×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

رمضانيات / برامج رمضانية / قل هذه سبيلي / الحلقة(22): فكفرت بأنعم الله

مشاركة هذه الفقرة Facebook Twitter AddThis

تاريخ النشر:الأربعاء 26 رمضان 1435 هـ - الاربعاء 22 أكتوبر 2014 م | المشاهدات:4290

الحمدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُباركًا فِيهِ، كَما يُحبُّ رَبُّنا وَيَرْضَى، أحمدُهُ حقَّ حَمْدِهِ لهُ الحمدُ كُلُّهُ أَوَّلُه ُوآخِرُهُ، ظاهِرُهُ وباطِنهُ، لا أُحْصِي ثَناءً عليهِ هُوَ كَما أَثْنَى عَلَىَ نَفْسِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِلَهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَفِيِّهُ وَخَلِيلُهُ خِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْراهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبراهيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ أَمَّا بَعْدُ..

فَحَياكُمُ اللهُ أَيُّها الإِخْوَةُ وَالأَخواتُ، هَذا الكتابُ العَظِيمُ هَذا القُرْآنُ المجيدُ كِتابُ اللهِ تَعالَى الَّذِي جَعَلُهُ خاتَمَ الرِّسالاتِ، فَهُوَ آخِرُ كِتابٍ أَنْزَلَهُ اللهُ تَعالَى لِلبَشَرِيَّةِ خَطَبَ فِيهِ الجَمِيعُ، لمْ يَكُنْ هَذا الخِطابُ لِفِئَةٍ مِنَ الناسِ، وَلا لجماعَةٍ، وَلا لأَهْلِ زَمانٍ دُونَ زَمانٍ، وَلا لأَهْلِ مَكانٍ دُونَ مَكانٍ، بَلْ هُوَ لِلعالمينَ ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا[الفرقان: 1]، إنَّ القُرْآنَ نَذِيرٌ لِكُلِّ البَشَرِيَّةِ عَلَى اخْتِلافِ أَجْناسِهِمْ وَأَفْهامهمْ وأَلْسِنَتِهِمْ، وَإِنَّ اللهَ قَدْ أَقامَ الحجَّةَ فِيهِ عَلَى وَجْهٍ لا يَلْتَبِسُ فَمَنْ وَرَدَ القُرْآنَ صَدَرَ عَنْهُ بِبِيانٍ وفهْمٍ تَقُومُ بِهِ الحُجَّةُ عَلَى كُلِّ إِنْسانٍ، إِنَّ اللهَ تَعالَى قَدْ ضَرَبَ فِيهِ الأَمْثالَ، وَنَوَّعَ فِيهِ الآياتِ العَظِيمَةَ الدَّالَّةَ عَلَى عَظَمَتِهِ مِمَّا قَصَّهُ اللهُ في كِتابِهِ الحَكِيمِ مِثْلَ قَرْيَةٍ كانَتْ آمِنَةٍ.

يَقُولُ اللهُ تَعالَى: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ[النحل: 112]، هَذا مَثَلٌ لِقَرْيَةٍ لمْ يُبَيِّنِ اللهُ تَعالَى مَكانَ هَذِهِ القَرْيَةِ، وَلم يُبَيِّنْ زَمانَها، وَقَدْ اخْتَلَفَ المفَسِّرُونَ في تَحْدِيدِ هَذِهِ القَرْيَةِ ما هِيَ؟ عَلَى أَقْوالٍ عِدَّةٍ فَقِيلَ: إِنَّها مَكَّةُ، وَقِيلَ: إِنَّها المدِينَةُ، وَقِيلَ: إِنَّها قَرْيَةٌ مَثَّلَ اللهُ تَعالَى بِها لمْ يُحَدِّدْ مَوْقِعَها وَلا زَمانَها وَالعِبْرةُ لَيْسَ في المكانِ وَلا في الزَّمانِ، إِنَّما في الخَبَرِ الَّذِي يَتَكَرَّرُ وَيَتَجَدَّدُ عَبْرَ القُرُونِ مَعَ كُلِّ قَرْيَةٍ انْطَبَقَ فِيها الوَصْفُ المذْكُورُ، فاللهُ تَعالَى يَقُولُ في مُحْكَمِ كِتابِهِ: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا[النحل: 112]، هَذا المثْلُ لي وَلَكَ وَلَكِ وَلِكُلِّ النَّاسِ وَيَتَّعِظُونَ بِما فِيهِ حَتَّى تُحْيي قُلُوبَهُمْ وَتْعَتْبَرُ بَصائِرَهُمْ، فَلا يَقَعُ فِيما وَقَعَ فِيهِ أَهْلُ هَذِهِ القَرْيَةِ ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً[النحل: 112] فَلا تَخافُ.

