×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

رمضانيات / برامج رمضانية / فإني قريب / الحلقة (2) الدعاء هو العبادة

مشاركة هذه الفقرة Facebook Twitter AddThis

تاريخ النشر:الاثنين 03 رمضان 1435 هـ - الاربعاء 22 أكتوبر 2014 م | المشاهدات:4771

{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} سورة الأنعام الآية: 1، أحمدهُ حقَّ حمْدِهِ، لا أُحْصِي ثَناءً علَيْهِ كَما أَثْنَى علَى نفْسِهِ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدهُ لا شَرِيكَ لَهُ، شهادةً أَرْجُو النَّجاةَ بِها منَ النارِ، وأَشْهَدُ أَنَّ محمَّداً عبدُ اللهِ ورَسُولهُ صَفِيُّهُ وَخليلهُ، خيرتَهُ مِنْ خلْقِهِ، صلَّى اللهُ علَيْهِ وَعَلَى آلهِ وصَحْبِهِ، وَمِنِ اتبعَ سُنتهُ بإِحْسانٍ إِلَى يومِ الدِّينِ، أَمَّا بعدُ:

فالسلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ، وأَهْلاً وَسَهْلاً بكمْ أيُّها الإِخْوةُ والأَخواتُ في هذهِ الحلْقةِ الجديدَةِ مِنْ بَرنامجكُمْ: فَإِنِّي قَريبٌ.

 في هذهِ الحلقة نقفُ معَ قولِ النبيِّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: (الدُّعاءُ هُوَ العبادةُ)، الدعاءُ منْ أجلِّ القُرباتِ، ومنْ أعظمِ العِباداتِ، يكْفيهِ مَنزلةً وسُموَّ مَقامٍ وعلُوَّ قدْرٍ أَنَّ اللهَ -جلَّ في عُلاهُ- قالَ فيهِ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}سورةُ غافر، الآية: 60.

 وقدْ قالَ فيهِ النبيُّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- كَما في السننِ مِنْ حَديثِ النُّعْمانِ بنِ بَشيرٍ: (الدُّعاءُ هُوَ العِبادَةُ).

إنَّ الناظِرَ في الآيةِ وَالحديثِ يَرى أَمْراً عَظِيماً، وأَمْراً جلَلاً، فَاللهُ قَدْ تهَدَّدَ التاركينَ للدُّعاءِ بِدُخولِ جهنمَ داخرينَ، والنبيُّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يُعَرِّفُ الدُّعاءَ بالعبادةِ، والعبادةُ شأْنُها عَظِيمٌ وَمَقامُها كبيرٌ، إِنَّها غاية الخلق، كما قال الله –جل في علاه-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} سورة الذاريات، الآية: 56، فالدُّعاءُ مِنْ أَجلهِ خُلِقَ الناسُ.

فما هُوَ الدُّعاءُ؟ وَما المقصُودُ بِهِ؟ وَما الفرقُ بينَ الدُّعاءِ وَبينَ العِبادَةِ؟

الدُّعاءُ في اللغةِ لهُ مَعانٍ، منْها: النداءُ، فدَعا الرجلُ فُلاناً أي: ناداهُ وَصاحَ بهِ، وتَدَاعَى القومُ أَيْ: نادَى بعضُهمْ بَعْضاً، كَما أنَّ الدُّعاءَ يأْتي بمعْنَى: الابْتِهالِ والسؤالُ وَالطلبُ، ومِنْهُ: دُعاءُ العبدِ اللهَ –عزَّ وجلَّ-، فإنَّهُ يَسألُهُ وَيطلبُهُ وَيبتهِلُ إليهِ، وَيتضرّعُ إليهِ في مَسألتِهِ.

والدُّعاءُ في الشرعِ نَوْعانِ: دُعاءُ مَسألةٍ وطلبٍ، وَدُعاءُ عبادةٍ.

النوعُ الأولُ : أَمَّا دُعاءُ المسأَلَةِ والطلبِ فهوَ سُؤالُ اللهِ –عزَّ وجلَّ- قَضاءَ الحاجاتِ وكشفَ الكُرباتِ، سُؤالُ اللهِ –سُبحانهُ وبحمدهِ- إِغاثةَ اللَّهَفاتِ وحصُولَ المطلُوباتِ، مِنْ حَوائِجِ الدُّنْيا وَالآخِرةِ، وَهَذا هُوَ الشائعُ المنتشرُ في معْنَى الدُّعاءُ، دُعاءُ المسْأَلةِ وَالطلبِ، دُعاءُ مَنْ يقُولُ: "يا ربُّ أَعْطِني كَذا، يا رَبِّ اغْفِرْ لي، يا ربُّ ارزُقْني، يا ربُّ أَصلحْ شأْني".

أَمَّا النوعُ الثاني:فَدُعاءُ العبادَةِ، دُعاءُ طاعَةِ اللهِ –عزَّ وجلَّ-، دُعاءُ التقرُّبِ إليهِ –جَلَّ وَعَلا- بألْوانِ العِباداتِ، وصنوف الطاعات، إن هذا النوع من الدعاء يشمل جميع العبادات الظاهرةِ وَالباطِنةِ، القوليةِ والعمليةِ، الواجبةِ والمستحبةِ، فكُلُّ عبادةٍ يتقربُ بِها العبدُ إِلَى اللهِ –عزَّ وجلَّ- هِيَ دُعاءُ لهُ –جَلَّ في عُلاهُ-؛ فالذكرُ دُعاءٌ، والصَّلاةُ دُعاءٌ، والصومُ دُعاءٌ، والزكاةُ دُعاءٌ، والحجُّ دُعاءٌ، بِرُّ الوالديْنِ دُعاءُ، صِلةُ الأَرْحامِ دُعاءٌ، الصدْقُ في الحديثِ دُعاءٌ، أداءُ الأَماناتِ دُعاءٌ، تبسُّمُكَ في وَجْهِ أَخِيكَ دُعاءُ، حُسْنُ الخلُقِ دُعاءٌ، صبركَ دُعاءٌ، توكُّلُكَ علَى اللهِ –عزَّ وجلَّ- دُعاءٌ ، إِخباتُكَ للهِ –عزَّ وجلَّ- دُعاءٌ ، خشيتُكَ وخوْفُكَ منَ اللهِ –عزَّ وجَلَّ- دُعاءٌ، كُلُّ ذَلِكَ دُعاءٌ، فَالعِباداتُ بِشَتَّى صُوُرِها وأَنْواعِها، الظاهرةِ وَالباطِنةِ، الواجبَةِ وَالمستحبَّةِ، دُعاءٌ للهِ –عزَّ وجَلَّ-.

ووَجْهُ تسميتِها دُعاءُ:أنَّهُ ما مِنْ عابَدٍ يَعْبُدُ اللهَ –عزَّ وجَلَّ- بِنَوْعٍ مِنَ العِباداتِ والقُرُباتِ إِلَّا يَبْتَغِي منهُ العَطاءَ، وَيَسْأَلُهُ النوالَ، وَالإِثابَةِ عَلَى ما يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ الصالحِ مِنَ العَملِ، وَلهذا قالَ –جَلَّ وَعَلا-: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي} أَيْ: اعبُدُوني، {أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}سورةُ غافرٌ، الآيةُ: 60، وَقالَ –جلَّ في عُلاهُ-: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} سورةُ البينة، الآية: 5، كَما قالَ –سُبحانهُ-: {يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ} سورةُ الحجِّ، الآية: 12، وقالَ –جلَّ في عُلاهُ-: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ}سورةُ الفُرقانِ، الآية: 55، فَإِذا وضعْتَ في هذهِ الآياتِ العبادةَ موضعَ الدُّعاءُ، وَالدُّعاءَ مَوْضِعَ العِبادَةِ؛ اسْتقامَ المعْنَى وَاتَّضحَ، فالدُّعاءُ هُوَ العِبادةُ كَما قالَ النبيُّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلهِ وسلَّمَ-: (الدُّعاءُ هُوَ العِبادةُ) ، اسْمانِ يَتناولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُما الآخرَ عندَ تجرُّدهُ، فَإِذا قلْتَ الدُّعاءَ كانَ ذلِكَ شامِلاً لِلعبادةِ، وَإِذا قُلْتَ العبادة كانَ شامِلاً للدُّعاءِ، لكنْ عندَما يقترنانِ يَكُونُ الدُّعاءُ جُزْءاً مِنَ العِبادَةِ داخِلاً فيهِ، ومنْ خَلا ما تقدَّمَ يتبينُ لَنا أنَّ العِبادةَ تطلقُ ويُرادُ بِها الدُّعاءُ، وَبِهِ نفهمُ قولَ النبيِّ –صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- فِيما رواهُ الترمِذِيُّ وابنُ ماجة مِنْ حَدِيثِ جابرٍ –رضِيَ اللهُ عنهُ- قالَ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: (أفضلُ الذكْرِ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأفْضلُ الدُّعاءِ: الحمْدُ للهِ) ، فالحمدُ للهِ دُعاءٌ؛ لأَنَّها ذِكْرٌ يَسألُ بِها العبدُ فضْلَ اللهِ –تَعالَى- بِالثناءِ عليهِ وحمدهِ وتمجيدهِ، ومعلُومٌ أنَّ جِنْسَ الدُّعاءِ الَّذِي هُوَ ثَناءٌ وتمجِيدٌ وتقدِيسٌ للهِ –عزَّ وجلَّ- أَفْضَلُ عندَ اللهِ وأَعظمُ مِنَ الدُّعاءِ الَّذِي هُوَ سؤُالٌ وطلَبٌ.

أأذكُرُ حاجَتي أمْ قَدْ كَفاني *** حياؤُكَ إِنَّ شِيمَتكَ الحياءُ

ومنْ هَذا ما جاءَ في الصحيحينِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَباسٍ –رضِيَ اللهُ عَنْهُما- أَنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسلَّمَ- كانَ يدْعُو عندَ الكربِ، فَيقولُ: (لا إلهَ إِلَّا اللهُ العظيمُ الحليمُ، لا إلهَ إِلَّا اللهُ ربُّ السَّماواتِ وَربِّ الأَرْضِ وَربِّ العرْشِ العظيمِ) ، ومنهُ ما رواهُ أَحْمدُ والترمِذِيُّ مِنْ حَديثِ سَعْدٍ –رَضِيَ اللهُ عنهُ- قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: (دعْوةُ ذِي النونِ إِذْ دُعاءُ وهُوَ في بطْنِ الحوتِ: (لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ)سورةُ الأَنْبياء الآية :87 ، فإنهُ لم يَدْعُو بِها رجلٌ مُسْلمٌ في شيءٍ قَطُّ إِلَّا استجابَ اللهُ لَهُ)، وهَذِهِ دَعْوةٌ بتَمْجِيدِ اللهِ –تَعالَى- وتقْدِيسهِ، وتنزيههِ وتسبيحهِ، وَالإقرارِ بِالظلمِ وَالاعْتِداءِ، وَكانَ ذلِكَ مُوجِباً لِتفريجِ الكُرباتِ، وكَشْفِ المدلهمَّاتِ، وَالخروجِ مِنْ بَطنِ الحوتِ.

ومنهُ قولهُ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- فِيما رواهُ الترمذيُّ وغيرهُ مِنْ حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عَمْرو بْنِ العاصِ –رَضِيَ اللهُ عنهُ-، قالَ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: (خيرُ الدُّعاءِ دُعاءُ يَومِ عرفةَ، وخيرُ ما قُلتُ أَنا والنبيونَ مِنْ قبلِي: لا إلهَ إِلَّا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، لهُ الملكُ ولهُ الحمدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شيءٍ قديرٌ)، إِنَّ المتأمِّلَ في هذهِ الكلِماتِ لا يجدُ إِلَّا ثناءً وتعْظِيماً، لا يجدُ إِلَّا تمجِيداً وتقْدِيساً، فليسَ بِها سُؤالُ لأَمْرٍ محدَّدٍ معينٍ، إِنَّما فِيها سُؤالٌ لِلكريمِ المنانِ بِالثناءِ عليْهِ، وتمجيدهِ وَتقدِيسهِ، وجميلِ ذكرهِ –سُبحانهُ وبحمدِهِ-.

وقدْ وعَدَ اللهُ الذاكِرينَ المشتغِلينَ بِتمجيدهِ الَّذِينَ مُلِئَتْ قُلُوبهُمْ بِتَعْظِيمِهِ ومحبتهِ، حتَّى أَدهشهُمْ ذلِكَ عَنْ سُؤالِ مَطالبهِمْ وعرْضِ حاجاتهِمْ، أَنْ يُعْطِيهُمْ –جَلَّ في عُلاهُ- فوْقَ ما يُعْطِي السائلينَ، جاءَ في السُّننِ مِنْ حَدِيثِ أَبي سَعِيدٍ –رَضِيَ اللهُ عنهُ-، أنَّ النبيَّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ- قالَ في الحديثِ الإِلهيِّ: (مَنْ شغلَهُ ذكري عنْ مَسْألَتي، أَعطيتهُ أفضلَ ما أُعْطِي السائلينَ)، فذكرُ اللهِ –تَعالَى- بتمجيدهِ وتقديسهِ وَالثناءِ عليهِ، هُوَ مِنْ دُعائِهِ –سُبحانَهُ وَبحمدهِ-، بلْ هُوَ مِنْ أَبْلِغِ الدُّعاءِ، ينالُ بِهِ العبدُ ما يؤمِّلُ منَ الخيرِ، ويدْرُكُ بِهِ ما يَرْجُو منَ الخيرِ.

قالَ سُفيانُ –رحمهُ اللهُ- مُعَلِّقاً عَلَى قولِ أميَّةَ بْنِ أَبي الصَّلْتِ في مَدْحِ عبدِ اللهِ بْنِ جُدْعانَ:

أأذكُرُ حاجَتي أَمْ قَدْ كَفاني *** حياؤُكَ إِنَّ شِيمتَكَ الحياءُ

إذا أَثْنَى عليكَ المرءُ يَوْماً *** كفاهُ مِنْ تَعَرُّضِهِ الثناءُ

هَذا مخلُوقٌ حِينَ نُسِبَ إِلَى الكرمِ اكْتَفَى بِالثناءِ عَنِ السؤالِ، فكَيْفَ بِالخالِقِ؟ فالتعرُّضُ بِذكرهِ وَالثناءِ عليهِ يبلغُ العبدُ ما لا يبلغُهُ بِسُؤالِهِ وَطلبِهِ، اللهُمَّ ألهمْنا رشُدْنا وقِنا شرَّ أنفُسِنا، وَارْزُقْنا رَبَّنا لَذَّةَ مُناجاتِكَ، واجْعَلْنا مِنْ حِزْبِكَ وأوْلِيائكَ.

وإِلَى أَنْ نلْقاكُمْ في حلقةٍ قادِمَةٍ مِنْ بَرنامجكُمْ: "فإنِّي قريبٌ"، أَسْتودِعُكُمُ اللهَ الَّذِي لا تَضِيعُ ودائعُهُ، وَالسلامُ عليكُمْ وَرحمةُ اللهِ وَبركاتُهُ.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات96132 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات91883 )

مواد مقترحة

452. Jealousy
8216. مقدمة.
8275. مقدمة