×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

مرئيات المصلح / فضائيات / أسعد الناس

مشاركة هذه الفقرة Facebook Twitter AddThis

تاريخ النشر:19 ذو القعدة 1443 هـ - الموافق 19 يونيو 2022 م | المشاهدات:4706

المقدمُ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين وصَلَّى اللهُم وسلَّمَ وباركَ على سيدِنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ.

أهلًا بكُم أعزاءَنا المشاهِدينَ إلى هذه الحلقةِ الجديدةِ مِن برنامجِ نظرةٍ شرعيةٍ.

الكثيرُ مِنا يبحثُ عَنِ السعادةِ، لكن ما هي السعادةُ الحقيقيةُ؟ البعضُ يظنُّ أنَّ السعادةَ تكونُ في جمعِ المالِ، أو في الجاهِ، أو في غيرِها مِن ملذاتِ الدنيا لكنْ ما السعادةُ الحقيقيةُ؟ وكيفَ لنا أنْ نصلَ إلَيها؟ مَن هو أسعدُ الناسِ؟ موضوعُ حلَقتِنا اليومَ معَ ضيفِنا الكريمِ الشيخِ الدكتورِ خالدٍ المصلحِ أستاذِ الفقهِ المشاركِ بجامعةِ القصيمِ بالمملكةِ العربيةِ السعوديةِ.

 حيَّاكَ اللهُ ضيفَنا الكريمَ.

الشيخُ: أهلًا وسهلًا، مرحبًا بكَ.

المقدمُ: حياكَ اللهُ، وأيضًا نرحبُ بكُم أعزائي المشاهدينَ، بإمكانِكم أنْ تتواصَلوا معَنا عبرَ أرقامِ الهواتفِ التي تظهرُ تِباعًا على الشاشةِ، بعدَ طرحِنا لهذا الموضوعِ، نستقبلُ أيضًا استفتاءَكم على الأرقامِ التي تظهرُ، وفرصةٌ معَ ضيفِنا الكريمِ الدكتورِ خالدٍ المصلحِ، حياكَ اللهُ ضيفَنا مرةً أخرَى.

الشيخ: أهلًا وسهلًا.

المقدمُ: أرحبُ بِك في بلدِك الكويتِ ضيفًا عزيزًا عَلَينا وعلى كلِّ مَن على هذه الأرضِ.

الشيخُ: اللهُ يُحييك، وأهلًا وسهلًا.

المقدمُ: مَن أسعدُ الناسِ؟

الشيخُ: الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، وأُصلِّي وأسلِّمُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه أجمَعينَ، أما بعدُ.

فأسعدُ الناسِ هو محمدُ بنُ عبدِ اللهِ -صلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِه وسَلَّمَ-، أسعدُ الناسِ هو رسولُ اللهِ الذي كمَّلَ اللهُ له السعادةَ التامةَ، كما قالَ -جلَّ وعَلا-في محكمِ الكتابِ: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ* وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ* الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ *فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ* وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ[الشرح: 1-8]

 هذه الآيةُ تُجيبُ على هذا السؤالِ، أو هذه الآياتِ، أو هذه السورةِ، تجيبُ على هذا السؤالِ، فالجوابُ المتبادرُ هو أنَّ أسعدَ الناسِ هو مَنِ امتلأَ قلبُه للهِ محبةً ولهُ تعظيمًا، أسعدَ الناسِ هو مَن حقَّقَ الغايةَ مِنَ الوجودِ وهي العبوديةُ للهِ -جلَّ وعَلا-، فاللهُ -سبحانَه وبحمدِهِ- قدْ خلقَ هذا الكونَ لعبادتِه ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[الذاريات: 56]

 أسعدُ الناسِ مَن كانَ سعادَتُه لا تَنتهي، فسعادتُه دائمةٌ مستمرةٌ، فسعادتُه في هذه الدارِ هي امتدادٌ وصِلَةٌ لسعادتِه في الآخرةِ، فإنَّ سعادةَ المرءِ إذا كانَتْ مُنقضيةً في زمانٍ مهما بلغَتْ هذهِ السعادةُ، ومهما كثرُتْ مظاهرُها هي لا شيءَ إذا انتهَتْ.

ولذلكَ أقولُ -وأُذكِّر نَفسي وإخواني-: كمْ مِنَ اللحظاتِ السعيدةِ التي عِشناها في حياتِنا ،كلُّنا نذكرُ لحظاتٍ مرَّتْ عَلَينا كانَتْ مليئةً بالبهجةِ والسرورِ والفرحةِ ما هي الآنَ؟ أينَ هي؟ أينَ لذَّتُها وطعمُها؟ وقد ذهبَ وانتهَى وانقضَى، لكنَّ السعادةَ الحقيقيةَ هي التي لا تفارقُ الإنسانَ في قيامِه وقعودِه وذهابِه ومجيئِه وسرَّائِه وضرَّائِه ومنشَطِه ومَكرهِه وفي كلِّ تفاصيلِ حياتِه في هذه الدارِ وفي الدورِ التي يستقبلُها، لذلك يختلفُ الناسُ في معرفةِ حقيقةِ السعادةِ بناءً على اختلافِ نظرتِهم لها، وهذا المنظارُ هو كالمرآةِ التي يضعُها الإنسانُ على عينِه، النظارةُ والحاجبُ الذي يضعُه الإنسانُ على عينِه يَرَى مِن خلالِه، فمِن خلالِ هذه النظرةِ تستطيعُ أنْ تحدِّدَ ما السعادةُ، فالذي همُّه الدنيا، ولا يرى دارًا آخرةً؛ يرَى أنَّ سعادتَه في كثرةِ ما يكسبُه مِن مُتعِ هذه الدنيا ومَلذاتِها، ليسَ هُناك في نظرِه ولا في حسابِه ولا في فِكْرِه، ليسَ هناكَ دارٌ أخرَى سيقفُ عندَها ويسألُ هلْ سيكونُ فيها سعيدًا؟

المقدمُ: فهِمتُ مِن كلامِك شيخُ أنَّ حقيقةَ العبادةِ هي مرتبطةٌ بالعبوديةِ؟

الشيخُ: بالتأكيدِ، العبوديةُ هي تحقيقُ العبادةِ للهِ وحدَه، فالإنسانُ يكونُ عبدًا للهِ، محققًا للعبوديةِ إذا كانَ ذا قلبٍ للهِ محبٍّ، ولهُ معظمٍ، وإليهِ منجذبٌ، ولشرعِه ممتثلٌ، هذا هو حقيقةُ بدايةِ طريقِ السعادةِ، بالتأكيدِ هذا هو بدايةُ الطريقِ، والسعادةُ أمرٌ تراكميٌّ، وليسَ أمرًا كُليًّا يحصِّلُه الإنسانُ في لحظةٍ ويَنتهي، إنما هو أمرٌ تراكميٌّ يُحصَّلُ معَ مرورِ الأيامِ وتعاقبِ الليالي والنهارِ، ولذلكَ يقولُ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-خيرُكُم مَن طالَ عُمرُهُ، وحسُنَ عملُهُ»[سنن الترمذي(2329)، وقال:«هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»] لماذا؟ لأنهُ بكثرةِ ما يَمضي مِنَ الوقتِ وبكثرةِ ما يَكتسِبُ مِن هذه اللحظاتِ ويستثمرُها في طاعةِ اللهِ تعالى، فيما يقرِّبُه إلى اللهِ -جلَّ وعَلا- في عمارةِ الدنيا يحققُ سعادةً، هذه السعادةُ لا تَنقضِي، إنما هي سعادةٌ مستمرةٌ دائمةٌ إلى ما بعدَ الموتِ.

المقدمُ: وأحدُ الصحابةِ يقولُ: نحنُ في لذةٍ لو يعلمُ فيها الملوكُ لقاتَلونا عَلَيها.

الشيخُ: هذه مِن مقولاتِ الحسَنِ البصريِّ رحِمَه اللهُ، وهوَ مِنَ التابِعينَ، وهو توصيفٌ جليٌّ لِما يُدركُه الإنسانُ يا أستاذُ عليٌّ.

