كَيْفَ تَكُونُ المَحَبَّةُ الصَّادِقَةُ لِخَيْرِ الخَلْقِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ وَمَا مَظَاهِرُهَا عَلَى المُؤْمِنِ؟
خزانة الأسئلة / عقيدة / كيف تكون المحبة الصادقة لخير الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم-؟ وما مظاهرها على المؤمن؟
كيف تكون المحبة الصادقة لخير الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم-؟ وما مظاهرها على المؤمن؟
السؤال
كَيْفَ تَكُونُ المَحَبَّةُ الصَّادِقَةُ لِخَيْرِ الخَلْقِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ وَمَا مَظَاهِرُهَا عَلَى المُؤْمِنِ؟
كيف تكون المحبة الصادقة لخير الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم-؟ وما مظاهرها على المؤمن؟
الجواب
الحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالمِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ.
فَمَحَبَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - مِنْ رَكَائِزِ الإِيمانِ وَمِنَ الأَعْمَالِ الجَلِيلَةِ الَّتِي يَتَقَرَّبُ بِهَا المًؤْمِنُونَ إِلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-. فَمَحَبَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِينٌ يَتَدَيَّنُ النَّاسُ بِهِ للهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَيَتَقَرَّبُونَ بِهَا إِلَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لا يُؤمِنُ أحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِه وَوَالِدِه وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ رَضِيَ اللهُ عنه أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (15)، وَمُسْلِمٌ (44) بِدُونِ «وَمِنْ نَفْسِهِ». وَعِنْدَ البُخَارِيِّ (6632) مِنْ حديث عمر رضي الله عنه.بذكر النفس. ويأتي بعده .
هَذَا النَّصُّ النَّبِوِيُّ الشَّرِيفُ يُبَيِّنُ مَنْزِلَةَ المَحَبَّةِ مِنَ الإِيمَانِ، وَأَنَّهُ لا يَتَحَقَّقُ الإيِمَانُ الوَاجِبُ لِأَحَدٍ إِلَّا بِمَحَبَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، وَبِتَقْدِيمِ مَحَبَّتِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى وَلَدِهِ وَعَلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ. وَقَدْ قَالَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: يا رَسُولَ اللهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لاَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ» فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الآنَ يَا عُمَرُ». البخاري (6632). أَيِ: الآنَ عَرَفْتَ، وَنَطَقْتَ بِمَا يَجِبُ عَلَيْكَ. وَلِعَظِيمِ قَدْرِ مَحَبَّةِ النَّبِيِّ - صَلِّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ اللهُ تَعَالَى اتِّبَاعَهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلامَةَ صِدْقِ مَحَبَّتِهِ -سُبْحَانَه وَبِحَمْدِهِ-؛ قَالَ اللهُ تَعالَى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾آل عمران: 31 ؛ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِعُلُوِّ مَنْزِلِتِهِ وَرِفْعَةِ مَكَانَتِهِ وَسُمُوِّ مَقَامِهِ؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ.
وَمِنْ ثِمَارِ مَحَبَّةِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ بِهَا يَجِدُ المؤمِنُ حَلَاوَةَ الإِيْمانِ وَطَعْمَهَ؛ قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ» أخرجه: البخاري (16)، ومسلم (43) واَلنُّصُوصُ فِي المَحَبَّة كَثِيرَةٌ.
وِمِنْ ثِمَارِ مَحَبَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّ بِهَا يَنَالُ المُحِبُّ الصَّادِقُ مُصَاحَبَتَهُ وَمَعِيَّتَهُ فِي الآخِرَةِ؛ فَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «وَمَا أَعْدَدْتَ لِلسَّاعَةِ؟» قَالَ: حُبُّ اللهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ: «فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ» قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحًا أَشَدَّ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم: «فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ» قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِأَعْمَالِهِمْ أخرجه: البخاري (3688)، ومسلم (2639), ولفظه له .
وَالمَقْصُودُ أَنَّ المَحَبَّةَ عَظِيمَةُ القَدْرِ وَرَفِيعَةُ المنْزِلَةِ؛ وَهِيَ مَحَبَّةٌ قَلْبِيَّةٌ ناتِجَةٌ عَنْ تَمَامِ الإِيمانِ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَعْرِفَةِ عَظِيمِ قَدْرِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، تُثْمِرُ مَحَبَّةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ كَمَا أَنَّ مَعْرِفَةَ سِيرَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ أَخْلاقٍ وَسجَايَا وَطِيبِ الخِصَالِ تُثْمِرُ مَحَبَّتَهُ.
