×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

المكتبة المقروءة / دروس / التفسير وعلومه / القواعد الحسان / الدرس(12) من شرح القواعد الحسان

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الدرس(12) من شرح القواعد الحسان
00:00:01

 قال المؤلف رحمه الله :" القاعدة الثانية عشرة: الآيات القرآنية التي ظاهرها التضاد: ([1]) يجب حمل كل نوع منها على حال بحسب ما يليق ويناسب المقام كل بحسبه". يقول رحمه الله: (الآيات القرآنية التي ظاهرها التضاد) يعني التقابل فيما دلت عليه من المعاني، هٰذا معنى التضاد؛ أن تتقابل الآيات فيما دلت عليه من المعاني. فإذا حصل ذلك ما السبيل؟ ما الحل؟ الجواب: أولا يجب أن يعتقد المؤمن أن كتاب الله عز وجل لا اختلاف فيه، وأنه مهما بدا لك من اختلاف أو أورد عليك من اختلاف إنما هو اختلاف ناشئ عن عدم الفهم التام لكلام الله جل وعلا، هٰذا جواب إجمالي لكل ما يذكر من الاختلافات التي قد يتوهمها البعض في كتاب الله. ما هو الجواب الأول؟ أن يقال: إنه محال أن يكون في كتاب الله عز وجل اختلاف؛ يعني تضاد وتقابل من كل وجه؛ لأن الله جل وعلا قد قال في كتابه: ﴿ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا (82)﴾([2]). فمفهوم  هذه  الآية أنه لا اختلاف فيه، لماذا؟ لأنه من عند الله جل وعلا العليم الخبير، ثم إن الله جل وعلا وصف كتابه في غير موضع بأنه متقن: ﴿كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير (1)﴾([3]). فهي محكمة ومتقنة، ولا يمكن أن يصدق هٰذا الوصف على ما فيه اختلاف، واضح يا إخوان؟ إذا ما المخرج ؟ المخرج أنه إذا تبادر لك اختلاف أو تضاد بين آيات الكتاب، فاتهم نفسك، وإلا فكتاب الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ثم اطلب حل هٰذا الاختلاف من كلام أهل العلم وسؤالهم: ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾([4]). وقد ألف جماعة من العلماء في بيان التوفيق بين الآيات التي ظاهرها التضاد، من أنفع ما ألف في ذلك كتاب الشنقيطي رحمه الله (دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب) وهو كتاب نافع. (وهذا في مواضع متعددة من القرآن: منها: الإخبار في بعض الآيات أن الكفار لا ينطقون، ولا يتكلمون يوم القيامة، وفي بعضها: أنهم ينطقون ويحاجون ويعتذرون ويعترفون. فمحمل كلامهم ونطقهم: أنهم في أول الأمر يتكلمون ويعتذرون، وقد ينكرون ما هم عليه من الكفر، ويقسمون على ذلك، ثم إذا ختم على ألسنتهم وأفواههم، وشهدت عليهم جوارحهم بما كانوا يكسبون، ورأوا أن الكذب غير مفيد لهم أخرسوا فلم ينطقوا. وكذلك الإخبار بأن الله تعالى لا يكلمهم، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، مع أنه أثبت الكلام لهم معه، فالنفي واقع على الكلام الذي يسرهم، ويجعل لهم نوع اعتبار. وكذلك النظر والإثبات واقع على الكلام الواقع بين الله وبينهم على وجه التوبيخ لهم والتقريع، فالنفي يدل على أن الله ساخط عليهم، غير راض عنهم، والإثبات يوضح أحوالهم، ويبين للعباد كمال عدل الله بهم، إذ هو وضع العقوبة موضعها. ونظير ذلك أن في بعض الآيات أخبر أنه: ﴿لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان﴾،([5]) وفي بعضها: أنه يسألهم: ﴿أين ما كنتم تعبدون (92)﴾،([6])﴿ماذا أجبتم المرسلين﴾،([7]) ويسألهم عن أعمالهم كلها. فالسؤال المنفي: هو سؤال الاستعلام والاستفهام عن الأمور المجهولة، فإنه لا حاجة إلى سؤالهم مع كمال علم الله، واطلاعه على ظاهرهم وباطنهم وجليل أمورهم ودقيقها. والسؤال المثبت: واقع على تقريرهم بأعمالهم وتوبيخهم، وإظهار أن الله حكم فيهم بعدله وحكمته. ومن ذلك: الإخبار في بعض الآيات أنه لا أنساب بين الناس يوم القيامة، وفي بعضها: أثبت لهم ذلك. فالمثبت هو الأمر الواقع والنسب الحاصل بين الناس؛ كقوله: ﴿يوم يفر المرء من أخيه (34) وأمه وأبيه (35)﴾([8]) إلى آخرها. والمنفي: هو الانتفاع بها، فإن كثيرا من الكفار يدعون أن أنسابهم تنفعهم يوم القيامة، فأخبر تعالىٰ أنه ﴿يوم لا ينفع مال ولا بنون (88) إلا من أتى الله بقلب سليم (89)﴾.