  السعادةُ لها حقيقةٌ، ولها مكمِّلاتٌ، المتَعُ الدنيويةُ، الملذاتُ مِنَ المآكلِ والمشاربِ هي مِنَ السعادةِ، الذي يقولُ: ليسَتْ سعادةً يكابرُ ويخطيءُ في التوصيفِ، لكنَّها ليستْ هي السعادةَ، الحقيقةُ هي متمِّمةٌ ومكملةٌ، لذلكَ حتى المتقدِّمون مِنَ الفلاسفةِ والعلماءِ وأصحابِ الآراءِ يقولونَ السعادةُ نوعانِ؛ سعادةٌ بدنيةٌ، وسعادةٌ نفسيةٌ.

السعادةُ الحقيقيةُ هي السعادةُ النفسيةُ، السعادةُ النفسيةُ بماذا تتحققُ؟ تتحققُ بالعلمِ باللهِ والمعرفةِ باللهِ -جلَّ وعَلا- هو طمأنينةُ القلبِ وسكونُ الفؤادِ وانشراحُه، فمَهْما كانَ مِن مُتمّماتِ السعادةِ متخلِّفًا بعدَ ذلكَ لا يضرُّ، يعني القلبُ إذا كانَ مُنشرِحًا مسرورًا مُبتهجًا طيبًا ملتذًا، فإنه لو فقَدَ ما فقدَ مِن مُتعٍ؛ أموالٍ، مِن متعِ النساءِ، مِن متعِ الأولادِ، مِن متعِ الجاهِ، مِن متعِ المنصبِ مِن سائرِ ما يتمتعُ بهِ الناسُ فإنه يجدُ السعادةَ في قلبِه، وإن كانَ قدْ فاتَه شيءٌ مِن مكملاتِها أو متمِّماتها، ولهذا يقولُ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- إقرارًا للمكملاتِ وبيانًا لحقيقةِ السعادةِ: «حُبِّبَ إليَّ من دُنياكم: النِّساءُ و الطِّيبُ، وجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيني في الصلاةِ»[أخرجه أحمد في مسنده(14037)، والحاكم في المستدرك(2676)، وقال: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. ووافقه الذهبي]

 الفرقُ بينَ ما تحبُّ وبينَ ما هو قُرةُ العينِ، قرةُ العينِ هو سكونُ القلبِ وطمأنينتُه، انشراحُه، لذتُه، بهجتُه، هذا لا يكونُ إلَّا في حُسنِ الصلةِ باللهِ تعالى.

بقيةُ الأمورِ هي مِن مقتضياتِ الطبيعةِ، أنْ يميلَ الإنسانُ إلى المآكلِ والمشاربِ وسائرِ أوجهِ المتاعِ، سواءٌ للذكورِ أو للإناثِ، كلُّ هذا مما يكملُ بهِ سعادتُه، لكنْ مِنَ السعادةِ الحقيقيةِ هي أنْ تكونَ حسَنَ الصلةِ باللهِ -جلَّ وعَلا- أنْ تكونَ ذا رابطةٍ حسنةٍ باللهٍ، فتتودَّدَ إلَيهِ وتحبَّه، وتتقربَ إلَيهِ بأنواعِ القُرَبِ، فتجدَ طمأنينةً وسكنًا لا يُغطِّي هذه الحاجةَ، ولا يُلبي هذا النداءَ الفطريَّ الذي القلبُ في سجنٍ إن لم يجِدْه إلا اللُّجْأُ إلى اللهِ.

المقدم:كيفَ يصلُ هذا الإنسانُ الذي يريدُ أنْ يحققَ هذه الصلةِ؟

يعني  الآنَ اتفَقْنا أنَّ أولَى مراتبِ السعادةِ تحقيقُ حُسنِ الصلةِ باللهِ عزَّ وجلَّ.

الشيخُ: حسنُ الصلةِ باللهِ ـ تعالى ـ يتحققُ مِن نظرَينِ؛ النظرِ الأولِ إلى القلبِ، والنظرِ الثاني إلى الجوارحِ.

النظرِ الأولِ إلى القلبِ أنْ تنظرَ مدَى محبةِ اللهِ ـ تعالى ـ في قلبِك، وهذه يا إخواني ويا أخواتي كلماتٌ هي قضيةٌ كبرَى، اللهُ -جلَّ وعلا- أولَ ما ذكرَ مِن مخلِّاتِ العبوديةِ في كتابهِ الحكيمِ جعلَ الأندادَ على وجهِ العمومِ: ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا[البقرة: 22]، يعني: أمثالًا ونظراءَ، ثم ذكرَ في أولِ صورةٍ مِن صوَرِ المخالفاتِ لجعلِ تنديدِ اللهِ تعالى وتسويةِ غيرِه بهِ في قضيةِ المحبةِ ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ[البقرة: 165] شريكٌ في نصيبٍ مِنَ القلبِ، وهو أنْ تُحبَّه محبةً لا تليقُ إلا باللهِ تعالى.

إذًا أولُ ما يَنبغي أنْ يقومَ في قلبِك هو حبُّ اللهِ ـ جلَّ في عُلاه ـ حبُّ اللهِ ثمرتُه العلمُ بهِ -سبحانَه وبحمدِه- أو هو ثمرةُ العلمِ باللهِ -سبحانَه وبحمدِه- فمَن علِمَ اللهَ وعرَفَ ما له مِنَ الكمالاتِ كانَ ذلكَ مِن دواعي تحقيقِ المحبةِ لهُ، لذلكَ ينبغي أنْ ينظرَ إلى قلبِه، فينظرَ مدَى محبتِه للهِ، تعظيمِه للهِ -جلَّ وعَلا- وإذا تحققَ لهُ هذانِ الوصفانِ: المحبةُ والتعظيمُ في القلب؛ انقادَتِ الجوارحُ للهِ -جلَّ في عُلاه- فتجدُه قائمًا بشرعِه، منتهيًا عما نهَى عنهُ، مؤديًا للواجباتِ، بعيدًا عَنِ السيئاتِ، لا يعني ألا يُخطئَ؛ فكلُّ ابنِ آدمَ خطَّاءٌ لكنَّه إذا أخطأَ سرعانَ ما يفيقُ، وإذا ذلَّ سرعانَ ما يقومُ، «كلُّ ابن خطَّاءٌ» ثم يقولُ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ-: «وخيرُ الخطَّائينَ التَّوابُون»[أخرجه الترمذي في سننه(2499)، وقال الحاكم: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ "، وحسنه الألباني في المشكاة(2341)]، فهو على رغمِ ما يقعُ فيهِ مِن أخطاءٍ ومذلاتٍ ومخالفاتٍ إلا أنهُ يفيقُ ويعودُ كالجوادِ إذا كَبا قامَ وواصلَ السيرَ، فرقٌ وشتانَ بينَ مَن إذا وقعَ في سيئةٍ تشبثَ بها والتهَى بها، فأعاقَه هذا عَنِ السيرِ إلى اللهِ ـ تعالى ـ وبينَ ذلك الذي إذا عثرَتْ به قدمُه وسقطَ في ترْكِ واجبٍ، أو في وقوعٍ في محرمٍ قالَ: ربِّ اغفرْ لي وتبْ عليَّ إنكَ أنت التوابُ الرحيمُ.

المقدمُ: لا إلهَ إلا هو، لكنَّ الآنَ بعضَ الناسِ الذي يعني يريدُ أنْ يبحثَ عَنِ السعادةِ، لكنْ هُناك ربما منغصِّاتٌ، وأيضًا ربما مِن بعضِ الناسِ مَن يبقَى داخلَ هذا الحزنِ، ويبقَى داخلَ هذه المأساةِ، ولا يستطيعُ الخروجَ عَنها حتى مِثلَما تفضلتَ إذا وقعَ الإنسانُ في الذنبِ أو في معصيةٍ، هذا الذنبُ، أو هذه المعصيةُ لربما يعني تحدُّه عَن حتى الملذاتِ، أو حتى يعني تحقيقُ العبوديةِ للهِ -عزَّ وجلَّ- بامتثالِ ما أمرَ اللهُ بهِ - عزَّ وجلَّ- وكذلكَ نبيُّه -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- كيفَ الرسالةُ نوجهُها حتى فعلًا نساعدُ مثلَ هؤلاءِ الذينَ يعيشون فعلًا سِجنًا نفسيًّا؟

الشيخ: أقولُ: ليسَ بينَنا وبينَ اللهِ حجابٌ، مَن أرادَ السعادةَ فطريقُها مشرعٌ، واللهُ تعالى يسَّرَ -وللهِ الحمدُ- طرقَ العودةِ والأوبةِ إليهِ، ولذلكَ يبسطُ  يدَه بالليلِ ليتوبَ مسيءُ النهارِ، ويبسطُ يدَه بالنهارِ ليتوبَ مسيءُ الليلِ.

