×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

رمضانيات / برامج رمضانية / قل هذه سبيلي / الحلقة (10): والله يضاعف لمن يشاء

مشاركة هذه الفقرة Facebook Twitter AddThis

تاريخ النشر:الجمعة 14 رمضان 1435 هـ - الاربعاء 22 أكتوبر 2014 م | المشاهدات:3637

الحمدُ للهِ حمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُباركًا فيهِ، أحمدهُ حقَّ حمدِهِ، لهُ ما في السَّماواتِ وَما في الأرْضِ، لهُ الحمدُ في الأُولَى وَالآخرةُ، لَهُ الحكمُ وإليهِ تُرجعونَ، أَحمدُهُ لا أُحْصِي ثَناءً عليهِ، هُوَ كَما أثْنَى علَى نفسِهِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ، إلهُ الأوَّلِينَ والآخِرينَ لا إلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحمنُ الرحيمُ.

وأَشْهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُ اللهِ ورسُولهُ، صفيهُ وخليلهُ، لم يتركْ خيرًا إِلَّا دلَّنا عليهِ، وَلا شرًّا إِلا حذَّرنا منهُ، تركَنا عَلَى محجةٍ وطريقٍ واضحٍ بيّنِ لا لَبسَ فِيهِ وَلا غَبَشَ، فنسأَلُ اللهَ أَنْ يُثَبِّتَنا عليْهِ، وأن يرزقنُا الموتَ عليهِ، وأَنْ يَحشُرنا في زُمرةِ نبيِّنا، اللهُمَّ صلِّ عَلَى محمَّدٍ وعلَى آلِ محمَّدٍ كَما صليَّتَ علَى إِبْراهيمَ وعَلَى آلِ إبراهِيمَ إِنَّكَ حميدٌ مجيدٌ أَمَّا بعْدُ.

فحياكمُ اللهُ أيها الأخوةُ والأخواتُ، إنَّ اللهَ تَعالَى بفضلهِ ومنِّه يعطِي علَى العملِ القليلِ عَطاءً واسِعًا، مرَّ مَعَنا هَذا المثلُ الَّذي ذكرهُ اللهُ في كِتابِهِ لِبيانِ عَظِيمِ عطائِهِ وواسِعِ إِحْسانهِ علَى مَنْ يتقرَّبُ إِلَيْهِ بِأيِّ نوْعٍ مِنَ القُرباتِ، يَقُولُ اللهُ -جلَّ وعَلا-: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ ثمَّ يقولُ اللهُ تعالَى: ﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ[البقرة:261].

إنِّني أَقِفُ في هَذِهِ الحلقةِ مَعَ قضيةِ مُضاعفةِ الأُجُورِ، إِنَّها تجارةٌ لَنْ تَبورَ مَعَ الكريمِ المنَّانِ جلَّ في عُلاهُ، فكيفَ نصلُ إِلَى هَذا العطاءِ؟ إِلَى أَنْ يعملَ الإنْسانُ قَلِيلاً ويفوزَ بِعطاءٍ كَثيرٍ، اللهُ تعالَى يقولُ:﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا[الملك:2]، إنَّ اللهَ تَعالَى يخبرُنا في هِذهِ الآيةِ عنْ مقصودِ هَذا الكَوْنِ وعنِ المهِمَّةِ الَّتي خَلقَ مِنْ أجْلِها الإنسَ والجنَّ، إِنَّها مُهمةُ إحْسانِ العملِ وليستْ كثرتهُ، إنَّ المطلوبَ هُوَ الإِحْسانُ فالكثرةُ قَدْ لا تُغني مِنَ اللهِ شيئًا، فكَمْ مِنْ كثيرٍ تبدَّدَ وكمْ منْ قليلٍ باركَ اللهُ فيهِ، وجعلهُ محلًّا للرفعةِ والعلُوِّ فما السرُّ؟ ما هُوَ السببُ الَّذي يجعلُ هَذا العملَ القليلَ عندَ اللهِ رفيعا؟ وهَذا العملَ الكثيرَ يتبددُ، كَما قالَ اللهُ في مُحكمِ كتابهِ: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ﴾ ولو كانَ ما كانَ ﴿فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا[الفرقان:23].

