﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا﴾[الكهف: 1]، أَحْمدهُ حقَّ حَمدِهِ، وأَشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ إِلَهُ الأَولينَ والآخِرينَ ربُّ العالمينَ، لا إلهَ إِلَّا هُوَ الرحمنُ الرحيمُ.
وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ، بعثهُ اللهُ بِالهدَى وَدِينِ الحقِّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعةِ بشيرًا ونَذِيرًا، أرسلهُ اللهُ للناسِ كافَّةً، فصَلَّى اللهُ عليهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبهِ وَمَنِ اتبعَ سنتهُ بإحْسانٍ إلى يومِ الدينِ، أمَّا بعدُ..
فَحَيَّاكُمُ اللهُ أَيُّها الإخْوَةُ والأَخواتُ .. في هَذِهِ الحلقةِ الَّتي نَتَناوَلُ فِيها ما ذَكَرهُ اللهُ تعالَى مِنْ حالِ الدُّنْيا، وَكَيْفَ يَسِيرُ الإِنْسانُ مُتَوازِنًا بَيْنَ ما ذكرهُ اللهُ مِنَ التَّزَيُّدِ في الدُّنْيا، وَما جَعلهُ وَظِيفَةً للإنسانِ منَ الاسْتخلافِ في الأَرْضِ، وتحقيقِ العِمارَةِ الَّتي قالَ فِيها –جَلَّ وَعَلا-: ﴿هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾[هود: 61]
إنَّ التَّوازُنَ هُوَ سِمَةُ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ المباركَةِ، يقولُ اللهُ تَعالَى في محكمِ كِتابِهِ ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾[البقرة: 143]، وَالوَسَطِيَّةُ هِيَ الاعْتدالُ، هِيَ أَنْ يَكُونَ الإِنْسانُ قائِمًا باِلقِسْطِ دُونَ غُلُوٍ وَدُونَ تَقْصِيرٍ، دُونَ إِفْراطٍ وَدُونَ تَفْرِيطٍ.
وَهَذا لا يَشْملُ فَقَطْ ما يَتعلَّقُ بِأُمُورِ العِبادَةِ، بَلْ يَشْمَلُ الفِكْرَةَ وَالعَقْلَ والعِلْمَ وَالعَمَلَ وَالأُمُورَ الاعْتِقادِيَّةَ وَالأُمُورَ العَمَلِيَّةَ، هَذِهِ سِمَةٌ واسِعَةٌ تَدْخُلُ في كُلِّ قَضايا الدِّيانَةِ، في كُلِّ شُئونِ النَّاسِ العِبادِيَّةِ وَغَيْرِ العِبادِيَّةِ مادامَ الوَسَطَ مُمْكِنًا، فَهُوَ أَحْسَنُ المواقِفِ وَأَجْمَلُها، لَكِنْ وَسَطِيةٌ لَيستْ شَيْئًا يَقْتَرِحُهُ النَّاسُ، أَوْ لاسِيِّما فِيما يَتَعَلَّقُ بِأُمُورِ العِبادَةِ وَأُمُورِ الدِّيانَةِ، بَلْ يَرْجِعُ فِيها إِلَى سَيِّدِ الوَسَطَيْنِ نَبِيِّنا محمدٍ صَلَّى اللهُ عليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي جَمَعَ اللهُ لَهُ الكَمالَ، وَجَعَلَهُ شاهِدًا عَلَى الناسَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّما كانَ شاهِدًا عَلَى كُلِّ الأُمَمِ وعَلَى كُلِّ الناسِ؛ لأنهُ أوسطهُمْ صَلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلهِ وسلَّمَ.
إِنَّ مْنَ الوسطيةِ أَنْ يتوازنَ الإنسانُ في نَظرْتِهِ إِلَى الدُّنْيا، فَمِنَ الناسِ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى الدُّنْيا نَظَرَةً مُحْتَقَرَةً، نَظْرَةً تَجْعَلُهُ ينْصَرِفُ عَنْ عِمارَتِها وَعَنِ القِيامِ بِالمصالحِ الَّتي جَعَلَها اللهُ تَعالَى سَبَبًا لمصالحِ الدِّينِ، وَبِالتالي هَذِهِ النَّظْرَةُ تَنْعَكِسُ عَلَى عَمَلِهِ عَلَى تَعْلُّمِهِ عَلَى صَلاحِ دُنْياهُ عَلَى صَلاحِ دِينِهِ، فَإِنَّهُ لا يُمْكِنُ أَنْ يَصْلُحَ دِينٌ بِلا دُنْيا صالحةٍ، كَما أنهُ لا تصلُحُ دُنْيا بِلا دِينٍ صالحٍ.
