×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح
مشاركة هذه الفقرة Facebook Twitter AddThis

تاريخ النشر:19 شوال 1441 هـ - الموافق 11 يونيو 2020 م | المشاهدات:3540

المقدمُ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ مُستمعِينا الكرامَ السلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ أهلا ومرْحبًا بكمْ مَعَنا إلَى هذهِ الحلْقةِ مِنْ بَرْنامَجِ ينابيعِ الفَتْوَى، يَسُرُّنا في الدَّقائقِ التَّالِيةَ أَنْ يَكُونَ مَعَنا ضَيْفٌ كَرِيمٌ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ الدَّكْتُورُ خالدُ المصْلِح أستاذُ الشَّريعةِ بجامِعَةِ القصيمِ الَّذي نأنسُ ونسْعَدُ بِالحدِيثِ مَعَهُ حَوْلَ مَواضِيعِ هَذا البَرْنامَجُ وَما يُفِيدُ أَيْضًا مَشْكُورًا بِالإجابَةِ علَى أَسْئِلَةِ المسْتَمِعينَ السلامُ عليكُمْ يا شِيخ خالد وحيَّاكمُ اللهُ.
الشِّيخُ:- السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبرَكاتُهُ تَحِيَّةُ طَيِّبَةٌ لَكَ أَخِي مُحَمَّد وَلِلإِخْوَةِ واَلأَخَواتِ وَلِجمِيعِ مَنْ يَصِلُهُمْ هَذا البَثُّ المباشِرُ لهذِهِ الحَلْقَةِ مِنْ بَرْنامَجِ يَنابِيعِ الفَتْوَىَ أَسْألُ اللهَ العَظِيمَ رَبَّ العَرْشِ الكَرِيمِ أَنْ يَرْزُقَنا وَإِيَّاكُمْ بَرَكَةَ هَذِهِ اللَّيالِي وفَضائِلَها وَما فِيها مِنْ خَيْراتٍ.
نَحْنُ أَيُّها الإِخْوَةُ وَالأَخَواتُ في زَمَنٍ لا يُقاسُ بِشَيْءٍ مِنْ عَرَضِ الدُّنْيا، إِذا كانَ النَّبِيُّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «رَكْعَتا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيا وَما فِيها»صَحِيحُ مُسْلِمٍ (725) .
فالنَّبِيُّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُبَيِّنُ عَظِيمَ الفَضْلِ الَّذِي يُدْرِكُهُ الإِنْسانُ مِنَ اللهِ –عَزَّ وَجَلَّ- بِالطَّاعَةِ وَالإِحْسانِ في رَكْعَتَيْنِ وَجِيزَتَيْنِ كانَ يُصِلِّيهِما بَيْنَ أَذانِ الفَجْرِ وَإِقامَةِ صَلاةِ الفَجْرِ فَيَقُولُ: «رَكْعَتا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيا وَما فِيها» فَكَيْفَ بِليالي عَظَيِمةٍ وَأَوْقاتٍ فَضِيلَةٍ وَأَعْمالٍ جَلِيلَةٍ مِنْ فَرائِضَ وَواجِباتٍ وَسُنَنٍ وَمَنْدُوباتٍ تَشْغَلُ بِها لِيالِي وَأَيَّامِ هَذِهِ الفَتْرَةِ الزَّمَنِيَّةِ الَّتِي هِيَ آخِرُ شَهْرِ رَمَضانَ الشَّهْرُ الَّذِي خَصَّهُ اللهُ تَعالَى بَعَظِيمِ الفَضْلِ وَكَبِيرِ الأَجْرِ عَلَىَ العَمَلِ الصَّالِحِ فِيهِ.
لاشَكَّ أَنَّ رَمَضانَ شَهْرٌ مُبارَكٌ مُنْذُ دُخُولِهِ إِلَى خُرُوجِهِ، وَلَكِنَّ اللهَ تَعالَى خَصَّ الأَواخِرَ مِنْهُ بِعَظِيمٍ فَضْلٍ وَجَزيلِ مِنَّةٍ مِنْهُ –سُبْحانَهُ وَبِحَمْدِهِ- فَجَعَلَها مِنْ هَذِهِ اللَّيالِي لَيْلَةً أُنْزِلَ فِيها أَعْظَمُ الكُتُبِ عَلَى خاتَمِ الرُّسُلِ صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ، فالعَشْرُ الأَواخِرُ مِنْ رَمَضانَ تَتَمَيِّزُ بِمَيْزِةٍ لَيْسَتْ في سائِرِ الزَّمانِ أَنَّهُ فِيها اللَّيْلَةُ الَّتِي أُنْزِلَ فِيها القُرْآنُ العَظَيِمُ النُّورُ المبِينُ، القُرْآنُ المجيدُ، القُرْآنُ الحَكَيمُ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ تَعالَى هِدايَةً لِلَبَشِرَّيِةِ جَمْعاءَ قالَ اللهُ تَعالَى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾الدُّخان: 3 ، وَقالَ تَعالَى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾القدر: 1- 2  وَقَدْ أَمَرَ اللهُ تعالى بالفرح بهذا الإنزال فقال:﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾يونس: 58 .
فَهَذِهِ اللَّيالِي المبارَكَةُ هِيَ مِنْ خَيْرِ لَيالِي الزَّمانِ لأَنَّ اللهَ تَعالَى جَعَلَ نُزُولَ هَذا القُرْآنَ في لَيْلَةِ مِنْ لَيالِي هَذا الشَّهْرِ المباركِ وفي لَيْلَةٍ مِنْ لَيالِي هَذِهِ العَشْرِ عَلَىَ وَجْهِ الخُصُوصِ، وَمِنْ فَضائلِ اللَّيْلَةِ الَّتِي أُنْزِلَ فِيها القُرْآنَ ما جَعَلَهُ اللهُ تَعالَى مِنَ المنْزِلَةِ السَّامِيَةِ فَقَدْ وَصَفَها اللهُ تَعالَى بِأَنَّها لَيْلَةٌ مُبارَكَةٌ فَقالَ: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾الدُّخانُ: 3 ، وَهَذِهِ اللَّيْلَةُ المبارَكُةُ كَثِيرَةُ الخَيْراتِ، كَثِيرَةُ العَطايا، كَثِيرَةُ الهِباتِ، كَثِيرَةُ الإِحْسانِ يَتَفَضَّلُ اللهُ تَعالَى بِحَطِّ الخَطايا وَالتَّجاوُزِ عَنِ السَّيِّئاتِ وَإِجابَةِ الدَّعَوات، وَتَبْلِيغِ العِبادِ عالي المراتِبِ وَرِفيعِ المنازلِ مِنَ الأَجْرِ والمثُوبَةِ مِنْ رَبٍّ يُعْطِي عَلَى القَلِيلِ الكَثِيرَ، فَهِيَ مُبارَكةٌ بِما حَدَثَ فِيها مِنْ إِنْزالِ القُرْآنِ العَظِيمِ مُبارَكةٌ بِما فِيها مِنَ العَمَلِ الصَّالِحِ المضاعَفِ الَّذِي بَيَّنَهُ اللهُ تَعالَى في قَوْلِهِ: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾القدر: 2- 5 .
مُباركَةٌ في أَنَّ مَنْ قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمانًا وَاحْتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَهَذا عَطاءٌ جَزِيلٌ فَبِقِيامِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ تَتَلاشَىَ الخَطايا وَتَتبَدَّدُ السَّيَِّئاتِ، وَيَمْحُو اللهُ تَعالَى عنِ العَبْدِ الأَوْزارَ يُخْرِجُهُ سالمًا مِنْ كُلِّ وِزْرٍ وَمَؤاخَذَةٍ بِفَضْلِهِ وَمِنَّتِهِ وَكَرَمِهِ فَإِنَّهُ مَنْ قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمانًا وَاحْتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ يَعْنِي ما سَبَقَ هَذِه اللَّيْلَةَ مِنَ الذُّنُوبِ وَلَوْ كانَ عُمُرًا مَدِيدًا وَزَمَنًا طَوِيلًا مِنَ الإِسْرافِ وَالخَطَأِ وَالغَفْلَةِ وَالبُعْدِ عنِ اللهِ فَإِنَّهُ إِذا أَقْبَلَ عَلَىَ رَبِّهِ في هَذِه اللَّيْلَةِ الصَّادِقَةِ حَطَّ اللهُ عَنْهُ الخَطايا وَمَحا عَنْهُ السَّيِّئاتِ بِفَضْلِهِ ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾الزُّمَرُ: 53  فَسُبْحانَ مَنْ تَتَلاشَى بِجانِبِ رَحْمَتِهِ الخَطايا وَالسَّيِّئاتُ.
هَذَهِ اللَّيالِي المباركَةُ هِيَ لَيالِي عَظِيمَةٌ كانَ النَّبِيُّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِي حَطَّ اللهُ خَطاياهُ وَغَفَرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ كانَ يُجِدُّ فِيها باِلعَمَلِ الصَّالِحِ وَيُقْبِلُ فِيها وَيَجْتَهِدُ في العَشْرِ ما لا يَجْتَهِدُ في غَيْرِه كَما جاءَ في الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْها قالَتْ: «كانَ رَسولُ اللهِ صَلّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَجْتَهِدُ في العَشْرِ الأواخِرِ، ما لا يَجْتَهِدُ في غيرِهِ»صَحِيحُ مُسْلِمُ (1175) .