([9]) ونظير ذلك: الإخبار في بعض الآيات: أن النسب نافع يوم القيامة، كما في إلحاق ذرية المؤمنين بآبائهم في الدرجات وإن لم يبلغوا منزلتهم، وأن الله يجمع لأهل الجنات والدرجات العالية من صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم، فهذا لما اشتركوا في الإيمان وأصل الصلاح زادهم من فضله وكرمه، من غير أن ينقص من أجور السابقين لهم شيئا) . الكلام واضح،  هذه  أمثلة واضحة في بيان أن ما ظاهره الاختلاف محمول على اختلاف الأحوال: فالنسب -آخر ما مثل به المؤلف رحمه الله- نفاه الله عز وجل في كتابه في قوله تعالىٰ: ﴿فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون﴾([10]). فما النسب المنفي مع أنه قال: ﴿يوم يفر المرء من أخيه (34) وأمه وأبيه (35) وصاحبته وبنيه﴾([11]) وعشيرته؟ ذكر النسب القريب والنسب البعيد، وذكر قرابة غير النسب -قرابة الصهر أيضا أو قرابة الزوجية، وهي ليست قرابة نسب- فما وجه الجمع بينهما؟ ما ذكره المؤلف رحمه الله: أن المنفي هو الانتفاع بهذه الأنساب و هذه  الصلات، وأما المثبت فهو ما عليه الواقع من صلة الإنسان بقريبه. وذكر أيضا نفع النسب وهو خاص بأهل الجنة، فليس عاما لكل أحد؛ بل هو لأهل الجنة الموصوفين بما ذكر الله عز وجل من الصلاح وتحقيق الإيمان. فمثل  هذه  الآيات يتبين بها أن ما في كتاب الله عز وجل حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. فيجب على المؤمن أن يسلم لما في كتاب الله عز وجل، وأن لا تستفزه شبهات المشبهين الذين يوردون مثل  هذه  الآيات للتشكيك والتضليل، وبه نعلم أنه كلما رسخ علم الإنسان زاد يقينه؛ لأنه يعلم أن ما جاء عن الله حق، وأن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم صدق. نعم. (ومن ذلك: الشفاعة فإنه أثبتها في عدة مواضع، ونفاها في مواضع من القرآن، وقيدها في بعض المواضع بإذنه ولمن ارتضى من خلقه، فتعين حمل المطلق على المقيد، وأنها حيث نفيت فهي الشفاعة التي بغير إذنه، ولغير من رضي الله قوله وعمله، وحيث أثبتت فهي الشفاعة التي بإذنه لمن رضيه الله وأذن فيه. ومن ذلك: أن الله أخبر في آيات كثيرة أنه لا يهدي القوم الكافرين والفاسقين والظالمين ونحوها، وفي بعضها: أنه يهديهم ويوفقهم، فيتعين حمل المنفيات على من حقت عليه كلمة الله؛ لقوله تعالى: ﴿إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون (96) ولو جاءتهم كل آية﴾،([12]) وحمل المثبتات على من لم تحق عليهم الكلمة. ([13]) وهذا هو الحق الذي لا ريب فيه . ومن ذلك: الإخبار في بعض الآيات: أنه العلي الأعلى، وأنه فوق عباده على عرشه، وفي بعضها: أنه مع العباد أينما كانوا، وأنه مع الصابرين والصادقين والمحسنين ونحوهم.  فعلوه تعالىٰ أمر ثابت له، وهو من لوازم ذاته، ودنوه ومعيته لعباده لأنه أقرب إلى كل أحد من حبل الوريد، فهو على عرشه علي على خلقه، ومع ذلك فهو معهم في كل أحوالهم، ولا منافاة بين الأمرين؛ لأن الله تعالى ليس كمثله شيء في جميع نعوته، وما يتوهم بخلاف ذلك فإنه في حق المخلوقين) . الجملة الأخيرة مهمة لنفي عدم تصور ذلك، قد يقول قائل: كيف يكون على عرشه جل وعلا بائنا من خلقه وهو معهم في كل حال؟  