الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ. وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. أَمَّا بَعْدُ: فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا لَا يَدْخُلُ فِيمَا وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ مِنَ الِاسْتِعْجَالِ فِي الدُّعَاءِ فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (6340) وَمُسْلِمٌ (2735) مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، فَيَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي»؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعَجَلَةَ الْمَانِعَةَ مِنْ إجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَهِيَ قَوْلُ الدَّاعِي: "قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي"، وَقَدْ جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (2735) مِنْ حَدِيثِ أَبِي إدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ». قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الِاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ: «يَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ»، فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنَى الِاسْتِعْجَالِ الْمَذْمُومِ، وَهُوَ مَا كَانَ مُتَضَمِّنًا الْمَنَّ بِالدُّعَاءِ، وَاسْتِبْطَاءَ حُصُولِ الْمَطْلُوبِ، وَتَرْكَ الدُّعَاءِ، فَسُؤَالُ الدَّاعِي حُصُولَ مَطْلُوبِهِ عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ. وَقَدْ جَاءَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد (1159) مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ الْفَقِيرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ: «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، مَرِيئًا مَرِيعًا، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ»، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَخُوكُمْ
أ. د. خَالِد الْمُصْلِح
20/ 9 /1427هـ