ألم يذكرِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في حديثِ ثَوبانَ في المسندِ خبرَ «الرجُلِ يأْتي بحسناتٍ أمثالِ جبالِ تِهامةَ بيضاءَ، يأتي بأَمْثالِ جِبالِ الثرواتِ مِنَ الحسناتِ يجعلُها اللهُ هَباءً منثُورًا»[سنن ابن ماجه (4245)، وصححهُ الألبانِيُّ]، ما الَّذي بَدَّدَها؟ ما الَّذي أَذْهَبَها؟ إِنَّها كثيرةٌ لكنِّها تبددتْ وذهبتْ، السؤالُ الذي ينبغِي أنْ يطرحَهُ كُلُّ عامِلٍ مِنَّا بالطاعَةِ، كلُّ مشتغلٍ بالطَّاعةِ صلاةٍ، زكاةٍ، صومٍ، حجٍ، فرضٍ، نفلٍ، فِيما يتعلقُ بحقِّ اللهِ، فيما يتعلقُ بحقِّ الخلقِ السؤالُ الذي ينبغِي أنْ نسألَ أنفُسنا إياهُ كيفَ نبلغُ أعْلَى ما يكونُ مِنَ الأجْرِ في هذهِ الأَعْمالِ الَّتي نَقُومُ بِها، إِنَّنا نُصَلِّي فكيفَ نفوزُ بأَعْلَى ما يكونُ مِنَ الأَجْرِ في صَلاتِنا، إنَّنا نَصُومُ فَكيفَ نَفُوزُ بِأَعْلَى ما يَكُونُ مِنَ الأَجْرِ في صِيامِنا، إِنَّنا نُزَكِّي فَكَيفَ نفوزُ بأَعْلَى ما يكُونُ مِنَ الأَجْرِ في زكاتِنا وهَكَذا في حَجِّنا وَهَكذا في بِرِّ وَالِدينا، وَهَكَذا في كُلِّ الأَعْمالِ الصَّالحةِ، نحتاجُ أَنْ نَسْأَلَ أَنْفُسَنا كَيْفَ نَصِلُ إِلَى الذُّرْوَةِ في عَطاءِ الكريمِ المنَّانِ سُبْحانَهُ وَبحمدِهِ.

 إِنَّ ذَلِكَ يتطلبُ أُوَّلاً أَنْ نَستحضِرَ مَعْنَى الإِخْلاصِ، لِذلكَ اللهُ تَعالَى يَقُولُ في هَذا المثلِ:﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ ، للهِ ليْسَ لِسواهُ يرْجُونَ ما عِنْدهُ، يطلُبونَ فضْلِهِ، يَقْصِدُونَ إِحْسانَهُ يَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهِ مَحَبَّةً لَهُ جَلَّ في عُلاهُ وتَعْظيمًا لَهُ سُبْحانَهُ وَبحمْدِهِ، فاسْتَحْضِرِ الإخْلاصَ في كُلِّ أعمالِكَ، فَإِنَّ الأَعْمالَ تَتفاوَتُ بِقَدْرِ ما يَقُومُ في قلْبِ صاحِبِها مِنَ الإِخْلاصِ وَالبُرهانِ، بِقَدْرِ ما يَكُونُ في قلْبِكَ مِنْ تَوْحيدِ الملكِ الدَّيَّانِ -جَلّض في عُلاهُ- تَفُوزُ بِعطائِهِ، كَمْ مِنْ قَلِيلٍ رافَقَهُ إخلاصُ العبدِ وَذُلُّهُ وَمحبتهُ وصِدْقِ رغبتهِ فِيما عندَ ربِّهِ، فبلغَ أَعْلَى المراتبِ وترقَّى في أَعْلَى الدَّرجاتِ.

