المتصلةُ: ما حكمُ الحماماتِ المغربيةِ عمومًا؟ وما هي عورةُ المرأةِ أمامَ الأخرَى في حالِ الحماماتِ المغربيةِ أو مثلًا النتفُ للمرأةِ، نتفُ شعرِ المرأةِ.
المقدمُ: أمُّ سليمانَ مِنَ الرياضِ ذكرْتُ تسألُ عَن حُكمِ الذهابِ إلى ما يُسمَّى بالحماماتِ المغربيةِ، كذلكَ سألَتْ عَنِ عورةِ المرأةِ أمامِ المرأةِ في مثلِ هذه الأماكنِ.
الشيخُ: في ما يتعلقُ بالحماماتِ المغربيةِ هي أماكنُ تنظيفٍ وبالتالي ينبغي أن يُراعَى فيها ما يجبُ مُراعاته في سترِ العَوْراتِ، النبيُّ ـ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ جاءَ عنهُ في الصحيحِ قالَ: «لا ينظرُ الرجلُ إلى عورةِ الرجلِ ولا المرأةِ إلى عورةِ المرأةِ»صحيح مسلم (338) هذا هو الأصلُ، ولا يخرجُ عَن هذا الأصلِ إلا إذا اقتضَتْ ذلكَ مصلحةٌ أو حاجةٌ، وبالتالي يجبُ على المرأةِ أن تحفظَ عورتَها مِنَ المرأةِ كما تحفظُها مِن غيرِها؛ لأنَّ العوراتِ وإن كانَ تختلفُ عورةُ المرأةِ بالنسبةِ للمرأةِ وعورةُ الرجلِ بالنسبةِ للرجلِ وعورةُ المرأةِ بالنسبةِ للرجلِ؛ لكن في الجميعِ ما كانَ عورةً يجبُ سترُه ولا يجوزُ كشفُه إلا لحاجةٍ تدعُو إلى ذلكَ، ولا يمكنُ أن تتحققَ إلا بالكشفِ.
ولذلكَ أنا أوصي أخواتي في ما يتعلقُ بوسائلِ التنظيفِ أن تُباشرَها بنفسِها، المرأةِ أنْ تباشرَ هذه العمليةَ عملياتِ التنظيفِ عمومًا بنفسِها، سواءٌ في بيتِها أو في مكانٍ معينٍ، لكن لا تجعلْ عورتَها وما يجبُ سترُه مباحًا لمن ينظرُ ومَن يشاهدُ، يعني هُناك أحيانًا الفارقُ هو ليسَ في إتقانِ إزالةِ ما يحتاجُ إلى إزالتِه وتنظيفِ ما يحتاجُ لكن هُناك الفارقُ إنه أحسنُ يعني وأفضلُ، أحسنُ وأفضلُ هذا لا يُبررُ، ليسَ حاجةً، إنما إذا كانَ حاجةً بمعناها المعروفِ أنَّ هُناك حاجةً لا تتمُّ إلا بتدخلٍ فعندَ ذلكَ الحاجةُ تقدَّرُ بقَدرِها.
ثُم إن الحاجةَ هُنا مسألةٌ أُنبه إلَيها أخواتي وعمومَ المؤمنينَ مِن رجالٍ ونساءٍ في كشفِ العوراتِ، لما يذهبُ رجلٌ يريدُ أن يكشفَ عندَ رجلٍ في منطقةِ العورةِ مثلًا لا يعني هذا أنه خلاص أصبحَتِ العورةُ لا حرمةَ لها، تلقاه مِن دخولِه إلى خروجِه قدْ عرَّى نفسَه، كذلك المرأةُ ينبغي أن تعرفَ أنه إذا دخلَتْ عندَ مَن تحتاجُ إلى أن تكشفَ العورةَ عندَها، ما هو عورةُ عندَها سواءٌ العورةُ المخففةُ أو العورةُ المغلظةُ، كذلك الرجلُ يَنبغي أن نُراعيَ الوقتَ والحاجةَ التي تَقتضي الكشفَ، وبالتالي إذا المرأةُ مثلًا تحتاجُ إلى أنه يكشفُ عَلَيها في وجهِه، تدخلُ أخواتُنا تكشفُ وجهَها مِن أولِ ما تدخلُ إلى ما تطلعُ، هذا ما فيه حاجةٌ، الحاجةُ هو عندَ الكشفِ، أَزيلي ما يحتاجُ إلى أنْ يعرفَه الطبيبُ ويشاهدُه الطبيبُ دونَ أن يكونَ هذا ممتدًّا في وقتِ الحاجةِ تُقدَّرُ بقدرِها يعني المدةَ التي تَقتضيها.
وبالتالي إذا احتاجَت إلى مَن يَعينها في هذه وسائلِ التنظيفِ، فإنها لا يَعني هذا أن تكونَ خلاص زالَتِ الحرمةُ بالكليةِ وتُبدي عورتَها دونَ تحفظٍ ولا احتياطٍ للسترِ، جاءَ في ما رواهُ أحمدُ بإسنادٍ جيدٍ مِن حديثٍ بَهِزِ بنِ حكيمٍ عَن أبيهِ عَن جدِّه أن النبيَّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- سُئلَ قيلَ: يا رسولَ اللهِ عوراتُنا ما نَأتي منها وما نذرُ، يعني ما الذي نكشفُه مما لا نكشفُه، وما الذي نسترُه مما لا نسترُه قالَ: «احفَظْ عورَتَك فإنْ استطعْتَ أن لا يريَنَّها أحدٌ فافعَلْ»سنن الترمذي (2769)، وسنن ابن ماجة (1920).
وهذا معناهُ أنه ينبغي حفظُ العوراتِ وأن تصانَ عَن أن يَراها أحدٌ ما أمكنَ ثُم سُئلَ الرجلُ يكونُ خاليًا قالَ: «اللهُ أحقُّ أنْ يستحيَ منهُ»سنن الترمذي (2769)، وسنن ابن ماجة (1920) حتى في حالِ الخَلوةِ ينبغي أن يستعملَ الحياءَ معَ اللهِ ـ عزَّ وجلَّ ـ فاللهُ يرَى ويبصرُ ـ جلَّ في عُلاه ـ فمِن توقيرِه وإجلالِه أنْ يصونَ الإنسانُ عَن أن يكشفَ عورتَه في حالِ الخلوةِ، هذا في حالِ الخلوةِ فكيفَ في ما إذا كانَ هناك مَن يجبُ حفظُ العوراتِ مِن أنظارِهم، لا شكَّ أنَّ الأمرَ ينبغي أنْ يُراعَى وأن يحفظَ وأن لا يتساهلَ فيه.
ثم جانبٌ آخرُ وهو مهمٌّ أنه عندَما نقولُ: يجوزُ كشفُ العورةِ للحاجةِ ينبغي أن يقيدَ ذلكَ بأنْ تُؤمنَ الفتنةُ؛ لأنه أحيانًا قد يأمنُ الإنسانُ نفسَه لكن لا يأمنُ الطرفَ الآخرَ لاسيَّما معَ شيوعِ هذا الانحرافِ الموجودِ عندَ كثيرٍ ممَّن قدْ يستزلُّهمُ الشيطانُ فتميلُ المرأةُ إلى المرأةِ أو يميلُ الرجلُ إلى الرجلِ، فإذا كنتَ أنت أو كانَ هو قد أمِنَ أنه يكونُ في سوءٍ مِن قِبَلِه لكن لا يأمنُ مِنَ الطرفِ الآخرِ الذي سيُبدي له عورتَه، فبالتالي لا بُدَّ مِنَ الصيانةِ والتحفظِ، والحياءُ شعبةٌ مِنَ الإيمانِ، نسألُ اللهَ أنْ يُعينَنا على استعمالِه.