يَعْنِي يَكُونُ في الطَّاعَةِ وَالإِحْسانِ وَالإِقْبالِ عَلَى اللهِ –عَزَّ وَجَلَّ- وَالاشْتِغالِ بِأَنْواعِ الطَّاعاتِ وَالقُرُباتِ وَالصَّالحاتِ ما لَمْ يَكُنْ يَفْعَلُهُ في غَيْرِهِ مِنَ اللَّيالِي صلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ، وَتَبَيَّنَ هَذا بِشَكْلٍ أَوْضَحَ فَتَقُولُ كَما في الصَّحِيحَيْنِ «كانَ رَسولُ اللهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيا اللَّيْلَ»صَحِيحُ البُخارِيِّ (2024)، وَمُسْلِمٌ (1174)  يَعْنِي لمْ يَنَمْ مِنْهُ إِلَّا الشَّيْءَ القَلَيِلَ، فَإِحْياءُ اللَّيْلِ اسْتِغْراقُهُ بِالسَّهَرِ في الصَّلاةِ وَالقِراءَةِ وَتِلاوَةِ القُرْآنِ وَمُدارَسَةِ القُرْآنِ وَالذِّكْرِ والتَّسْبِيحِ وَالدُّعاءِ وَقَوْلِ اللَّهُمَّ إِنََكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ فاعْفُ عَنِّي هَذا إِحْياءُ اللَّيْلِ أَحْيا لَيْلَهُ صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ أَيْ أَيْقَظَ أَزْواجَهُ وَمَنْ هُمْ مِنْ أَهْلِهِ لِلاجْتِهادِ في الطَّاعَةِ وَالقِيامِ عَلَى صالِحِ العَمَلِ، وَقَدْ نَدَبَ إِلَيْهِ في غَيْرِ رَمَضانَ فَقَدْ قالَ النَّبِيُّ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كَما في الصَّحِيحِ: «سُبْحانَ اللَّهِ ماذا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتْنَةِ، ماذا أُنْزِلَ مِنَ الخَزائِنِ» يَعْني أُنْزِلَ مِنَ الفِتَنِ الَّتِي يَحْصُلُ بِها البَلاءِ وَأُنْزِلَ مِنَ الخَزائِنِ العَطايا وَالهِباتِ الَّتِي يَنْجُو بِها النَّاسُ مِنَ الهَلاكِ وَيُدْرُكُونَ بِها المثُوبَةَ وَالأَجْرَ «مَنْ يُوقِظُ صَواحِبَ الحُجُراتِ؟ يا رُبَّ كاسِيَةٍ في الدُّنْيا عارِيَةٍ في الآخِرَةِ»صَحِيحُ البُخارِيِّ (1126) .
هَكَذا يَنْدَبُ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهْلَهُ إِلَى الاسْتِيقاظِ وَالاجْتِهادِ في سائِرِ الوَقْتِ وَفي هَذا الزَّمانِ عَلَى وَجْهِ الخُصُوصِ كانَ يُوقِظُ أَزْواجَهُ صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ، يُوقِظُ أَهْلَهُ وَيُحْيِي لَيْلَهُ صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ وَفِي نَفْسِهِ كانَ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَشُدُّ مآزِرَهُ أَيْ أنَّهُ صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ يَسْتَعِينُ بِرَدِّ شَيْءٍ عَلَى وَسَطَهِ لِلقِيامِ وَالذِّكْرِ وَالطَّاعَةِ وَالعِبادَةِ وَالاشْتِغالِ بِما يُحِبُّ اللهُ تَعالَى وَيَرْضَى، فاسْتعانَ صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ بِقِيامِهِ في هَذِهِ اللَّيالِي بِأَنْ رَبَطَ عَلَى وَسَطِهِ صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ ما يُعِينُهُ وَيَقُوِّي صُلْبَهُ وَيُقِيمُ بَدَنَهُ، فَيَخِفُّ عَلَيْهِ ما يَلْقاهُ مِنْ عَناءِ القِيامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِحْياءِ الَّليْلِ بِطاعَةِ اللهِ –عَزَّ وَجَلَّ- فَلِذَلِكَ يا إِخْواني وَأَخواتي يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَجِدَّ وَنَجْتَهِدَ وَأَن نَبْذُلَ قُصارَىَ ما نَسْتَطِيعُ نَتَعَرَّضُ لِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ.
أَعْمالُنا هِذِهِ يا إِخْواني لَنْ تَكُونَ هِيَ المنْتَهَى وَالمطافَ الَّذِي نَبْلُغُ بِهِ ما نُؤَمِّلُ مِنْ عَطاءِ اللهِ –عَزَّ وَجَلَّ- إِنَّما هِيَ إِظْهارُ صِدْقِ النِّيَّةِ، إِظْهارُ بُرْهانِ دَلِيلٍ عَلَى رَغْبَتِنا فِيما عِنْدَهُ جَلَّ في عُلاهُ وَإِلَّا فَفَضْلُ اللهِ جَلَّ في عُلاهُ غامِرٌ لَنا فَهُوَ الَّذِي يُرْشِدُنا إِلَى الطَّاعَةِ، وَهُوَ الَّذِي بَيَّنَها لَنا وَهُوَ الَّذِي أَعانَنا عَلَيْها، وَهُوَ الَّذِي يَتَفَضَّلُ بِها فَيَنْبَغِي أَنْ نَجِدَ وَنَجْتَهِدَ في حَمْدِهِ وَشُكْرِهِ وَالقِيامِ بِحَقِّهِ وَكَثْرَةِ التَّوْبَةِ وَالاسْتِغْفارِ وَالاشْتِغالِ بِصالحِ الأَعْمالِ.
خُلاصَةُ ما في هِذِهِ الَّليالي مِنْ أَعْمالٍ صالِحَةٍ القيامُ، فَإِنَّهُ مَنْ قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمانًا وَاحْتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَهِيَ في إِحْدَى هَذِهِ اللَّيالِي الَّتي نَحْنُ فِيها.
ثانِيًا: تَلاوَةُ القُرْآنِ فَإِنَّ النَّبِيَّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كانَ يُعارِضُ جِبْرِيلَ القُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنَ لَيالِي الشَّهْرِ، وَالنَّبِيُّ –صَلَّى اللُه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ عَلَى جِبْرِيلَ القُرْآنَ وكانَ يَزِيدُ في العَشْرِ الأَواخِرِ ما لَيْسَ في سائِرِ الشَّهْرِ كَذَلِكَ كَثْرَةُ الدُّعاءِ وَالإِلحاحِ عَلَى اللهِ –عَزَّ وَجَلَّ- في طَلَبِ العَفْوِ وَالتَّجاوُزِ وَالصَّفْحِ، وَلِذَلِكَ لما قالَتْ عائِشَةُ لِلنَّبِيِّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أرأَيْتَ إنْ علِمْتُ أيَّ ليلةٍ ليلةَ القدرِ ما أقولُ فِيها؟ قالَ: قُولي: اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ كريمٌ تُحِبُّ العفْوَ، فاعْفُ عنِّي»سنن الترمِذِيِّ (3513)، وَقالَ: هَذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
هَكَذا في المسْنَدِ وَالسُّنَنِ بِإِسْنادٍ جَيِّدٍ ويَدْعُو بِغَيْرِ هَذا، لَكِنْ هَذا أَكْثَرُ ما يَكُونُ لأَنَّهُ إِذا عَفا الكرِيمُ عَنْكَ فُتِحَتْ لَكَ أَبْوابُ الخَيْراتِ تَخْصِيصُ هَذا الدُّعاءِ بِالذِّكْرِ لأَنَّ العَفْوَ هُوَ المحْوُ لِلسَّيِّئاتِ وَالخَطايا وَالسَّيِّئاتِ وَالخَطايا هِيَ الَّتِي تَجْلِبُ لِلإِنْسانِ ما يَكْرَهُ وَتُفَوِّتُهُ ما يُحِبُّ، فَلا فاتَ عَلَى الإِنْسانِ شَيْءٌ يُحِبُّهُ وَلا نالَهُ شَيْءٌ يَكْرَهُهُ إِلَّا بِما يَكُونُ مِنْ قُصُورِهِ وَتَقْصِيرِهِ، قالَ اللهُ –جَلَّ وَعَلا-: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ﴾الشورى: 30  فَإِذا أَلحَحْنا عَلَى اللهِ تَعالَى بِطَلَبِ العَفْوِ وَالتَّجاوُزِ فَإِنَّنا نَطْلُبُ مِنْهُ جَلَّ في عُلاهُ أَنَّ يَمْحُو عَنَّا أَسْبابَ المنْعِ، وَأَنْ يَفْتَحَ لَنا أَبْوابَ الرَّحْمَةِ وَأَنْ يُغْدِقَ عَلَيْنا مِنْ فَضْلِهِ وَإِحْسانِهِ وَكَرَمِهِ ما تُصْلِحُ بِهِ أَحْوالَنا وَتَسْتَقِيمُ بِهِ أُمُورَنا.
هَذِهِ جُمْلَةٌ مِنَ الأُمُورِ الَّتي يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَنِيَ بِها الإِنْسانُ في هَذِهِ اللَّيالِي، وَإِضافَةً إِلَى هَذا الإِحْسانِ بِالقَوْلِ، الإِحْسانِ بِالعَمَلِ، الإِحْسانُ بِالمالِ ما اسْتَطَعْتَ، فَالنَّبِيُّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كانَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكانَ أَجْوَدَ ما يَكُونُ في رَمَضانَ حِينَ يَلْقاهُ جِبْرِيلُ، وَكانَ يَلْقاهُ كُلَّ لَيْلَةً يُدارِسُهُ القًرْآنَ صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ فَلرَسُولُ اللهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدُ في الخيْرِ مِنَ الرِّيحِ المرْسَلَةِ يَعْني حِينَ يَلْقاهُ جِبْرِيلُ وَحِينَ يُدارِسُهُ القُرْآنَ، فَلْنَجِدَّ وَنَجْتَهِدَ في الإِحْسانِ، وَلْنُؤَمِّلْ في اللهِ الكَرِيمِ جَزِيلَ المنِّ وَالعَطاءِ وَالفَضْلِ وَالهِباتِ فَإِنَّهُ جَلَّ في عُلاهُ وَاسِعُ الرَّحْمَةِ فَنَسْأَلُهُ أَنْ يَشْمَلَنا بِذَلِكَ.
