الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ فِي التَّهَادِي هِيَ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ الْقِمَارِ وَالْمَيْسِرِ الْمُحَرَّمِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} سُورَةُ الْمَائِدَةِ:90. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُشْتَرِكِينَ فِي التَّهَادِي يَبْذُلُ مَالًا مَعْلُومًا، وَهُوَ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ هَدِيَّةٍ، وَيَجْهَلُ مَا سَيَأْخُذُهُ مُقَابِلَ ذَلِكَ، فَقَدْ يَكُونُ ثَمَنُ مَا يَأْخُذُهُ مِثْلَ ثَمَنِ مَا بَذَلَ مِنْ هَدِيَّةٍ فَيَسلَمُ، وَقَدْ يَكُونُ ثَمَنُ مَا يَأْخُذُهُ أَعْلَى مِنْ ثَمَنِ مَا بَذَلَ مِنْ هَدِيَّةٍ فَيَغْنَمُ، وَقَدْ يَكُونُ ثَمَنُ مَا يَأْخُذُهُ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ مَا بَذَلَ مِنْ هَدِيَّةٍ فَيَغْرَمُ، كَمَا أَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ لَهُ هَدِيَّةٌ لَا يَرْغَبُهَا، بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ ثَمَنِهَا، أَوْ قَدْ تَكُونُ الْهَدِيَّةُ لِشَخْصٍ لَا يَرْغَبُ فِي الْإِهْدَاءِ إلَيْهِ لَوْ كَانَ لَهُ اخْتِيَارٌ؛ وَذَلِكَ أَنَّ تَعْيِينَ الْهَدِيَّةِ يُتِمُّ بِطَرِيقَةِ الِاخْتِيَارِ الْعَشْوَائِيِّ. فَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذِهِ مُعَامَلَةٌ مُحَرَّمَةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.