وَمِمَّا يُثْمِرُ مَحَبَّةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قَلْبِ المُؤمِنِ: أَنْ يُدْرِكَ عَظِيمَ مَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الخَيْرِ بِالإِيمَانِ بِالنَّبِي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِاتِّبَاعِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَإِنَّه الذِي أَخْرَجَنَا اللهُ بِهِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَهَدَانَا بِهِ مِنَ العَمَى إِلَى الهُدَى، وَأَخَرَجَنا مِنَ الضَّلالَاتِ إِلَى أَبْوابِ الهِدَايَاتِ وَسُبَلِ النَّجَاةِ الَّتِي لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُهَا وَلَا سَبِيْلَ إِلَى مَعْرِفَتِهَا إِلَّا مِنْ طَرِيقِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
هَذِهِ بَعْضُ مُوجِبَاتِ مَا يُثْمِرُ مَحَبَّتَهَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .
كَيْفَ نُتَرْجِمُ هَذِهِ المَحَبَّةَ؟
أَعْظَمُ مَا تُتَرجَمُ بِهِ مَحَبَّةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَلْتَزِمَ الإِنْسَانُ هَدْيَهُ، وَأَنْ يَسِيرَ عَلَى طَرِيقَتِهِ، وَأَنْ يَتَّبِعَ سُنَّتَهُ، وَأَنْ يَسْتَمْسِكَ بِدِينِهِ، وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْ مُطَالَعَةِ مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الهُدَى وَدِينِ الحَقِّ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا تُتَرْجَمُ بِهِ مَحَبَّتُهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لِذَلِكَ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾آل عمران: 31 ، وَبِالتَّالِي كُلُّ الدَّعَاوَى الَّتِي يَدَّعِي النَّاسُ فِيهَا مَحَبَّةَ النَّبِيِّ -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَنْقُصُهَا أَوْ يَنْقُضُهَا مُخَالَفَةُ هَدْيِهِ، وَمُجَانَبَةُ سُنَّتِهِ؛ إِذْ لَو كَمُلَتْ مَحَبَّتُهُ فِي قُلُوبِهِمْ لمَا خَرَجُوا عَنْ هَدْيِهِ، وَلَكَانَ لَهُمْ فِيِهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾الأحزاب: 21 .
وَالله أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّم عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.
الحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالمِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ.
فَمَحَبَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - مِنْ رَكَائِزِ الإِيمانِ وَمِنَ الأَعْمَالِ الجَلِيلَةِ الَّتِي يَتَقَرَّبُ بِهَا المًؤْمِنُونَ إِلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-. فَمَحَبَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِينٌ يَتَدَيَّنُ النَّاسُ بِهِ للهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَيَتَقَرَّبُونَ بِهَا إِلَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لا يُؤمِنُ أحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِه وَوَالِدِه وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» +++مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ رَضِيَ اللهُ عنه أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (15)، وَمُسْلِمٌ (44) بِدُونِ «وَمِنْ نَفْسِهِ». وَعِنْدَ البُخَارِيِّ (6632) مِنْ حديث عمر رضي الله عنه.بذكر النفس. ويأتي بعده --- .
هَذَا النَّصُّ النَّبِوِيُّ الشَّرِيفُ يُبَيِّنُ مَنْزِلَةَ المَحَبَّةِ مِنَ الإِيمَانِ، وَأَنَّهُ لا يَتَحَقَّقُ الإيِمَانُ الوَاجِبُ لِأَحَدٍ إِلَّا بِمَحَبَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، وَبِتَقْدِيمِ مَحَبَّتِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى وَلَدِهِ وَعَلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ. وَقَدْ قَالَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: يا رَسُولَ اللهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لاَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ» فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الآنَ يَا عُمَرُ». +++البخاري (6632).--- أَيِ: الآنَ عَرَفْتَ، وَنَطَقْتَ بِمَا يَجِبُ عَلَيْكَ. وَلِعَظِيمِ قَدْرِ مَحَبَّةِ النَّبِيِّ - صَلِّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ اللهُ تَعَالَى اتِّبَاعَهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلامَةَ صِدْقِ مَحَبَّتِهِ -سُبْحَانَه وَبِحَمْدِهِ-؛ قَالَ اللهُ تَعالَى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾+++آل عمران: 31--- ؛ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِعُلُوِّ مَنْزِلِتِهِ وَرِفْعَةِ مَكَانَتِهِ وَسُمُوِّ مَقَامِهِ؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ.
