بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيمِ
الحَمدُ لِلَّهِ، وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبارَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصَحبِهِ.
أمَّا بَعْدُ:
ج1: فهذِهِ المَسألَةُ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ الخِلافُ بَيْنَ أهلِ العِلمِ؛ فمِنْهُم مَنْ يَرَى الاعتِدادَ بالحِسابِ مُطلَقًا، ومِنْهُم مَنْ لا يَراهُ مُطْلَقًا، ومِنْهُمْ مَنْ يُفصِّلُ. والرَّاجِحُ هُوَ التَّفصيلُ وهُوَ اعتِبارُ الحِسابِ في نَفْيِ الرُّؤيَةِ لا في إثباتِها، فإذا كانَ الحِسابُ الموثوقُ يَمنَعُ مِنَ الرُّؤيَةِ فإنَّهُ لو جاءَ أحَدٌ وقالَ: إنِّي رَأيْتُ الهِلالَ لن نَقبَلَ قَوْلَهُ، لكِنْ لا نُثبِتُ الهِلالَ بمُجَرَّدِ أنَّ الحِسابَ يُثْبِتُهُ لاحتِمالِ أنْ يُهِلَّ ولا يُرَى، والعِبرةُ بالرُّؤيَةِ لا بمُجَرَّدِ ولادةِ الهِلالِ، واللهُ أعلَمُ.
أمَّا مِنْ حَيْثُ العَمَلُ؛ فإذا صامَ أهلُ بَلدِكَ فصُمْ، وإذا أفطَروا فأفطِرْ؛ لِما رَوَى أبو داودَ والتِّرمذِيُّ وغَيْرُهُما مِنْ حَديثِ أبي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «الصَّوْمُ يَوْمَ تَصومونَ، والفِطْرُ يَوْمَ تُفطِرونَ، والأُضحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ»، وقَدْ رُوِيَ عَنْ عائشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْها - بلَفْظِ: «الفِطْرُ يَوْمَ يُفطِرُ النَّاسُ، والأضَحَى يَوْمَ يُضحِّي الناسُ» قالَ التِّرمذيُّ في جامعِهِ: إنَّما مَعنَى هَذَا أنَّ الصَّوْمَ والفِطْرَ مَعَ الجَماعَةِ ومُعظَمِ النَّاسِ.
ج2: يَتَبَيَّنُ مِنَ الجَوابِ السَّابِقِ أنَّ الإنسانَ يَتبَعُ ما عَلَيْهِ أهلُ بَلَدِهِ مِنْ صيامٍ أو فِطرٍ ولا يَجوزُ لَهُ مُخالَفتُهُم؛ قالَ الإمامُ أحمدُ في رِوايَةٍ: يَصومُ مَعَ الإمامِ وجَماعَةِ المُسلِمِينَ في الصَّحْوِ والغَيْمِ وقالَ: «يَدُ اللهِ عَلَى الجَماعَةِ».