المقدمُ: نحنُ الآنَ يا شيخُ كثيرٌ مِنَ البيوتِ الآنَ استعدادٌ وشبهُ استنفارٍ أيضًا؛ لأنهُ الاستنفارُ يكونُ موجودًا الآنَ للأسفِ حولَ الاختبارات يا شيخُ نريدُ أن نقفَ معَها، نريدُ أنْ تكونَ هذه الوقفاتُ يا شيخُ موجهةً إلى الأسرةِ في المقامِ الأولِ يا شيخُ ثُم إلى أبنائِنا أيضًا الطلابِ والطالباتِ ثُم إلى إخواننا وزملائِنا مِنَ المُعلمينَ والمعلماتِ حفِظكمُ اللهُ.
الشيخُ: الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين وأُصلِّي وأُسلِّمُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه أجمَعين، أما بعدُ:
توصيفُ هذهِ الفترةِ بأنها فترةٌ استنفارِ هو واقعُ كثيرٍ مِنَ البيوتِ، وبالتأكيدِ أنَّ فترةَ الاختباراتِ في كلِّ الأحوالِ سواءً كانَ الطالبُ مجدًّا أو كانَ مُهمِلًا هي فترةٌ تحتاجُ إلى عنايةِ وتحتاجُ إلى بعضِ الوقفاتِ المتعلقةِ بأطرافٍ عديدةٍ مِنها الأسرةُ، الأسرةُ بالتأكيدِ هي النواةُ الأولَى التي عَنها يكونُ الإنتاجُ المباركُ النافعُ أو يكونُ عكسَ ذلكَ الإنتاجِ الذي يفسدُ أو لا ينفعُ في المجتمعِ على أقلِّ الأحوالِ.
الأسرةُ مِنَ الأبِ والأمِّ والأخوةِ لا نحيطُ ذلكَ بطرفٍ بلِ الأسرةُ هي تجمعٌ بشريٌّ مصغرٌ، المسؤوليةُ فيه متوزعةٌ، وليستْ مرتكزةً على رُكنٍ مِنها أو على أحدِ أفرادِها في الغالبِ؛ لأنَّ الولايةَ فيها مشتركةٌ كما قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ: «كلُّكُم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عَن رَعيتِه» وذكرَ «المرأةُ راعيةٌ في بيتِ زوجِها ومسؤولةٍ عَن رَعيتِها»صحيح البخاري(893)، وصحيح مسلم (1829).
كذا الأخُ الكبيرُ راعٍ ومسؤولٌ عَن رعيتِه، الأختُ الكبرَى لها ولاية على مِن دَونِها مِنَ الصغارِ بالتوجيهِ، فالمسألةُ تقتصرُ فقطْ عندَما نتحدثُ عَنِ الأسرةِ، عَنِ الأبِ والأمِّ بالتحديدِ، بلْ عَن كلِّ مَن لهُ تأثيرٌ سواءٌ كانَ أبًا أو أمًّا أو ابنًا أو أخًا أو أختًا أو صغيرًا أو كبيرًا، فكلُّ مَن لهُ تأثير، وهَذا ملاحظٌ أنَّ الأُسرَ يتفاوتُ فيها التأثيرُ، فقدْ لا يكونُ للأبِ تأثيرٌ، وقدْ لا يكونُ للأمِّ تأثيرٌ، إنما التأثيرُ لغيرِهما، فالمقصودُ كلُّ مَن له تأثيرٌ ينبغي أنْ يعتنيَ بهذه الفترةِ في ما يتعلقُ بمراعاةِ نفسياتِ الأبناءِ والبناتِ المختبرينَ، فإنَّ مراعاةَ نفسيتِهم مهمةٌ.
ومراعاةُ النفسيةِ ليسَ المقصودُ بها الإسرافُ في التدليلِ وتطويعُ الرغباتِ والشهواتِ، لا، المقصودُ بها تهيئةُ الأجواءِ المناسبةِ لهذه الفترةِ التي يُؤدي فيها الأبناءُ والبناتُ والطلابُ والطالباتُ على اختلافِ مراحلِ تعليمِهم اختباراتٍ تحصيليةً أو اختباراتٍ يحصدونَ بها جهدَ عامٍ كاملٍ، لا بُدَّ مِن تَهيئةِ الجوِّ لهذه الفترةِ بكلِّ ما تُعنيه الكلمةِ مِنَ الاهتمامِ والعنايةِ والحثِّ والترغيبِ.
وقدْ يكونُ الترهيبُ أحيانًا فهذا يختلفُ باختلافِ الأبناءِ والبناتِ والطلابِ والطالباتِ، أيضًا بتخفيفِ الأعباءِ التي تشغلُهم عَنِ الدراسةِ، أيضًا هنا مسألةٌ مهمةٌ وهي تأكيدُ الحفاظِ على الوقتِ؛ لأنَّ الغالبَ أنَّ كثيرًا مِنَ الأبناءِ والبناتِ قدْ تسرقُهم الشواغلُ ويسرقُ أوقاتَهم الاشتغالُ بالأجهزةِ المعاصرةِ، وتجدُ الابنَ يَمضي وقتًا طَويلًا في الغرفةِ على أنه يذاكرُ، وكذلك البنتُ، والغالبُ في الأبناءِ يعني الغالبُ في الذكورِ يعبثُ في.
المقدمُ: يعني البناتُ يا شيخُ أكثرُ حِرصًا مِنَ الذكورِ يا شيخُ؟
الشيخُ: واللهِ بالملاحظةِ أنه جنسُ البناتِ أكثرُ عنايةٍ بالتعليمِ مِن جنسِ الذكورِ، وهذه يبدو لي ليستْ خاصةً بمجتمعِنا بل هي عامةٌ، وفي كلِّ الأحوالِ نحنُ نوجهُ الخطابَ للجميعِ ذكورًا وإناثًا، ينبغي أن نحذرَ مِن سرقةِ الأوقاتِ؛ لأنه قدْ يَمضي وقتٌ؛ هذه الأجهزةُ مِن حُبنا عَلَيها يمكنُ أنْ يستدركَ ما فاتَه مِنَ المطالعةِ فيها في أوقاتٍ أخرى، لكنَّ المهمَّ أنْ يوفرَ جهدَه في إتقانِ ما سيُختبَرُ فيهِ.
مِنَ الأمورِ التي ينبغي أن تركزَ علَيها الأسرةُ تربيةَ أولادِهم ذكورًا وإناثًا، أبناءً وبناتًا على الرقابةِ في ما يتعلقُ بحقِّ اللهِ تعالى في الصلواتِ أنْ لا يُضيعوها، في ما يتعلقُ بعدمِ الغشِّ؛ لأنه بعضُ الأسَرِ قدْ تشجعَ على هذا المهمِّ أنك تنجحُ، المهمُّ أنك تُحصِّلُ درجةً، فيعلمُ الأبُ أو الأمُّ أو المؤثرُ في البيتِ أنَّ مَن في بيتِه مِن أبناءٍ أو بناتٍ يمارسُ الغشَّ أو يتفننُ فيهِ أو يعدُّ له ويتغاضَى عَن هذا، وهذا غلطٌ ينبغي أن يُنبهَ إلى هذه الإشكاليةِ.
والمقصودُ أنَّ الأسرةَ عونٌ لولدِهم في ما يتعلقُ بهذه الفترةِ، مِن أوجهِ عونِ الأسرةِ للأولادِ هو التوعيةُ والتبصيرُ بأخطارٍ تحيطُ بهذهِ الفترةِ مِن رواجِ الحبوبِ المنشطةِ، ترويجُ بعضِ أنواعِ الحبوبِ التي تعينُ على الاستذكارِ وهي تدمرُ الذاكرةَ وتدمرُ النفسيةَ وهي مفتاحٌ وخطوةٌ إلى المخدراتِ، إن لم تكنْ مخدراتٍ في بعضُ صورِها كالكورتيجون وما إلى ذلكَ، والمروِّجُ لها كثيرٌ.
وذاك أنَّ الفترةَ يحتاجُ فيها الطالبُ إلى استذكارٍ، يحتاجُ فيها إلى بذلِ مزيدٍ مِنَ الجهدِ، وهذه قدْ تُعطيهِ شيءٌ مما يطلبُ على وجهٍ مُؤقتٍ، لكنها تدمرُ ما يكونُ مِن نفسيةٍ وعقلٍ وقدراتٍ، كما أنها تفتحُ بابًا واسعًا للمخدراتِ التي تنتهي بدمارِ الحياةِ وفسادِ الدينِ والدنيا.
أيضًا مِنَ العنايةِ، العنايةُ بالصحبةِ سواءٌ ذكورًا أو إناثًا، تنبيهُ الأولادِ إلى مَن يَصحبُهم في هذه الفترةِ، ونؤكدُ هذه الفترةَ؛ لأنها فترةٌ فيها نوعٌ مِنَ الارتخاءِ في ما يتعلقُ بخروجِ الطلابِ والطالباتِ، فيحصلُ التأخرُ مِن بعضِ الأولياءِ في أخذِ أولادِهم فيصحَبونَ مَن قدْ يؤثرُ عَلَيهم، قدْ يخرجونَ مِنَ الاختبارِ مُبكرًا فيَذهبون يطوفونَ لا سيَّما الذكورُ في الشوارعِ أو في الطرقاتِ، ويُجري مِن تفحيطٍ وما إلى ذلكَ كما هو مشاهدٌ ومعروفٌ.
عنايتُنا بأبنائِنا هي جزءٌ مِن مَسؤوليتِنا، ذهابُه إلى المدرسةِ ليسَ مَعناهُ أنك خلعْتَ عِبءَ المسؤوليةِ على غيرِك وانتهَى دورُك بوضعِه عندَ بابِ المدرسةِ، ينبغي أن تعرفَ متى يخرجُ؟، مَن يخالطُ؟ مَن يصاحبُ؟ ماذا يفعلُ في المدرسةِ، كلُّ هذه أمورٌ لا بُدَّ مِنَ العنايةِ بها.