المقدِّمُ:- جَزاكُمُ اللهُ كُلَّ خَيْرٍ يا شَيْخَنا وَبارَكَ فِيكُمْ عَلَى هَذا الدَّرْسِ الَّذِي اسْتَهْلَكْنا فِيهِ الحدِيثَ عَنِ العَشْرِ الأَواخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضانَ وَمِنْ فَضْلِ هَذِهِ العَشْرِ وَما فِيها مِنَ الغَنائِمِ الحَقِيقَةِ وَلَيْسَ غَنِيمَةً وَاحِدَةً وَإِنَّما عَلَى المسْلِمِ أَنْ يِجِدَّ وَيَجْتَهِدَ كَما تَفَضَّلْتُمْ بارَكَ اللهُ فِيكُمْ وَعَلا اللهُ قَدْرَكُمْ شيَخْنا وَلَعَلَّ لَدَيْنا اتِّصالٌ حَسَنًا
المتَّصِلُ:- السَّلامُ عَلَيْكُمْ.
المقَدِّمُ:- حَيَّاكَ اللهُ عَوَض وَعَلَيْكُمُ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وبَركاتُهُ.
المتصل:- التَّحِيَّةُ لِلأُسْتاذِ الدُّكْتُورِ خالد المصْلحِ وَالتَّحِيَّةِ لِإذاعَةِ نِداءُ الإِسْلامِ الَّتي تُذِيعُ لَنا في القِيمِ الدِّينِيَّةِ وَتَثْبِيتِنا عَلَى الحَقِّ وَعَلَى الإِيمانِ وَعَلَى الصَّبْرِ في هَذِهِ الجائِحِةِ الَّتِي نَمُرُّ بِها أَنا سَعِيدٌ أَنَّا أَسْتَمِعُ إِلَى الأُسْتاذِ الدُّكْتُورِ خالدِ المصْلِحِ الرَّجُلُ الَّذِي يَقُولُ الكَلامَ الجَمِيلَ وَالرَّائِعَ ما سَبَبُ لَنا في هَذا الشَّهْرِ العَظِيمِ وَفِي هَذِهِ الجائحةِ الكَبِيرَةِ.
أَنا سُؤالِي يَتَعَلَّقُ إِذا في شَخْص عنْدَهُ غِذاءُ رَمَضانَ صامَهُ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضانُ فَكَيْفَ يَكُونُ النَّاحِيَةُ الفِقْهِيَّةُ في هَذِهِ المسْأَلَةِ وَتُغَدِّي وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضانَ ماذا يَجِبُ عَلَيْهِ؟
المقَدِّمُ:- شُكْرَا أَخِي عَوَض بارَكَ اللهُ فِيكَ.
المتَّصِلُ:- اللهُ يُبارِكُ فِيكُمْ.
المقِدِّمُ:- نَعَمْ يا شِيخُ تَفَضَّلْ باركَ اللهُ فِيكَ.
الشَّيْخُ:- بالتحديد عن القضاء قضاء أيام لم يصومها من رمضان أليس كذلك؟
المقدم:- إي نعم عن قضاء ما فاته من رمضان الماضي وأدركه رمضان هذا العام.
الشيخ:- إي نعم هو القضاء الله تعالى قد قال في بيانه ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾البقرة: 184  وقال: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾البقرة: 185  فاللهُ تَعالَى مِنْ تَيْسِيرِهِ لِعِبادِهِ أَنْ أَرْخَصَ لأَهْلِ الأَعْذارِ مِنَ المرْضَى وَالمسافِرِينَ أَنْ يُفْطِرُوا ثُمَّ يَقْضُوا مَكانَ ذَلِكَ أَيَّامًا أُخَرَ غَيْرَ الأَيَّامِ الَّتِي أَفْطَرُوها في رَمَضانَ، وَجَماهِيرُ العُلَماءِ عَلَى أَنَّ القَضاءَ يَكُونُ ما بَيْنَ رَمَضانَ وَرَمَضانَ الَّذِي يَلِيهِ.
والأَصْلُ في هَذا التَّحْدِيدِ ما جاءَ عَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْها أَنَّها قالَتْ: «كانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِن رَمَضانَ، فَما أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إلّا في شَعْبانَ وَذلكَ لِمَكانِ رَسولِ اللهِ ﷺ مِنِّي»صَحِيحُ البُخارِيِّ (1950)، وَمُسْلِمٍ (1146)  فَعائِشَةُ تُخْبِرُ أَنَّها كانَتْ تُؤَخِّرُ قَضاءَ رَمَضانَ لَكِنَّها تَقْضِيهِ فَي شَعْبانَ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكُها رَمَضانُ الآخَرُ لأَجْلِ اشْتِغالِها بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ أَهْلُ العِلْمِ أَخَذَ جُمْهُورُ العُلَماءِ مِنْ هَذا الحدِيثِ أَنَّ الإِنْسانَ يَقْضِي ما عَلَيْهِ مِنَ الصِّيامِ فِيما بَيْنَ رَمَضانَ وَرَمَضانَ القادِمِ فَلا يُؤَخِّرُ عَنْهُ إِلَّا لِعُذْرٍ، فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ رَمَضانَ القادِمَ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مَعَ القَضاءِ إِطْعامٌ مُقابِلَ التَّأْخِيرِ وَذَهَبَ جَماعَةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَهُوَ مَذْهَبُ الحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا القَضاءُ فَقَطْ إِذا أَخَّرَهُ عَنْ رَمَضانَ القابِلِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ.
وَالخُلاصَةُ أَنَّ مَنْ أَخَّرَ القَضاءَ لِعُذْرٍ لا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا القَضاءُ، وَأَمَّا مَنْ أَخَّرَهُ عَنْ رَمَضانَ القابِلِ لِغَيْرِ عُذْرٍ بِأَنْ سَوْفَ وَآخَرُ حَتَّى أَدْرَكُهُ رَمَضانُ القابِلُ، فَإِنَّهُ يَقْضِي الأَيَّامَ الَّتي أَفْطَرَها بِالاتِّفاقِ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ في قَوْلِ جُمْهُورِ العُلَماءِ إِطْعامُ مِسْكِينٍ وَالصَّوابُ أَنَّ هَذِهِ الفِدْيَةِ الَّتِي يَدْفَعُها عَلَى وَجْهِ الاسْتِحْبابِ لا عَلَىَ وَجْهِ الوُجُوبِ.
المقَدِّمُ:- أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكُمْ يا شِيخَنا الأَخُ عَلِي حَيَّاكَ اللهُ يا عَلِيُّ.
المتّصلُ:- مساءُ الخيرِ.
المقدمُ:- أَهْلا وَسَهْلا حيَّاكَ اللهُ.
المتصِلُ:- رَجاءً أسألُ الشَّيْخَ عَنْ صِفَةِ صَلاةِ القِيامِ والتهجُّدِِ كَمْ مَرَّةً وكمْ رَكعةً؟
المقدمُ:- خيرٌ إِنْ شاءَ اللهُ تستمعُ يا عَلِي باركَ اللهُ فِيكَ أتفَضَّلُ.
الشيخُ:- هُوَ صلاةُ الليلِ سُئِلتْ عَنْها عائِشةُ رَضِي اللهُ تعالَى عنْها صلاةُ النَّبيِّ –صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- في اللَّيْلِ سُئِلَتْ عَنْها فقالتْ: كانَ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم- يُصلِّي أَرْبعا فَلا تَسْألْ عَنْ حُسْنهنَّ وطُولهنَّ ثمَّ يُصلي أربعًا فَلا تَسْأَلْ عَنْ حُسنهنَّ وَطُولهنَّ، ثُمَّ يُصلِّي ثَلاثًا هَكذا أَخْبَرَتْ عائِشَةُ في وَصْفِها لِصلاةِ النَّبيِّ –صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- وَأَخْبَرَتَ أَيْضًا في مَطْلِعِ هَذِهِ الإِجابَةِ قالَتْ لما سأَلَها السائِلُ كَيْفَ كانَتْ صَلاةُ النَّبِيِّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- في رَمضانَ قالتْ ما كانَ رَسُولُ اللهِ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ- يَزيدُ في رمضانَ ولا في غيرِه عَلَى إِحْدَى عشَرَةَ رَكْعَةَ يُصِلي أربعًا فَلا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولهنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبعاً فَلا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثاً.
فَدَلَّ هَذا الحدِيثُ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَكُنْ يَزِيدُ عَلَىَ إحْدَى عَشَرَةَ رَكْعَةً في رَمَضانَ لَكِنْ هَذا العَمَلُ مِنْهُ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يَدُلُّ علَى عَدَمِ جَوازِ الزِّيادَةِ، بَلْ هُوَ بَيانُ أَنَّ الأَفْضَلَ وَالأَكْمَلَ في عَدَدِ الرَّكَعاتِ لمنْ كانَتْ صلاتُهُ عَلَى نَحْوِ صَلاةِ النَّبِيِّ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- طُولًا وَحُسنًا أَنْ يُصَلِّي أَرْبعًا يَعْنِي يُصَلِّي تَسْلِيمَتَيْنِ ثُمَّ يَفْصِلُ بَيْنَ التَّسْلَيِمَتَيْنِ وَالَّتي تَلِيهِ بِفاصِلٍ ثُمَّ يُصَلِّي تَسْلِيمَتَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثًا هَذا إِذا أَطالَ.