وَمِنْ ثِمَارِ مَحَبَّةِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ بِهَا يَجِدُ المؤمِنُ حَلَاوَةَ الإِيْمانِ وَطَعْمَهَ؛ قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ» +++أخرجه: البخاري (16)، ومسلم (43)--- واَلنُّصُوصُ فِي المَحَبَّة كَثِيرَةٌ.
وِمِنْ ثِمَارِ مَحَبَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّ بِهَا يَنَالُ المُحِبُّ الصَّادِقُ مُصَاحَبَتَهُ وَمَعِيَّتَهُ فِي الآخِرَةِ؛ فَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «وَمَا أَعْدَدْتَ لِلسَّاعَةِ؟» قَالَ: حُبُّ اللهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ: «فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ» قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحًا أَشَدَّ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم: «فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ» قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِأَعْمَالِهِمْ +++أخرجه: البخاري (3688)، ومسلم (2639), ولفظه له--- .
وَالمَقْصُودُ أَنَّ المَحَبَّةَ عَظِيمَةُ القَدْرِ وَرَفِيعَةُ المنْزِلَةِ؛ وَهِيَ مَحَبَّةٌ قَلْبِيَّةٌ ناتِجَةٌ عَنْ تَمَامِ الإِيمانِ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَعْرِفَةِ عَظِيمِ قَدْرِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، تُثْمِرُ مَحَبَّةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ كَمَا أَنَّ مَعْرِفَةَ سِيرَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ أَخْلاقٍ وَسجَايَا وَطِيبِ الخِصَالِ تُثْمِرُ مَحَبَّتَهُ.
وَمِمَّا يُثْمِرُ مَحَبَّةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قَلْبِ المُؤمِنِ: أَنْ يُدْرِكَ عَظِيمَ مَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الخَيْرِ بِالإِيمَانِ بِالنَّبِي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِاتِّبَاعِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَإِنَّه الذِي أَخْرَجَنَا اللهُ بِهِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَهَدَانَا بِهِ مِنَ العَمَى إِلَى الهُدَى، وَأَخَرَجَنا مِنَ الضَّلالَاتِ إِلَى أَبْوابِ الهِدَايَاتِ وَسُبَلِ النَّجَاةِ الَّتِي لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُهَا وَلَا سَبِيْلَ إِلَى مَعْرِفَتِهَا إِلَّا مِنْ طَرِيقِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
هَذِهِ بَعْضُ مُوجِبَاتِ مَا يُثْمِرُ مَحَبَّتَهَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .
كَيْفَ نُتَرْجِمُ هَذِهِ المَحَبَّةَ؟
أَعْظَمُ مَا تُتَرجَمُ بِهِ مَحَبَّةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَلْتَزِمَ الإِنْسَانُ هَدْيَهُ، وَأَنْ يَسِيرَ عَلَى طَرِيقَتِهِ، وَأَنْ يَتَّبِعَ سُنَّتَهُ، وَأَنْ يَسْتَمْسِكَ بِدِينِهِ، وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْ مُطَالَعَةِ مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الهُدَى وَدِينِ الحَقِّ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا تُتَرْجَمُ بِهِ مَحَبَّتُهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لِذَلِكَ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾+++آل عمران: 31--- ، وَبِالتَّالِي كُلُّ الدَّعَاوَى الَّتِي يَدَّعِي النَّاسُ فِيهَا مَحَبَّةَ النَّبِيِّ -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَنْقُصُهَا أَوْ يَنْقُضُهَا مُخَالَفَةُ هَدْيِهِ، وَمُجَانَبَةُ سُنَّتِهِ؛ إِذْ لَو كَمُلَتْ مَحَبَّتُهُ فِي قُلُوبِهِمْ لمَا خَرَجُوا عَنْ هَدْيِهِ، وَلَكَانَ لَهُمْ فِيِهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾+++الأحزاب: 21--- .
وَالله أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّم عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.