×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

خطب المصلح / خطب مطبوعة / خطبة: وجوب مراقبة الله.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

وجوب مراقبة الله الخطبة الأولى :  إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله.   أما بعد. فيا أيها المؤمنون. اتقوا الله تعالى في السر والعلن والغيب والشهادة ،فإن ربكم العليم الخبير لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، يحاسبكم تعالى ذكره على النقير والقطمير والقليل والكثير ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره (7) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )+++ سورة الزلزلة (7-8) --- ،قال عز جنابه: ﴿وكل شيء أحصيناه في إمام مبين)+++ سورة يس (12)---.  عباد الله. إن الله -جل وعلا- أخبركم بأنه رقيب على أعمالكم، عالم بما في نفوسكم، لا تخفى عليه منكم خافية، فالسر عنده علانية، أخبركم بذلك لتخافوه وتخشوه وتراقبوه، فقال تقدست أسماؤه:﴿واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه)+++ سورة البقرة ( 235)--- ،وقال تعالى:﴿إن الله كان عليكم رقيبا)+++ سورة النساء (1)--- فهو الرقيب على الخواطر و اللوا        حظ كيف بالأفعال والأركان+++ القصيدة النونية (207)--- عباد الله، إن الواجب على من نصح نفسه وأحب نجاته أن يستحضر ويتيقن اطلاع الله على ظاهره وباطنه، ولا شك أن من اعتقد ذلك وتيقنه حمله على خير كثير، ودفع عنه شرا عظيما، فالله -جل وعلا- على كل شيء شهيد؛ ولذلك فقد جعل النبيصلى الله عليه وسلم مراقبة الله- جل وعلا- وتيقن اطلاعه على أحوال عباده من أعلى مقامات الدين، فلما سئل صلى الله عليه وسلم عن الإحسان قال: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»+++ أخرجه البخاري (50)، ومسلم (8) من حديث أبي هريرة  رضي الله عنه--- ،ومن عبد الله أيها المؤمنون مستحضرا قربه وأنه بين يديه كأنه يراه أوجب له ذلك خشية وخوفا وهيبة وتعظيما لله رب العالمين، كما أن تيقن اطلاع الله على عبده يحمل العبد على إحسان العبادة، وبذل الجهد في إتمامها وتكميلها، وقد نبه إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حثه صلى الله عليه وسلم المؤمنين على الخشوع في الصلاة فقال صلى الله عليه وسلم: «إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه، أو إن ربه بينه وبين القبلة»+++ أخرجه البخاري (405)، ومسلم (551) من حديث أنس  رضي الله عنه ---.  أيها المؤمنون. إن إيمان العبد بأن الله يراه ويطلع على سره وعلانيته وباطنه وظاهره، وأنه لا يخفى عليه شيء من أمره من أعظم أسباب ترك المعاصي الظاهرة والباطنة؛ وإنما يسرف الإنسان على نفسه بالمعاصي والذنوب إذا غفل عن هذا الأمر؛ ولذلك قال الله تعالى في بيان تهوك أهل النار في الذنوب والمعاصي:﴿وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين)+++ سورة فصلت (22- 23)--- ،فمن قام في قلبه أنه لا تخفى على الله خافية، راقب ربه وحاسب نفسه وتزود لمعاده، واستوى عنده السر والإعلان؛ ولذلك كان من وصاياه صلى الله عليه وسلم: «اتق الله حيثما كنت»+++ أخرجه أحمد (20847)، والترمذي (1987)، من حديث أبي ذر  رضي الله عنه ، وصححه الترمذي---؛أي: في السر والعلانية، حيث يراك الناس وحيث لا يرونك، فخشية الله تعالى في الغيب والشهادة من أعظم