بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيمِ.
الحَمدُ لِلَّهِ، وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبارَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصَحبِهِ.
أمَّا بَعْدُ:
قالَ اللهُ تَعالَى في كِتابِهِ الحَكيمِ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البَقَرَةُ: 187] فدَلَّتِ الآيَةُ أنَّهُ إذا تَبيَّنَ الفَجْرُ فلا يَجوزُ أكلٌ ولا شُربٌ ولا جِماعٌ، وهَذا لا خِلافَ فِيهِ.
ومِمَّا يدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ما في الصَّحيحَيْنِ مِنْ حَديثِ ابنِ عَمْرٍ عَنْ عائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُما - أنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - قالَ: «إنَّ بِلالًا يُؤذِّنُ بلَيْلٍ، فكُلوا واشرَبوا حَتَّى يُؤذِّنَ ابنُ أمِّ مَكتومٍ». أمَّا ما جاءَ في سُنَنِ أبي داودَ مِنْ حَديثِ أبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - قالَ: «إذا سَمِعَ أحدُكُمُ النِّداءَ والإناءُ في يَدِهِ فلا يَضعْهُ حَتَّى يَقضِيَ حاجَتَهُ مِنْهُ» فهُوَ ضَعيفٌ ضَعَّفَهُ أبو حاتِمٍ في عِلَلِهِ، وصَحَّحَهُ الحاكِمُ في مُستَدرَكِهِ فقالَ: هَذا حَديثٌ صَحيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسلِمٍ ولم يُخرِجاهُ. وقالَ ابنُ مُفلِحٍ في الفُروعِ (3/70): "فإنْ صَحَّ فمَعناهُ أنَّهُ لم يَتحقَّقْ طُلوعُ الفَجْرِ" وقالَ البَيْهَقيُّ في سُنَنِهِ (4/218): "وهَذا إنْ صَحَّ فإنَّهُ مَحمولٌ عِنْدَ عَوامِّ أهلِ العِلمِ عَلَى أنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلِمَ أنَّ المُنادِيَ كانَ يُنادِي قَبْلَ طُلوعِ الفَجْرِ بحَيْثُ يَقَعُ شُربُهُ قُبَيْلَ صَلاةِ الفَجْرِ".
وعَلَى هَذا فإذا كانَ المُؤذِّنُ يُؤذِّنُ عَلَى التَّقويمِ الحِسابيِّ الَّذي لا يَتحَقَّقُ بِهِ تَبيُّنُ الفَجْرِ وطُلوعُهُ فلا أرَى مانِعًا مِنَ الأكلِ والشُّربِ وَقْتَ الأذانِ والأحوَطُ تَرْكُهُ، واللهُ أعلَمُ.
أخُوكُم/
خالِد المُصلِح
26/09/1424هـ