ما حُكْمُ إفرادِ يَوْمِ السَّبْتِ بصِيامٍ إذا وافَقَ يَوْمَ عَرَفةَ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
خزانة الأسئلة / تطبيق مع الصائمين / الصيام فتاوى وأحكام / حكم إفراد يوم السبت بصيام إذا وافق يوم عرفة
ما حكم إفراد يوم السبت بصيام؟
السؤال
ما حُكْمُ إفرادِ يَوْمِ السَّبْتِ بصِيامٍ إذا وافَقَ يَوْمَ عَرَفةَ؟
ما حكم إفراد يوم السبت بصيام؟
الجواب
الحَمدُ لِلَّهِ، وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبارَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصَحبِهِ.
أمَّا بَعْدُ:
فإجابَةً عَلَى سُؤالِكَ نَقولُ وباللهِ تَعالَى التَّوفيقُ:
اختَلفَ أهلُ العِلمِ - رَحِمَهُمُ اللهُ - في إفرادِ يَوْمِ السَّبْتِ بالصَّوْمِ في التَّطوُّعِ المُقيَّدِ كما لو وَافقَ يَوْمَ عَرَفةَ أو يَوْمَ عاشُوراءَ، والمُطلَقِ كصِيامِهِ نَفْلًا عَلَى ثَلاثَةِ أقوالٍ:
القَوْلِ الأوَّلِ: أنَّ إفرادَ يَوْمَ السَّبْتِ بالصَّوْمِ في التطوُّعِ غَيْرُ مَكْروهٍ، وهُوَ قَوْلُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ كما قالَ شَيْخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ اقتِضاءُ الصِّراطِ المُستقيمِ (2/71).
القَوْلِ الثَّاني: أنَّ إفرادَ يَوْمِ السَّبْتِ بالصَّوْمِ في التطوُّعِ مَكروهٌ وبهَذا قالَتِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحنابِلَةُ.
القَوْلِ الثَّالثِ: أنَّ إفرادَ يَوْمِ السَّبْتِ بالصَّوْمِ في التطوُّعِ مُحرَّمٌ وهُوَ ما قَدْ يُفهَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّوكانِيِّ؛ حَيْثُ إنَّ حَقيقَةَ النَّهْيِ عِنْدَهُ التَّحريمُ، كما نَصَّ عَلَيْهِ في كِتابِهِ "وَبلُ الغَمامِ" في النَّهْيِ عَنْ إفرادِ يَوْمِ الجُمُعةِ بالصِّيامِ "وَبَلُ الغَمامِ"(1/513) .
واحتجَّ مَنْ ذَهَبَ إلى القَوْلِ بالكَراهَةِ والتَّحريمِ بما رَواهُ أبو داودَ (2421) والتِّرمذيُّ (744) مِنْ طَريقِ خالِدِ بنِ مَعدانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ السُّلَميِّ، عَنِ الصَّماءِ بِنتِ بُسْرٍ، وفِيهِ قالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - : (لا تَصومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلَّا فِيما افتُرِضَ عَلَيْكُم، فإنْ لم يَجِدْ أحَدُكُم إلَّا لحاءَ عِنَبٍ أو عُودَ شَجرٍ فلْيَمضُغْهُ)، إلَّا أنَّهُ يُشكِلُ عَلَى الاستِدلالِ بهَذا الحَديثِ أنَّ عامَّةَ أهلِ الحَديثِ عَلَى أنَّهُ حَديثٌ ضَعيفٌ، لا يُحتَجُّ بِهِ، ومِنْ أشدِّ ما وَرَدَ في ذَلِكَ ما نَقلَهُ أبو داودَ في "سُنَنِهِ" عَنِ الإمامِ مالكٍ أنَّهُ قالَ في الحَديثِ :"هَذا كَذِبٌ" "سُنَنُ أبي داودَ"(2426) وأمَّا أبو داودَ فاختَارَ أنَّ الحديثَ مَنسوخٌ، ولم يُبيِّنِ الناسِخَ، ومَعلومٌ أنَّ النَّسْخَ لا بُدَّ فِيهِ مِنْ مَعرِفَةِ التَّاريخِ.