ما ينجي العبد في الدنيا والآخرة؛ ولذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «أسألك خشيتك في الغيب والشهادة»+++ أخرجه أحمد (17861)، والنسائي (1305)، والحاكم (1923) من حديث عمار بن ياسر ، وصححه---، وكان الإمام أحمد كثيرا ما ينشد قول الشاعر:  إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل        خلوت ولكن قل علي رقيب ولا تحسبن الله يغفل ساعة          ولا أن ما يخفى عليه يغيب+++ االبيتان من ديوان أبي العتاهية (10)--- فاتقوا الله عباد الله في السر والعلن، وإياكم وانتهاك محارم الله في الخلوات، فإن الرجل ليصيب الذنب في السر فيصبح وعليه أثره ومذلته، ومن أعجب ما روي في هذا أن رجلا كان يرابي في السر، لا يعلم به أحد، فمر ذات يوم بصبيان يلعبون فقال بعضهم لبعض: جاء آكل الربا! فنكس رأسه، وقال في نفسه: رب أفشيت سري إلى الصبيان. فتاب من ذنبه، وجمع ماله، وقال: رب إني أسير، وإني قد اشتريت نفسي منك بهذا المال فأعتقني، وتصدق بماله كله واستقام سره وإعلانه، فمر ذات يوم بأولئك الصبية، فلما رأوه قال بعضهم لبعض: اسكتوا فقد جاء فلان العابد، فبكى ذلك الرجل.  فسبحان من بنفحات فضله اتسعت القلوب للإيمان وانشرحت، ومن بحسن هدايته وتوفيقه انجلت عن القلوب ظلمات الجهل وانقشعت، ونعوذ به جل وعلا من خزي الدنيا والآخرة.    الخطبة الثانية : أما بعد. فاتقوا الله عباد الله، واخشوه في الغيب والشهادة، فإن الله قد أعد لمن راقبه وخشيه أجرا عظيما، فقال سبحانه:﴿جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه)+++ سورة البينة (8) ---، وخص من خشيه في الغيب والسر، فقال:﴿وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد * هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ * من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب * ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود * لهم ما يشاؤون فيها)+++ سورة ق (31 - 35) ---. أما أولئك الذين خف قدر الله في قلوبهم وضعف يقينهم وإيمانهم فسارعوا في ارتكاب الموبقات، والتورط في الذنوب والمعاصي في أوقات الخلوات، ولم يرعوا حق رب الأرض والسماوات ﴿يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول)+++ سورة النساء ( 108)---، فأقول لهم: استمعوا إلى هذا الحديث العظيم، ففي "سنن ابن ماجه" بسند جيد من حديث ثوبان  رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا، فيجعلها الله- عز وجل- هباء منثورا» قال ثوبان: يا رسول الله صفهم لنا، جلهم لنا ألا نكون منهم ونحن لا نعلم!! قال: «أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل ما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها»+++ سنن ابن ماجه" ( 4245)، وصححه الكناني في مصباح الزجاجة (7151)---. فما أحوجنا أيها المؤمنون إلى تأمل هذا الحديث واستحضاره، لا سيما في هذه الأيام المتأخرة التي كثر فيها الفساد وتيسرت أسبابه، فلم يبق مانع ولا حاجز في كثير من الأحيان إلا أن يخاف العبد ربه في السر والعلن.  فنسأل الله أن يعيننا على حقوقه وطاعته، فإن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله «رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله رب العالمين»+++ أخرجه البخاري (1423)، ومسلم (1031) من حديث أبي هريرة  رضي الله عنه ---.

