تُوفِّيَ والِدِي قَبْلَ مُدَّةٍ قَصيرَةٍ، وقَدْ أفطَرَ مِنْ رَمَضانَ أسابيعَ، بسَبَبِ مَرَضِهِ ولم يَقْضِ لاستِمرارِ المَرَضِ، فمَاذا عَلَيْنا؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
خزانة الأسئلة / تطبيق مع الصائمين / الصيام فتاوى وأحكام / مات وعليه صوم بسبب المرض
توفي والدي قبل مدة قصيرة، وقد أفطر من رمضان أسابيع، بسبب مرضه ولم يقض لاستمرار المرض، فماذا علينا؟
السؤال
تُوفِّيَ والِدِي قَبْلَ مُدَّةٍ قَصيرَةٍ، وقَدْ أفطَرَ مِنْ رَمَضانَ أسابيعَ، بسَبَبِ مَرَضِهِ ولم يَقْضِ لاستِمرارِ المَرَضِ، فمَاذا عَلَيْنا؟
توفي والدي قبل مدة قصيرة، وقد أفطر من رمضان أسابيع، بسبب مرضه ولم يقض لاستمرار المرض، فماذا علينا؟
الجواب
الحَمدُ لِلَّهِ، وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبارَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصَحبِهِ.
أمَّا بَعْدُ:
فإجابَةً عَلَى سُؤالِكَ نَقولُ وباللهِ تَعالَى التَّوفيقُ:
سُؤالُ أخْتِنا هَذا مِنْ بِرِّ والِدِها بَعْدَ مَوْتِهِ، فإنَّ مِنْ بِرِّ الوالِدِ هُوَ أنْ يُنظَرَ ما عَلَيْهِ مِنْ حُقوقٍ لِلَّهِ أو للخَلْقِ، والسَّعْيُ في إبْراءِ ذِمَّتِهِ مِنْها، كما جاءَ رَجُلٌ -في الصَّحيحِ- إلى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أوِ امْرَأةٌ في بَعْضِ الرِّواياتِ- فقالَتْ: «إنَّ أُمِّي قَدْ نَذَرَتْ أنْ تَحُجَّ وماتَتْ قَبْلَ أنْ تَحُجَّ، أفأحُجُّ عَنْها؟ فقالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: «حُجِّي عَنْها، فاللهُ أحَقُّ بالقَضَاءِ»، وهَذا يَدُلُّ عَلَى أنَّ مِنْ بِرِّ الوالِدِ البَحْثَ عَنِ الحُقوقِ الَّتِي عَلَيْهِ.
وفِيما يَتعَلَّقُ بخُصوصِ هذِهِ المَسألَةِ، وهِيَ مَنِ استَمَرَّ بِهِ المَرَضُ إلى أنْ تُوفِّيَ، فإنْ كانَ هَذا المَرَضُ مِمَّا يُرجَى بُرْؤُهُ فإنَّهُ لا قَضاءَ عَلَيْهِ ولا عَلَى ولَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ؛ لأنَّ النَّبْيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قالَ -فِيما رَواهُ البُخاريُّ ومُسلِمٌ مِنْ حَديثِ عائشَةَ-: «مَنْ ماتَ وعَلَيْهِ صَوْمٌ صامَ عَنْهُ وَليُّهُ»، فهَذا فِيما إذا كانَ الصَّوْمُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ وثَبَتَ في ذِمَّتِهِ ثُبُوتًا يَجِبُ إمَّا قَضاءً أو أَداءً، وهُنا الصَّوْمُ لم يَثْبُتْ عَلَيْهِ إلَّا قَضاءً ولم يُدرِكْ وَقْتًا يَقضِي فِيهِ، فبالتَّالي بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ، وقَدْ حَكَى الاتِّفاقَ عَلَى هَذا جَماعَةٌ مِنْ أهلِ العِلمِ أنَّهُ في مِثْلِ هذِهِ الحالَةِ -وهِيَ أنْ يَمتَدَّ المَرَضُ، والمَرَضُ مِمَّا يُرجَى بُرؤُهُ ولا يَتَمكَّنُ مِنَ القَضاءِ- فلا قَضاءَ عَلَى ولَدِهِ، ولا يَدْخُلُ في قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: «مَنْ ماتَ وعَلَيْهِ صَوْمٌ صَامَ عَنْهُ وَليُّهُ».