والرَّاجِحُ مِنْ هذِهِ الأقوالِ جَوازُ إفرادِ السَّبْتِ بالصِّيامِ؛ لأنَّ حَديثَ النَّهْيِ ضَعيفٌ مُضطرِبٌ لا يَصلُحُ للاحتِجاجِ بِهِ، كما أنَّ في لَفظِهِ إشكالًا حَيْثُ إنَّهُ يَقتضِي عُمومَ تَحريمِ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ في كُلِّ تَطوُّعٍ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ؛ لأنَّهُ لم يَستَثنِ مِنَ النَّهْيِ عَنْ صِيامِ السَّبْتِ إلَّا الصَّوْمَ المَفروضَ، وهَذا مُخالِفٌ للأحاديثِ الصَّحيحَةِ الكَثيرَةِ الدالَّةِ عَلَى جَوازِ صِيامِ السَّبْتِ في التطوُّعِ سَواءٌ مُفرَدًا أو مُقتَرنًا، ومِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - لجُوَيريَةَ لمَّا أخبرَتْهُ بأنَّها صائمَةٌ يَوْمَ جُمُعةٍ: (أصمتِ أمْسِ؟ قالَتْ: لا. قالَ: أتَصومينَ غَدًا؟ قالَتْ: لا، فأمَرَها بالإفْطارِ). والحَديثُ عِنْدَ البُخاريِّ (1986).
وما في "الصَّحيحَيْنِ" مِنْ حَديثِ أبي هُرَيرَةَ : «لا يَصومَنَّ أحَدُكُم الجُمُعةَ إلَّا أنْ يَصومَ يَوْمًا قَبْلَهُ أو يَوْمًا بَعْدَهُ».
ويَشهَدُ لَهُ ما أخرَجَهُ النَّسائيُّ مِنْ حَديثِ أُمِّ سَلَمةَ أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - كانَ أكثَرَ ما يَصومُ يَوْمَ السَّبْتِ ويَوْمَ الأحَدِ ويَقولُ : «إنَّهُما يَوْما عِيدٍ للمُشركينَ، وأنا أُريدُ أنْ أُخالِفَهُم»، وقَدْ صَحَّحَهُ جَماعَةٌ مِنْهُمُ ابنُ حِبَّانٍ وابنُ خُزَيمةَ والذَّهبيُّ وابنُ القَطَّانِ.
وقَدِ استَظهرَ الصَّنعانيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - مِنْ هَذا الحَديثِ استِحبابَ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ مُفرَدًا ومُقتَرِنًا.
قالَ في "سُبُلِ السَّلامِ" في شَرْحِ هَذا الحَديثِ "وحَديثُ الكتابِ دَالٌّ عَلَى استِحبابِ صَوْمِ السَّبْتِ وَحدَهُ"، فيَكونُ هَذا قَوْلًا رابِعًا في أصْلِ المَسألَةِ.
ومِمَّا تَقدَّمَ يَتبيَّنُ أنَّ حَديثَ النَّهْيِ عَنْ إفرادِ يَوْمِ السَّبْتِ بالصَّوْمِ لا يَصلُحُ للاحتِجاجِ، فيَكونُ صَوْمُهُ جائِزًا. واللهُ أعلَمُ.
أخُوكُم
خالِد المُصلِح
14/03/1425هـ
الحَمدُ لِلَّهِ، وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبارَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصَحبِهِ.
أمَّا بَعْدُ:
فإجابَةً عَلَى سُؤالِكَ نَقولُ وباللهِ تَعالَى التَّوفيقُ:
اختَلفَ أهلُ العِلمِ - رَحِمَهُمُ اللهُ - في إفرادِ يَوْمِ السَّبْتِ بالصَّوْمِ في التَّطوُّعِ المُقيَّدِ كما لو وَافقَ يَوْمَ عَرَفةَ أو يَوْمَ عاشُوراءَ، والمُطلَقِ كصِيامِهِ نَفْلًا عَلَى ثَلاثَةِ أقوالٍ:
القَوْلِ الأوَّلِ: أنَّ إفرادَ يَوْمَ السَّبْتِ بالصَّوْمِ في التطوُّعِ غَيْرُ مَكْروهٍ، وهُوَ قَوْلُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ كما قالَ شَيْخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ +++ اقتِضاءُ الصِّراطِ المُستقيمِ (2/71)---.
القَوْلِ الثَّاني: أنَّ إفرادَ يَوْمِ السَّبْتِ بالصَّوْمِ في التطوُّعِ مَكروهٌ وبهَذا قالَتِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحنابِلَةُ.
القَوْلِ الثَّالثِ: أنَّ إفرادَ يَوْمِ السَّبْتِ بالصَّوْمِ في التطوُّعِ مُحرَّمٌ وهُوَ ما قَدْ يُفهَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّوكانِيِّ؛ حَيْثُ إنَّ حَقيقَةَ النَّهْيِ عِنْدَهُ التَّحريمُ، كما نَصَّ عَلَيْهِ في كِتابِهِ "وَبلُ الغَمامِ" في النَّهْيِ عَنْ إفرادِ يَوْمِ الجُمُعةِ بالصِّيامِ +++"وَبَلُ الغَمامِ"(1/513) ---.