هذه  المعية العامة، ثم المعية الخاصة وهو مع الصادقين والمحسنين والمؤمنين والصابرين وغير ذلك؟ الجواب على ذلك: إذا لم تستطع إدراك ذلك فيما هو محسوس كمعية القمر للخلق، فينبغي لك أن تعلم أنه جل وعلا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فلا تتعب نفسك وسلم للنصوص، واعلم أنه إذا دخل الإنسان بعقله في طلب كيفية صفات الله عز وجل فإنه لم يصل إلا إلىٰ ضلال؛ لأن الله جل وعلا قد أوصد الباب وأغلقه، وبين أن إدراك العباد لما أخبرهم به هو إدراك لشيء يسير، قال الله جل وعلا في آية الكرسي في صفة من صفاته وهي صفة العلم: ﴿ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء﴾([14]). وهي صفة واحدة من صفاته جل وعلا، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ ولا يحيطون به علما﴾([15]). فنفى الله عز وجل الإحاطة العلمية به، وليس للعبد في معرفة الله إلا ما أخبر، يجب عليه أن يقف عند ما أخبره الله عز وجل وما أخبره رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن لا يلج في هٰذا الأمر وفي هٰذا الباب بعقله، فإنها مزلة قدم، ولا يعني هٰذا أن ما أخبر الله به مما يتعلق بصفاته لا تقبله العقول أو تمنعه وتحيله العقول، لا؛ بل ما أخبر الله به عن نفسه جل وعلا من الأسماء والصفات قد تحار فيه العقول، لكنها لا تحيله ولا تمنعه. فلينتبه الإنسان إلىٰ هٰذا وأنه كلما ورد عليه شيء تستغربه أو تقول كيف يكون هٰذا؟ فاستحضر دائما معك هٰذا البرهان الساطع والسيف القاطع، وهو قوله جل وعلا: ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (11)﴾([16]) فإنه ينفي عنك كل شبهة، ويزيل عنك كل وسواس. (وأما تخصيص المعية بالمحسنين ونحوهم، فهي معية أخص من المعية العامة، تتضمن محبتهم وتوفيقهم، وكلاءتهم، وإعانتهم في كل أحوالهم، فحيث وقعت في سياق المدح والثناء فهي من هذا النوع، وحيث وقعت في سياق التحذير والترغيب والترهيب فهي من النوع الأول. ومن ذلك: النهي في كثير من الآيات عن موالاة الكافرين وعن موادتهم والاتصال بهم، وفي بعضها الأمر بالإحسان إلى من له حق على الإنسان منهم، ومصاحبته بالمعروف، كالوالدين ونحوهم. فهذه الآيات العامات من الطرفين، قد وضحها الله غاية التوضيح في قوله: ﴿لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين (8) إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم﴾ الآية([17]). فالنهي واقع على التولي والمحبة لأجل الدين، والأمر بالإحسان والبر واقع على الإحسان لأجل القرابة أو لأجل الجيرة أو الإنسانية على وجه لا يخل بدين الإنسان) . هٰذا قيد مهم، الإحسان إلىٰ الكافر إما أن يكون لأجل قرابته وإما أن يكون لأجل إنسانيته؛ لكن ينبغي أن يضبط الأمران -الإحسان من أجل القرابة والإحسان من أجل الإنسانية- بأن لا يكون ذلك سببا للإخلال بدين الإنسان من محبتهم ومودتهم ومظاهرتهم وغير ذلك مما ينقص به دين الإنسان؛ ولذلك بين الله جل وعلا -في  هذه  الآية في حق الذين لم يقاتلوا المؤمنين ولم يخرجوهم من ديارهم- جواز أمرين: ﴿أن تبروهم وتقسطوا إليهم﴾ البر هو الإحسان، والقسط هو العدل، فبين الله جل وعلا أننا لا نمنع في معاملتنا مع الكفار من هذين، وهل هٰذا يكون على سبيل الإباحة؟ لا بل هو على سبيل الوجوب، لا سيما فيما يتعلق بالعدل، العدل يجب، ولذلك أمر الله عز وجل فقال: ﴿ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا﴾،([18]) يعني لا يحملنكم ذلك على العدوان، وأمر بالعدل فقال: ﴿اعدلوا هو أقرب للتقوى﴾([19]). فالكفار يحسن إليهم ويعدل في معاملتهم إذا كانوا ممن وصف الله جل وعلا، أما من عداهم -وهم الذين قاتلوا المؤمنين، وأخرجوهم من ديارهم، وظاهروا على إخراجهم- فهٰؤلاء المنهي في معاملتهم عن التولي وسكت عن العدل والقسط؛ لأن العدل والقسط قد يكون حتى مع هٰؤلاء، كما دلت على ذلك الآية التي تلوناها قبل قليل، فإن هٰؤلاء يجب العدل فيهم أيضا.  المهم أن هٰذا ضابط مهم أن الإحسان إلىٰ الكافر لأجل القرابة أو لأجل الإنسانية جائز؛ لكن بشرط أن لا يكون ذلك مدعاة إلىٰ الإخلال بما أمر الله به ورسوله. نعم. (ومن ذلك: أنه أخبر في بعض الآيات أن الله خلق الأرض ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات، وفي بعضها أنه لما أخبر عن خلق السماوات أخبر أن الأرض بعد ذلك دحاها، فهذه الآية تفسر المراد، وأن خلق الأرض متقدم على خلق السماوات، ثم لما خلق الله السماوات بعد ذلك دحا الأرض، فأودع فيها جميع مصالحها المحتاج إليها سكانها. ومن ذلك: أنه تارة يخبر أنه بكل شيء عليم، وتارة يخبر بتعلق علمه ببعض أعمال العباد وببعض أحوالهم، وهذا الأخير فيه زيادة معنى، وهو أنه يدل على المجازاة على ذلك العمل، سواء كان خيرا أو شرا، فيتضمن مع إحاطة علمه الترغيب والترهيب. ومن ذلك: الأمر بالجهاد في آيات كثيرة، وفي بعض الآيات الأمر بكف الأيدي، والإخلاد إلى السكون، فهذه حين كان المسلمون ليس لهم قوة، ولا قدرة على الجهاد باليد، والآيات الأخرى حين قووا وصار ذلك عين المصلحة، والطريق إلى قمع الأعداء. ومن ذلك: أنه تارة يضيف الأشياء إلى أسبابها التي وقعت وتقع بها، وتارة يضيفها إلى عموم قدره، وأن جميع الأشياء واقعة بإرادته ومشيئته، فيفيد مجموع الأمرين إثبات التوحيد، وتفرد الباري بإيقاع الأشياء بقدرته ومشيئته، وإثبات الأسباب والمسببات، والأمر بالمحبوب منها، والنهي عن المكروه، وإباحة مستوي الطرفين، فيستفيد المؤمن الجد والاجتهاد في الأخذ بالأسباب النافعة وتدقيق النظر وملاحظة فضل الله في كل أحواله، وأنه لا يتكل على نفسه في أمر من الأمور؛ بل يتكل على الله ويستعين بربه. وقد يخبر أن ما أصاب العبد من حسنة فمن الله، وما أصابه من سيئة فمن نفسه؛ ليعرف عباده أن الخير والحسنات والمحاب تقع بمحض فضله وجوده، وإن جرت ببعض الأسباب الواقعة من العباد، فإن الأسباب هو الذي أنعم بها وهو الذي يسرها، وأن السيئات وهي المصائب التي تصيب العبد فإنما أسبابها من نفس العبد، وبتقصيره في حقوق ربه، وتعديه لحدوده، فالله وإن كان هو المقدر لها فإنه قد أجراها على العبد بما كسبت يداه، ولهذا أمثلة يطول عدها). ([1]) في نسخة: يفهم منها قصار النظر التعارض. ([2]) سورة : النساء (82). ([3]) سورة : هود (1). ([4]) سورة : النحل (43)، الأنبياء (7). ([5]) سورة : الرحمٰن (39). ([6]) سورة : الشعراء (92). ([7]) سورة : القصص (65). ([8]) سورة : عبس (34-35). ([9]) سورة الشعراء (88-89). ([10]) سورة : المؤمنون (101). ([11]) سورة : عبس (34-36). ([12]) سورة : يونس (96-97). ([13]) في نسخة: وإنما حقت كلمة الله بالعذاب والطرد على من ارتكسوا في حمأة التقليد وغرقوا في بحر الغفلة وأبوا أن يستجيبوا لداعي آيات الله الكونية والعلمية ﴿فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم﴾[الصف: 5]، ﴿والذين اهتدوا زادهم هدى﴾[محمد: 17]. ([14]) سورة : البقرة (255). ([15]) سورة : طه (110). ([16]) سورة : الشورى (11). ([17]) سورة : الممتحنة (8-9). ([18]) سورة : المائدة (2). ([19]) سورة : المائدة (8).

