوعُ". ا.ه.
وَاَلَّذِي يَتَرَجَّحُ لِي مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنَ الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ، وَذَلِكَ لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: «وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ»، عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ العِلْمِ عَدُّوا هَذِهِ الزِّيَادَةَ مُدْرَجَةً وَلَيْسَتْ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِأَنَّ أَبَا خَيْثَمَةَ سَأَلَ أَبَا الزُّبَيْرِ كَمَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ+++(1423)---: أَقَالَ جَابِرٌ: "جَنِّبُوهُ السَّوَادَ"؟ قَالَ: لَا.
وَعَلَى كُلٍّ؛ فَعَلَى الْقَوْلِ بِثُبُوتِ الزِّيَادَةِ فَإِنَّهَا لَا تُفِيدُ التَّحْرِيمَ، بَلْ تُفِيدُ الْكَرَاهَةَ، وَالْأَمْرُ إذَا كَانَ فِي الْآدَابِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَلِذَا قَالَ الْجُمْهُورُ بِالْكَرَاهَةِ دُونَ التَّحْرِيمِ.
أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ مِنْ مَقَالٍ مِنْ جِهَةِ إسْنَادِهِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ مَعْنَاهُ لَوْ ثَبَتَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ صَاحِبُ كِتَابِ الْخِضَابِ: إنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى كَرَاهَةِ الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ، بَلْ فِيهِ الْإِخْبَارُ عَنْ قَوْمٍ هَذِهِ صِفَتُهُمْ، وَلَيْسَ لِذَمِّ هَذَا الْوَصْفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَخُوكُمْ أ. د/ خَالِد الْمُصْلِح
25/7/1427ه