الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ.
فَإِنَّه لَا خِلَافَ بَينَ أَهْلِ العِلْمِ فِي أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَازَةِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ. لَكِنْ إِنْ كَانَتْ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَازَةِ مِنْ أَجْلِ حُضُورِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيهَا، فَتُشْرَعُ الإِعَادَةُ فَفِي الصَّحِيْحِ مِنْ حَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ مَرَّ بِقَبْرٍ قَدْ دُفِنَ لَيْلًا، فَقَالَ: «مَتَى دُفِنَ هَذَا؟» قَالُوا: البَارِحَةَ، قَالَ: «أَفَلا آذَنْتُمُونِي؟» قَالُوا: دَفَنَّاهُ فِي ظُلْمَةِ الليلِ، فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ، فَقَامَ، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ. قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَا فِيهِمْ فَصَلَّى عَلَيهِ. فَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ أَعَادُوا الصَّلَاةَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَدَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ إِعَادَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَازَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِالأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا النَّدْبُ إِلَى إِعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ مِمَّنْ صَلَّاهَا كَمَا فِي قَولِهِ ﷺ لِلرَّجُلَينِ اللذَينِ صَلَّيَا فِي رِحَالِهِمَا ثُمَّ أَتَيَا وَلَمْ يُصَلُّوا فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ ﷺ: «إِذَا صَلَّيتُما فِي رِحَالِكُمَا، ثمَّ أَتَيتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ، فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهُا لَكُمَا نَافِلَةٌ» أخرجه أحمد (4/160) ، ح(17509) ، وأبو داود (575)، والترمذي (219) وقال: حسن صحيح. والنسائي (858) ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالحَنَابِلَةُ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيخِ الإِسْلَامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ ينظر: المجموع شرح المهذب (5/220)، مجموع الفتاوى، لابن تيمية (23/ 388). ، وَاللهُ أَعْلَمُ.