إِنَّ الشَّأْنَ لَيْسَ في الكثرةِ، إِنَّ الشَّأْنَ فِيما يَقُومُ في قَلْبِكَ مِنْ مَحَبَّةِ اللهِ، فِيما يَقُومُ في قلبكَ مِنَ التَّعْظِيمِ لَهُ وَالإِخْلاصِ لَهُ جَلَّ في عُلاهُ، ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ[البينة:5]، هَذا هُوَ السَّببُ الأَوَّلُ لإِدْراكِ كُلِّ مُضاعَفَةٍ، وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لا نَغْفَلَ عَنْهُ، وأَنْ نَسْتحضِرَهُ في كُلِّ أَعْمالِنا الدِّقيقِ والجليلِ، ولنعلمَ أَيُّها الإخوةُ والأَخواتُ أَنَّهُ مَهْما فعْلُنا لنُرْضِي الناسَ فإِنَّ رِضا الناسِ يتبدَّدُ وَسُرعانَ ما يزولُ، لكنَّ الَّذي يَبْقَى وَينفعُ ويستمرُّ وَيُديمُ لَكَ الخيرَ في الدُّنْيا وَالآخرةِ هُوَ أَنْ تَطْلُبَ رِضا اللهِ، وأَنْ تَسْعَى لإِدْراكِ مَرْضاتِهِ، أَنْ يَكُونَ هَمُّكَ هُوَ أَنْ يَرْضَى اللهُ عَنْكَ، عِنْدَ ذلِكَ أَبْشِرْ فإنكَ ستنالُ خيرًا عَظِيمًا، سيرْضَى اللهُ عنكَ ويُرْضِي عنكَ الخلْقَ.

لذلك لنخلص أعمالنا لله في كل قربة، فإنه من الخسار أن نصلي ونصوم ونحج ونزكي، ونصل الأرحام، ونحسن المعاملة مع الخلق، وأن يكون كل ذلك مقصوده ثناء الناس ومدحهم، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا محمد أعطني"، يطلب منه عطاءً، وحتى يرغب النبي في العطاء قال له كلمة، قال: "إن مدحي زين وذمي شين"، يعني أنا إذا مدحت طارت مدحتي في الآفاق وعلا من أمدحه؛ لأنه شاعر وذو بيان "وذمي شين"، من أذمه فإني أنزل به إلى أسفل ما يكون كأنه يقول: أعطني حتى أمدحك، وحتى تتوقى ذمي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم الذي علم أمته الإخلاص، إمام الموحدين، قال له صلى الله عليه وسلم: «ذاك هو الله»[سنن الترمذي (3267) وقال: حسن غريب] الذي مدحه يزين ويبقى هو الله، والذي ذمه يشين ويبقى هو الله، أما مدح الناس وذمهم فذاك يزول ويضمحل، ولا يبقى إلا ما كان لله، كل ما سواه يتبدد ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا[الفرقان:23] ، الهباء هو هذا المتطاير في أشعة الشمس عندما تدخل إلى غرفتك، إلى مكتبك انظر لترى ذاك المتطاير في أشعة الشمس إنه الهباء حاول أن تمسكه، هل تحصل منه شيئًا؟ لا، لن تحصل منه شيئًا؛ لأنه لا شيء، وهكذا أعمال غير المخلَصين وغير المخلِصين، إنها تتبدد، وأما المخلَصون والمخلِصون فإن أعمالهم تتضاعف قليلهم عند الله كثير وأجرهم كبير والله واسع عليم، إلى أن نلقاكم في حلقة قادمة أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

 

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات95419 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات91120 )

مواد مقترحة

452. Jealousy
8198. مقدمة.
8257. مقدمة
12178.