 أولُ خطوةٍ يفعلُها الإنسانُ حتى يخرجَ مِن هذا الضيقِ الذي يحيطُ به أنْ يحسنَ صلتَه باللهِ، كما ذكرْنا، أن يجعلَ هذا مشروعَ حياةٍ، يفكرُ كيفَ أُرضي اللهَ جَلَّ وعَلا؟ كيفَ أحققُ حسنَ الصلةِ بهِ؟ كيفَ أحققُ العبوديةَ له جلَّ وعَلا؟ لا يعني هذا أنْ يهملَ أمرَ الدنيا وهذه مسألةٌ يعني يَنبغي أنْ تتضحَ، ليسَ مِن لازمِ تحقيقِ السعادةِ أنْ يكونَ الإنسانُ معطِّلًا لدنياهُ، بعيدًا عَن عِمارتِها والاشتغالِ بها، فاللهُ تعالى جعلَ هذه الدنيا مقرًّا ليبتليَنا، وجعلَ عمارتَها مهمَّتَنا، وهو الذي استعمَرَنا فيها -جلَّ في عُلاه- وجعلَ بناءَها وتنميتَها هو مِن مهامِنا، لكنْ شتانَ بينَ مَن يجعلُ هذا سُلَّمًا لرِضى اللهِ -جلَّ وعَلا- وبينَ مَن يجعلُ هذا سُلمًا يشغلُه عَن الدارِ الآخرةِ.

فالخطوةُ الأولى هو أنْ تحافظَ على الواجباتِ، تفقَّدْ نفسَك في الصلاةِ، تفقدْ نفسَك في حقوقِ الوالِدَينِ، تفقدْ نفسَك في الزكاةِ المفروضةِ عَليكَ في مالِك، تفقدْ نفسَك في تعظيمِ اللهِ وخشيتِه وخوفِه بقدرِ الرذائلِ والآفاتِ التي قد تكونُ عائقةً كالكبرِ والعُجبِ والرياءِ وسائرِ ما يمكنُ أنْ يكونَ في القلبِ مِن معيقاتٍ.

المقدمُ: كما يقالُ يعني هو قدْرُكَ عِندَ اللهِ كما قدْرُ اللهِ في قلبِك يعني لكن راحَ نكملُ باقي الخطواتِ إنْ شاءَ اللهُ ـ تعالى ـ بعدَ هذا الفاصلِ أعزاءَنا المشاهِدينَ.

أهلًا بكم أعزاءَنا المُشاهدين مرةً أخرَى في برنامجِكم: نظرةٌ شرعيةٌ وضيفِنا الكريمِ هو دكتورُ خالدٌ المصلحُ أستاذُ الفقهِ المشاركِ بجامعةِ القصيمِ بالمملكةِ العربيةِ السعوديةِ حياكَ اللهُ ضيفَنا الكريمَ مرةً أخرَى وأهلًا بكم أعزاءَنا المشاهدين ونرحبُ بأولِ اتصالٍ أمِّ عمرَ، تفضَّلي يا أمَّ عمرَ.

المتصلةُ: السلامُ عَليكُم ورحمةُ اللهِ.

المقدمُ: عَليكمُ السلامُ ورحمةُ اللهِ.

المتصلةُ: جزاكمُ اللهُ خيرًا يا شيخُ عليٌّ، وباركَ اللهُ فيكُم على هذه الاستضافةِ الطيبةِ، وأقولُ للوالدِ والشيخِ خالدٍ المصلحِ -حفِظَه اللهُ-: حيَّاكُم اللهُ وبيَّاكم ونتشرفُ ونسعدُ بزيارتِكم، وأسألُ اللهَ يا شيخُ خالدٌ أنْ يجعلَكم مباركينَ أينما كنتُم، فوجودُ الشيخِ فرصةٌ وغنيمةٌ بارزةٌ، وعِندي أربعُ أسئلةٍ نسألُ اللهَ لكم الإعانةَ.

المقدمُ: باختصارٍ.

المتصلةُ: السؤالُ الأولُ: ذكرَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السعديُّ -رحِمَه اللهُ- في رسالَتِه "الوسائلِ المفيدةِ للحياةِ السعيدةِ" أنَّ مَن أكبرِ الأسبابِ لانشراحِ الصدرِ وطمأنينتِه: الإكثارُ مِن ذكرِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- فهلِ الذكرُ الذي يكونُ باللسانِ دونَ حضورِ القلبِ يؤجرُ عليهِ المسلمُ، ويكونُ سببًا للسعادةِ وانشراحِ الصدرِ؟

السؤالُ الثاني: باركَ اللهُ فيكم هلْ يجبُ التيممُ لكلِّ صلاةٍ؟

السؤالُ الثالثُ:

المقدمُ: لا عفوًا التيممُ؟

المتصلةُ: التيممُ لكلِّ صلاةٍ؟

المقدمُ: للمريضِ يعني؟

المتصلةُ: إيه طبعا الذي لا يستطيعُ استعمالَ الماءِ هلْ يتيممُ لكلِّ صلاةٍ، أو يتيممُ تيمُّمًا واحدًا؟.

السؤالُ الثالثُ: باركَ اللهُ فيكُم بالنسبةِ للأحاديثِ التي وردَتْ في "صلاةِ أربعِ ركَعَاتٍ قبلَ الظهرِ" هلْ هذه الأحاديثُ صحيحةٌ أم ضعيفةٌ؟

الرابعُ: باركَ اللهُ فيكم شيخُ خالدٌ في أحدِ طلبةِ العلمِ قامَ بجمعِ مسائلَ خاصةٍ لزيارةِ مكةَ وأنتم فضيلتُكم قمتُم بالتقديمِ لهُ فيا حبَّذا يا شيخُ لو تذكِّرونا باسمِ الكتابِ جزاكُمُ اللهُ خيرًا.

المقدمُ: إنْ شاءَ اللهُ، أم فيصلْ تفضَّلي.

المتصلةُ: السلامُ عليكُم.

المقدمُ: وعليكمُ السلامُ.

المتصلةُ: واللهِ عندي سُؤالَينِ بس السؤالُ الأولُ متسرعٌ شوي.

المقدم: تفضلي.

المتصلةُ: جزاكَ اللهُ خيرًا في صَلاتي يجوزُ أنْ أتَّكِأَ على السريرِ أو كرسيٍّ بجانبي معَ إنَّ قريبًا جدًّا مِنَ الوقوفِ بعدَ السجودِ؟ وهل يجوزُ أنْ أضعَ مخدةً تحتَ رُكبَتي لأنَّ الكرسيَّ تعورني يعني عندَ موضعِ السجودِ هذا في الصلاةِ؟

المقدمُ: عفوا أم فيصل! الاتكاءُ أثناءَ الوقوفِ، ولا معَ الجلوسِ؟

المتصلة: لا، بعد السجودِ أثناءَ الوقوفِ، السؤالُ الثاني في سورةِ الفاتحةِ، البسملةُ هي الآيةُ رقم 1 صح؟

المقدم: صحيحٌ.

المتصلةُ: لماذا في صلاةِ الجماعةِ الإمامُ لا يجهرُ بها، ويبدأُ بالحمدُ للهِ معَ أنها آيةٌ في سورةِ الفاتحةِ؟.

المقدمُ: إنْ شاءَ اللهِ يوجدُ سؤالٌ ثانٍ؟

أمُّ عبدِ اللهِ تفضَّلي.