المشاهدات:42311

وجوب مراقبة الله

الخطبة الأولى

إن الحمد لله نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.  

أما بعد.
فيا أيها المؤمنون.
اتقوا اللهَ تعالى في السِّرِّ والعلنِ والغيبِ والشهادةِ ،فإن ربَّكم العليمَ الخبيرَ لا يعزبُ عنه مثقالُ ذرةٍ في السماواتِ ولا في الأرضِ ولا أصغرُ من ذلك ولا أكبرُ، يحاسبُكم تعالى ذكرُه على النَّقيرِِ والقِطميرِ والقليلِ والكثيرِ ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ) سورة الزلزلة (7-8) ،قال عز جنابه: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) سورة يـس (12)
عبادَ اللهِ.
إن اللهَ -جلَّ وعلا- أخبرَكم بأنه رقيبٌ على أعمالِكم، عالمٌ بما في نفوسِكم، لا تخفى عليه منكم خافيةٌ، فالسرُّ عنده علانيةٌ، أخبرَكم بذلك لتخافوه وتخشَوْه وتراقِبوه، فقال تقدَّست أسماؤُه:﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ) سورة البقرة ( 235) ،وقال تعالى:﴿إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) سورة النساء (1)
فهو الرقيبُ على الخَواطِرِ و اللوا        حظِ كيفَ بالأفعالِ والأركانِ القصيدة النونية (207)
عبادَ اللهِ، إن الواجبَ على من نَصَحَ نفسَه وأحبَّ نجاتَه أن يستحضِرَ ويتيقَّن اطِّلاعَ اللهِ على ظاهرِه وباطنِه، ولا شكَّ أن من اعتقدَ ذلك وتيقَّنه حملَه على خيرٍ كثيرٍ، ودفع عنه شرًّا عظيماً، فاللهُ -جلَّ وعلا- على كلِّ شيءٍ شهيدٌ؛ ولذلك فقد جعل َالنبيُّصلى الله عليه وسلم مراقبةَ اللهِ- جل وعلا- وتيقُّنَ اطلاعِه على أحوالِ عبادِه من أعلى مقاماتِ الدِّينِ، فلما سُئِلَ صلى الله عليه وسلم عن الإحسانِ قال: «أن تعبدَ اللهَ كأنَّك تراه، فإن لم تكنْ تراه فإنه يَراك» أخرجه البخاري (50)، ومسلم (8) من حديث أبي هريرة  رضي الله عنه ،ومن عبَدَ اللهَ أيها المؤمنون مستَحضِراً قُربَه وأنه بين يديه كأنه يراه أوجبَ له ذلك خشيةً وخوفاً وهيبةً وتعظيماً للهِ ربِّ العالمين، كما أن تيقُّنَ اطلاعِ اللهِ على عبدِهِ يحمِلُ العبدَ على إحسانِ العبادةِ، وبذلِ الجهدِ في إتمامِها وتكْمِيلِها، وقد نبَّهَ إلى ذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم في حثِّهِ صلى الله عليه وسلم المؤمنين على الخشُوعِ في الصَّلاةِ فقال صلى الله عليه وسلم: «إن أحدَكم إذا قامَ في صلاتِه فإنه يناجي ربَّه، أو إن ربَّه بينَه وبينَ القبلةِ» أخرجه البخاري (405)، ومسلم (551) من حديث أنس  رضي الله عنه
أيها المؤمنون.
إن إيمانَ العبدِ بأن اللهَ يراه ويطَّلعُ على سرِّه وعلانيتِه وباطنِه وظاهرِه، وأنه لا يخفى عليه شيءٌ من أمرِه من أعظمِ أسبابِ تركِ المعاصي الظاهرةِ والباطنةِ؛ وإنما يسرِفُ الإنسانُ على نفسِه بالمعاصي والذنوبِ إذا غفلَ عن هذا الأمرِ؛ ولذلك قال اللهُ تعالى في بيانِ تهوُّكِ أهل النارِ في الذنوبِ والمعاصي:﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ وَذَلِكم ظنُّكُم الذِي ظَنَنتم بِربِّكُم أَرْداكُم فَأَصْبَحْتُم من الخاسِرِين) سورة فصلت (22- 23) ،فمن قام في قلبِه أنه لا تخفى على اللهِ خافيةٌ، راقبَ ربَّه وحاسبَ نفسَه وتزوَّد لمَعادِه، واستوَى عنده السرُّ والإعلانُ؛ ولذلك كان من وصاياه صلى الله عليه وسلم: «اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ» أخرجه أحمد (20847)، والترمذي (1987)، من حديث أبي ذر  رضي الله عنه ، وصححه الترمذي؛أيْ: في السِّرِّ والعلانيَةِ، حيث يراك الناسُ وحيثُ لا يرَوْنَك، فخشيةُ اللهِ تعالى في الغيبِ والشهادةِ من أعظمِ ما ينجِّي العبدَ في الدنيا والآخرةِ؛ ولذلك كانَ من دعاءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «أسألُك خشْيتَك في الغَيبِ والشهادةِ» أخرجه أحمد (17861)، والنسائي (1305)، والحاكم (1923) من حديث عمار بن ياسر ، وصححه، وكان الإمام أحمدُ كثيراً ما ينشِدُ قولَ الشاعرِ: 
إذا ما خلوتَ الدهرَ يوماً فلا تقـلْ        خلــوتُ ولكن قلْ عليَّ رَقِيب
ولا تحسَبنَّ اللهَ يغفـــلُ ساعةً          ولا أنَّ مـا يَخفـى علـيه يَغِيب االبيتان من ديوان أبي العتاهية (10)
فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ في السرِّ والعلنِ، وإياكم وانتهاكَ محارمِ اللهِ في الخلواتِ، فإن الرجل ليصيب الذنبَ في السرِّ فيصبحُ وعليه أثرُه ومذلَّتُه، ومن أعجبِ ما رُوي في هذا أن رجلاً كان يرابي في السرِّ، لا يعلم به أحدٌ، فمرَّ ذاتَ يومٍ بصبيانٍ يلعبون فقال بعضُهم لبعضٍ: جاء آكلُ الرِّبا! فنكسَ رأسَه، وقال في نفسِه: ربِّ أفشيت سِرِّي إلى الصبيانِ. فتابَ من ذنبِه، وجمعَ مالَه، وقال: ربِّ إني أسِيرٌ، وإني قد اشتريتُ نفسي منك بهذا المالِ فأعتِقْني، وتصدَّقَ بمالِه كلِّه واستقامَ سرُّه وإعلانُه، فمرَّ ذاتَ يومٍ بأولئك الصِّبيَةِ، فلما رأوه قال بعضُهم لبعضٍ: اسكتوا فقد جاءَ فلانٌ العابدُ، فبكى ذلك الرجلُ. 
فسبحانَ من بنفحاتِ فضلِه اتَّسَعَت القُلوبُ للإيمانِ وانشَرَحَتْ، ومن بحُسنِ هدايتِه وتوفيقِه انجلت عن القلوبِ ظلماتُ الجهلِ وانقشَعَت، ونعوذُ به جلَّ وعلا من خزيِ الدُّنيا والآخرةِ. 
 