المشاهدات:4088


 قال المؤلف رحمه الله :" القاعدة الثانية عشرة: الآيات القرآنية التي ظاهرها التضاد: ([1]) يجب حمْل كل نوع منها على حال بحسب ما يليق ويناسب المقام كل بحسبه".



يقول رحمه الله: (الآيات القرآنية التي ظاهرها التضاد) يعني التقابل فيما دلت عليه من المعاني، هـٰذا معنى التضاد؛ أن تتقابل الآيات فيما دلت عليه من المعاني.



فإذا حصل ذلك ما السبيل؟ ما الحل؟ الجواب:



أولاً يجب أن يعتقد المؤمن أن كتاب الله عز وجل لا اختلاف فيه، وأنه مهما بدا لك من اختلاف أو أورد عليك من اختلاف إنما هو اختلاف ناشئ عن عدم الفهم التام لكلام الله جل وعلا، هـٰذا جواب إجمالي لكل ما يذكر من الاختلافات التي قد يتوهّمها البعض في كتاب الله.



ما هو الجواب الأول؟ أن يقال: إنه محال أن يكون في كتاب الله عز وجل اختلاف؛ يعني تضاد وتقابل من كل وجه؛ لأن الله جل وعلا قد قال في كتابه: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا (82)﴾([2]). فمفهوم  هذه  الآية أنه لا اختلاف فيه، لماذا؟ لأنه من عند الله جل وعلا العليم الخبير، ثم إن الله جل وعلا وصف كتابه في غير موضع بأنه متقن: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)﴾([3]). فهي محكمة ومتقنة، ولا يمكن أن يصدق هـٰذا الوصف على ما فيه اختلاف، واضح يا إخوان؟



إذاً ما المخرج ؟ المخرج أنه إذا تبادر لك اختلاف أو تضاد بين آيات الكتاب، فاتهم نفسك، وإلا فكتاب الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ثم اطلب حل هـٰذا الاختلاف من كلام أهل العلم وسؤالهم: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾([4]). وقد ألّف جماعة من العلماء في بيان التوفيق بين الآيات التي ظاهرها التضاد، من أنفع ما ألف في ذلك كتاب الشنقيطي رحمه الله (دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب) وهو كتاب نافع.



(وهذا في مواضع متعددة من القرآن:



منها: الإخبار في بعض الآيات أن الكفار لا ينطقون، ولا يتكلمون يوم القيامة، وفي بعضها: أنهم ينطقون ويحاجُّون ويعتذرون ويعترفون. فمحمل كلامهم ونطقهم: أنهم في أول الأمر يتكلمون ويعتذرون، وقد ينكرون ما هم عليه من الكفر، ويقسمون على ذلك، ثم إذا خُتم على ألسنتهم وأفواههم، وشهدت عليهم جوارحُهم بما كانوا يكسبون، ورأوا أن الكذب غير مفيد لهم أُخْرِسوا فلم ينطقوا.



وكذلك الإخبار بأن الله تعالى لا يكلمهم، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، مع أنه أثبت الكلام لهم معه، فالنفي واقع على الكلام الذي يسرّهم، ويجعل لهم نوع اعتبار.



وكذلك النظر والإثبات واقع على الكلام الواقع بين الله وبينهم على وجه التوبيخ لهم والتقريع، فالنفي يدل على أن الله ساخط عليهم، غير راض عنهم، والإثبات يوضح أحوالهم، ويبين للعباد كمال عدل الله بهم، إذ هو وضع العقوبة موضعها.



ونظير ذلك أن في بعض الآيات أخبر أنه: ﴿لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ﴾،([5]) وفي بعضها: أنه يسألهم: ﴿أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ (92)﴾،([6])﴿مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ﴾،([7]) ويسألهم عن أعمالهم كلها.



فالسؤال المنفي: هو سؤال الاستعلام والاستفهام عن الأمور المجهولة، فإنه لا حاجة إلى سؤالهم مع كمال علم الله، واطلاعه على ظاهرهم وباطنهم وجليل أمورهم ودقيقها.



والسؤال المُثْبَت: واقع على تقريرهم بأعمالهم وتوبيخهم، وإظهارِ أن الله حكم فيهم بعدله وحكمته.



ومن ذلك: الإخبار في بعض الآيات أنه لا أنساب بين الناس يوم القيامة، وفي بعضها: أثبت لهم ذلك.