وَالأَمْنُ هُنا هُوَ غايَةُ المنَى، إِذْ إِنَّ الأَمْنَ يُعْطِي الطُّمَأْنِينَةَ عَلَى النَّفْسِ، وَعَلَى المالِ، وَعَلَى الوَلَدِ، وَعَلَى كُلِّ ما مِنْ شَأْنِهِ أنْ يَخافَ عَلَيْهِ، الأَمْنُ أَساسٌ وطِيبٌ لِكُلِّ تَطَوُّرٍ وَنُمُوٍّ، فَلا نُمُوَّ وَلا تَطَوُّرَ وَلا حَياةَ هَنِيئَةً بِلا أَمْنٍ، وَلِذَلِكَ ذَكَرَ اللهُ تَعالَى الأَمْنُ هُنا قَبْلَ أَنْ يَذْكُرَ -جَلَّ في عُلاهُ- الإِطْعامُ وَالكِفايَةُ في القُوتِ لأَنَّهُ أَساسُ كُلِّ نُمُوٍّ وَكُلِّ تَنْمِيَةٍ ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً[النحل: 112]، إِنَّها آمِنَةٌ وَفَوْقَ الأَمْنِ بَلَغَتْ مِنَ الأَمْنِ حَدًّا تَسْكُنُ فِيهِ قُلُوبَ أَهْلِها وَيَطْمَئِنُّ فِيهِ سُكَّانُها عَلَى كُلِّ ما فِيها مِنَ الأَمْلاكِ وَالأَنْفُسِ وَالأَمْوالِ والأَهْلِ وَالأَوْلادِ ﴿يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ[النحل: 112] يسَّر اللهُ لَها مِنْ أَسْبابِ الكِفايَةِ في القُوتِ ما جَعَلَ الأَكْلَ يَأْتِيها، وَالطَّعامُ يَأْتِيها، وَالأَرْزاقُ تَأْتِيها مِنْ كُلِّ مَكانٍ، يَأْتِيها رِزْقُها وَلمْ يَحُدَّ ذَلِكَ بِنَوْعٍ مِنَ الرِّزْقِ في المأْكَلِ، أَوْ بِنَوْعٍ مِنَ الرِّزْقِ في المشْرَبِ، إِنَّهُ يَشْمَلُ كُلَّ أَوْجُهِ الرَّزْقِ الَّتي تَحْصُلُ بِها الكِفايَةُ ﴿يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ[النحل: 112]، طيب بِماذا قابلْتَ هَذِهِ النِّعَمَ العَظِيمَةَ الَّتي حَصَلَتْ بِها الكِفايَةُ النَّفْسِيَّةُ بالأَمْنِ والطُّمَأْنينةِ والكفايةِ البَدَنِيَّةِ بِإِتْيانِ الرزقِ وَتَسْخيرهِ وَسُهُولَةِ مجيئِهِ مِنْ كُلِّ مَكانٍ، قابلْتَهُ بِالشُّكْرِ لا قابَلْتَهُ بِالكُفْرِ ﴿فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ[النحل: 112]، أَيْ إِنَّها لمْ تُقابَلْ تِلْكَ النِّعْمَةِ بِما تَسْتَحقهُ مِنَ الشُّكْرِ، وَالشُّكْر هُوَ مِفْتاحُ مَزِيدِ العَطاءِ، إِذا أَرَدْتَ أَنْ يُعْطِيَكَ اللهُ عَطاءً واسِعًا فَأَشْكُرُهُ فَقَدْ قالَ اللهُ تَعالَى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ[إبراهيم: 7]، ولَيْسَ هَذا خاصًّا بِنِعْمَةٍ مِنَ النِّعَمِ، بَلْ كُلُّ نِعْمَةٍ يُنْعِمُ اللهُ تَعالَى بِها عَلَيْكَ في الظَّاهِرِ وَالباطِنِ في القَدِيمِ وَالحديثِ في نَفْسِكَ وَأَهْلِكَ وَبَلَدِكَ ومالِكَ وَمِنْ حَوْلِكَ، اشْكُرُ اللهَ تَعالَى وَأَبْشَرْ بِوَعْدِهِ، فَاللهُ لا يُخْلِفُ الميعادَ.

يُعْطِيكَ فَإِذا صَدَقْتَ اللهَ فِيما طَلَبَ مِنْكَ صَدَقَكَ اللهُ فِيما وَعَدَكَ، فَاللهُ لا يُخْلِفُ الميعادَ ﴿فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ[النحل: 112]، كفْرُ النعمةِ لأَسْبابٍ كثيرةٍ مِنْها؛ أَنْ يَنْسُبَها الإِنْسانُ إِلَى نَفْسِهِ كَما قالَ قارُونُ: ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ[القصص: 78]، وكَما قالَ قائِلٌ هَذَا مِنْ كَدِّي وَعَمَلِي وَسَعْيِ وَكَسْبِ آبائِي هَذا كُلُّهُ مِنْ كُفْرِ النعمةِ، فكفْرُ النعمةِ يكونُ بِإِضافَتِها إِلَى غَيْرِ اللهِ، بِأَنْ تُضِيفَها إِلَى نَفْسِكَ، أَوْ إِلَى آبائِكَ، أَوْ إِلَى جَهْدِكَ، أَوْ إِلَى عمَلِكَ هَذا مِنْ كُفْرِ النعمِ.

مِنْ كُفْرِ النِّعمِ أَيْضًا أنْ تَنْسُبَها إلَى أَحَدٍ مِنَ الخَلْقِ، كالذينَ ينسبونَ المطَرَ مَثَلا إِلَى النُّجُومِ، أَوْ يَنْسِبُونَ المطَرَ إِلَى الفُصُولِ، أَوْ ما إِلَى ذلكَ مِمَّا يَرْجِعُ إِلَى المعْنَى السابِقِ، وَهُوَ أَنَّهُ أَضافَ النعمةَ، نَسَبُ النعمَةِ إِلَى غَيْرِ رازِقِها ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ[النحل: 53]، كلُّ النعمِ في قَدِيمِ وَحَدِيثِ، في خاصٍّ أَوْ عامٍّ، في ظاهِرٍ أَوْ باطِنٍ، إِنَّما هِيَ مِنَ اللهِ وَبَقِيَّةِ ما يَسَّرَ اللهُ وُصُولَ النعمةِ إِلَيْكَ عَنْ طَرِيقهِمْ إِنَّما هِيَ أَسْبابِ، لَو شاءَ اللهُ ما تَمَّتْ، وَلَوْ شاءَ اللهُ لمنعتْ، فَإِنَّ اللهَ تَعالَى هُوَ الَّذي سَهَّلَ وَيَسَّرَ لَكَ ما يَسَّرَ مِنَ النِّعْمَةِ فَاشكرْهُ عَلَى ذلكَ، وأثْنِ عَلَيْهِ حتَّى تكونَ سالمًا مِنْ كفْرِ النعْمَةِ، مُحَقِّقًا لِشكرِ النعمةِ الَّتي توجبُ المزيدَ والعطاءَ، ﴿فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ[النحل: 112]، هذهِ صورَةٌ مِنْ صُوَرِ الكفْرِ.

مِنْ صُوَرِ الكفْرِ في النعْمَةِ أَلَّا تقُومُ فِيها بحقِّ اللهِ، فَإِذا كانَ لَها حَقَّ في مالِ للزكاةِ، في إِعْطاءِ كُلِّ ذِي حقٍّ حقهُ مِنْ نَفقَةٍ عَلَى عِيالٍ أو غيرهمْ إذا لم ترْعَ أَمْرَ اللهِ في هذهِ النعمَةِ، فإنَّ ذَلِكَ يُؤْذِنُ بِزَوالها وارتحالِها، هُوَ نَوْعٌ مِنَ الكُفْرِ، مِنْ كُفْرِ النعمةِ أَيْضًا أَنْ يَستعمِلَها الإنسانُ فِيما يُغْضِبُ الرَّحْمَنَ، فِيما يُغْضِبُ اللهَ –جَلَّ وعَلا-، فَإِنَّ هَذا مِنْ كُفْرِ النِّعْمَةِ الموجِبِ لِلعُقُوبَةِ ﴿فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ[النحل: 112]، فَماذا كانَتِ العاقِبَةُ؟ ﴿فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ[النحل: 112]، وانْظُرْ كَيْفَ تَبَدَّلَ حالُ أُولئِكَ الَّذِينَ نَعِمُوا بِما نَعِمُوا مِنْ أَمْنٍ وَاطْمِئْنانٍ وَإِتْيانِ الرِّزْقِ مِنْ كُلِّ مَكانٍ بِلِباسٍ آخَرَ، إِنَّهُ ثَوْبُ ظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَعَلَى أَحْوالهِمْ فَأَذاقَها اللهُ لِباسَ وَهذا كالَّذِي يَلْبَسُهُ الإِنْسانُ في ظاهِرِهِ يَراهُ كُلُّ أَحَدٍ وَيُدْرِكُهُ كُلُّ مُبْصِرٍ ﴿فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ[النحل: 112]. هَذا هُوَ السَّبَبُ أَنَّهُمْ ذَاقُوا تِلْكَ البَلايا بِسَبَبِ ما كَسَبَتْهُ أَيْدِيهِمْ.

اللَّهُمَّ أَلهمْنا رُشْدَنا، وَقِنا شَرَّ أَنْفُسَنا، خُذْ بِنَواصِينا لما تُحِبُّ وَتَرْضَى، اجْعَلْنا مِنْ شاكِري نِعَمِكَ القائِمينَ بِحَقِّكَ فِيها، وأْذَنَ لَنا بِالمزيدِ يا رَبَّ العالمينَ، وَإِلَى أَنْ نَلْقاكُمْ في حَلْقَةٍ قادِمَةٍ، أَسْتودعُكُمُ اللهَ الَّذِي لا تَضِيعُ وَدائِعُهُ وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَركاتُهُ.

 

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات95419 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات91120 )

مواد مقترحة

452. Jealousy
8198. مقدمة.
8257. مقدمة