الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِيْنَ، وأُصَلِّي وأُسَلِّمُ عَلَى نَبيِّنا مُحمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وأصحابِهِ أجمَعينَ.
السَّلامُ عَلَيْكُم ورَحمَةُ اللهِ وبَركاتُهُ.
أمَّا بَعْدُ:
فبخُصوصِ سُؤالِكُم عَنْ كَيْفيةِ إخراجِ زَكاةِ المَصنعِ، فإنَّ الزَّكاةَ لا تَجِبُ في الأُصولِ الثابِتَةِ للمَصانِعِ كالأَبنيَةِ والمُعدَّاتِ وآلاتِ التَّصنيعِ ووَسائِلِ النَّقلِ ونَحوِها، وإنَّما تَجبُ زكاةُ المصَانِعِ في غَلَّتِها وأرباحِها إذا بَلغَتْ نِصابًا وحالَ عَلَيْها الحَوْلُ، هَذَا الَّذيِ عَلَيْهِ جَماهيرُ العُلَماءِ، وبهَذَا صَدَرتِ الفَتوَى عَنْ مَجمَعِ الفِقْهِ الإسلامِيِّ الدَّوْلِيِّ.
وأمَّا بخُصوصِ القُروضِ المُستَهلَكةِ وهِيَ الأموالُ الَّتِي اقتُرِضَتْ لشِراءِ مَكائِنَ أو مُعدَّاتٍ سواءً أكانَتْ باسْمِ المَصْنَعِ أم باسمِ مُلَّاكِهِ، فهَذِهِ لا تَجِبُ فِيْها الزَّكاةُ بالاتِّفاقِ إذا صُرِفَتْ قَبْلَ مُضِيِّ الحَوْلِ مِنِ اقتِراضِها، أمَّا إذا بَقيَتْ في يدِ مُقترِضِها حتَّى مُضِىِّ حَوْلٍ عَلَيْها، فالرَّاجِحُ مِنْ قولِ العُلَماءِ أنَّهُ لا زَكاةَ فِيْها عَلَى المُقتَرِضِ حَيْثُ إنَّها تُخْصَمُ مِنْ مُجمَلِ المالِ الَّذِي وَجبَتْ فِيْهِ الزكاةُ.
وأمَّا بخُصوصِ المَوادِ الخامِ، وهِيَ الموادُ الأوَّليَّةُ الَّتِي تَتركَّبُ مِنْها السِّلَعُ الْمُصَنَّعَةُ، كالحديدِ للسياراتِ والأبنيةِ ونَحوِ ذلَكِ، فذهَبَ أكثرُ الفُقَهاءِ إلَى وُجوبِ زَكاتِها وذلِكَ بتَقيِيمِها وإدراجِ قِيْمتِها ضِمْنَ الوِعاءِ الزَّكوَيِّ؛ لكَونِها مِنْ عُروضِ التِّجارةِ، حَيْثُ إنَّها اشْتُرِيَتْ لبَيْعِها بَعْدَ تَصْنيعِها.
وقالَ جَماعةٌ من أهْلِ العِلْمِ: لا تَجِبُ فِيْها الزكاةُ؛ لأنَّها غَيْرُ مُعدَّةٍ للبَيْعِ، وإنَّما هِيَ مُعدَّةٌ للتَّصنيعِ، وهَذَا أقربُ القَوْلَينِ إلى الصَّوابِ.
وأمَّا بخُصوصِ المُنتجاتِ والسِّلعِ الْمُخَزَّنَةِ لحاجَةِ السُّوقِ والَّتِي لم يَحُلْ عَلَيْها الحَوْلُ فإنَّها لا تَجِبُ فِيْها زَكاةٌ، فإنَّ مِنْ شَرْطِ وَجوبِ الزكاةِ مُضِيَّ الحَولِ، وهذِهِ لم يَمْضِ عَلَيْها حَوْلٌ، فإذا مَضَى الْحَوْلُ وَجبَتْ زكاتُها بقِيمَتِها السُّوقيَّةِ، سواءٌ أزادَتْ قِيمتُها عَنْ سِعْرِ التَّكْلفةِ أم نَقَصَتْ.
فيتَلخَّصُ ممَّا تَقَدَّمَ أنَّ زكاةَ المَصنَعِ المَسؤولِ عَنْهُ، تَجِبُ في غَلَّةِ المَصنعِ وأرباحِهِ، وفي مُنتجاتِهِ المَعروضَةِ للبَيْعِ والْمُخَزَّنَةِ إذا حالَ عَلَيْها الْحَوْلُ، وقَدْرُ الزكاةِ الوَاجِبِ هُوَ رُبعُ عُشْرِ مَجموعِ ذَلِكَ، واللُه تَعالَى أعْلَمُ.
وفَّقَ اللهُ الجَميعَ لِما فِيْهِ الخَيْرُ.
عُضْوُ الإفْتاءِ في مَنطقَةِ القَصِيمِ
أ.د خَالِد بنُ عَبدُاللهِ المُصلِح
16 / 5 / 1436 هـ