الخطبة الثانية :
أما بعد.
فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، واخْشَوْه في الغيبِ والشهادةِ، فإن اللهَ قد أعدَّ لمن راقبَهُ وخَشِيَه أجْراً عظيماً، فقال سبحانه:﴿جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) سورة البينة (8) ، وخَصَّ من خَشِيَه في الغَيْبِ والسِّرِّ، فقال:﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرحمنَ بالغَيبِ وَجاءَ بقلْبٍ مُنيبٍ * اُدْخُلوها بِسَلامٍ ذلك يومُ الخُلُودِ * لهُمْ ما يَشَاؤُونَ فِيهَا) سورة ق (31 - 35) .
أما أولئك الذين خفَّ قدرُ اللهِ في قلوبهم وضعُفَ يقينُهم وإيمانُهم فسارعوا في ارتكابِ الموبقاتِ، والتورُّطِ في الذنوبِ والمعاصي في أوقاتِ الخلواتِ، ولم يَرعَوْا حقَّ ربِّ الأرضِ والسماواتِ ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ) سورة النساء ( 108)، فأقولُ لهم: استمِعوا إلى هذا الحديثِ العظيمِ، ففي "سننِ ابنِ ماجه" بسندٍ جيدٍ من حديثِ ثوبانَ  رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لأعلَمَنَّ أقواماً من أُمَّتي يأتون يومَ القيامةِ بحَسَنَاتٍ أمثالِ جبالِ تهامةَ بيضاً، فيجعلُها الله- عز وجل- هباءً منثوراً» قال ثوبان: يا رسولَ الله صِفْهم لنا، جَلِّهم لنا ألا نكونَ منهم ونحن لا نعلم!! قال: «أما إنهم إخوانُكم ومن جِلْدَتِكم ويأخُذُون من الليلِ ما تأخُذُون، ولكنهم أقوامٌ إذا خلَوْا بمحارمِ اللهِ انتهكوها» سنن ابن ماجه" ( 4245)، وصححه الكناني في مصباح الزجاجة (7151).
فما أحوجَنا أيها المؤمنون إلى تأملِ هذا الحديثِ واستحضارِه، لا سيما في هذه الأيامِ المتأخرةِ التي كثُر فيها الفسادُ وتيسَّرت أسبابُه، فلم يبقَ مانعٌ ولا حاجزٌ في كثيرٍ من الأحيانِ إلا أن يخافَ العبدُ ربَّه في السرِّ والعلنِ. 
فنسأل الله أن يعيننا على حقوقِه وطاعتِه، فإن من السبعةِ الذين يظلُّهم اللهُ في ظلِّه «رجلٌ دَعتْه امرأةٌ ذاتُ مَنصِبٍ وجمالٍ، فقال: إني أخافُ اللهَ ربَّ العالمين» أخرجه البخاري (1423)، ومسلم (1031) من حديث أبي هريرة  رضي الله عنه .
المادة التالية

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات83547 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات78514 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات72802 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات60767 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات55156 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات52325 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات49601 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات48346 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات44939 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات44252 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف