×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

رمضانيات / برامج رمضانية / فإني قريب / الحلقة (11) أحسنوا الظن بالله أيها الداعون

مشاركة هذه الفقرة Facebook Twitter AddThis

تاريخ النشر:الاثنين 22 ربيع الأول 1447 هـ - الاثنين 15 سبتمبر 2025 م | المشاهدات:57

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، أحمده حق حمده له الحمد كله أوله وآخره، ظاهره وباطنه، أحمده جل في علاه فهو المحمود على كل نعمة وإحسان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صفيه وخليله خيرته من خلقه، اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

أما بعد:

فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً بكم أيها الإخوة والأخوات،حياكم الله في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم فإني قريب، في هذه الحلقة إن شاء الله تعالى سنتناول أدباً مهماً في حياة المسلم عموماً وفي دعائه لربه على وجه الخصوص، إنه حسن الظن بالله تعالى، حسن الظن بالله تعالى باب عظيم من أبواب الخير به يستنطر العبد فضل الله عز وجل، وبه يدرك أمانيه، وبه يسلم من مخاوفه، كيف لا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: « يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني »، وقد أخرج أ؛مد في مسنده عن حيان بن أبي النظر قال: دخلت مع واثلة بن الأثقع على أبي الأسود الجرشي في مرضه الذي مات فيه فقال له واثلة: واحدة أسألك عنها، فقال له أبو الأسود: وما هي يا واثلة؟ قال: كيف ظنك بربك؟ فقال له أبو الأسود: وأشار برأسه أي: حسن، قال واثلة: أبشر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « قال الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء »، وقد جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: « لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن »، إنه لا يمكن أن يتحقق للمؤمن أن يموت على هذه الحال من حسن الظن بالله تعالى إلا إذا كان مستصحباً ذلك مدة حياته وأيام عمره، إن حسن الظن بالله تعالى أن تتوقع منه كل إحسان، وأن تتوقع منه كل بر وخير، فمن ظن به جل في علاه خيراً في نفسه وفي أهله وفي ماله وفي بلده وفي شأنه كله فإنه جل وعلا يحقق ظن العبد فيه، كما قال في الحديث الإلهي: « إن عند ظن عبدي بي »، إلا أن حسن الظن بالله تعالى لا يعني الاغترار بحال من الأحوال فشتان بين من يحسن الظن بالله عز وجل على الصدق والحقيقة، وبين من هو مغتر بالله عز وجل مسرف على نفسه بألوان المعاصي والسيئات، إنما يعتقده بعض الناس من الرجاء وحسن الظن مع الإصرار على المعاصي إنما مثلهم في ذلك كمثل من رجا حصاداً وما زرع، ومن رجا ولداً وما نكح، ومن رجا فوزا ولم يعمل، قال الحسن البصري رحمه الله: إن قوماً ألهتهم أمان المغفرة حتى خرجوا من الدنيا وليست لهم حسنة يقول أحدهم: إني لحسن الظن بربي وكذب لو أحسن الظن بربه لأحسن العمل، الله أكبر ما أجل هذا الكلام وما أعظمه، إنها قاعدة كبرى يتبين بها حقيقة حسن الظن بالله تعالى، إن حسن الظن بالله تعالى يقتضي إصلاح العمل، ويقتضي القيام بما أمر الله تعالى به رغبةً فيما عنده وخوفاً من عقابه جل في علاه، فليس محسناً للظن بالله عز وجل من أسرف على نفسه بألوان المعاصي ثم توقع من الله تعالى العطاء والإحسان فإنه سوء ظن بالله عز وجل أن تتوقع أنه يقابل الإساءة بالإحسان، فقد قال جل في علاه: ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ﴾[الشورى:40].

أيها الإخوة والأخوات! إن حسن الظن بالله تعالى ثمرة العلم به، ثمرة معرفته جل في علاه، ثمرة العلم بأسمائه وصفاته، فإن كل اسم من أسماء الله تعالى كما كل صفة من صفاته جل وعلا توقف العبد على كمال للرب جل في علاه له من العبودية ما يخصه، وله من التعبد ما يناسبه، وله من الثمار في السلوك والعمل ما ينتج عن مجموعه حسن الظن بالله تعالى، ولك أن تتأمل ذلك في أسمائه وصفاته، فمن علم أن الله هو الرحمن الرحيم امتلأ قلبه بحسن الظن بالله تعالى أنه سيوصل  إليه كل رحمة، أنه سيوصل إليه كل إحسان، وأنه سيصرف عنه كل سوء وشر.