فالمثبت هو الأمر الواقع والنسب الحاصل بين الناس؛ كقوله: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35)﴾([8]) إلى آخرها.



والمنفي: هو الانتفاع بها، فإن كثيراً من الكفار يدعون أن أنسابهم تنفعهم يوم القيامة، فأخبر تعالىٰ أنه ﴿يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ (88) إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)﴾.([9])



ونظير ذلك: الإخبار في بعض الآيات: أن النسب نافع يوم القيامة، كما في إلحاق ذرية المؤمنين بآبائهم في الدرجات وإن لم يبلغوا منزلتهم، وأنّ الله يجمع لأهل الجنات والدرجات العالية من صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم، فهذا لما اشتركوا في الإيمان وأصل الصلاح زادهم من فضله وكرمه، من غير أن ينقص من أجور السابقين لهم شيئاً) .



الكلام واضح،  هذه  أمثلة واضحة في بيان أن ما ظاهره الاختلاف محمول على اختلاف الأحوال: فالنسب -آخر ما مثلّ به المؤلف رحمه الله- نفاه الله عز وجل في كتابه في قوله تعالىٰ: ﴿فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءلُونَ﴾([10]). فما النسب المنفي مع أنه قال: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيه﴾([11]) وعشيرته؟ ذكر النسب القريب والنسب البعيد، وذكر قرابة غير النسب -قرابة الصهر أيضاً أو قرابة الزوجية، وهي ليست قرابة نسب- فما وجه الجمع بينهما؟ ما ذكره المؤلف رحمه الله: أن المنفي هو الانتفاع بهذه الأنساب و هذه  الصلات، وأما المثبت فهو ما عليه الواقع من صلة الإنسان بقريبه.



وذكر أيضاً نفع النسب وهو خاص بأهل الجنة، فليس عامّاً لكل أحد؛ بل هو لأهل الجنة الموصوفين بما ذكر الله عز وجل من الصلاح وتحقيق الإيمان.



فمِثْل  هذه  الآيات يتبين بها أن ما في كتاب الله عز وجل حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.



فيجب على المؤمن أن يسلّم لما في كتاب الله عز وجل، وأن لا تستفزّه شبهات المشبهين الذين يوردون مثل  هذه  الآيات للتشكيك والتضليل، وبه نعلم أنه كلما رسخ علم الإنسان زاد يقينه؛ لأنه يعلم أن ما جاء عن الله حق، وأن ما أخبر به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صدق. نعم.



(ومن ذلك: الشفاعة فإنه أثبتها في عدة مواضع، ونفاها في مواضع من القرآن، وقيّدها في بعض المواضع بإذنه ولمن ارتضى من خلقه، فتعيّن حمل المطلق على المقيد، وأنها حيث نُفيت فهي الشفاعة التي بغير إذنه، ولغير من رضي الله قوله وعمله، وحيث أُثبتت فهي الشفاعة التي بإذنه لمن رضيه الله وأذن فيه.



ومن ذلك: أن الله أخبر في آيات كثيرة أنه لا يهدي القوم الكافرين والفاسقين والظالمين ونحوها، وفي بعضها: أنه يهديهم ويوفقهم، فيتعين حمل المنفيات على من حقت عليه كلمة الله؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ﴾،([12]) وحمل المثبتات على من لم تحق عليهم الكلمة. ([13])



وهذا هو الحق الذي لا ريب فيه .



ومن ذلك: الإخبار في بعض الآيات: أنه العلي الأعلى، وأنه فوق عباده على عرشه، وفي بعضها: أنه مع العباد أينما كانوا، وأنه مع الصابرين والصادقين والمحسنين ونحوهم.



 فعُلوُّه تعالىٰ أمر ثابت له، وهو من لوازم ذاته، ودنوه ومعيته لعباده لأنه أقرب إلى كل أحد من حبل الوريد، فهو على عرشه عَليٌّ على خلقه، ومع ذلك فهو معهم في كل أحوالهم، ولا منافاة بين الأمرين؛ لأن الله تعالى ليس كمثله شيء في جميع نعوته، وما يتوهم بخلاف ذلك فإنه في حق المخلوقين) .