هَذانِ مُقْترنانِ، فَبِقَدْرِ صَلاحِ الدينِ تصلحُ الدُّنْيا، وبقَدْرِ صَلاحِ الدُّنْيا يَنْبغِي أَنْ يَصْلُحَ الدِّينُ، وَإِذا اخْتلَّ هَذا الميزانُ كانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِلطُّغْيانِ، وَالخُرُوجِ عَنِ الصَّراطِ المستقيمِ، يَقُولُ اللهُ تَعالَى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾[القصص: 77].
إذًا هذهِ النظرةُ الَّتي يغلِبُها البعْضُ لِلدُّنْيا بِأَنَّها حقِيرَةٌ، وَبِأَنَّها فِتْنَةٌ، وَبِأَنَّها يجبُ الزُّهْدُ فِيها يْغفلُ فِيها عنْ مَعْنَى آخَرَ، فيغيبُ عنهُ مَعْنَى الزهدِ الحقيقِيِّ الَّذِي كانَ عليهِ النبيُّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ- وَكانَ عليهِ أَصْحابُهُ الكرامُ.
وَيقابِلُ هَذِهِ النظرةِ نظرةٌ أُخْرى، نَظْرَةُ الَّذِينَ فُتِنُوا بِالدُّنْيا فَأَقْبَلُوا عَلَيْها، وَهُوَ ما ذَكَرَهُ اللهُ في مِثْلِ ذَلِكَ الَّذِي انْسَلَخَ مِنْ آياتِ اللهِ وَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ، فَكانَ مِنَ الغاوِينَ، قالَ عَنْهُ –جَلَّ وعَلا-:)أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ (أَي: مالَ إِلَيْها، غَلَّبَها، وَكَما هُوَ حالُ قارُونَ عِنْدَما غَلَّبَ الدُّنْيا ومُتَعَها عَلَى الآخرَةِ، فَكانَ ذلكَ مَعْمِيًا لهُ عَنْ مَصالحِ الآخِرَةِ.
إِنَّ النَّظْرَةَ السليمةَ الصحيحَةَ هُوَ أَنْ نعرِفَ أَنَّ الدُّنْيا وسيلَةٌ لِلآخِرَةِ، الدُّنْيا مَعْبَرٌ لِدارٍ أُخْرَى، هِيَ دارُ القَرارِ، يَنْبَغِي أَنْ يَعِيشَ الإِنْسانُ في هَذِهِ الدُّنْيا عَلَى وَجْهِ يُحَقِّقُ فِيهِ مَصالحَ دِينِهِ وَعِمارَةِ دُنْياهُ؛ لأَنَّهُ لا يُمْكَنُ أَنْ يُصْلِحَ الدِّينَ بِلا دُنْيا صالحةٍ.
وَلهذا عِنْدما تَخَلَّفٌ واخْتَلَّ هَذا المفْهُومُ عَنِ المسْلِمينَ، تَأَخَّرَ الركْبُ بِنا وأَصْبَحْنا في ذَيْلِ الأُمَمِ، بَلْ أَصْبَحْنا في كَثِيرٍ مِنَ الأَحْيانِ فِتْنَةً نَصُدُّ النَّاسَ عَنِ الحقِّ، نَصُدُّ الناسَ عَنِ الدِّينِ لما نحنُ عليهِ مِنْ جَهْلٍ، مِنْ تخلُّفٍ، مِنْ تَأَخُّرٍ، مِنَ احْتِياجٍ للناسِ وَالأُمَمِ الأُخْرَىَ في أَدَقِّ تَفاصِيلِ حَياتِنا نَحْتاجُ إِلَى الآخَرِينَ.