أَمَّا إِذا كانَ الإِنْسانُ يَشُقُّ عَلَيْهِ طُولُ القِيامِ وَيَرْغَبُ في كَثْرَةِ الرَّكَعاتِ، فَهَذا أَيْضًا لا بَأْسَ بِهِ وَيَدُلُّ لَهُ ما في الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَر رَضِيَ اللهُ تعالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- سُئِلَ عَنْ صَلاةِ اللَّيْلِ فَقالَ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذا خَشِيتَ الصُّبْحَ فأَوْتِرْ بِواحِدَةٍ»صَحِيحُ البُخارِيِّ (473)، وَمُسْلِمٍ (749)  وَهَذا يَدُلُّ عَلَى أنَّهُ لا حَدَّ لِصَلاةِ اللَّيْلِ وَهَذا بِالإِجْماعِ لا خِلافَ بَيْنَ العُلَماءِ في ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ أنْ يُصَلِّي ما شاءَ مِنَ الرَّكَعاتِ في اللَّيْلِ وَيُسَنُّ أَنْ يَخْتِمَ ذَلِكَ بِوِتْرٍ.
هُنا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى وَهِيَ هَلْ يُفْصَلُ بَيْنَ صَلاةِ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَصَلاةِ آخِرِ الَّليْلِ بِمَعْنَى يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ أَوْ ما شاءَ أَوْ يُصَلِّي آخِرِ الَّليْلِ؟ لا بَأْسَ بِهذا فَلَوْ فَرَّقَ صَلاةَ الَّليْلِ عَلَىَ حَسْبِ نِشاطِهِ وَكانَ مِنْها شَيْءٌ في أَوَّلِ اللَّيْلِ وَشَيْءٌ في آخِرِ اللَّيْلِ كُلُّ ذَلِكَ يَتَحَقَّقُ بِهِ قَوْلُهُ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ قامَ رَمَضانَ إِيمانًا وَاحْتِسابًا؛ غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»صَحِيحُ البُخارِيِّ (37)، وَمُسْلِمٌ (759)  نَسْأَلُ اللهَ يَسْتَعْمِلُنا وَإِيَّاكُمْ في طاعَتِهِ وَيُعِينُنا وَإِيَّاكُمْ عَلَى الصِّيامِ وَالقِيامِ إِيمانًا وَاحْتِسابًا.
المقدِّمُ:- شَيْخُنا إِضافَةً إِلَى هَذِهِ الإِجابَةِ كَما تَفَضَّلْتُمْ هَلْ لمنْ أَحَسَّ بِشَيْءٍ مِنَ التَّعَبِ أَوِ الإِجْهادِ أَنْ يْحَضِرَ الكُرْسِيِّ مَثَلاً وَيُصَلِّي جالِسًا أَوْ يُصَلِّي عَلَى الأَرْضِ كَما يَكُونُ في وَضْعِيَّةِ التَّشَهُّدِ؟
الشَّيْخُ:- هُوَ فِيما يَتَعَلَّقُ بِالصَّلاةِ جالِسًا، الصَّلاةُ جالِسًا إِذا كانَتْ بِعُذْرٍ فَإِنَّها كالصَّلاةِ قائِمًا لا فَرْقَ في ذَلِكَ بَيْنَ الفَرْضِ وَالنَّفْلِ، فَإِنَّهُ قَدْ قالَ النَّبِيُّ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «صَلِّ قائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِع فَقاعدًا، فإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ»صَحِيحُ البُخارِيِّ (1117)  وَقَدْ قالَ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-:- «إِذا مَرِضَ العَبْدُ، أَوْ سافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ ما كانَ يَعْمَلُ مُقِيمًاحِيحًا»صَحِيحُ البُخارِيِّ (2996) .

هَذا فِيما إِذا صَلَّى جالِسًا لِعُذْرٍ سَواءٌ في الفَرِيضَةِ أَوء في النَّافِلَةِ، أَمَّا إِذا كانَ جُلُوسُهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّهُ في الفَرِيضَةِ لا يَجُوزُ بِالاتِّفاقِ لا خِلافَ بَيْنَ العُلَماءِ أَنَّ القِيامَ في الصَّلاةِ رُكْنٌ في الفَرِيضَةِ قالَ اللهُ تَعالَى: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾البَقَرَةُ: 238  وَأَنَّهُ لا يَجْلِسُ إِلَّا لِعُذْرٍ، أَمَّا إِذا كانَ جُلُوسُهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ في السِّنِّ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ عَلَىَ نِصْفِ صَلاةِ القائِمِ في الأَجْرِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّي جالِسًا في صَلاةِ اللَّيْلِ أَوْ في الصَّلاةِ النَّافِلَةِ عُمُومًا، وَهُوَ بِذَلِكَ يَكُونُ عَلَى نِصْفِ صَلاةِ القائِمِ، ِبمَعْنَى أَنَّ لَهُ مِنَ الأَجْرِ ما يَكُونُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلاةِ القائِمِ.
وَبِالتَّالي يَنْبَغِي لِلإِنْسانِ أَنْ يَجْتَهِدَ في الصَّلاةِ قائِمًا ما اسْتَطاعَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا، فَإِنْ عَرَضَ لَهُ ما يَسْتَدْعِي الجُلُوسَ فَلْيَجْلِسْ، أَوْ إِذا أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ بَعْدَ الصَّلاةِ وَيَقُومُ لأَنَّ أعَوْلَ لَهُ عَلَى القِيامِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ جالِسًا وَبَيْنَ أَنْ لا يُصَلِّي فَنَقُولُ لَهُ صَلى جالِسًا وَأَنْتَ مَأْجُورٌ عَلَى صَلاتِكَ وَلَوْ كُنْتَ جالِسًا وَأَجْرُكَ في الصَّلاةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلاةِ القائِمِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ ما جاءَ في الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ عِمْرانُ سَأَلْتُ النَّبِيَّ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ صَلاتي قاعدًا فَقالَ: «مَنْ صَلَّى قائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ القائِمِ»صَحِيحُ البُخارِيِّ (1115) .
وَباِلتَّالي إِذا صليَّتَ يعْني تقْدِرُ أَنْ تَقُومَ وَتُصَلِّي قائِمًا، لَكِنَّكَ أَحْبَبْتَ أَنْ تُصَلِّي قاعِدًا لِلرَّاحَةِ فَلا بَأْسَ وَيَكُونُ أَجْرُكَ عَلَى مِثْلَ أَجْرِ صَلاةِ القائِمِ.
المقدِّمُ:- أخُونا أبُو مُعاذٍ حيَّاكَ اللهُ يا أَبا مُعاذُ.
المتَّصِلُ:- السَّلامُ عَلَيْكُمْ.
المقدِّمُ:- وَعَلَيْكُمُ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللهِ تَعالَى وَبَركاتُهُ تَفَضَّلْ.
المتَّصِلُ:- أَنا أَسأَلُ فَضِيلَةَ الشَّيْخِ عَنِ الزَّكاةِ
المقَدِّمُ:- تُرِيدُ أَنْ تُقَدَّمَ زَكاتَكَ إِلَى سائِقَكَ؟ يَعْنِي هَذا السَّائِقُ يَعْمَلُ عِنْدَك يا أَخِي.
المتَّصِلُ:- السَّوَّاقُ إِيه.
المقدِّمُ:- زَكاةُ الفِطْرِ أَوْ زَكاةُ المالِ أَبُو مُعاذٍ؟
المتَّصِلُ:- عَشَر كِيلُو كَمْ نُزَكِّي؟
المقدِّمُ:- خَيْرٌ إنْ شاءَ اللهُ تَسْتَمِعُ أَنْت تُريدُ أنْ تُقدِّمَ زَكاتَكَ إِلَى عامِلٍ عِنْدَكَ وهُوَ السَّائِقُ كَذَا السؤال؟
المتَّصِلُ:- إِيه كم عَشْرَ كِيلُو كَمْ نُزَكِّي؟
المقدِّمُ:- خيرٌ إِنْ شاءَ اللهُ تَسْتَمْتِعُ باركَ اللهُ فِيكَ إي نعمْ يا شِيْخَنا.
الشيخُ:- هوَ فِيما يتعلَّقُ بإِعْطاءِ زكاةِ الفطْرِ لِلسائقِ المستقلِّ أوْ لِلفقيرِ الَّذِي لا يتحمَّلُ نَفقتَهُ لا بَأْسَ بِذَلِكَ صَدَقةُ الفِطْرِ يُعْطِيها الفُقراءَ وَالمساكينَ هِيَ شُرِعَتْ لِلفُقَراءِ وَالمساكِينِ، وَلا فَرْقَ في ذَلِكَ في أَنْ يَكُونَ لَكَ فِيها ارْتِباطُ عَمَلٍ كَسائِقٍ مَثَلًا أَوْ خادِمٍ أَوْ مُوَظَّفٍ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ المسْكَنِ لا بَأْسَ أَنْ تُعْطِيهُ مِنَ الزكاةِ زكاةِ الفطْرِ، وَأمَّا مِقْدارُها فَهُوَ صاعُ النَّبِيِّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ طَعامٍ سَواءٌ كانَ ذَلِكَ مِنَ التَّمْرِ أَوْ كانَ ذَلِكَ مِنَ الأرْزِ أَوْ كانَ ذَلِكَ مِنْ سائِرِ أَصْنافِ الطَّعامِ الَّتي يَقْتاتُها النَّاس في البَلَدِ.

وبالمقياسِ المعاصر فيما يَتَعَلَّقُ بِالكِيلُواتِ، الفِطْرَةُ لِلعُلَماءِ أَقْوالٌ هِيَ بَيْنَ كِيلُوَيْنِ وَرُبْعِينِ جِرامِ إلَى ثلاثةِ كيلُو يعْني بمعْنَى أنهُ لَوْ أَخذَ ثلاثةُ كِيلُو بَرِأتْ ذِمتهُ، فالثلاثةُ كيلُو وهوَ قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ المعاصرينَ فإِذا أَخذَ ثَلاثةَ كِيلُو عنهُ مِنَ الأُرْزِ أَوْ مِنَ البَرِّ كَفاهُ في تحقِيقِ المطْلُوبِ مِنْ زكاةِ الفطْرِ.
المقَدِّمُ:- يسألُ كذلِكَ يا شيخُ عنْ زكاةِ عشرةِ أشخاصٍ ماذا يكْفِي لعَشرةِ أَشْخاصٍ منَ الزكواتِ المقدارِ؟
الشيخُ:- المقدارُ اضْربْ ثلاثةً في عَشْرَةٍ بِثلاثينَ كِيلُو مِنَ الأُرْزِ.
المقدِّمُ:- ما يَتَّصِلُ بِهذا الأمرِ أيْضًا سائلٌ آخرُ حَمَّلَني سُؤالًا يَقولُ: لعلَّكُمْ تَسْأَلُونَ فضيلةَ الشَّيْخِ عنْ إِخراجِ زكاةِ الفِطْرِ مِنَ البُقولُ الجافَّةِ كالفُولِ وَالفاصُوليا وَالعَدسِ ممَّا هُوَ يكونُ في قُوتِ أهلِ البلَدِ.
الشَّيخُ:- إِذا كانَ هَذا هوَ في البلدِ أنَّهُ قُوتُهُمْ مِنَ الفولِ أوْ قُوتهمْ مِنَ العَدَسِ أَوْ قوتهمْ مِنْ هذهِ البقولِ فَلا بأسَ لأنَّ المقْصُودِ في الإِطْعامِ هوَ إِطْعامُهُ منْ غالبِ قوتِ البلَدِ وَالبلدانُ تختلفُ في قُوتِها فمِنَ البُلْدانِ الرزُّ ومِنَ البِلدانِ البُرُّ، ومِنَ البِلدانِ غيرُ ذَلِكَ منَ الطَّعامِ الأساسُ القُوتُ وبهِ يَخْرُجُ ما يكونُ منَ الفَواكِهِ ونحوِها لأَنَّها ليستْ قُوتا إِذِ القُوتُ هوَ الطَّعامُ الَّذي يُقيمُ البَدَنَ، وهُوَ الغِذاءُ الأساسِيُّ الَّذي يَقتاتُهُ النَّاسُ لإقامَةِ مَعاشِهِمْ.
المقدمُ:- جزاكمُ اللهُ كلَّ خيرٍ يا شَيخنا مُتصلٌ آخرُ مُبارك حيَّاك اللهُ يا مبارَك.
المتصلُ:- السلامُ عليكُمْ وَرحمةُ اللهِ وبركاتُهُ كيْفَ حالُكمْ؟
المقدِّمُ:- حياكمُ اللهُ أَهْلا وَسهْلا بكمْ أَخِي
المتصلُ:- باركَ اللهُ فيكُمْ سُؤالِي الأولُ أَنا الزكاةُ أَخذ زكاته وهلْ أَنا ممكن أُزكِّي مِنْها وَلا لم اشترِيهِ.
المقدمُ:- تقْصِدْ رَجُلٌ حَمَّلَكَ زكاةً لهُ تزكِّيها عَنْهُ؟
المتصلُ:- لا أَعْطانِي إِيَّاها.
المقدمُ:- الزكاةُ أنتَ تَسْتَحِقُّها.
المتصلُ:- إِيه هُوَ أعْطاني إِياها ممكن أَنا أدْفَعُ لِلمساكينِ وَلا لا.
المقدمُ:- تدفعُ المساكينَ لماذا؟
المتصلُ:- مِنْ زَكاة ِالفِطْرِ
المقدمُ:- يَعْنِي تقصدُ أَنَّها زائدَةٌ عنْ حاجَتِكَ تَرَى بِأنها زائدَةٌ.
المتصلُ:- إِي نعم السؤالُ الثانِي.
المقدمُ:- السؤالُ الثانِي.
المتصلُ:- هلْ لِي أْ أسُوقَها لِلجمعِيَّةِ وَلا بَس هِي واحدة فَقطْ.
المقدم:- خير إِنْ شاءَ اللهُ تَسْتمعُ شُكرا جَزيلًا لكَ باركَ اللهُ فِيكِ وَاضِحٌ يا شيخ؟
الشيخُ:- ما فَهِمْتُ.
المقدِّمُ:- هُوَ يقولُ: بِأنَّهُ مُسْتَحِقٌّ للزكاةِ فقدَّمَ لهُ رجلٌ زكاةً لِهذا الرَّجُلِ الأَخُ مُباركٌ فالآنَ الأَخُ مُباركٌ لَدَيْهِ وفرَةٌ في هذهِ الزَّكواتِ الَّتي تحصُلُ علَيْها يقولُ هَلْ لَهُ أنْ يُقَدِّمَها لِلجمعِيَّاتِ أَوْ مُستحقِّينَ آخرينَ؟
الشيخُ:- يعْنِي هوَ مُستحقٌّ وجاءهُ مِنَ الزَّكاةِ ما يزيدُ عَلَى حاجَتِهِ.
المقدِّمُ:- إِي نعم هَكَذا.
الشيخُ:- وَيسألُ عَنِ الزائدِ ماذا يَصْنَعُ فيهِ؟
المقدمُ:- يقولُ هَلْ يُقدِّمُها لِلجمعياتِ الخيريةِ أَوْ مِنْ يستحقُّ؟
الشَّيخُ:- هُوَ الأَصْلُ أَلَّا يقبلُ ما يزيدُ عنْ حاجَتهِ فَإِذا كانَتْ حاجَتهُ في عَشْرَةِ أكياسٍ خُذْ ما تَحْتاجُ سَواءٌ مِنْ زَكاةِ الفِطْرِ أَوِ الزَّكاةِ النقْدِيَّةِ لا يَأْخُذُ الإِنْسانُ أَكْثرَ ممِّا يَحْتاجُ لأَنَّهُ إِنْ أَخَذَ سَيَكُونَ أخَذَهُ بغَيْرِ حقِّ والواجِبُ عليْهِ أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى مِنْ أَعطاهُ إيَّاهُ، فَإِنْ كانَ لا يُمْكِنُهُ رَدُّهُ إِلَيْهِ فليذْهَبُ بِهِ إِلَى الجَمْعِيَّاتِ الخَيْرِيَّةِ المصرحِ لَها ويكونُ يُعْطُوها مُستَحِّقِيها، لأنَّ الأصْلَ أنْ يَرُدَّها إِلَى مَنْ أَخذَهُ مِنْها إِذا كانَ غِيرُ مُسْتحقُّ، لكِنْ إِنْ لمْ يَتَمَكَّنْ فَفِي هذهِ الحالِ يُعْطِيها الجِهاتِ الَّتي تَتَقبلُ الزَّكاةَ مِنَ الجِهاتِ المصرَّحِ لَها.
المقدمُ:- جَزاكُمُ اللهُ كُلَّ خيرٍ.
الشَّيْخُ:- بِمعْنَى لا يَتَصَرَّفُ هُوَ فِيها بنَفْسِهِ إِنَّما يَذهبُ بِها لِلجِهاتِ المصَرَّحِ لَها.
المقدمُ:- لعلَّ الإجابةَ واضِحةٌ للأَخِ مُباركٍ الآنَ يأْخُذَ حاجتَهُ فَقطْ وَما زادَ عَنْ ذلكَ فَيَبْرَأُ مِنْها وَيُقَدَِّمُها وَيردُّها إِلَى صاحِبِها.
طيبْ أَخي لُؤي اتَّصال هُنا يا شيخنا باركَ اللهُ فيكمْ سؤالٌ عنِ الضَّابِطِ في العلاقَةِ الخاصَّةِ بينَ الزوجِ وزوجتَهِ في شَهْرِ رمضانَ خاصةً في العَشرِ الأَواخِرِ؟
الشيخُ:- ما فَهِمْتُ.
المقدم:- يعنِي للزوجِ أنْ يكُفَّ مَثَلا عنِ المعاشِرَةِ الزَّوجيةِ مَعَ زوْجَتِهِ أَوْ يعْنِي يكُونُ فقطْ في علاقتهِ مَعَ ربِّه في تلاوَةٍ وفي قيامٍ وَما إلَى ذلكَ مِنَ الأَعمالِ؟
الشيخُ:- بعضُ أهلِ العلمِ أخذَ منْ قولِ عائشَةَ رضيَ اللهُ تعالَى عنْها في وصْفِ حالِ النبيِّ –صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- في هذهِ العشرِ أنَّهُ كانَ يَشُدُّ المآزرَ قالَ أنهُ يعتزلُ نَسائَهُ صلَواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ فَسَّرَهُ باعْتزالِ النِّساءِ والَّذي يظهرُ واللهُ تعالَى أعلَمُ أنَّ قولَها في وصفِ اعْتكافِ النبيِّ –صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- بأنهُ شَدَّ المآزِرَ لا علاقَةَ وَصْفِها اجتهادنا في العبادَةِ بأنَّهُ شدَّ المآزِرَ لا عَلاقةَ لَهُ بِما يتعلَّقُ بإتيانِ النِّساءِ هَذا مِمَّا أحلَّهُ اللهُ تعالَى في قولهِ: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾البقرة: 187  فَيَحِلُّ للإنسانِ في ليلةِ الصيامِ أنْ يأْتِيَ ما شاءَ ممَّا يتعلَّقُ بِحاجَتِهِ عِنْدَ أهلهِ أوْ حاجةِ أهْلهِ إليْهِ، لكنْ لَوْ أنَّهُ كَفَّ نَفْسهُ عنْ ذَلكَ إِذا كانَ مْسْتَغْني، أَمَّا إِذا كانَ مُحْتاجٌ فَهُوَ كالطَّعامِ وَالشَّرابِ يَقضِي حاجَتَهُ بِما يعينهُ علَى طاعةِ اللهِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لَوصْفِ عائِشةَ لحالِ النبيِّ شَدَّ مآزرِهِ فالَّذي يَظْهَرُ أنَّهُ شدَّ عَلَى وَسَطِهِ ما يَستعينُ بهِ علَى القيامِ، لأنَّ النَّبِيَّ –صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- في الأَصْل كانَ مُعْتَكِفًا واللهُ –عزَّ وجلَّ- يقولُ في حقِّ المعتكفينَ ﴿وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾البقرة: 187 .
فشدَّ المآزرَ بالنسبةِ للنبيِّ –صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- هُوَ الاستعانةُ بربطِ شيءٍ علَى وسطهِ للذِّكْرِ والطاعَةِ، وليسَ المقصُودُ الامْتناعُ عنِ النِّساءِ لأنَّهُ ممتنعٌ مِنْ ذلكَ باعتكافهِ صَلَواتُ اللهِ وسلامهُ عليهِ، فقدْ كانَ النبيُّ –صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- يعتكَفُ كلَّ سنةٍ وبالتالي لم يَكُنْ مِنْهُ إِتْيانٌ لأهلهِ في هذهِ العشرِ لأجلِ اعتكافِهِ، وأمَّا منْ لمْ يعتكفْ فلهُ أنْ يَفعلَ ما يشاءُ منْ جِهة ِما يتعلَّقُ بأهْلِهِ.
المقدمُ:- جزاكمُ اللهُ كلَّ خيرٍ يا شيخَنا المتصَلةُ أُمُّ محمد حياَّكِ اللهُ يا أُمَّ محمدٍ.
المتصلةُ:- إيه نعمْ
المقدمُ:- الأخُ محمدٌ أهلًا يا محمدُّ حياكَ اللهُ أتفضلْ يا أَخِي.
المتصلُ:- أسألُ سؤالي للشيخِ أنا عُمري ثمانِ سنواتٍ وأقدرُ أؤمُّ إخواني وأُمِّي
المقدم:- كمْ تحفظُ يا محمدُّ منَ القُرآنِ؟
المتصلُ:- أحفظُ سبعَةَ
المقدم:- سبعةُ أجزاءٍ؟
المتصل:- أيْوه
المقدمُ:- كيفَ قراءتُكُ يا محمدُّ تقرأُ جَيِّدًا.
المتصلُ:- نعم أيوه.
المقدمُ:- تستمعُ إنْ شاءَ اللهُ يا محمدُ تابعِ الشيخَ لتسمعَ الإجابَةَ.
الشيخُ:- هو يسألُ عن ماذا يا أَخي؟
المقدمُ:- يسألُ عنْ جوازِ إمامتهِ لأهلِ بيتهِ وهُوَ في هذا السنِّ في ثمانِ سنواتٍ ويحفظُ منَ القُرآنِ سبعةَ أَجزاءٍ ويقولُ بأنهُ يُجيدُ القِراءةَ.
الشيخُ:- الحمدُ للهِ ما يكونُ منْ إمامَتِهِ عَلَى هَذِهِ الحالِ لا إِشْكالَ فيهِ وهُوَ بِهذا معينٌ لنفسهِ عَلَى مُراجَعَةِ القُرْآنِ وَمُعِينٌ لأَهْلِهِ عَلَى الصَّلاةِ في البيتِ يؤمُّ القومَ أقرئُهمْ لكتابِ اللهِ فإنْ كانَ الأقرأُ صَغيرًا فإنهُ يقدَّمُ أيْضًا عَلَى الكبارِ كَما جرَى في حديثِ عمرِو بنِ سلَمَةَ فإنَّهُ صَلَّى بِقومهِ رضِيَ اللهُ تعالَى عنهُ صَلَّى بقوْمِهِ وهُوَ ابنُ ستِ سنينَ أوْ ابنِ سَبْعِ سِنينَ يَعْنِي أَصْغَرُ مِنْ أَخِينا السَّائِلِ حيثُ قالَ أنهُ ابنُ ثمانِ سنينَ والسببُ في تقديمِ عمرُِو بنِ سلمةَ الجرميِّ أنهُ لما جاءَ أبوهُ منْ عندِ النبيِّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- كانَ قدْ أَخْبَرهُمُ النبيُّ –صلَّى اللهُ عليهِ وَعَلَى آلهِ وسلمَ أنهُ يؤُمُّ القومَ أقرأُهُمْ لِكتابِ اللهِ، فنظرُوا فإذا عَمرو هُوَ أَحْفظهُمْ قالَ رضيَ اللهُ تعالَى عنهُ فنظرُوا فلمْ يكنْ أَحَدٌ أكثرَ مِني قُرآنا فقدمُوني وأَنا ابْنُ ستِ سنينَ أو سبعِ سنينَ.
وهذا يدلُّ علَى أنَّ العمرَ ليسَ مُؤثرًا مِنْ أَنَّ يَتقدمَ ولَوْ كانَ ابْنِ ستِ سِنينَ أَوْ سبعُ سنينَ مادامَ أنهُ يحفظُ منَ القرآنِ ما يتمكنُ بهِ منْ إقامةِ الصلاةِ، ففِي حالِ التَّشاحُنِ يعْني لوْ كانَ عندَنا رجلٌ كبيرٌ وآخرُ صغيرٌ والصغيرُ أحفظُ لِلقُرآنِ فإنهُ يقدمُ عليهِ لأنَّ النبيَّ –صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ- قالَ: يؤمُّ القومُ أقرأُهمْ لكتابِ اللهِ والحديثُ حديثُ عَمْرِو بنِ سلمةَ الجرمِيِّ في صحيحِ البخاريِّ وهوَ بينَ فيما أخبرَ بهِ قالَ فنظرَ فلمْ يكنْ أحدٌ أكثرَ مِني قُرآنا فقدمُوني وأَنا ابْنُ سِتِّ أوْ سَبعِ.
المقدمُ:- هَنيئًا للأسرةِ الَّتي تُدرِّبُ وَتربِّي أَبنائَها علَى القُرآنِ الكريمِ وَهِنيئا لكَ أَخي محمَّد لهذا الفَضْلَ ننتقل للأخِ أحمدَ حياكَ اللهُ يا أَحْمَدُ.
المتصلُ:- السلامُ عليكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ.
المقدمُ:- وعليْكُمُ السلامُ ورحْمَةُ اللهِ وبركاتُهُ أَتفضلْ يا أَخِي.
المتصلُ:- عندِي سُؤالين لِلشيخِ؛ الأولِ عندي أَخوَيَّ اللهُ يُعْطيكَ العافيةَ كانَ صائِما 14 يومَا وهمْ في صَحراءِ وَلا عندهُ ماءٌ باردٌ وَلا عندهُ ما يأكُلُهُ يُعِينهُ عَلَى الصيامِ وَلا العَصائرِ وَما يقدرُ يَصُومُ والمحلُّ حارَ لِدرَجَةٍ بَعيِدةٍ ثُمَّ أفطَرَ.
الشيخُ:- كيفَ ما عندَهُ عصائِرُ؟ وأيش دخْل العصائر في الموضُوع؟
المتصلُ:- ما عندهُ يعني الشيخ اللي يقْدر يقُوم عليهِ.
الشيخُ:- تقصد ما عندَهُ طَعامٌ يعْنِي.
المتصلُ:- ما عندَهُ طَعامٌ عندهُ الفُولُ والفاصُوليا والدقيقُ فقط الطحينُ
الشيخُ:- طيب ليه ما يصوم ييسر قليل الطعامِ يصُومُ.
المتصلُ:- واللهِ يا أخِي قالَ أنا تعبتُ لأنهُ يسرحُ في النهارِ ويرجعُ للخَلاءِ مرةً أُخْرَى راعِي غَنَم قالَ: ما يَقْدِر وَاللهِ يصُوم.
المقدم:- طيب اللهُ المستعانُ السُّؤالُ الثانِي أخِي أحْمَدُ.
المتصلُ:- السؤالُ الثانِي كانَ عندِي واحد لَقِيَ شَخْصًا أمامهُ فَقامَ الشخصُ اللِّي عندهُ البِغالُ عَزمهُ عليْهِ فَهذا حلَفَ قالَ حرمت أشرب وَهذا حلفَ قالَ: حرمت أشربُ
الشيخُ:- كيفَ اللَّفْظُ اللي صَدر مِنهمْ يا أخي فاهم القِصَّة بس ما اللَّفْظ؟ قالَ: حرامَ عَلَيَّ
المتصِلُ:- قالَ عليا الحرام تشرب بارِد وَهذا قالَ: علَيا الحرام تِشرب بارِد
الشيخ:- طيبْ اللَّهُمَ اهْدهِمْ
المتصلُ:- وَهذا شرب البارد والحرام حقه كيفَ حالُهُ؟
الشيخُ:- اللهُ ييسرْ
المتصلُ:- الله يسلمكَ دعواتَك لنا يا شيخ باللهِ عليكَ.
الشَّيخُ:- اللهُ يُسْعِدْنا وإياكُمْ وَيَسْتَعْملنا وَإياكمْ فِيما يُحِبُّ وَيَرْضَى.
بخصُوصِ السُّؤالِ الأوَّلِ وَهُوَ أَنَّ الأخ يقولُ يرعَى وَلا يطيقُ الصِّيامَ اللهُ –عزَّ وجلَّ- ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾التغابن: 16  إنْ كانَ حقيقة هذا الشيءُ بينهُ وبينَ ربِّ العالمينَ، ما يدخلُ بينَ الإنسانِ وبينَ ربهِ في الاسْتطاعَةِ أحدٌ، إِنما رقيبهُ اللهُ وحسيبهُ اللهُ فإنْ كانَ لا يقْوَى علىَ الصِّيامِ بمعنَى أنَّهُ إِذا صامَ هلكَ أوْ تَلَفَ عضوٌ منْ أعضائهِ أوْ أصابتْهُ آفةٌ أوْ أنهُ شَقَّ عليهِ مَشقةً لا تُحْتملُ فإنهُ يجوزُ لهُ الفِطْرُ في هذهِ الحالِ هذهِ الأحوالِ الَّتي ذَكرتَها يجوزُ مَعَها الفطرُ.
أما إِذا كانَ والله يتعبُ ولكنهُ يطيقُ الصومَ معَ شيءٍ منَ المشقةِ والتعبِ المحتملِ الذي لا يلحقهُ بهِ ضررٌ، إلا أنهُ يتعبُ ففي هذهِ الحالِ يستعينُ اللهَ ويصُومُ هذا أبوُ الدرداءِ رضيَ اللهُ تعالَى عنهُ يقولُ: خرجْنا مَعَ رسولِ اللهِ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ- في حرٍّ شديدٍ حتَّى إِنَّ أَحَدَنا لَيضعُ يدهُ علَى رأسِهِ مِنْ شِدَّةِ الحرِّ يضَعُ يدهُ يعني يَسَتِظِلُّ منْ شدةِ الحرِّ وَما فِينا صائِمٌ هَذا في رمضانَ إِلا رسولُ اللهِ –صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ- وعبدُ اللهِ بنُ رَواحةَ.
فدلَّ هَذا علَى أنَّ الصَّوْمَ في حالِ المشقةِ الَّتي لا تَبْلُغُ مبلغَ الضررَ بالإِنسانِ لا تبيحُ العنفَ، لأنَّ النبيَّ –صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- صامَ وعبدُ اللهِ بنُ رواحةَ صامَ معَ وُجودِ المشقَّةِ الَّتي وصَفَها أبُو الدَّرْداءِ رَضِيَ اللهُ تعالَى عنهُ فالرَّاعِي وصاحبُ الأَعْمالِ الشاقَّةِ إذا كانَ لا يطيقُ الصومَ وَلا يستطيعُ أنْ يتخلصَ منْ هَذا العملِ وأنْ يُؤَجلهُ إِلَى اللَّيْلِ، فهذأ يدخلُ في جملةِ أهْلِ الأَعْذارِ، لكنْ إِنْ كانَ يُطيقُ الصومَ لكنَّهُ يَشُقُّ علَيْهِ ويتعَبُ تَعبًا لا يلحقهُ بِهِ ضررٌ وليسَ تَعبًا خارجًا عنِ المأْلُوفِ المعتادِ الَّذِي يتحملُ مثلهَ فإنهُ يجبُ عليهِ الصَّوْمُ ويحتسبُ الأجرَ عندَ اللهِ –عز وجلَّ-.
أما ما يتعلقُ بالجزئيةِ الثانيةِ منْ سؤالهِ.
المقدمُ:- طيب عَفوًا يا شيخ باركَ اللهُ فيكمْ الآنَ هُوَ يقولُ: صامَ أربعةَ عشرَ يوْمًا الآنَ هذهِ الأربعةُ عَشَر يَومًا خلاص أصبحتْ على تمامِها.
الشيخُ:- ما صامهُ مَقْبولٌ وأَنا أقولُ يستعينُ اللهَ ويصومُ ما بقيَ إذا كانَ يستطيعُ.
المقدمُ:- ويقْضِي ما فاتهُ.
الشيخُ:- إي نعمْ يقضِي ما فاتهُ فيما يتعلقُ بِالجزئيَّةِ الثانيةِ وَهِيَ مَسْألةُ قولِ: عليا الحرامُ أولًا هَذا لا يجوزُ أنْ يحرمَ الإنسانُ ما أحلَّ اللهُ تعالَى لهُ سواءٌ كانَ تحريمًا عامًا أو تحريمًا خاص عليا الحرامُ مِنَ المأكَلِ الفُلاني أوْ مِنَ المشربِ الفُلاني أو مِنَ الفعلِ الفُلاني أَوْ مِنَ القولِ الفُلاني أَوْ عَليا الحرامُ مِنْ زوْجتي، عليا الحرامُ مِنَ الطعامِ الفُلانيِّ التحريمُ بِكلِّ صُورهِ.
فإنهُ لا يجوزُ الإِنسانُ أنْ يُحَرمَ ما أَحلَّ اللهُ لهُ، وقدْ عاتبَ اللهُ تعالَى رسولَهُ –صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- فقالَ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ﴾التحريم: 1  أي تطلبُ مرضاةَ أزْواجكَ بِهذا التحريمِ فعاتبَهُ اللهُ تعالَى في ذلِكَ ثُمَّ بينَ لهُ المخرجَ ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾التحريم: 2  وتَحِلَّةُ اليمينِ هُوَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ هذا التحريمِ كفَّارةَ يمينٍ إِطعامُ عشْرةِ مساكينَ أوْ كِسْوتهمْ أوْ تحريرُ رقَبة، فإذا كانَ لا يجدُ هذا انتقلَ إلى المرتبةَ الثانيةَ فمنْ لم يجدْ فِصيامُ ثلاثةِ أَيامٍ ذلكَ كفارةُ أَيمانكمْ إذا حلفتمْ.
هذا بَيانُ ما يتعلَّقُ بِالتحريمِ أولًا:- لا يجوزُ الإنسانُ أنْ يحرمَ ما أحلَّ اللهُ لهُ ينبغِي أن يَتوبَ ويستغفرَ.
ثانيًا:- إذا وقعَ منهُ ذلكَ وجبَ عليهِ الكفارةُ كفارةُ اليمينِ وهيَ تحلتهُ.
المقدمُ:- باركَ اللهُ فيكمْ يا شيخَنا أخرُ الاتِّصالاتِ ربما الآنَ الأختُ أبرارُ حياكِ الله يا أبرار.
المتصلةُ:- السلامُ عليكُمْ.
المقدمُ:- وعليكمُ السلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.
المتصلةُ:- رمضانُ عليكم كريمٌ
المقدمُ:- وعليكِ الأختُ أبرارُ أتفضلي سؤالك الشيخُ يسمعكِ
المتصلةُ:- السؤالُ الأوَّلُ السنة اللي فاتتْ أبوي تُوفيُّ اللهُ يرحمُهُ فَكانَ رَمضانَ وشَعبانَ كانَ المرضُ تَعبٌ وَوَهن فَما صامَ
المقدمُ:- تُوفِّيَ في أيْ شهرٍ؟ في رَمضانَ.
المتصلةُ:- تُوفىَّ في رَمضانَ.
المقدمُ:- الصوتُ ما واضحٌ توفيَ بعدَ رَمضانَ؟
المتصلَةُ:- بَعْد رَمضانَ.
المقدمُ:- وهُوَ هلْ صامَ رمضانَ كامِلًا؟
المتصلةُ:- ما صامَ
الشَّيخُ:- امتدَّ مرضُهُ حتَّى توفِّيَ.
المتصلةُ:- أيوه.
الشيخُ:- استمرَّ مريض حتى ماتَ ما صارَ صحيح فترة منَ الزَّمنِ بيْنَ رَمضانَ وبينَ وفاتِهِ؟ ما تَعافَى مُدَّة مِنَ الزَّمانِ؟
المتَّصِلةُ:- كانَ أَحْيانًا يتكلمُ مَعِي يَقُولُ كَلام ما يَدْري
الشيخُ:- يَعْني عقلهُ ما هُوَ معهُ.
المتصلةُ:- لا
الشيخُ:- ما كانَ حاضر الذِّهْنِ.
المتصلةُ:- لا
المقدمُ:- السؤالُ الثاني إِذا كانَ سُؤال ثاني أَبرار
المتصلةُ:- السؤالُ الثَّاني الغِيبةُ في ناسِ اغتابنا هَلْ يَقْدرونَ يطلبونَ مِنَّا السَّماحَ ويكونُ يَشْملُ هذا السماح الغيبةَ.
المقدمُ:- طيب خير إنْ شاءَ الله كفارةُ الغِيبةِ يَعْنِي.
المتصلةُ:- السؤالُ الثالثُ
المقدمُ:- طيب نكْتَفِي بِالسؤالينِ لمْ نستمعْ لِلسؤالِ الثالثِ لعلكُمْ تردونَ شَيْخ خالدُ باركَ اللهُ فيكمْ.
الشيخُ:- السؤالُ الأولُ موضوعُ أنهُ لم يتمكنْ مِنَ القَضاءِ يعْني هُنا ما فهمْتُ مِنَ الأُختِ بوضُوحٍ إِذا كانَ المريضُ الَّذِي تُوفِّيَ وَغفرَ اللهُ لهُ غابَ عقلُهُ بمعْنَى أنَّهُ لا يدركُ هَذا ليسَ عليهِ صِيامٌ ولا عليهِ إِطعامٌ لأَنَّ الصِّيامَ وَالإطْعامَ إِنَّما في حقِّ منْ كانَ عقلهُ مَعهُ فعليْهِ الصيامُ، وأَما منْ كانَ عقلُهُ غائبًا بِسببِ المرضِ يَعْني غابَ عقلُهُ لا يُدركُ رُفِعَ عنْهُ القلمُ، فَهَذا لا شيءَ علَيْهِ وَهُو اللي ما يميز الخرف والهرم ونحوهم.
أَما إذا كانَ المريضُ معهُ عقلهُ، ولكنهُ لا يَستطيعُ الصومَ بسببِ المرضِ، فالمرضُ إنْ كانَ مَرضًا مُستمرًا فعليهِ إِطعامُ وَلا صِيامَ عليهِ، إِن كانَ مرضهُ مُستمرًا لا يقوىَ عليهِ معَ الصِّيام فعليهِ الإِطعامُ يُطعمُ عنْ كلِّ يومٍ مِسكينًا، مادامَ عقلهُ معهُ ولا يُطيقُ الصومَ علَى وجهِ الدَّوامِ.