وأمَّا إذا كانَ مَرِضَ مَرَضًا ولا يُرجَى بُرؤُهُ واستَمرَّ حَتَّى ماتَ ولم يُطعِمْ ولم يَقْضِ؛ ففي هذِهِ الحالِ يَجِبُ عَلَى وَليِّهِ إذا كانَ قادِرًا أنْ يُخرِجَ مِنْ تِرْكَتِهِ -مِنْ تِرْكَةِ المَيِّتِ- ابتِداءً فِداءَ الأيَّامِ الَّتِي عَلَيْهِ، قالَ اللهُ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البَقَرَةُ:184].
أمَّا قَضاءُ الوَلِيِّ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ عَلَيْهِ صَوْمٌ فهُوَ فِيما إذا كانَ الصَّوْمُ مَنْذُورًا وأخَّرَهُ، أو كانَ الصَّوْمُ قَضاءً وتَرَكَهُ حَتَّى تَمادَى بِهِ الوَقْتُ فماتَ، ففي هذِهِ الحالِ يَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ، وأمَّا في الحالَيْنِ السَّابِقَيْنِ فهُوَ إمَّا أنَّهُ لا شَيءَ عَلَيْهِ، وإمَّا أنَّ الواجِبَ هُوَ ما كانَ واجِبًا في حَياتِهِ مِنَ الإطْعامِ الَّذِي قالَ فِيهِ جَلَّ وعَلَا: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البَقَرَةُ: 184].
وفي الحالَةِ الثَّانيَةِ: لا يَجِبُ إلَّا الإطْعامُ، أمَّا القَضاءُ، فلا يُشرَعُ القَضاءُ؛ لأنَّهُ لم يَثْبُتْ عَلَيْهِ صَوْمٌ، وإنَّما ثَبَتَ في ذِمَّتِهِ بَدَلُ الصَّوْمِ وهُوَ الإطْعامُ فوَجَبَ أنْ يَخرُجَ مِنْ تَرْكَتِهِ، فإنْ لم يَكُنْ لَهُ مالٌ فهُنا يَكونُ عاجِزًا ولا يَستَطيعُ، والواجِباتُ إنَّما تَثْبُتُ بالاسْتِطاعَةِ، فإذا لم يَكُنْ مُستَطيعًا فلا شَيءَ عَلَيْهِ.
الحَمدُ لِلَّهِ، وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبارَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصَحبِهِ.
أمَّا بَعْدُ:
فإجابَةً عَلَى سُؤالِكَ نَقولُ وباللهِ تَعالَى التَّوفيقُ:
سُؤالُ أخْتِنا هَذا مِنْ بِرِّ والِدِها بَعْدَ مَوْتِهِ، فإنَّ مِنْ بِرِّ الوالِدِ هُوَ أنْ يُنظَرَ ما عَلَيْهِ مِنْ حُقوقٍ لِلَّهِ أو للخَلْقِ، والسَّعْيُ في إبْراءِ ذِمَّتِهِ مِنْها، كما جاءَ رَجُلٌ -في الصَّحيحِ- إلى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أوِ امْرَأةٌ في بَعْضِ الرِّواياتِ- فقالَتْ: «إنَّ أُمِّي قَدْ نَذَرَتْ أنْ تَحُجَّ وماتَتْ قَبْلَ أنْ تَحُجَّ، أفأحُجُّ عَنْها؟ فقالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: «حُجِّي عَنْها، فاللهُ أحَقُّ بالقَضَاءِ»، وهَذا يَدُلُّ عَلَى أنَّ مِنْ بِرِّ الوالِدِ البَحْثَ عَنِ الحُقوقِ الَّتِي عَلَيْهِ.
وفِيما يَتعَلَّقُ بخُصوصِ هذِهِ المَسألَةِ، وهِيَ مَنِ استَمَرَّ بِهِ المَرَضُ إلى أنْ تُوفِّيَ، فإنْ كانَ هَذا المَرَضُ مِمَّا يُرجَى بُرْؤُهُ فإنَّهُ لا قَضاءَ عَلَيْهِ ولا عَلَى ولَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ؛ لأنَّ النَّبْيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قالَ -فِيما رَواهُ البُخاريُّ ومُسلِمٌ مِنْ حَديثِ عائشَةَ-: «مَنْ ماتَ وعَلَيْهِ صَوْمٌ صامَ عَنْهُ وَليُّهُ»، فهَذا فِيما إذا كانَ الصَّوْمُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ وثَبَتَ في ذِمَّتِهِ ثُبُوتًا يَجِبُ إمَّا قَضاءً أو أَداءً، وهُنا الصَّوْمُ لم يَثْبُتْ عَلَيْهِ إلَّا قَضاءً ولم يُدرِكْ وَقْتًا يَقضِي فِيهِ، فبالتَّالي بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ، وقَدْ حَكَى الاتِّفاقَ عَلَى هَذا جَماعَةٌ مِنْ أهلِ العِلمِ أنَّهُ في مِثْلِ هذِهِ الحالَةِ -وهِيَ أنْ يَمتَدَّ المَرَضُ، والمَرَضُ مِمَّا يُرجَى بُرؤُهُ ولا يَتَمكَّنُ مِنَ القَضاءِ- فلا قَضاءَ عَلَى ولَدِهِ، ولا يَدْخُلُ في قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: «مَنْ ماتَ وعَلَيْهِ صَوْمٌ صَامَ عَنْهُ وَليُّهُ».
وأمَّا إذا كانَ مَرِضَ مَرَضًا ولا يُرجَى بُرؤُهُ واستَمرَّ حَتَّى ماتَ ولم يُطعِمْ ولم يَقْضِ؛ ففي هذِهِ الحالِ يَجِبُ عَلَى وَليِّهِ إذا كانَ قادِرًا أنْ يُخرِجَ مِنْ تِرْكَتِهِ -مِنْ تِرْكَةِ المَيِّتِ- ابتِداءً فِداءَ الأيَّامِ الَّتِي عَلَيْهِ، قالَ اللهُ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البَقَرَةُ:184].
أمَّا قَضاءُ الوَلِيِّ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ عَلَيْهِ صَوْمٌ فهُوَ فِيما إذا كانَ الصَّوْمُ مَنْذُورًا وأخَّرَهُ، أو كانَ الصَّوْمُ قَضاءً وتَرَكَهُ حَتَّى تَمادَى بِهِ الوَقْتُ فماتَ، ففي هذِهِ الحالِ يَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ، وأمَّا في الحالَيْنِ السَّابِقَيْنِ فهُوَ إمَّا أنَّهُ لا شَيءَ عَلَيْهِ، وإمَّا أنَّ الواجِبَ هُوَ ما كانَ واجِبًا في حَياتِهِ مِنَ الإطْعامِ الَّذِي قالَ فِيهِ جَلَّ وعَلَا: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البَقَرَةُ: 184].
وفي الحالَةِ الثَّانيَةِ: لا يَجِبُ إلَّا الإطْعامُ، أمَّا القَضاءُ، فلا يُشرَعُ القَضاءُ؛ لأنَّهُ لم يَثْبُتْ عَلَيْهِ صَوْمٌ، وإنَّما ثَبَتَ في ذِمَّتِهِ بَدَلُ الصَّوْمِ وهُوَ الإطْعامُ فوَجَبَ أنْ يَخرُجَ مِنْ تَرْكَتِهِ، فإنْ لم يَكُنْ لَهُ مالٌ فهُنا يَكونُ عاجِزًا ولا يَستَطيعُ، والواجِباتُ إنَّما تَثْبُتُ بالاسْتِطاعَةِ، فإذا لم يَكُنْ مُستَطيعًا فلا شَيءَ عَلَيْهِ.