واحتجَّ مَنْ ذَهَبَ إلى القَوْلِ بالكَراهَةِ والتَّحريمِ بما رَواهُ أبو داودَ (2421) والتِّرمذيُّ (744) مِنْ طَريقِ خالِدِ بنِ مَعدانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ السُّلَميِّ، عَنِ الصَّماءِ بِنتِ بُسْرٍ، وفِيهِ قالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - : (لا تَصومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلَّا فِيما افتُرِضَ عَلَيْكُم، فإنْ لم يَجِدْ أحَدُكُم إلَّا لحاءَ عِنَبٍ أو عُودَ شَجرٍ فلْيَمضُغْهُ)، إلَّا أنَّهُ يُشكِلُ عَلَى الاستِدلالِ بهَذا الحَديثِ أنَّ عامَّةَ أهلِ الحَديثِ عَلَى أنَّهُ حَديثٌ ضَعيفٌ، لا يُحتَجُّ بِهِ، ومِنْ أشدِّ ما وَرَدَ في ذَلِكَ ما نَقلَهُ أبو داودَ في "سُنَنِهِ" عَنِ الإمامِ مالكٍ أنَّهُ قالَ في الحَديثِ :"هَذا كَذِبٌ" +++ "سُنَنُ أبي داودَ"(2426) --- وأمَّا أبو داودَ فاختَارَ أنَّ الحديثَ مَنسوخٌ، ولم يُبيِّنِ الناسِخَ، ومَعلومٌ أنَّ النَّسْخَ لا بُدَّ فِيهِ مِنْ مَعرِفَةِ التَّاريخِ.
والرَّاجِحُ مِنْ هذِهِ الأقوالِ جَوازُ إفرادِ السَّبْتِ بالصِّيامِ؛ لأنَّ حَديثَ النَّهْيِ ضَعيفٌ مُضطرِبٌ لا يَصلُحُ للاحتِجاجِ بِهِ، كما أنَّ في لَفظِهِ إشكالًا حَيْثُ إنَّهُ يَقتضِي عُمومَ تَحريمِ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ في كُلِّ تَطوُّعٍ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ؛ لأنَّهُ لم يَستَثنِ مِنَ النَّهْيِ عَنْ صِيامِ السَّبْتِ إلَّا الصَّوْمَ المَفروضَ، وهَذا مُخالِفٌ للأحاديثِ الصَّحيحَةِ الكَثيرَةِ الدالَّةِ عَلَى جَوازِ صِيامِ السَّبْتِ في التطوُّعِ سَواءٌ مُفرَدًا أو مُقتَرنًا، ومِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - لجُوَيريَةَ لمَّا أخبرَتْهُ بأنَّها صائمَةٌ يَوْمَ جُمُعةٍ: (أصمتِ أمْسِ؟ قالَتْ: لا. قالَ: أتَصومينَ غَدًا؟ قالَتْ: لا، فأمَرَها بالإفْطارِ). والحَديثُ عِنْدَ البُخاريِّ +++(1986)---.
وما في "الصَّحيحَيْنِ" مِنْ حَديثِ أبي هُرَيرَةَ : «لا يَصومَنَّ أحَدُكُم الجُمُعةَ إلَّا أنْ يَصومَ يَوْمًا قَبْلَهُ أو يَوْمًا بَعْدَهُ».
ويَشهَدُ لَهُ ما أخرَجَهُ النَّسائيُّ مِنْ حَديثِ أُمِّ سَلَمةَ أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - كانَ أكثَرَ ما يَصومُ يَوْمَ السَّبْتِ ويَوْمَ الأحَدِ ويَقولُ : «إنَّهُما يَوْما عِيدٍ للمُشركينَ، وأنا أُريدُ أنْ أُخالِفَهُم»، وقَدْ صَحَّحَهُ جَماعَةٌ مِنْهُمُ ابنُ حِبَّانٍ وابنُ خُزَيمةَ والذَّهبيُّ وابنُ القَطَّانِ.
وقَدِ استَظهرَ الصَّنعانيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - مِنْ هَذا الحَديثِ استِحبابَ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ مُفرَدًا ومُقتَرِنًا.
قالَ في "سُبُلِ السَّلامِ" في شَرْحِ هَذا الحَديثِ "وحَديثُ الكتابِ دَالٌّ عَلَى استِحبابِ صَوْمِ السَّبْتِ وَحدَهُ"، فيَكونُ هَذا قَوْلًا رابِعًا في أصْلِ المَسألَةِ.
ومِمَّا تَقدَّمَ يَتبيَّنُ أنَّ حَديثَ النَّهْيِ عَنْ إفرادِ يَوْمِ السَّبْتِ بالصَّوْمِ لا يَصلُحُ للاحتِجاجِ، فيَكونُ صَوْمُهُ جائِزًا. واللهُ أعلَمُ.
أخُوكُم
خالِد المُصلِح
14/03/1425هـ