المتصلةُ: السلامُ عليكُم.

المقدمُ: علَيكمُ السلامُ.

المتصلةُ: يُعطيكمُ العافيةَ.

المقدم:أهلًا وسهلًا.

المتصلةُ: سؤالي أنا عندي بالشاليه الحوش التي أمامي وخَلفي مكشوفٌ وأنا منقبةٌ، فلو تحركتُ في الحوشِ براحتي هلْ أستترُ ولا لازم أتغطَّى أقولُ إنه ممكنٌ يطلَّونَ عليَّ الجيرانُ؟

المقدمُ: وهلْ هو مكشوفٌ يعني ممكنٌ الجيرانُ يشوفونَ الحوشَ؟

المتصلةُ: إيه، مطلٌّ يعني سواءٌ بالواجهةِ يعني بالواجهةِ أقولُ راح أتغطَّى لأني ملزمةٌ لأنَّ الناسَ تمرُّ لكنْ وراءَ الحوش الخلفيِّ يعتبرُ يعني مِن ضمنِ خُصوصيتي، لكنْ غُرَفَهم هما غرَفُ الجيرانِ تطلُّ على حوشَتي، فهلْ أنا يعني لو غطيتُ النقابَ وتحركتُ على راحتي أو لبستُ على راحتي هلِ الآنَ أستترُ ولا الإثمُ علَيهم هما، جزاكَ اللهُ خيرًا، شكرًا لكُم ويعطيكمُ العافيةَ.

المقدمُ: أمُّ عمرَ ذكرَتْ إحنا ودنا نجيبُ على أسئلةِ الكلِّ ذكرتُ يعني الشيخُ -رحمةُ اللهِ عَلَيهِ- أنَّ التفسيرَ أنَّ هُناك وسائلُ مفيدةٌ هلْ ذكرَ اللهُ -عزَّ وجلَّ- دونَ حضورِ القلبِ يؤجرُ عَلَيهِ الإنسانُ؟

الشيخُ: أولًا، ما هُناك شكٌّ أنَّ الذكرَ مِن أعظمِ ما تنشرحُ به الصدورُ، اللهُ ـ تعالَى ـ يقولُ في محكمِ كتابِه، يقولُ -جلَّ وعَلا-: ﴿أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[الرعد: 28]، ويقولُ: ﴿فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ[الزمر: 22]، فالآياتُ في تأثيرِ الذكرِ على القلبِ، انشِراحًا وبهجةً وسرورًا وطمأنينةً، آياتٌ كثيرةٌ ومتعددةٌ، وهذا الفضلُ الذي ذكرَه اللهُ -جلَّ وعَلا- مِنَ اطمئنانِ القلوبِ بذكرِه يحصلُ على أكملِ درجةٍ فيما إذا ذكرَ الإنسانُ اللهَ -جلَّ وعَلا- بقلبِه وبلسانِه، فإذا تواطَأَ ذكرُ الإنسانِ معَ القلبِ كانَ ذلك مِن أكبرِ ما يحصلُ بهِ النفعُ في الدنيا والأجرُ في الآخرةِ، إذا ذكرَ العبدُ اللهَ -جلَّ وعَلا- في قلبِه ودونَ لسانِه كانَ مأجورًا أيضًا على ذكرِه للهِ ـ تعالى ـ في قلبِه وهو شهودُ آياتِه في الآفاقِ وفي الأنفسِ وفي سائرِ ما يَأتي.

المقدمُ: يعني تعرفُ.. بعضُ الناسِ مثلًا يمكنُ ماشي بالسيارةِ "سبحانَ اللهِ، سبحانَ اللهِ" أو مثلًا "الحمد للهِ".

الشيخُ: هذه المرتبةُ الثانيةُ، يذكرُ اللهَ تعالى بلسانِه دونَ أنْ يأتيَ ذلكَ على قلبِه استحضارًا في كلِّ كلمةٍ يقولُها، وهذا على خيرٍ، وهو مأجورٌ، وهو مِن أسبابِ السعادةِ، لكنَّه ليسَ كالمرحلتَينِ السابقتَينِ.

 مراتبُ الذكرِ أعلاها ذكرُ القلبِ واللسانِ، ثم ذكرُ القلبِ، ثم ذكرُ اللسانِ، وكلُّها مما يؤجرُ فيها الإنسانُ مِن أجرٍ وهي مِن أسبابِ السعادةِ.

المقدمُ: سؤالُها الثاني هلِ المريضُ والذي له عذرٌ ويتيممُ هل يجبُ عليهِ التيممُ في كلِّ صلاةٍ؟

الشيخُ: طيب، بالمناسبةِ قبلَ ما نغادرُ السؤالَ الأولَ هي أشارَتْ إلى كتابِ "الوسائلِ المفيدةِ للحياةِ السعيدةِ" للشيخِ عبدِ الرحمنِ السعديِّ وهو مِن أنفعِ الكتبِ وأخصرِها في بيانِ بعضِ الأسبابِ التي يحصلُ بها سعادةُ القلبِ وانشراحُه، وكما ذكرتِ الكتيبَ وقدْ طبعُ في مطوياتٍ، اقتناؤه مما يفيدُ.

 والعجيبُ أنَّ أبرزَ ما ذكرَه أولَ ما ذكرَه في أسبابِ السعادةِ هو التوحيدُ، ذلك أنَّ توحيدَ اللهِ تعالى هو جنةُ الدنيا التي يدلُفُ بها المؤمنُ إلى جنةِ الآخرةِ.

المقدمُ: والذي ذكرتَ في بدايةِ الحلقةِ أنه لا يوجدُ ندٌّ للهِ -عزَّ وجلَّ- بقلبِك أولًا وبالتالي للترجمةِ على السلوكِ أيضًا.

الشيخُ: نعمْ، ولهذا قالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ-: «مَن كانَ آخرُ كلامِه مِنَ الدنيا لا إلهَ إلا اللهُ دخلَ الجنةَ»[أخرجه أبو داود في سننه(3116)، وصححه الألباني في صحيح الجامع(6479) ]، لأنَّ سعادةَ الآخرةِ مرتبطةٌ بسعادةِ الدنيا، وسعادةَ الدنيا تتحققُ بأنْ يكونَ القلبُ خالصًا للهِ، ليسَ لهُ فيهِ شريكٌ ولا نِدٌّ -سُبحانَه وبحمدِه-.

السؤالُ الثاني: التيممُ هو كالوضوءِ إذا عجزَ الإنسانُ عَنِ استعمالِ الماءِ، فاللهُ تعالى يقولُ: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا[النساء: 43] فإذا لم يجدْ ماءً، فإنهُ يتيممُ صعيدًا طيبًا، والصحيحُ في حكمِ التيممِ أنهُ يأخذُ حكمَ الوضوءِ في كلِّ أحكامِه مِن حيثُ نقضُ الطهارةِ، ومِن حيثُ عدمُ وجوبِ التيممِ لكلِّ صلاةٍ، ولا ينتقضُ بخروجِ وقتِ الصلاةِ، بلِ التيممُ باقٍ حكمُه ما دامَ أنهُ لم يحصلْ حدثٌ ينتقضُ به الوضوءُ وأيضًا ما لم يجدِ الماءَ، فإذا وجدَ الماءَ فإنهُ يجبُ عَليهِ أنْ يتيممَ.

المقدمُ: يعني التيممُ يستمرُّ دونَ أنْ يُنقَضَ الوضوءُ.

الشيخُ: يعني لا يجبُ عندَ كلِّ صلاةٍ.

المقدمُ: الأمرُ الثالثُ، الصلاةُ أربعُ ركعاتٍ قبلَ صلاةِ الظهرِ هلِ الأحاديثُ التي وردَتْ فيها هي أحاديثُ صحيحةٌ؟

الشيخُ: إيْ نعمْ وردتْ فيها جملةٌ مِنَ الأحاديثِ الصحيحةِ، ومنها حديثُ «مَن صلَّى في يومٍ ثِنتَي عشرةَ رَكْعةً تطوُّعًا غيرَ فريضةٍ بُنيَ لَهُ بيتٌ في الجنَّةِ»[صحيح مسلم(728/101)]، حديثُ أمِّ حبيبةَ في صحيحِ الإمامِ مسلمٍ، وذكرَ فيهِ في روايةِ الترمذيِّ:« أربعًا قبلَ الظهرِ».[سنن الترمذي(415)، وقال: حسنٌ صحيحٌ]

المقدمُ: السؤالُ الأخيرُ للأختِ أمِّ عمرَ إنَّ هناكَ  كتابًا.

الشيخُ: أنا ما أعرفُ الكتابَ، ما أذكرُه.

المقدمُ: طيب أمُّ فيصلٍ سألَتْ عَن صلاةٍ إذا كانتْ تصلِّي على كرسيٍّ وهي تتكأُ على شيءٍ مُعَينٍ بجانبِها، وأيضًا تضعُ مخدةً تحتَ لصعوبةِ لعلَّ يعني في الوزنِ وكذا نسألُ اللهَ لها السلامةَ.

الشيخُ: لا حرجَ، الذي يظهرُ أنه لا حرجَ في هذا، فاعتمادُها على يدَيْها في القيامِ أو اتِّكاؤُها على ما تتكيءُ عليهِ في القيامِ لا إشكالَ في هذا، وهو جائزٌ، وأما وضْعُها مخدةً تحتَ ركبةِ قدمِها، فهذا إذا كانَ ثمةَ حاجةٌ، وتجدُ يعني قسوةَ الأرضِ، فإنهُ عندَ ذلكَ لا بأسَ بوضعِ هذه الإسفنجةِ أو هذه المخدةِ تحتَ رُكبَتِها، نسألُ اللهَ لها العفوَ والعافيةَ والشفاءَ.

المقدمُ: أيضًا سألَتْ عَن سورةِ الفاتحةِ، البسملةُ بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ كيفَ تذرُ الآيةَ الأولَى مِن هذه السورةِ سورةِ الفاتحةِ، تقولُ هي: لماذا بعضُ الأئمةِ لا يقرأُ بسمِ اللهِ في بدايةِ الصلاةِ؟

الشيخُ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ آيةٌ في أولِ كلِّ سورةٍ مِن كتابِ اللهِ ـ تعالى ـ هذا قولُ عامةِ العلماءِ، وليسَتْ مِن هذه السورِ في قولِ جمهورِ العلماءِ، أنها ليسَتْ مِنَ السورِ، بمعنَى أنهُ مثلًا لما تقرأُ البقرةَ بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ ﴿الم[البقرة: 1] أولُ آيةٍ، كذلك في آلِ عمرانَ، كذلكَ في النساءِ ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ[النساء: 1] فأولُ آيةٍ هي ما بعدَ البسملةِ، فالبسملةُ ليستْ آيةً مِنَ السورةِ، لكنها آيةٌ في أولِ كلِّ سورةٍ، وفرقٌ بينَهما.

في سورةِ الفاتحةِ، البسملةُ مِنَ العلماء مَن يرَى أنها آيةٌ في أولِ كلِّ سورةٍ كسائرِ السورِ، وليستْ مِن سورةِ الفاتحةِ، وهذا قولُ عامةِ العلماءِ بمعنَى أنَّ الآيةَ الأولَى في سورةِ الفاتحةِ هي قولُه: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[الفاتحة:2 ] وهذا الذي عَليهِ أكثرُ العلماءِ، وهو رأيُ الأئمةِ الثلاثةِ؛ رأيُ أبي حنيفةَ، ومالكٍ، وأحمدَ.[انظر:تبيين الحائق للزيلعي(1/112)، شرح مختصر خليل(1/289)، كشاف القناع(1/335) ]

وذهبَ الإمامُ الشافعيُّ -رحِمَه اللهُ- إلى أنَّ البسملةَ آيةٌ مِن سورةِ الفاتحةِ.[انظر المهذب1/79، ونهاية المحتاج1/457]، ولذا تجدُ بعضُ المصاحفُ تضعُ بعدَ البسملةِ رقْمَ( 1) خلافًا لبقيةِ السورِ، ليسَ بعدَ البسملةِ رقمُ( 1) ، وهذا مبنيٌّ على مذهبِ الإمامِ الشافعيِّ -رحِمَه اللهُ- وإلا فعَلَى القولِ الذي عليهِ عامةُ العلماءِ الآيةُ الأولَى هي ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾وبناءً عَليهِ فإنهُ لا يجبُ الجهرُ بها، أو لم يجهرْ بها النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- ولا تجبُ قراءَتُها في الصلاةِ، فلو أنهُ قرأَ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ولم يُبسمِلْ، الأمرُ في هذا واسعٌ، وهي مذاهبُ يعني مختلفةٌ والأمرُ في هذا يسيرٌ وقريبٌ.

المقدمُ: قبلَ الفاصلِ سريعًا أمُّ عبدِ اللهِ سألَتْ عَنِ التحركِ داخلَ نحنُ نسميهِ الشاليه واستراحاتِ البحرِ جزءٌ مِنَ التنزهِ، وهذه هي يعني متراصَّةٌ في ذلك بعضُها ببعضٍ، هل تحرُّكُ النساءِ في مثلِ هذه الأماكنِ المكشوفةِ في الأرضِ المملوكةِ إذا هي كانتْ ملتزمةً بالحجابِ؟

الشيخُ: إذا كانتْ يعني في حيِّزِها والمناطقُ المجاورةُ بعيدةٌ لا تُرَى مِن خلالِها، الأمرُ في هذا قريبٌ ولا يلزمُها أنْ تحتجبَ.

المقدمُ: هي متلاصقةٌ لكنْ تقولُ في الجيرانِ يطلونَ ممكنٌ يعني.

الشيخُ: هو ممكن شوف حتى البعيدُ يمكنُ أن يأتيَ بوسائلِ التقريبِ وينظرُ، وليستِ المرأةُ مطالبةً بأنْ تحتاطَ هذا الاحتياطَ للبعيدِ، يعني هُناك حقٌّ للجارِ بأنْ يصانَ، وأن يُحفظَ البصرُ عنهُ، ولا يجوزُ أنْ يطَّلعَ على عورةِ جارِه، ولو وقعَ شيءٌ مِن غيرِ قصدٍ، فإنهُ يصرفُ بصرَه، فلا يجبُ عَلَيها أنْ تحتجبَ في داخلِ دارِها.

المقدمُ: أستأذِنُك يا ضيفَنا الكريمَ وأعزاءَنا المُشاهِدين بفاصلٍ، ثم نعودُ معَ هذه الحلقةِ نظرةٌ شرعيةٌ معَ ضيفِنا دكتورِ خالدٍ المصلحِ أستاذِ الفقهِ المشاركِ.

عُدنا أعزاءَنا المشاهِدينَ مرةً أخرَى في بَرنامجِكم "نظرةٍ شرعيةٍ" وضيفُنا الكريمُ هو الدكتورُ خالدٌ المصلحُ أستاذُ الفقهِ المشاركُ بجامعةِ القصيمِ بالمملكةِ العربيةِ السعوديةِ حياكَ اللهُ ضيفَنا الكريمَ.

الشيخُ: أهلًا وسهلًا ومرحبًا.

المقدمُ: أهلًا بكُم أعزاءَنا المشاهِدينَ، وأهلًا بمَنِ انضمَّ إلينا في هذه اللحظةِ، تتمةٌ لضيفِنا الكريمِ على قضيةِ الآنَ ربما الذي تفضلْتَ فيها على قضيةِ السعادةِ، وأنَّ هُناك خطواتٍ يستطيعُ الإنسانُ أنْ يحققَ فيها حسنَ الصلةِ باللهِ -عزَّ وجلَّ- وابتدَأنا في الخطوةِ الأولَى والخطوةِ الثانيةِ طلِعنا في بعضِ الأسئلةِ.

الشيخُ: إيْ نعمْ، مِن أسبابِ إدراكِ السعادةِ الإحسانِ للناسِ، الإحسانِ إلى الناسِ مِن أعظمِ ما يجلبُ للقلبِ الابتهاجَ والسرورَ؛ لأنَّ الإحسانَ سعةٌ، ولذلك اللهُ ـ تعالى ـ يقولُ: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ[آل عمران: 92]، والبرُّ في أصلِه مأخوذٌ مِنَ السعةِ والفضاءِ، ولذلكَ يقولُ الناسُ "البرَّ" للمكانِ الخالي الواسعِ والفضاءِ الفسيحِ، فاللهُ ـ تعالى ـ يقولُ: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ[آل عمران: 92]، والبرُّ هُنا بمعناهُ العامِّ وهو كلُّ سعةٍ في الدنيا وفي الآخرةِ ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ[آل عمران: 92]، فالإحسانُ إلى الناسِ وبذلُ الخيرِ لهم هوَ مِن أسبابِ انشراحِ الصدرِ وبهجتِه، سواءٌ كانَ ذلكَ بالنفقاتِ الواجبةِ، أو كانَ ذلكَ بالزكاةِ، أو كانَ ذلك بالنفقةِ على الزوجةِ والأهلِ والأولادِ، أو كان ذلكَ بالنفقةِ على الأقاربِ المُحتاجينَ، أو كان ذلك بالإحسانِ على وجهِ العمومِ، وهذه صورةٌ مِن صورِ الإحسانِ، وهو الإحسانُ الماديُّ، لكن حتى الإحسانُ الآخرُ الذي هو الإحسانُ بالجاهِ، الإحسانُ بالابتسامةِ، الإحسانُ بالإعانةِ البدنيةِ، كلُّ هذا مما يدركُ بهِ الإنسانُ الابتهاجَ والسرورُ والسعادةُ.

ولهذا تجدُ أنهُ في الأوامرِ الشرعيةِ أصولَها ترجعُ إلى ﴿أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ[النساء: 77] ﴿أَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾هو عنوانُ إحسانٍ الصلةِ باللهِ –جلَّ وعَلا-﴿وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾عنوانُ إحسانِ الصلةِ بالخلقِ، وبهما تكملُ سعادةُ الإنسانِ.

المقدمُ: يعني إذًا خطواتُ الصلةِ أو خطواتُ السعادةِ الأوليةِ هي إحسانُ الصلةِ باللهِ -عزَّ وجلَّ- أو ابتداءً، والثاني الإحسانُ إلى الناسِ؟

الشيخُ: نعمْ، الإحسانُ إلى الناسِ بمفهومِه الواسعِ الذي لا يقتصرُ فقطْ على الإحسانِ الماديِّ.

المقدمُ: لكنَّ بعضَ الناسِ يقولُ: هُناك بعضُ القَضايا التي لم تُفرَضْ على الإنسانِ حتى يصلَ إلى هذه المرتبةِ مِنَ السعادةِ، ترى هلْ ما لم يُفرَضْ عليَّ ضرورةً أنْ أؤديَه حتى لو كانَ نفْلًا؟

الشيخ: لا، ليسَ فرضًا، السعادةُ مراتبُ كما أنَّ العبوديةَ مراتبُ، هُناك حدٌّ أدنَى لا بدُّ مِنَ الإتيانِ به، ثم ما زادَ هذا مضمارُ سباقٍ، جاءَ إلى النبيِّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ- رجلٌ فسألَه عَنِ المفروضاتِ في الصلاةِ والزكاةِ والصومِ فقالَ: هلْ عليَّ غيرُها؟ قالَ: «لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ»في كلِّ مرحلةٍ مِنَ المراحلِ التي سألَ عَنها، في الصلاةِ، وفي الزكاةِ، وفي الصومِ، ثم قالَ: "واللهِ لا أزيدُ على هذا ولا أنقصُ" قالَ النبيُّ  -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-: «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ»[صحيح البخاري(2678)، ومسلم(11/8)]، فمعنَى هذا أنَّه الحدُّ الأدنَى لتحقيقِ السعادةِ لكنَّ المضمارَ واسعٌ، اللهُ ـ تعالى ـ يقولُ: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ[آل عمران: 133]

 وأنا أقولُ: كلُّ إحسانٍ واجبٌ أو مستحبٌّ، وكلُّ حُسنِ صلةٍ باللهِ ـ تعالى ـ واجبةٌ أو مستحبةٌ هي مِن أسبابِ انشراحِ الصدرِ، ولهذا يجبُ على الإنسانِ أنْ يبادرَ إلى كلِّ سببٍ يلينُ به قلبُه، ويطيبُ به فؤادُه، وتبتهجُ به نفسُه، ثم نحن يَنبغي أنْ نعرفَ أنَّ هُناك معيقاتٍ، هناكُ مكدراتٍ، هُناك منغصِّاتٍ لهذه السعادةِ، للتقصيرِ والقصورِ الذي جُبلَ علَيهِما الإنسانُ، فمعالجةُ هذا القصورِ وذاك التقصيرِ في أسبابِ تحقيقِ العبوديةِ للهِ ـ تعالى ـ هو بتعويضِ بالنقصِ بصالحِ العملِ، وأتبعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها، واللهُ ـ تعالى ـ يقولُ: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ[هود: 114].

المقدمُ: معَنا اتصالٌ، تفضَّلْ أبا عبدِ اللهِ، تفضلْ.

المتصلُ: سلامٌ عليكُم.

المقدمُ: سلامٌ ورحمةُ اللهِ.

المتصلُ: كيفَ حالُكم؟

المقدمُ: أهلًا وسهلًا.

المتصلُ: كيفَ حالُك يا شيخَنا.

الشيخُ: مرحبًا، اللهُ يحييكَ، أهلًا وسهلًا.

المتصلُ: شيخُ سؤالٌ، مشاهدةُ الأفلامِ هلْ جائزٌ أو لا؟ وحضورُ السينما بعدُ هلْ هو جائزٌ أو لا؟

المقدمُ: هناك سؤالٌ ثانٍ أبا عبدِ اللهِ؟

المتصلُ: لا، وجزاكَ اللهُ خيرًا.

المقدمُ: حياكَ اللهُ أمَّ محمدٍ، تفضَّلي.. راحَتْ أمُّ محمدٍ، إنْ شاءَ اللهُ ترجعُ، طيب أبو عبدِ اللهِ سألَ عَن قضيةِ مشاهدةِ الأفلامِ وحضورِ أيضًا السينما.

الشيخُ: الأفلامُ والسينما هي تأخذُ حُكمَها مما يعرضُ فيهِ، فالأفلامُ والسينما التي تحتوي على موادَّ تهدمُ الأخلاقَ، وموادَّ تضيعُ الأوقاتَ، وموادَّ تفسدُ التفكيرَ والرأيَ والعقلَ والدينَ، لا شكَّ أنها محرمةٌ لا أحدَ يقولُ أنها مباحةٌ؛ لأنَّ اللهَ ـ تعالى ـ أباحَ الطيباتِ وحرَّمَ الخبائثَ، والخبائثُ هُنا ليسَتْ فقط هي الزِّنا وعظائمَ الأمورِ، بل كلُّ وسيلةٍ تبعدكُ عَنِ الخيرِ، فهي مِنَ الخبائثِ التي يجبُ أنْ تبتعدَ عَنها.

المقدمُ: القضيةُ مرتبطةٌ بأصلِها.

الشيخُ: بالمضمونِ بمضمونِ هذه الموادِّ، فإذا كانَ مضمونُها نافعًا بنَّاءً مفيدًا في أمرِ دينٍ أو دنيا، فهي مطلوبةٌ، وإذا كانَ ليسَ فيها محذورٌ شرعيٌّ ولا تفيدُ في أمرِ الدينِ، فهي مِنَ اللهوِ الذي يَنبغي تركُه، لكن لما تصلُ إلى حدودِ هدمِ الأخلاقِ، وإشاعةِ الرذيلةِ والدعوةِ إلى الأفكارِ المنحلَّةِ وترويجِ الثقافاتِ البعيدةِ عَنِ القيمِ الشرعيةِ والإسلاميةِ، لا شكَّ أنَّ ذلكَ يكونُ مِنَ المحرماتِ التي يجبُ اجتنابُها.

المقدمُ: أيضًا سؤالٌ فقهيٌّ شيخُ خالدٌ، القضيةُ الآنَ بالنسبةِ للجواربِ، بالنسبةِ للمسحِ عليهم هلِ الآنَ بعضُ هذه الجواربِ ربما تكونُ خفيفةً شفافةً لها شروطٌ ربما تكونُ بعضُها مثلا قدْ يكونُ فيه خروقاتٌ، وكذا ما الراجحُ في هذه المسألةِ؟

الشيخُ: الراجحُ أنَّ كلَّ ما غطَّى القدمَ مما يسترُه في العادةِ، فإنه يجوزُ المسحُ عليهِ، لقولِ اللهِ ـ تعالى ـ:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا[المائدة: 6] إلى آخرِ الآيةِ، لكنَّ الشاهدَ قولُه -جلَّ وعَلا-: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ[المائدة: 6]، ومعنَى هذا أنه يشرعُ المسحُ على الخفِّ، وليسَ في هذا الخفِّ مواصفاتٌ واضحةٌ في كتابِ اللهِ وفي سنةِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ- سِوَى أنه مما يُستَرُ به القدمُ، ولهذا كلُّ ما يسترُ به مما يشقُّ نزعُه، فإنه يجوزُ المسحُ عَليهِ، سواءٌ كانَ جَوربًا، أو كانَ خُفًّا، أو كان نَعْلًا لا يصعبُ فكُّه كالنعالِ التي تربطُ.

المقدمُ: بس الجوربُ الآنَ ما يشقُّ نزعُه.

الشيخُ: هو حتى لو ما شقَّ النزعُ، لكن في الكلامِ على ما إذا كانت القدمُ مستورةً بساترٍ معتادٍ.

المقدمُ: بعضُ الناسِ يتكلفُ، أو أنهُ إذا كانَ شفافًا ما أقدرُ ألبسُه الحقيقةُ.

الشيخ: هذا مبنيٌّ على قولِ جماعةٍ مِنَ الفقهاءِ، يشترطونَ أنْ يكونَ صفيقًا، أنْ يكونَ ليسَ فيه خروقٌ، أنْ يمكنَ السيرُ به، فيذكرون جملةً مِنَ الشروطِ التي اشترطَها، لكن ليسَ على هذه الشروطِ دليلٌ، وبالتالي نرجعُ إلى الأصلِ وهو أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ- لمَّا جاءَ المغيرةُ بنُ شعبةَ لينزعَ عنهُ خفَّيهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- قالَ: «دَعْهُمَا، فإنِّي أدْخَلْتُهُما طَاهِرَتَيْنِ»[صحيح البخاري(5799)، ومسلم(274/79)]، وفي ذلك الزمانِ تصورْ أن يكونَ كلُّ الخفافِ التي يلبسُها الصحابةُ بذلكَ الإتقانِ ألا يكونَ فيها شكٌّ، إذا كنا نحن الآنَ وعلى سعةِ ما في أيدِي الناسِ مِنَ الأموالِ وما فُتحَ عَليهم مِنَ الدنيا تجدُ عندَهم مِنَ الأمورِ التي يحصلُ بها الشقوقُ والخروقُ والفتوقُ ما هو معروفٌ فكيفَ في ذلك الزمانِ؟

المقدمُ: والشرطُ الأصليُّ هو أنْ يلبسَهما على طهارةٍ؟

الشيخُ: نعمْ.

المقدمُ: أمَّ محمدٍ مَعَنا، تفضَّلي

المتصلةُ: السلامُ عَلَيكم.

المقدمُ: عَليكُمُ السلامُ ورحمةُ اللهِ.

المتصلةُ: لو سمحتَ عِندي سُؤالينِ؟

المقدمُ: إيه، تفضَّلي.

المتصلةُ: لو سمحتَ بغيت أسألُ عَن بِنتي سوَّتْ عمليةَ تكميمِ معدةٍ، ، وعليها دينٌ، وحاليًّا ما تقدرُ تصومُ، فإذا حالَ علَينا -إن شاءَ اللهُ- رمضانُ وهي ما قدرَتْ تصومُ هل تقدرُ تُخرِجُ مالًا وبعدين تصومُ ولا تصومُ بس؟

المقدم: إن شاءَ اللهُ، السؤالُ الثاني.

المتصلة: والسؤالُ الثاني حبيت أسألُ الذي يركبُ بالشعرِ، ما يتركبُ مباشرةً مجردَ إنه نضعُ حشواتٍ، إيه نعم، وصلةُ الشعرِ بس إن إحنا ما نحطها مباشرةً نحط أولَ شيءٍ تغطيةً وبعدين الركبة طبعا ما حقُّ البناتِ حقُّ الأعمارِ الكبيرةِ، يعني مثلًا اللي يعني شعرُها خفيفٌ يعني أساس أنها ما فيها غش البنت والله وتُخدَعُ ونُعطيه للناسِ.. اللي حابه هذانِ السؤالانِ ويعطيكَ العافيةَ.

المقدمُ: أهلًا وسهلًا أبو عبدِ اللطيفِ تفضَّلْ.

المتصلُ: السلامُ عليكُم.

المقدمُ: عليكُمُ السلامُ.

المتصلُ: عندي سؤالٌ مِن فضلِك معنَى الحديثِ: «مَن تَوَضَّأَ وُضُوئِي هذا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِما بشيءٍ، إلَّا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ»[صحيح البخاري(159)، ومسلم(226/3)]

 السؤال «لا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِما بشيءٍ » معناه إيه؟ وما تقدمَ «غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ»حقُّ اليومِ بس ولا حياتُه؟

المقدمُ: إن شاءَ اللهُ حاضرٌ، أمُّ محمدٍ سألَتْ عَن بنتِها نسألُ اللهَ لها السلامةَ إنْ شاءَ اللهُ ويُتمُّ عَلَيها، سوَّتْ عمليةً اللي هي تكميمُ معدةٍ على أساسِ أنه الريجيم، الآنَ ما شاءَ اللهُ انتشرَتْ هذه العملياتُ، بس الآنَ ما تستطيعُ أن تصومَ؛ لأنَّ عَلَيها مِن رمضانِ الماضي ورمضانُ عَلَينا وعليكَ خيرٌ مقبلٌّ إن شاءَ اللهُ تعالى فهلْ إذا ما استطاعَتْ أنْ تقضيَ ما سبقَ ولم تستطعْ صيامَ رمضانِ المقبلِ ماذا عَلَيها؟

الشيخُ: ليسَ عَلَيها شيءٌ؛ لأنها لم تستطعْ لعذرٍ، واللهُ ـ تعالَى ـ يقولُ: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ[البقرة: 184]، وبالتالي فإنهُ يجبُ عَلَيها أن تقضيَ متَى ما استطاعَتْ، ولو بعدَ رمضانِ القادمِ، لكن تُحصي الأيامَ ويجبُ عَلَيها قضاؤُها، وليسَ عَلَيها شيءٌ معَ القضاءِ؛ لأنَّ ترْكَها القضاءَ قبلَ رمضانَ لعذرٍ وبالتالي ليسَ عليها شيءٌ إن شاءَ اللهُ.

المقدمُ: سؤالُها الثاني على قضيةِ وصلةِ الشعرِ بشعرٍ آخرَ أنا ما أفهمُ هذه.

الشيخ: لا، هي تقول ما هناك شعرٌ، إنما تضعُ في الشعرِ شيئًا تنفخُه يعني إسفنج أو ما أشبهَ ذلك هذا الذي فهمتُ، أما وصلُ شعرٍ بشعرٍ فهذا جاءَ فيه النصُّ «لَعَنَ اللهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ»[صحيح البخاري(5933)، ومسلم(2122/115)]، أما إذا كانَ ذلك مِن غيرِ أن تصلَ شعرًا بشعرٍ إنما وضعَتْ شيئًا مِن الإسفنجِ أو شيئًا مِنَ الأمورِ التي تستعملُها النساءُ لضبطِ التسريحةِ فهُنا نوعانِ؛ النوعُ الأولُ ما كانَ لضبطِ التسريحةِ وليسَ فيه تضخيمٌ أو تلبيسٌ أو تدليسٌ فلا حرجَ فيهِ.

المقدمُ: حتى لو كانَتْ بينَ نساءٍ أو زوجاتٍ.

الشيخُ: هُنا ليسَ الإشكاليةُ في كونِها بينَ نساءٍ أو عندَ رجالٍ، إنما الإشكاليةُ لكونِها تُدلِّسُ ولا تُظهرُ شيئًا؛ لأنَّه على خلافِ الواقعِ فيه ما يتصلُ بالخطبةِ ونحوِه، أما إذا كانَ هذا لربطِ تسريحةٍ، نضبطُ الكلامَ النوعَ الذي لضبطِ التسريحةِ لا حرجَ فيه، وأما ما كانَ لتضخيمِ الرأسِ كما هو حاصلٌ في بعضِ التسريحاتِ فهذا يَنبغي تركُه، وإنْ كنتُ لا أجزمُ بتحريمِه؛ لأنَّ التحريمَ يحتاج إلى دليلٍ صريحٍ، والذي وردَ هو ذمُّ هذه الصورةِ في قولِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- في حديثِ أبي هُريرَةَ في الصحيحِ: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ »[صحيح مسلم(2128/125)] قولُه: «كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ» يعني عظيمٌ، فقالَ النوويُّ -رحِمَه اللهُ- في شرحِ الحديثِ: "يعظمْنَ رؤوسَهن بِالْخُمُرِ وَالْعَمَائِمِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُلَفُّ عَلَى الرَّأْسِ حَتَّى تُشْبِهُ أَسْنِمَةَ الْإِبِلِ الْبُخْتِ".[شرح النووي على مسلم(17/191)]

المقدم: إحنا عندَنا الحين ما شاءَ اللهُ.

الشيخُ: فهذا أخشَى أنْ يكونَ مما ذكرَه النوويُّ -رحِمَه اللهُ- ولذلكَ ينبغي أنْ تُترَكَ هذه الطرابيشُ أو هذه التسريحاتُ التي تُضخَّمُ بها رؤوسُ النساءِ حتى يسلمْنَ مِن هذا الوصفِ المذمومِ الذي يظهرُ أنهُ مِنَ الأوصافِ المذمومةِ التي ذكرَها النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- أما الوصلُ فهو محرمٌ في قولِ عامةِ علماءِ الفقهِ.

المقدمُ: أبو عبدِ اللطيفِ إن شاءَ اللهُ راح نجاوب بعدَ الفاصلِ،

أهلًا بكُم أعزاءَنا المشاهِدين مرةً أخرَى في برنامجِكم "نظرةٍ شرعيةٍ" وضيفُنا الكريمُ هو الدكتورُ خالدٌ المصلحُ أستاذُ الفقهِ المشاركِ بجامعةِ القصيمِ بالمملكةِ العربيةِ السعوديةِ حياكمُ اللهُ ضيفَنا الكريمَ.

الشيخُ: أهلًا وسهلًا.

المقدمُ: ونرحبُ بانضمامِكم أعزاءَنا المُشاهِدين معَنا أمُّ عمرَ، تَفَضلي.

المتصلةُ: السلامُ عَليكُم.

المقدمُ: عليكمُ السلامُ ورحمةُ اللهِ أهلًا وسهلًا.

المتصلةُ: متَّعَنا اللهُ -إن شاءَ اللهُ- بعلمِكم يا دكتورُ خالدٌ جزاكَ اللهُ خيرًا عِندي سُؤالَانِ؛ السؤالُ الأولُ أنا عندي أرضٌ وما زالتْ موجودةً، كنتُ أبي أبنيها ولكن الحين فكرتُ أبيعَها فهل عليَّ زكاةٌ؟

المقدمُ:كم سنةً صارَ لها؟

المتصلة: صارَ لها تقريبًا سبعُ سنينَ.

المقدمُ: السؤالُ الثاني.

المتصلةُ:السؤالُ الثاني، أنا بلغتُ الحين مِنَ العمُرِ خمسينَ، ولكنَّ الدورةَ الشهريةَ متقطعةٌ يعني تروح شهر وترجع لها شهرين، وتو لها سبعُ أيامٍ، قالوا لي: إنَّ هذا الدمَ لا يعدُّ دورةً، هل أُصلي؟ هلْ هي حيضٌ أم استحاضةٌ؟ ما أنا عارفة يعني صار لي الكلامُ هذا أكثرَ مِن سنتَينِ تقريبًا جزاكمُ اللهُ خيرًا.

المقدمُ: أمُّ سعودٍ معَنا تَفَضلي.

المتصلةُ: السلامُ علَيكُم.

المقدمُ: عليكُم السلامُ.

المتصلةُ: يا شيخُ، بالنسبةِ للوضوءِ.. هلِ الاستنشاقُ لازم يكونُ داخلَ خَشمي؟ ولا مجردَ إني بس أصبُّ عليه ماءً، أو أنثرُ يعني أنظفُ خَشمي يعني ما أستنشقُ المياهَ، كلُّ شيءٍ داخلَ يعني هل يجوزُ هذا ولا عليَّ إثمٌ؟ هل وضوئي يعني اللهُ يتقبلُ مني إنْ شاءَ اللهُ صلاتي لأنَّ عُمُري خمسونَ سنةً ومِن صغري أنا أخافُ.
المقدمُ: لا تُوسوسي، إنْ شاءَ اللهُ خيرٌ..
 أمَّ محمدٍ تفَضَّلي
.
المتصلةُ: السلامُ عليكُم.
المقدم
: وعليكُمُ السلامُ ورحمةُ اللهِ.
المتصلةُ: أودُّ سؤالَ فضيلةِ الشيخِ وهو -للهِ الحمدُ- ممنْ أثقُ برأيِه ونظرتِه الشرعيةِ في الحديثِ، حينَما قالَ: سرُّ السعادةِ وهي التي تنيرُ القلوبَ، لكن تجدُ بعضَ الناسِ للأسفِ يعني أحسنَ في صلاتِه ولكنْ هناك قسوةٌ في قلبِه ،كما أخبرَ الرسولُ -صَلَّى اللهُ علَيهِ وسَلَّمَ- في حديثٍ لهُ: «تَحْقِرُونَ صَلاتَكُمْ مع صَلاتِهِمْ، وصِيامَكُمْ مع صِيامِهِمْ، يَمرُقونَ كما يَمرُقُ السَّهمُ مِنَ الرَّميَّةِ»
 فكيفَ أرسلُ في صلاتي تهذِّبُ خُلُقي وتهذبُ أخلاقَ أبنائي كيفَ أحكمُ على الإنسانِ؟ هلْ أحكمُ عليهِ مِن صلاتِه؟ أم أحكمُ عليهِ مِن تصرفاتِه؟ وكيفَ هذه الصلاةُ لا تحققُ الحكمةَ مِنها والمشروعيةَ منها؟
المقدمُ: شكرًا أمَّ محمدٍ.. أبو عبدِ اللطيفِ سألَ عَن معنَى حديثِ النبيِّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ- أنَّ الإنسانَ إذا توضأَ كما توضأَ النبيُّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ - ثم صلَّى ركعتَينِ لا يحدِّثُ بهما نفسَه إلا غفرَ اللهُ لهُ عزَّ وجلَّ- ما تقدمَ مِن ذنبِه هو يسألُ ما معنَى لا يحدثُ؟ وما معنَى ما تقدمَ مِن ذنبِه؟

الشيخُ: هذا الحديثُ في الصحيحينِ مِن حديثِ عثمانَ بنِ عفانَ -رضِيَ اللهُ عنهُ- ففيهِ هذا الفضلُ العظيمُ لمن توضأَ وأحسنَ الوضوءَ ثم صلَّى ركعتَينِ لا يحدِّثُ فيهما نفسَه، ومعنَى «لا يحدِّثُ فيهِما نفسَه»

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات95279 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات90964 )

مواد مقترحة

442. Jealousy
8040. مقدمة.
8099. مقدمة