الجملة الأخيرة مهمة لنفي عدم تصور ذلك، قد يقول قائل: كيف يكون على عرشه جل وعلا بائناً من خلقه وهو معهم في كل حال؟  هذه  المعية العامة، ثم المعية الخاصة وهو مع الصادقين والمحسنين والمؤمنين والصابرين وغير ذلك؟



الجواب على ذلك: إذا لم تستطع إدراك ذلك فيما هو محسوس كمعية القمر للخلق، فينبغي لك أن تعلم أنه جل وعلا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فلا تتعب نفسك وسلّم للنصوص، واعلم أنه إذا دخل الإنسان بعقله في طلب كيفية صفات الله عز وجل فإنه لم يصل إلا إلىٰ ضلال؛ لأن الله جل وعلا قد أوصد الباب وأغلقه، وبين أن إدراك العباد لما أخبرهم به هو إدراك لشيء يسير، قال الله جل وعلا في آية الكرسي في صفة من صفاته وهي صفة العلم: ﴿وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء﴾([14]). وهي صفة واحدة من صفاته جل وعلا، وقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾([15]). فنفى الله عز وجل الإحاطة العلمية به، وليس للعبد في معرفة الله إلا ما أخبر، يجب عليه أن يقف عند ما أخبره الله عز وجل وما أخبره رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن لا يلج في هـٰذا الأمر وفي هـٰذا الباب بعقله، فإنها مزلة قدم، ولا يعني هـٰذا أن ما أخبر الله به مما يتعلق بصفاته لا تقبله العقول أو تمنعه وتحيله العقول، لا؛ بل ما أخبر الله به عن نفسه جل وعلا من الأسماء والصفات قد تحار فيه العقول، لكنها لا تحيله ولا تمنعه.



فلينتبه الإنسان إلىٰ هـٰذا وأنه كلما ورد عليه شيء تستغربه أو تقول كيف يكون هـٰذا؟ فاستحضر دائماً معك هـٰذا البرهان الساطع والسيف القاطع، وهو قوله جل وعلا: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (11)﴾([16]) فإنه ينفي عنك كل شبهة، ويزيل عنك كل وسواس.



(وأما تخصيص المعية بالمحسنين ونحوهم، فهي معية أخص من المعية العامة، تتضمن محبتهم وتوفيقهم، وكلاءتهم، وإعانتهم في كل أحوالهم، فحيث وقعت في سياق المدح والثناء فهي من هذا النوع، وحيث وقعت في سياق التحذير والترغيب والترهيب فهي من النوع الأول.



ومن ذلك: النهي في كثير من الآيات عن موالاة الكافرين وعن مُوادَّتهم والاتصال بهم، وفي بعضها الأمر بالإحسان إلى من له حق على الإنسان منهم، ومصاحبته بالمعروف، كالوالدين ونحوهم.



فهذه الآيات العامات من الطرفين، قد وضحها الله غاية التوضيح في قوله: ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ﴾ الآية([17]).



فالنهي واقع على التولي والمحبة لأجل الدين، والأمر بالإحسان والبر واقع على الإحسان لأجل القرابة أو لأجل الجيرة أو الإنسانية على وجه لا يُخل بدين الإنسان) .



هـٰذا قيد مهم، الإحسان إلىٰ الكافر إما أن يكون لأجل قرابته وإما أن يكون لأجل إنسانيته؛ لكن ينبغي أن يضبط الأمران -الإحسان من أجل القرابة والإحسان من أجل الإنسانية- بأن لا يكون ذلك سبباً للإخلال بدين الإنسان من محبتهم ومودتهم ومظاهرتهم وغير ذلك مما ينقص به دين الإنسان؛ ولذلك بيّن الله جل وعلا -في  هذه  الآية في حق الذين لم يقاتلوا المؤمنين ولم يخرجوهم من ديارهم- جواز أمرين: ﴿أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾ البر هو الإحسان، والقسط هو العدل، فبيّن الله جل وعلا أننا لا نُمنع في معاملتنا مع الكفار من هذين، وهل هـٰذا يكون على سبيل الإباحة؟ لا بل هو على سبيل الوجوب، لا سيما فيما يتعلق بالعدل، العدل يجب، ولذلك أمر الله عز وجل فقال: ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا﴾،([18]) يعني لا يحملنكم ذلك على العدوان، وأمر بالعدل فقال: ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾([19]). فالكفار يُحسَن إليهم ويعدل في معاملتهم إذا كانوا ممن وصف الله جل وعلا، أما من عداهم -وهم الذين قاتلوا المؤمنين، وأخرجوهم من ديارهم، وظاهروا على إخراجهم- فهٰؤلاء المنهي في معاملتهم عن التولي وسكت عن العدل والقسط؛ لأن العدل والقسط قد يكون حتى مع هٰؤلاء، كما دلت على ذلك الآية التي تلوناها قبل قليل، فإن هٰؤلاء يجب العدل فيهم أيضاً.



