×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

رمضانيات / برامج رمضانية / قل هذه سبيلي / الحلقة (12) : وله ذرية ضعفاء

مشاركة هذه الفقرة Facebook Twitter AddThis

تاريخ النشر:الأحد 16 رمضان 1435 هـ - الاربعاء 22 أكتوبر 2014 م | المشاهدات:4619

الحمدُ للهِ حَمْدًا كثيرًا طَيِّبًا مُباركًا فِيهِ، أحمدُهُ حَقَّ حمدِهِ، لَهُ الحَمْدُ كُلُّهُ في الأُولَى والآخرةِ، وَلهُ الحكْمُ وَإِليهِ تُرجَعُونَ، وأَشْهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ شَهادةً أرْجُو بِها النجاةَ مِنَ النَّارِ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عبدُ اللهِ ورسولهُ، صفيهُ وخليلُهُ، خِيرتُهُ مِنْ خلْقِهِ، اللهُمَّ صَلِّ علَى محمدٍ وعلَى آلِ محمدِِ كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبراهيمَ وعَلَى آلِ إِبراهيمَ إِنَّكَ حَميدٌ مجيدٌ، أَمَّا بَعْدُ..

فحياكمُ اللهُ أَيُّها الإِخوةُ والأَخواتُ، في هذهِ الحلقةِ نَتناولُ مَثلا ذكرهُ اللهُ تَعالَى، يثيرُ الشفقةَ ويبينُ حالَ أُولئكَ الَّذينَ يختمُونَ أَعمالهُمْ بما يُحبِطُ ما تقدَّمَ مِنْ صالحِ عملِهِمْ، يَقُولُ اللهُ في مُحكمِ كِتابهِ: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ[البقرة: 266] هذهِ توْصيفٌ لحالِ يسأَلُ اللهَ تَعالَى علَى وجْهِ الاسْتفهامِ الإِنكارِي، أَيْ لا يوَدُّ أَحدكُمْ أنْ تَكونَ حالُهُ كَهذهِ الحالِ ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ[البقرة: 266]، لهُ فِيها كُلُّ الثَّمراتِ، فلَمْ تقتصرُ هَذهِ الجنةُ عَلَى هذينِ النوعيْنِ مِنَ الثِّمارِ والأَشْجارِ الَّتي هِيَ أَطْيبُ ما يُنتجهُ المزارِعُونَ، بَلْ لهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمراتِ، فليسَ ذلكَ مَقْصُورًا عَلَى ثمرِ النَّخْلِ والعنبِ.

يقولُ اللهُ تعالَى: ﴿وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ[البقرة: 266]، أي بلغَ مِنَ السنِّ عُمْرًا مُتَقَدِّمًا ﴿وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ[البقرة: 266]، فهوَ لا يَعُولُ نَفْسَهُ فَقَطْ، بَلْ لهُ مَنْ يَعُولهمْ منْ صِغارٍ ينتظرُونَ القُوتَ مِنْ جِهتهِ، وَلَهُ ذُرَّيَةٌ ضُعفاءُ لا يستطيعونَ أَنْ يَكتَسِبُوا، لم يبْلُغُوا حَدَّ القُدرةِ عَلَى الكسبِ والعمَلِ وَالاسْتقلالِ بِتحصيلِ المكاسِبِ ﴿وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ[البقرة: 266]، فجأةٌ جاءها إِعْصارٌ، هَذا الإِعْصارُ كانَ مُحرِقًا ﴿فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ[البقرة: 266].

هذا المثلُ مَثلٌ شريفٌ عظيمٌ كبيرٌ لهُ منزلَةٌ ضَربهُ اللهُ تعالَى لِيبينَ حالَ مَنْ يَعملُ الصالحاتِ ثُمَّ يختمُ ذلِكَ بِما يُحْبطُ كُلَّ ذَلكَ البناءَ،وقدْ اهتمَّ بِهِ الصَّحابَةُ رَضِيَ اللهُ عنهمْ حتَّى إِنَّ عُمرَ سأَلَ الصَّحابَةُ رَضِيَ اللهُ عنهمْ عَنْ قَولِ اللهِ تَعالَى: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ[البقرة: 266] ما مَعْناها؟ قالُوا: اللهُ أعلمُ.

عمرُ حازمٌ سألهمْ لِيُجيبوا فقالُوا وأرادَ جَوابًا فصْلًا واضِحًا إِمَّا أنْ يُجيبوا، وَإِمَّا أَنْ يقولُوا: لا نعلمُ. ولذلكَ قالَ: "قُولُوا نعلَمُ أَوْ لا نعلَمُ"، فقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءٌ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ ، فقال عمرُ رضيَ اللهُ عنهُ لابْنِ عباسٍ -وكانَ حدثا صغيرًا بينَ سائرِ الصَّحابةِ الَّذِينَ كانُوا في حضْرَةِ عُمَرَ-: "قُلْ يا ابْنَ أَخِي ولا تحقرْ نَفسكَ" فَقالَ: ذاكَ مَثَلٌ ضربهُ اللهُ لِعملٍ، فقالَ عمرُ رضيَ اللهُ عنهُ: أَيُّ عمَلٍ؟ قالَ: ذاكَ مَثلٌ ضربهُ اللهُ لِعملٍ، ثُمَّ قالَ عُمرُ : لرجلٍ عمِلَ بِطاعةِ اللهِ –عَزَّ وجلَّ- ثمَّ بعثَ لهُ شَيْطانًا فعمِلَ بِالمعاصِي حتىَّ أغرقَ أعمالهُ[صحيحُ البخارِيِّ (4538)].

هَكذا يُبينُ لَنا عُمرُ رَضِيَ اللهُ عنْهُ مَقصُودُ هَذا المثلِ، وأنهُ مثلٌ لرجلٍ اجتهَدَ في الصالحاتِ وعملَ بِالخيراتِ ثُمَّ أنهُ ختمَ لَهُ بِما أفسدَ لكَ البناءَ، وَلكَ أَنْ تتخيَّلَ رجلًا يَبْني بِناءً، عمارةً أوْ فيلَّا أوْ بَيْتًا، ويجتهِدُ في صَفِّهِ علَى نحوٍ متقَنٍ حتَّى إِذا قاربَ النِّهايةَ، وأدركَ وُصولَ الغايةَ وَقارَبَ اكتمالَ البِناءَ إِذا بِهذا البِناءَ يتساقطُ، إِذا بِهذا البِناءَ تُصِيبهُ هَزَّةٌ أرضِيةٌ فتسقطهُ، أوْ يأتيهِ مَنْ يُزلزلُ قواعِدهُ فَيهْدمُهُ، أَيْ غبن أَيُّ خَسارٍ يُصيبُ ذلِكَ الشَّخِصَ؟ إِنَّهُ خَسارٌ كبيرٌ، لاسِيَّما عِنْدما تتحقَّقُ فيهِ الأَوْصافُ الَّتي ذَكرَها اللهُ تَعالَى، ذاكَ رَجلٌ قَدْ بَلغَ مِنَ السِّنِّ سِنًّا مُتقدِّمَةً، هَذا البيتُ هَذا البِناءُ ليْسَ لهُ وَحْدهُ، بَلْ يَأْوِي فيهِ مَنْ يكُونُ قائِمًا عليهِ بِالإنْفاقِ والعَملِ، إنهُ خَسارٌ كبيرٌ، إنهُ مُصيبةٌ عظْمَى.

هَذا هُوَ مثلٌ كل مَنْ عَمِلَ صالحًا ثُمَّ خَتَمَ لَهُ بِسَيِّئٍ، إِنَّ ذَلِكَ لا يَكُونُ خَبْطَ عشواءٍ، الخواتِمُ هِيَ ثمرةُ المقدِّماتِ وَكَما قيلَ: النتائجُ بِمقدِّماتِها فَمَنِ اجْتهَدَ في الصَّالحاتِ وأَحْسَنَ النيةَ والقَصْدَ وَاجْتَهَدَ فِيما يقرُّبهُ إِلَى اللهِ –عزَّ وجلَّ-، وَأَدامَ التوبةُ والاسْتغفارَ، حاشا أَنْ يختِمَ اللهُ تَعالَى لهُ بِسُوءِ، فإنَّ الخواتِيمَ تَكونُ ثمرةَ المقدماتِ.

النبيُّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- حَذَّرَ مِنْ سُوءِ الخاتمةِ فَقالَ: «فو اللهِ الَّذي لا إِلهَ غيرُهُ إنَّ أحدكمْ لَيعملُ بِعملِ أَهلِ الجنةِ حتَّى ما يكُونُ بينهُ وَبينَها ذراعٌ فيسبِقُ عليهِ الكتابُ فيعملُ بِعملِ أَهْلِ النارِ فيدخلُها»[صحيحُ البُخاريِّ (3208)، ومسلمٌ (2643)].

وقدْ جاءَ في الصَّحيحِ مِنْ حديثِ أَبِي هريرةَ «إنَّ الرجلَ ليعمَلُ الزمنَ الطَّويلَ بعملِ أهلْ الجنةِ ثم يخُتمُ لهُ بعملِ أَهْلِ النارِ، وإنَّ الرجلَ لَيعملُ الزَّمَنَ الطَّويلَ بعملِ أَهْلِ النارِ ثَمَّ يُختمَ لَهُ بِعَمِلِ أهلِ الجنةِ»[صَحيحُ مسلمٍ (2651)].

ولذلكَ يجبُ أَنْ نحرِصَ عَلَى الخاتمةِ الحسنَةِ في كُلِّ أمْرٍ، في كلِّ شأنٍ، فإنَّ الخواتيمَ إِنَّما تكُونُ لمنْ وَعَى خُطورَةَ الخاتمةِ السيئةِ، لِذلكَ كانَ الصحابةُ يَخافُونَ منَ النِّهاياتِ.

لذلكَ ينبَغِي لكَ أَنْ تحرصَ عَلَى إِتْقانِ العملِ الحاضرِ، والاجتهادِ بما أمركَ اللهُ تعالَى بِهِ الآنَ مِنْ فِعلِ ما أَمركَ بِهِ وتركِكَ ما نَهَى عنْهُ ولتبشر بخيرٍ كثيرٍ، فإنَّ اللهَ يُعطي على القليلِ الكثيرَ، واللهُ تعالَى يحفظُ العبدَ ويسددُهُ فالذينَ صدَقُوا معَ اللهِ لابدَّ أنْ يَصِلُوا إلَى مرضاتهِ وَإِلَى طاعَتهِ، فاحرِصْ عَلَى الصدقِ مَعَ اللهِ تعالَى وكثرةِ التوبةِ والاستغفارِ، وإياكَ أنْ تركنَ إِلَى صلاحِكَ الظاهرِ، فإنَّ اللهَ لا ينظرُ إِلَى الصورةِ الظاهرةِ فحسب بلْ طلبَ مِنْكَ صَلاحَ الباطنِ وصلاحَ الظاهِرِ وذرُوا ظاهرِ الإثْمِ وباطِنهُ.

اللهمَّ ألهمْنا رُشدنا، وقِنا شرَّ أنفسِنا، اختمْ لَنا بخيرٍ، واجْعلْ خيرَ أَعمالِنا خواتِمها وخيرَ أيامِنا يومَ نلْقاكَ، وصَلَّى اللهُ وسلَّمَ عَلَى نبيِّنا محمدٍ إلَى أَنْ نَلقاكُمْ في حلقةٍ قادمةٍ، أسْتودِعُكُم اللهَ الَّذي لا تِضيعُ وَدائعهُ والسَّلامُ عليكمْ ورحمةُ اللهِ وَبركاتهُ.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات95419 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات91120 )

مواد مقترحة

452. Jealousy
8198. مقدمة.
8257. مقدمة
12179.