أيها الإخوة والأخوات! إن حسن الظن بالله تعالى في باب الدعاء من أعظم أسباب الإجابة، فإن كل من هتف يا الله يا رب أو رفع يديه إلى الله عز وجل في مسألة ينبغي له أن يحسن الظن به جل في علاه، ومن ذلك: أن يجزم في مسألته، إن التردد في المسألة إما أن يكون عن ضعف في رغبة السائل، وإما أن يكون شكاً في قدرة المسئول على تحقيق الطلب، ولذلك جاء في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة ولا يقولن: اللهم إن شئت فأعطني فإنه لا مستكره له »، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: « لا يقولن أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت »، ليعزم المسألة فإنه لا مستكره له، وفي لفظ لمسلم: « وليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه »، وفي رواية أخرى قال: « فإن الله صانع ما شاء لا مكره له ».

إن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن التردد وأمر بالعزم لما في ذلك من حسن الظن بالله تعالى، فقد فسر بعض أهل العلم العزم الوارد في هذه الأحاديث بحسن الظن بالله تعالى في الإجابة، وإن من دواعي حسن الظن بالله تعالى أن تنظر إلى عظيم جوده، وكبير فضله وإحسانه، وأن لا تنظر إلى ما عندك من تقصير أو قصور فإن ذلك حال كل إنسان، قال سفيان بن عيينة: لا يمنعن أحدكم من الدعاء ما يعلم من نفسه فإن الله عز وجل أجاب دعاء شر الخلق إبليس لعنه الله إذ قال: ﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ *﴿ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ﴾[الحجر:36-37].

إن حسن الظن بالله تعالى يقتضي أن يدعوا الداعي وهو ممتلئ القلب يقيناً بأن الله على كل شيء قدير، كما قال جل في علاه: ﴿ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾[النحل:40]، وكما قال سبحانه وبحمده: ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾[يس:82]، فإذا امتلئ قلب العبد بذلك حسن ظنه بالله عز وجل.

كما أن من دواعي حسن الظن بالله تعالى في مقام الدعاء: أن يستحضر الداعي غنى  الله جل في علاه، فهو جل في علاه الذي له ملك السماوات والأرض، كما قال سبحانه وبحمده: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾[الحجر:21]، وقد جاء في الصحيح من حديث أبي ذر رضي الله عنه في الحديث الإلهي أن الله تعالى قال: « يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر »، وهذا يدل على كمال قدرته وعلى كمال ملكه وعلى كمال غناه، وعلى سعة علمه وسمعه وبصره، وأنه سبحانه وبحمده كما قال: ﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾[المائدة:64].

وقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « يد الله ملئا لا يغيظها نفقة زحاء الليل والنهار »، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغظ ما في يده وكان عرشه على الماء، وبيده الميزان يخفض ويرفع، إذا علم المسلم ذلك أقبل على الدعاء وهو موقن بالإجابة، وأن الله لا يتعاظمه شيء يعطيه جل في علاه، وحقق ما أمر به في قوله صلى الله عليه وسلم: « أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة »، ومن حسن ظن المؤمن بالله عز وجل أن يعلم أنه لن يعود من دعاء الله عز وجل إلا بخير، فما من مسلم يدعوا الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله تعالى بها إحدى ثلاث خصال: إما أن يجيبه إلى ما سأل، وإما أن يدفع عنه من الشر نظير ما سأل، وإما أن يدخرها له في الآخرة، قالوا: يا رسول الله إذاً نكثر، فقال صلى الله عليه وسلم: « الله أكثر »، إن أحسن ما يعطاه المؤمن حسن ظنه بالله عز وجل، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: والله الذي لا إله إلا هو ما أعطي عبد مؤمن قط شيئاً خيراً من حسن الظن بالله، والله الذي لا إله إلا هو لا يحسن عبد الظن بالله إلا أعطاه الله ظنه، وذلك أن الخير في يديه، فمن أعطي حسن الظن أعطي خيراً كثيراً.

اللهم ارزقنا حسن الظن بك، وصالح العمل ظاهراً وباطنا، وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم فإني قريب، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات95496 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات91246 )

مواد مقترحة

452. Jealousy
8216. مقدمة.
8275. مقدمة
12170.