أمَّا إذا كان المرضُ عارِضًا وَعقلهُ معهُ ولم يَصُمْ، فَفِي هَذهِ الحالِ عليهِ القضاءُ، لكنْ إِنْ كانَ قدْ ماتَ قبلَ تمكنهِ مِنَ القَضاءِ بِأنِ استمرَّ معهُ المرضُ مرضَ في رمضانَ مرِضَا عارِضا وامتدَّ المرضُ إِلَى أنْ توفِّي مَثلاً في شَوَّال أوْ في ما بعدَ شوَّال توفِّيَ لكنْ في كلِّ هذهِ المدَّةِ لا يُمكنُ يقضِي لأنهُ مريضٌ، ففِي هذهِ الحالِ لا قَضاءَ عليهِ ولا كفَّارةَ.
أَما إِذا كانَ أَدْرَكَ مدةًّ يستطيعُ فِيها القَضاءَ، بمعْنَى أفْطَرَ أَيَّامًا مِنْ رَمَضانَ وَاسْتمرَّ مَريضًا حَتَّى بَعْدَ رمضانَ وصحَّ طابَ ثمَّ لمْ يقضِ حتَّى ماتَ، ففِي هذهِ الحالِ منْ ماتَ وعليهِ صوْمٌ صامَ عنهُ وليُّهُ هذهِ هِيَ الأَحوالُ المتعلِّقةُ بِالقضاءِ بِالنسبةِ لمنْ أفطَرَ في رَمَضانَ، سواءٌ لعذرٍ ممتدٍ مرضٍ ممتدٍ أو مرضٍ عارضٍ.
المقدمُ:- بالنسبةِ يا شيْخنا باركَ اللهُ فيكمْ لمنْ يقعُ في حالةِ إِغماءٍ في المستشفياتِ فيمرُّ عليهِ شهرُ رمضانَ دُونَ أنْ يشعُرَ.
الشيخُ:- هذهِ المسألةُ لِلعلماءِ فِيها قولانَ؛ منْ أهلِ العلمِ منْ يقولُ: إنَّ عليهِ القضاءُ لأنهُ مكلفٌ وهوَ يشبهِ النائمَ، ومنهمْ منْ يقولُ: إنَّ المغْمَى عليهِ لا يَصْلُحُ منهُ صومٌ وليسَ كالنائمِ حتَّى يُفرضَ عليهِ القضاءُ لأنهُ لم يُدركْ وقدْ قالَ النبيُّ –صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «رُفِعَ القلَمُ عنْ ثلاثٍ»مسندُ أحمد (940)، والترمذيُّ (1423)، وقالَ مُحققُو المسندِ: صحيحُ لِغيرهِ  وَالإشكالِيَّةُ في المغْمَى هلْ يَلحقُ بِالمجنونِ أوْ يَلْحقُ بِالنائمِ؟
المجنونُ لا علاقَةَ عليهِ بِالاتِّفاقِ، والنائمُ عليهِ القضاءُ باِلاتفاقِ، لكنْ المغْمى عليهِ تتنازعُهُ حالان؛ أنهُ غِيابُ عقلٍ قدْ لا يكونُ دائِمًا، ولكنِّهُ في الحقِيقةِ غِيابُ عقْلٍ غير اختيارِيِّ مثلُ: المجنونِ فهوَ ليسَ كالنائمِ غيابُ عقلهِ اختيارِيِّ بِنومهِ، فالَّذِي يظهرُ لي وَاللهُ تعالَى أعلمُ أنهُ إِذا أغْمِي علَى الإنسانِ شَهْرًا كامِلًا أوْ أَيامًا منْ رَمضانَ فإنَّهُ لا قَضاءَ عليهِ فِيما فاتهُ مِنْ صوْمٍ وهُوَ مُغْمَى عليهِ.
المقدمُ:- جزاكمُ اللهُ كُلَّ خيرٍ.
الشيخُ:- نسأل اللهُ أنْ يُعافيَنا وَيُعافِي الجميعَ وأنْ يَدفعَ عَنَّا وَعنكمُ البَلاءَ وأنْ يشْفي مَرضانا وَمَرْضَى المسلمينَ.
المقدمُ:- خِتام الأسئلةِ مِنَ الأُخْت أَبرار حولَ كفارةِ الغِيبةِ هلْ يمكنِ لِلمغتابِ أنْ يخبرَ الشخصَ الَّذي اغتابهُ وَيقولُ لهُ قلتُ فيكَ بالأمسِ كَذا وكَذا أوْ أنهُ يستغفرُ اللهَ –سُبحانهُ وَتَعالَى- دُونَ أنْ يخبرَ أَحَدا حتىَّ لا يقعَ هُنالكَ إِشْكالٌ؟
الشيخُ:- اللهمُّ اعْفُو عَنَّا وعنكُمْ فِيما يتَعلَّقُ بإلقاءِ الغِيبةِ، الغيبةُ مِنْ أَخْطرِ الذُّنُوبِ وَأعظَمِها وقدْ عَدَها جماعاتٌ منْ أهلِ العلمِ مِنْ كبائرِ الذُّنُوبِ، فعلَىَ المسلمِ أنْ يحفظَ لِسانهُ وأنْ يَتوَقَّى الحديثَ عَنْ غيرهِ ما اسْتطاعَ مِنْ ذلكَ سَبيلا إلا بِالخيرِ، فَإِنْ وَقَع في الغِيبةِ وأرادَ التَّوْبَةِ فَالتَّوْبِةُ لَها شِقَّانِ؛ توبةٌ في حَقِّ اللهِ بِالاستغفارِ، وتوبةٍ في حقِّ المغتابِ الَّذِي تكلَّمْتَ في عرْضِهِ بغيرِ حَقِّ في أنْ تَسْتبيحهِ مِنَ المظلمةِ بِمعْنَى أنْ تطلُبَ مِنْهُ العَفْوَ.
هُنا في الحَقِيقةِ طلبُ العفوِ إِذا كانَ يؤملُ منهُ المسامَحةُ، فَهذا طيبُ وبهِ يتحققُ يقينًا براءةُ الذِّمَّةِ، وَإِذا كانَ يخْشَى أنْ إِذا أخبرهُ بأنهُ اغتابهُ وَتَكلمَ عنهُ أنْ يزيدَ الأمْرَ سُوءًا وأنْ تَنشأَ شَحْناءُ أَوْ مُخاصماتٍ ففِي هَذِهِ الحالِ يُكْثرَ منَ التَّوبةِ والاستغفارِ ويذكرُ هَذا الَّذي ذكرهُ بِسوءٍ في المجلسِ يذكرهُ بخيرٍ يعلمُهُ فيهِ وَيكثرَ منَ الإحْسانِ إليهِ ما استطاعَ في غيبتهِ وفي حُضورهِ، في غيبتهِ بِالدعاءِ والذكرِ الحسنِ، وفي حضورهِ بِالإكرامِ وأَوْجُهُ الإِحسانِ الَّتي تناسبُ حالَهُ.
نسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ الكريمِ أنْ يُعينَنا علَى أنفُسِنا وأنْ يحفظَ أنفُسِنا منْ قولِ الزورِ والعملِ ِبهِ.
المقدمُ:- اللهمَّ آمين جزاكمُ اللهُ كُلَّ خيرٍ شيخنا وأحسنَ إليكمْ علَى ما تفضلتُمْ بهِ مِنْ إلقاءِ الدَّرسِ حولَ إِعْمارِ العشرِ منْ رَمضانَ واغتنامِ هذهِ اللَّيالِي قدرَ المستطاعِ، واستغلالها عَلَى الوجْهِ الأمثلِ، وما تفضلتمْ بهِ أيضًا حولَ الإجابةِ علَى أسئلةِ المستمعينَ نفعَ اللهُ بكمْ يا شَيْخنا وزادكمْ منْ علمهِ وفضلهِ.
شكرَ اللهُ لكمْ فضيلةَ الشيخِ الأُستاذُ الدكتورُ أستاذُ خالد المصلح أُستاذ الفقهِ بجامعةِ القصيمِ شكرَ اللهُ لكمْ يا شَيْخنا ولعلَّكمْ إنْ شاءَ اللهُ تَكونونَ مَعنا في الدرسِ الأخيرِ في يومِ الخميسِ القادمِ بإذنِ اللهِ تعالَى مِنْ هذهِ الليالي المباركةِ.
الشيخُ:- بلَّغنا اللهُ وإياكمُ الخيراتِ وأُوصيكمْ ونَفْسِي بالجدِّ والاجْتهادِ وَالدُّعاءِ في هذهِ اللَّيالي لأَنْفسكمْ ولمنْ تُحبونَ ولموتاكمْ ولمرضاكمْ ولوطنكمْ وَلولاةِ أمركمْ ولعامَّةِ الناسِ لعلَّ اللهَ أنْ يرفعَ البلاءَ ويحسنَ الحالَ ويجملَّ العاقبةَ لِلجميعِ، وأنْ يختمَ لَنا وإياكمْ بالعفوِ والمغفرةِ والرضوانِ وصلَّى اللهُ وسلَّم علَى نبينا محمدٍ والسلامُ عليكُمْ ورحْمةُ اللهِ وبركاتُهُ.
المقدمُ:- وعليكمُ السلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ أيضًا أنتمْ مُستمعينا الكرام الشكرُ مَوصولٌ لكمْ عَلَى طيبِ المتابعةِ والإِنْصاتِ.

المادة السابقة
المادة التالية

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94737 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات90409 )

مواد مقترحة

445. Jealousy
8198. مقدمة.
8257. مقدمة