 المهم أن هـٰذا ضابط مهم أن الإحسان إلىٰ الكافر لأجل القرابة أو لأجل الإنسانية جائز؛ لكن بشرط أن لا يكون ذلك مدعاة إلىٰ الإخلال بما أمر الله به ورسوله. نعم.



(ومن ذلك: أنه أخبر في بعض الآيات أن الله خلق الأرض ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات، وفي بعضها أنه لما أخبر عن خلق السماوات أخبر أن الأرض بعد ذلك دحاها، فهذه الآية تفسر المراد، وأن خلق الأرض متقدم على خلق السماوات، ثم لما خلق الله السماوات بعد ذلك دحا الأرض، فأودع فيها جميع مصالحها المحتاج إليها سكانها.



ومن ذلك: أنه تارة يخبر أنه بكل شيء عليم، وتارة يخبر بتعلق علمه ببعض أعمال العباد وببعض أحوالهم، وهذا الأخير فيه زيادة معنى، وهو أنه يدل على المجازاة على ذلك العمل، سواء كان خيراً أو شرّاً، فيتضمن مع إحاطة علمه الترغيب والترهيب.



ومن ذلك: الأمر بالجهاد في آيات كثيرة، وفي بعض الآيات الأمر بكفّ الأيدي، والإخلاد إلى السكون، فهذه حين كان المسلمون ليس لهم قوة، ولا قدرة على الجهاد باليد، والآيات الأخرى حين قووا وصار ذلك عين المصلحة، والطريق إلى قمع الأعداء.



ومن ذلك: أنه تارة يضيف الأشياء إلى أسبابها التي وقعت وتقع بها، وتارة يضيفها إلى عموم قدره، وأن جميع الأشياء واقعة بإرادته ومشيئته، فيفيد مجموع الأمرين إثبات التوحيد، وتفرد الباري بإيقاع الأشياء بقدرته ومشيئته، وإثبات الأسباب والمسببَّات، والأمرَ بالمحبوب منها، والنهي عن المكروه، وإباحةَ مستوي الطرفين، فيستفيد المؤمن الجد والاجتهاد في الأخذ بالأسباب النافعة وتدقيق النظر وملاحظة فضل الله في كل أحواله، وأنه لا يتكل على نفسه في أمر من الأمور؛ بل يتكل على الله ويستعين بربه.



وقد يخبر أن ما أصاب العبد من حسنة فمن الله، وما أصابه من سيئة فمن نفسه؛ ليعرف عباده أن الخير والحسنات والمحاب تقع بمحض فضله وجوده، وإن جرت ببعض الأسباب الواقعة من العباد، فإن الأسباب هو الذي أنعم بها وهو الذي يسرها، وأن السيئات وهي المصائب التي تصيب العبد فإنما أسبابها من نفس العبد، وبتقصيره في حقوق ربه، وتعديه لحدوده، فالله وإن كان هو المقدِّر لها فإنه قد أجراها على العبد بما كسبت يداه، ولهذا أمثلة يطول عدّها).









([1]) في نسخة: يفهم منها قصَّار النظر التعارض.




([2]) سورة : النساء (82).




([3]) سورة : هود (1).




([4]) سورة : النحل (43)، الأنبياء (7).




([5]) سورة : الرحمـٰن (39).




([6]) سورة : الشعراء (92).




([7]) سورة : القصص (65).




([8]) سورة : عبس (34-35).




([9]) سورة الشعراء (88-89).




([10]) سورة : المؤمنون (101).




([11]) سورة : عبس (34-36).




([12]) سورة : يونس (96-97).




([13]) في نسخة: وإنما حقت كلمة الله بالعذاب والطرد على من ارتكسوا في حمأة التقليد وغرقوا في بحر الغفلة وأبوا أن يستجيبوا لداعي آيات الله الكونية والعلمية ﴿فَلَمَّا زَاغُـوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾[الصف: 5]، ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً﴾[محمد: 17].




([14]) سورة : البقرة (255).




([15]) سورة : طه (110).




([16]) سورة : الشورى (11).




([17]) سورة : الممتحنة (8-9).




([18]) سورة : المائدة (2).




([19]) سورة : المائدة (8).

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات83550 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات78517 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات72821 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات60769 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات55160 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات52327 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات49605 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات48358 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات44942 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات44254 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف