مَا حُكْمُ قَوْلِ الشَّخْصِ لِآخِرِ: (رَيِّحْ مَلَائِكَتِكَ)؟
خزانة الأسئلة / آداب / ما حكم قول الشخص لآخر: (ريح ملائكتك)؟
السؤال
مَا حُكْمُ قَوْلِ الشَّخْصِ لِآخِرِ: (رَيِّحْ مَلَائِكَتِكَ)؟
الجواب
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ.
فَالْمَلَائِكَةُ مِنْ أَشْرَفِ خَلْقِ اللَّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَاَللَّهُ ـ تَعَالَى ـ قَدْ خَلَقَهُمْ لِعِبَادَتِهِ ـ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ ـ قَالَ ـ تَعَالَى ـ فِي شَأْنِ الْمَلَائِكَةِ: ﴿فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ﴾[فصلت:38] أَيْ لَا يَمَلُّونَ وَلَا يَتْعَبُونَ، وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ﴾ أَيِ: الْمَلَائِكَةُ ﴿لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)﴾ [الْأَنْبِيَاءِ:19-20] ، فَالْمَلَائِكَةُ خَلْقٌ دَائِمُ الْعِبَادَةِ، لَا يُصِيبُهُمْ تَعَبٌ وَلَا رَهَقٌ وَلَا مَلَلٌ مِنْ فِعْلِ مَا أَمَرَهُمْ اللَّهُ بِهِ.
فَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِقَوْلِ "رَيِّحْ مَلَائِكَتِكَ" أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَتْعَبُونَ مِمَّا كُلِّفُوا بِهِ مِنْ كِتَابَةِ أَعْمَالِ الْعِبَادِ، فَهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنَّ اللَّهَ ـ تَعَالَى ـ قَدْ أَمَرَهُمْ بِكِتَابَةِ أَعْمَالِ الْعِبَادِ، كَمَا قَالَ ـ تَعَالَى ـ: ﴿إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ [الطَّارِقِ:4] ، وَقَالَ ـ تَعَالَى ـ: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ﴾ [الِانْفِطَارُ:10] ،فَقَدْ وَكَّلَ اللَّهُ ـ تَعَالَى ـ إلَيْهِمْ ذَلِكَ الْعَمَلَ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ ـ تَعَالَى ـ:﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التَّحْرِيمِ:6].
وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِقَوْلِ: "رَيِّحْ مَلَائِكَتِك" ، أَنْ يَكُفَّ الْإِنْسَانُ عَمَّا لَا نَفْعَ فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ، أَوْ الْكَفِّ عَمَّا قَدْ يَضُرُّهُ، دُونَ اعْتِقَادِ مَا لَا يَلِيقُ بِالْمَلَائِكَةِ مِنْ تَعَبٍ وَمَلَلٍ، فَهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ وَلَا حَرَجَ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَوَقَّفَ الْإِنْسَانُ عَنْ الْعَمَلِ السَّيِّءِ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِمَا نُقِلَ عَنْ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ـ فِيمَا نَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ـ كَانَ يَضْرِبُ النَّاسَ عَنْ الْحَدِيثِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَيَقُولُ: "أَسْمَرُ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَنَوْمًا آخِرَهُ، أَرِيحُوا كُتَّابَكُمْ" [تَفْسِيرُ الْقُرْطُبِيِّ:12/ 138)].
وَنَظِيرُهُ مَا نُقِلَ عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا ـ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ لِمَنْ يُسَمِّرُ (يَسْهَرُ):" أَرِيحُوا كُتَّابَكُمْ "، تَعْنِي الْمَلَائِكَةَ الْكَاتِبِينَ، كَمَا نَقَلَ ذَلِكَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ [فَتْحُ الْبَارِي لِابْنِ رَجَبٍ(5)159)].
فَإِنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِمْ" أَرِيحُوا كُتَّبَاكُمْ " الْكَفُّ عَنْ سَيِّءِ الْعَمَلِ وَمَا لَا نَفْعَ فِيهِ، أَمَّا السَّهَرُ فِي صَالِحِ الْعَمَلِ، فَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ ـ تَعَالَى ـ عَلَى الْمُشْتَغِلِينَ بِالطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ ؛ حَيْثُ قَالَ اللَّهُ ـ جَلَّ وَعَلَا ـ:﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴾ [الذَّارِيَاتِ:17] ، وَالْمَلَائِكَةُ الْكَاتِبُونَ يَكْتُبُونَ أَعْمَالَ الْعِبَادِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَوْ يُتْعِبُهُمْ. وَاَللَّهُ ـ تَعَالَى ـ أَعْلَمُ.
كَتَبَهُ أَخُوكُمْ
أُدْ. خَالِدُ الْمُصْلِحِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ.
فَالْمَلَائِكَةُ مِنْ أَشْرَفِ خَلْقِ اللَّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَاَللَّهُ ـ تَعَالَى ـ قَدْ خَلَقَهُمْ لِعِبَادَتِهِ ـ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ ـ قَالَ ـ تَعَالَى ـ فِي شَأْنِ الْمَلَائِكَةِ: ﴿فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ﴾+++[فصلت:38]--- أَيْ لَا يَمَلُّونَ وَلَا يَتْعَبُونَ، وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ﴾ أَيِ: الْمَلَائِكَةُ ﴿لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)﴾ +++ [الْأَنْبِيَاءِ:19-20]--- ، فَالْمَلَائِكَةُ خَلْقٌ دَائِمُ الْعِبَادَةِ، لَا يُصِيبُهُمْ تَعَبٌ وَلَا رَهَقٌ وَلَا مَلَلٌ مِنْ فِعْلِ مَا أَمَرَهُمْ اللَّهُ بِهِ.
فَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِقَوْلِ "رَيِّحْ مَلَائِكَتِكَ" أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَتْعَبُونَ مِمَّا كُلِّفُوا بِهِ مِنْ كِتَابَةِ أَعْمَالِ الْعِبَادِ، فَهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنَّ اللَّهَ ـ تَعَالَى ـ قَدْ أَمَرَهُمْ بِكِتَابَةِ أَعْمَالِ الْعِبَادِ، كَمَا قَالَ ـ تَعَالَى ـ: ﴿إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ +++ [الطَّارِقِ:4]--- ، وَقَالَ ـ تَعَالَى ـ: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ﴾+++ [الِانْفِطَارُ:10]--- ،فَقَدْ وَكَّلَ اللَّهُ ـ تَعَالَى ـ إلَيْهِمْ ذَلِكَ الْعَمَلَ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ ـ تَعَالَى ـ:﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾+++ [التَّحْرِيمِ:6]---.
وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِقَوْلِ: "رَيِّحْ مَلَائِكَتِك" ، أَنْ يَكُفَّ الْإِنْسَانُ عَمَّا لَا نَفْعَ فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ، أَوْ الْكَفِّ عَمَّا قَدْ يَضُرُّهُ، دُونَ اعْتِقَادِ مَا لَا يَلِيقُ بِالْمَلَائِكَةِ مِنْ تَعَبٍ وَمَلَلٍ، فَهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ وَلَا حَرَجَ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَوَقَّفَ الْإِنْسَانُ عَنْ الْعَمَلِ السَّيِّءِ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِمَا نُقِلَ عَنْ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ـ فِيمَا نَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ـ كَانَ يَضْرِبُ النَّاسَ عَنْ الْحَدِيثِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَيَقُولُ: "أَسْمَرُ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَنَوْمًا آخِرَهُ، أَرِيحُوا كُتَّابَكُمْ"+++ [تَفْسِيرُ الْقُرْطُبِيِّ:12/ 138)]---.
وَنَظِيرُهُ مَا نُقِلَ عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا ـ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ لِمَنْ يُسَمِّرُ (يَسْهَرُ):" أَرِيحُوا كُتَّابَكُمْ "، تَعْنِي الْمَلَائِكَةَ الْكَاتِبِينَ، كَمَا نَقَلَ ذَلِكَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ+++ [فَتْحُ الْبَارِي لِابْنِ رَجَبٍ(5)159)]---.
فَإِنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِمْ" أَرِيحُوا كُتَّبَاكُمْ " الْكَفُّ عَنْ سَيِّءِ الْعَمَلِ وَمَا لَا نَفْعَ فِيهِ، أَمَّا السَّهَرُ فِي صَالِحِ الْعَمَلِ، فَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ ـ تَعَالَى ـ عَلَى الْمُشْتَغِلِينَ بِالطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ ؛ حَيْثُ قَالَ اللَّهُ ـ جَلَّ وَعَلَا ـ:﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴾ +++ [الذَّارِيَاتِ:17]--- ، وَالْمَلَائِكَةُ الْكَاتِبُونَ يَكْتُبُونَ أَعْمَالَ الْعِبَادِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَوْ يُتْعِبُهُمْ. وَاَللَّهُ ـ تَعَالَى ـ أَعْلَمُ.
كَتَبَهُ أَخُوكُمْ
أُدْ. خَالِدُ الْمُصْلِحِ