هَذا بِالتَّأْكِيدِ لمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حالُ نَبِّينا محمدٍ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحالُ الصحابةِ الَّذِينَ نَشَرُوا الهِدايَةِ في فَتْرَةٍ مُوجَزَةٍ برقَمٍ قِياسيِّ زَمَنِيٍّ لم يَسْبِقْ لَهُ نَظِيرٌ عبرَ أُمَمِ التَّارِيخِ أَنْ دَخَلتِ الأُمَمُ وَانْتَشَرَ نُورٌ بِهذا المقْدارِ الوَجِيزِ والمدةِ القَصِيرةِ الَّتي جَرَتْ عَلَى أَيْدِي الصَّحابَةِ رَضِيَ اللهُ عنهُمْ، إِنَّ النَّظْرَةَ المتوازِنَةَ تَقْتَضِي عِمارَةَ الدُّنْيا، تَقْتَضِي أَنْ نَسْبِقَ في إِقامَةِ الدُّنْيا لأَجْلِ أَنْ نَنْصُرَ ما نعْتَقِدُ لأَجْلِ أَنْ نَنْصُرَ الدِّيانَةَ، فَإِنَّها النظْرَةُ الَّتي عَمَتْ كَثِيرًا مِنَ المسْلِمِينَ حَتَّى أَصْبَحَتِ الدُّنْيا عِنْدَهُمْ لا قِيمَةَ لَها مِنْ حَيْثُ الإِنْتاجُ، لَكِنْ هُمْ يَتَعَلَّقُونَ بِها مِنْ حَيثُ المتعُ، مِنْ حيثُ الاستهلاكُ، مِنْ حيثُ الملذاتُ، لكنهُ لا ينظرُ إليْها نظرةً إيجابِيَّةً مِنْ حَيْثُ بنائُها، منْ حيثُ التقدمُ فِيها فكانَ ذلكَ سَببًا للتأخرِ العظيمِ الَّذي كانَ فِتْنَةً لكثيرٍ مِنَ الأُمَمِ حيثُ اعتقَدُوا أنَّ ما نحنُ عليهِ مِنْ تخلفٍ هوَ نِتاجُ ما نحنُ عليهِ منْ عقيدةٍ.
في حِينِ أَنَّ النبيَّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلمَ- يدْعُو إلَى القُوَّةِ في كُلِّ شَيْءٍ، في أَمْرِ الدِّينِ وَفي أَمْرِ الدُّنْيا، وَلا يمكنُ أَنْ تَتحققَ القُوَّةُ في الدِّينِ إِلَّا بِالقُوَّةِ في الدُّنْيا ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ﴾[الأنفال: 60]، وَهُنا القُوَّةُ لَيستْ فَقَطْ لأَجْلِ المقاتلَةِ، إِنَّما هِيَ لِلإِشْعارِ وَالإِعْلانِ بِأَنَّ عِنْدَنا مِنَ التَّهَيُّؤِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ أَسْبابِ الدُّنْيا ما نزودُ عَنْ أَنْفُسِنا، ما نَصُونُ بِهِ حِياضَنا ما نَنْصرُ بِهِ وَنعتقدُ وَنذبُّ عَنْ آرائِنا وَعَنْ دِيننِا، وَعَمَّا مَنَّ اللهُ تَعالَى بِهِ عَليْنا مِنْ هَذا النُّورِ المبينِ وَهَذا الكِتابُ العظِيمُ.
إنَّ النبيَّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- يقولُ: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ»[صحيحُ مسلمٍ (2664)]
بالتأكيد أنَّ عنصرَ القوةِ الأَكبرَ المرادُ بِهذا القولِ هُوَ الإيمانُ لأَنَّهُ قالَ: المؤْمِنُ القَوِيُّ، لَكِنْ هَذا لا يَمْنَعُ أَنَّ القُوَّةَ تَدْخُلُ أَيضًا في جَوانِبِ أُخْرَى، وَذَلِكَ بِالقُوَّةِ في المالِ، فإنَّ النبيَّ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ- قالَ: «نِعمَ المالُ الصَّالحُ للرَّجلِ الصَّالحِ»[مسند أحمد (17763)، وقال محقِّقُو المسندِ: إِسْنادهِ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مسلمٍ]، لَوْ كانَ في الدُّنْيا مُحَتَقَرٌ بِالكليةِ، لما جَعَلَ ذَلكَ مِمَّا يَسْتوجِبُ المدْحَ وَالثناءَ والذِّكْرَ الحَمِيدَ في قولهِ: «نِعمَ المالُ الصَّالحُ للرَّجلِ الصَّالحِ».
إنَّ الدُّنْيا إِذا نظرَ إِلَيْها بِهذا المنْظارِ الَّذِي ذكرهُ النبيُّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ أَنْ نَجْعَلَها وَسِيلَةً لِلآخِرَةِ وَسيلَةً لإقامَةِ ما نَعتقدُ، وَسِيلَةً لِنُصرةِ الحقِّ، وسِيلَةً للدعْوَةِ إِلَى اللهِ –عَزِّ وَجَلَّ-، وَسِيلَةَ لإِصْلاحِ دِينِنا كانَ ذلِكَ مِنْ أَسْبابِ التوازُنِ والاسْتِقامَةِ، وَإِنَّهُ لمنَ العَجِيبِ أَنَّ دِينًا يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الإِنْتاجِ وَإِلَى الخيرِ، وَإِلَى البذلِ، وَإِلَى البَصْمَةِ الإِيجابِيَّةِ في الدُّنْيا، حتَّى في آخِرِ رَمَقٍ أَنْ يَكُونَ حالُ أَهْلِهِ وَحالُ أَبْنائِهِ عَلَى هَذِهِ الحالِ الَّتي نَشْهدُها في كَثِيرٍ مِنْ بِلادِ المسْلِمِينَ.
جاءَ في مُسْنَدِ الإِمامِ أَحْمدَ بِإِسنادs لا بَأْسَ بِهِ أَنَّ النبيَّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلمَ- قالَ: وَانتبِهْ إِلَى الحدِيثِ «إنْ قامَتِ السَّاعةُ وفي يدِ أحدِكُم فَسيلة فإنِ استَطاعَ أنْ لا تَقُومَ حتَّى يغرِسَها فلْيغرِسْها»[مسندُ أحْمَدَ (12902)، وَقالَ محَقِّقُو المسنَدِ: إِسْنادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مسلمٌ] ماذا يُفِيدُ غَرْسُ نخلةٍ بينَ يدَيِ السَّاعَةِ، وَقَدْ بَدَتْ عَلاماتُها وَظَهَرَتْ بَوادِرُها وَبَدَتْ بَشائِرُها ما الَّذِي يفِيدُ؟ إِنَّهُ دَعْوَةٌ إِلَى أَنْ يَسْتَغِلَّ الإِنْسانُ كُلَّ اللَّحظاتِ كُلَّ الممكنِ مِنَ الزَّمانِ في العِمارَةِ الَّتي تَعُودُ عَلَيْهِ، سَواءٌ في دِينِهِ أَوْ دُنْياهُ، أتدرونَ أنَّ هذهِ الفسيلةَ إِذا غرسَها عادتْ إليهِ بِالخيرِ؛ لأنهُ لا يأكلُ مِنْها طيرٌ ولا يأكُلُ مِنْها حيوانٌ وَلا يأكلُ مِنْها إِنْسانٌ إِلَّا وعادَ عليهِ مِنَ الأَجْرِ ما يَكُونُ في مَوازينِ أَعْمالِ، وفي رصِيدِ آخرتِهِ، إِنَّ هَذِهِ الدَّعْوَةَ ينبغِي أَلَّا تغيبَ.
أَنا أَدْعُو كُلَّ المسْلِمينَ ذُكُورًا وَإِناثًا، صِغارًا وَكِبارًا، شَبابًا وَشِيبًا إِلَى أَنْ يَفْهَمُوا حقيقَةَ هَذِهِ الدُّنْيا وَأَنَّها مَزْرَعَةٌ، وَأَنَّ الزُّهْدَ الحقيقيَّ فِيها هِيَ أَلَّا تُعِيقَكَ عَنِ المسِيرِ إلَى اللهِ تعالَى، لَيْسَ الزُّهْدُ في الدنْيا أنْ تُعْرِضَ عَنْها، وَأَلَّا تَأْخُذَ مِنْها ما يُعِينُكَ علَى الوُصُولِ إِلَى اللهِ –عَزَّ وجلَّ- عَلَى أَحْسَنِ حالٍ، إِنَّما الزُّهْدُ الحَقِيقِيُّ أَنْ تَكُونَ الدُّنْيا في يديكَ، أَلَّا تَكُونَ الدُّنْيا في قَلْبِكَ، عِنْدَ ذلكَ تَكُونُ راشِدًا تكونُ زاهِدًا، ولَوْ مَلَكْتَ ما مَلَكْتَ، وَلَوْ عَمَّرْتَ ما عَمَّرْتَ، وَلَوْ شَيَّدْتَ ما شَيَّدْتَ، فإنَّ الدُّنْيا مَطِيَّةٌ للآخِرَةِ وَسِيلَةٌ للِوُصُولِ إِلَى مَرْضاةِ اللهِ.
أَسْألُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَني وإياكُمُ البَصِيرَةَ في الدِّينِ، وأَنْ يرزُقَنا الفَهْمَ والعَمَلَ بِالتنزيلِ إلَى أَنْ نلْقاكُمْ في حلْقَةٍ قادمةٍ، أستودعكُمُ اللهَ الَّذِي لا تضيعُ وَدائِعَهُ، وَالسَّلامُ علَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبركاتُهُ.