×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

مرئيات المصلح / فضائيات / وقفات مع ظلم الرجل لزوجته وعواقبه

مشاركة هذه الفقرة Facebook Twitter AddThis

تاريخ النشر:27 شوال 1443 هـ - الموافق 29 مايو 2022 م | المشاهدات:24868

المقدمُ: دكتورُ خالدٌ حديثُنا اليومَ سيكونُ عَن موضوعٍ أرَى أنهُ جديرٌ بأنهُ يُطرَحُ وأنْ يُناقَشَ مِن أمثالِكم: "الظلْمُ"، لا نريدُ أنْ نتحدثَ عنهُ إجمالًا فقدْ يطولُ الحديثُ، لكنْ نريدُ يا شيخُ أنْ نتحدثَ عنهُ فيما يتعلقُ بالحياةِ الزوجيةِ، فيما يتعلقُ بالزوجَينِ، كثيرٌ مِنَ الأخواتِ يشتَكينَ مِن ظُلمٍ وقعَ علَيهِنَّ مِن أزواجِهنَّ، يسألْنَ أيضًا هلْ إذا وقعَ الظلمُ هلْ أدْعُو عَلَيهِ أم أدعو لهُ، عاقبةُ الظلمِ يا شيخُ أيضًا.

الشيخُ: نعمْ أحسنتَ، الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين وأُصَلِّي وأُسَلِّمُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه أجمَعينَ، لفتَ نَظري وأنتَ تطرحُ الموضوعَ هذه الساعةَ، الاشتراكُ في ثلاثةِ أحرفٍ بينَ الظلمِ والظلامِ، فكلاهُما يشتركُ بالظاءِ واللامِ والميمِ، وهذا يشيرُ أنَّ الظلمَ مآلُه إلى الظلامِ، والظلامُ يُفقِدُ النورَ.

 وهذا المعنَى يَكفي في تنفيرِ النفسِ عَن أنْ تقعَ في شيءٍ مِنَ الظلمِ؛ لأنَّ الظلمَ يُورِثُ الظلامَ، وقدْ ألمَحَ إلى هذا نبيُّنا الكريمُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِه وسَلَّمَ ـ في ما رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ مِن حديثِ ابنِ عباسٍ في بعْثِ معاذٍ إلى اليمَنِ لمَّا أمرَه بما أمرَه مِنَ الدعوةِ، وكيفَ يَدعو أهلَ اليمنِ قالَ: «واتقِّ دعوةَ المظلومِ؛ فإنهُ ليسَ بينَها وبينَ اللهِ حجابٌ»[صحيح البخاري (2448)، ومسلم(19/29)] ثُم قالَ: «والظلمُ ظلُماتٌ يومَ القيامةِ»[صحيح البخاري(2447)، ومسلم(2578/56)] والظلمُ ظلماتٌ يومَ القيامةِ، كما قالَ النبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ وهذا بيانُ ارتباطِ الفعلِ بالنتيجةِ، وأنَّ الظلمَ يورثُ ظُلْمَةً، وأولَ ما تكونُ هذه الظلمةُ في قلبِ الظالمِ، فإنَّ اللهَ يملؤُه ظلامًا.

 وإذا أظلمَ القلبُ انتكستِ البصيرةُ؛ لأنَّ الإنسانَ لهُ عينانِ، عينٌ باصرةٌ يدركُ بها المرئياتِ والمشاهداتِ، وعينٌ قلبيةٌ يدركُ بها الحقائقَ، وهذه العينُ التي يدركُ بها الحقائقَ تمامًا كالعينِ التي في الرأسِ، العينِ الباصرةِ، العينُ الباصرةُ قدْ يضعفُ بصرُها فلا ترَى البعيدَ، وقدْ ترَى القريبَ وقد تحتاجُ إلى مرآةٍ أو نظاراتٍ ليكشفَ عما يكونُ مِن قصورٍ إما طولُ نظرٍ، وإما قصرُ نظرٍ، كذلك القلبُ عينُه تضعفُ فلا تبصرُ الأشياءَ على حقائقِها، وقد تعمَى عَن أشياءَ كبيرةٍ كالأعمَى تمامًا إذا سارَ في طريقٍ، وكانَ بينَ يدَيهِ جبلٌ لا يبصرُ الجبلَ، على ضخامةِ هذا الجبلِ فإنهُ لا يُبصِرُه؛ لأنهُ فقدَ الرؤيةَ، كذلكَ القلبُ قدْ يَعمَى عَن حقائقَ كبرَى جليةٍ واضحةٍ، فالإشكالُ ليسَ في خفاءِ الأشياءِ إنما في العينِ الباصرةِ التي تدركُ هذهِ الأشياءَ.

الظلمُ ظُلُماتٌ يومَ القيامةِ، كما قالَ النبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ واللهُ ـ تعالى ـ قالَ: ﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ[البقرة:254]، وهذا يبيِّنُ ارتباطَ الكفرِ بالظلمِ، والظلمُ أعلاهُ فيما يتصلُ بحقِّ الربِّ ـ جلَّ في عُلاه ـ وهو أنْ يجعلَ لهُ ندًّا وشريكًا كما قالَ -تعالى- في وصيةِ لقمانَ لابنِه ﴿يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ[لقمان:13]، هذا أكبرُ ما يكونُ مِنَ الظلمِ؛ لأنهُ الحيفُ الذي لا يُقبَلُ والظلمُ الذي لا يُبرَّرُ، فاللهُ نِعمُه نازلةٌ وخيراتُه آتيةٌ، وكلُّ ما في الكونِ هوَ بفضلِه وإحسانِه، ووجودُ كلِّ مخلوقٍ إنما هوَ بفضلِ اللهِ وإنعامِه.

فمِنَ الظلمِ أنْ تُصرَفَ العبادةُ لسِواهُ، وأنْ يتوجَّهَ العبدُ إلى غيرِه، فحقَّه أنْ لا يقصدَ إلَّا هوَ، ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ[البينة:5]، مِنَ الظلمِ ما يكونُ بينَ العبادِ وهذا كثيرٌ وهو أيضًا مِن مراتعِ السوءِ، وشؤمُه خطيرٌ وكبيرٌ، فإنَّ الظلمَ الذي بينَ العبادِ لا يمكنُ أنْ يتحللَ منهُ الإنسانُ، ويقولُ: ربِّ إني أذنبْتُ ذنبًا فاغفِرْه لي، هذا جزءٌ يتعلقُ بحقِّ الربِّ، لكنْ هُناك جزءٌ يتعلقُ بحقِّ الخلقِ وهو حقوقُهم التي لا بُدَّ أنْ يستبيحَ مِنهُم، وأنْ يتحللَ منهم حتى يفتكَّ مِن شؤمِ تلكَ التجاوزاتِ، سواءٌ كانتِ التجاوزاتُ في المالِ، أو كانتِ التجاوزاتُ في العرضِ، أو كانتِ التجاوزاتِ في الأبدانِ والدماءِ وما إلى ذلكَ مِنَ الجناياتِ.

إذًا عندَنا الآنَ الظلمُ لا يقتصرُ فقطْ على صورةٍ معينةٍ أو جانبٍ معينٍ، لا في مالٍ فقطْ ولا في دمٍ ولا في عرضٍ، بلْ في كلِّ تعدٍّ وتجاوزٍ في حقِّ الخلقِ هو مِن الظلمِ الذي نهتْ عنهُ الشريعةُ.

إذا جِئنا إلى العلاقةِ الخاصةِ بينَ الرجلِ والمرأةِ وجَدْنا أنَّ اللهَ ـ تعالى ـ أكَّدَ على العدلِ في هذهِ العلاقةِ، والعدلُ ليسَ فقطْ في حالِ كونِ الإنسانِ عندَه أكثرُ مِن زوجةٍ، لكنْ في ما إذا تعدَّدَتِ الزوجاتُ يكونُ العدلُ مطلوبًا؛ لأنَّ هُناك منافسةً، وهُناك منافرةً بينَ الأطرافِ، ولذلكَ يقولُ اللهُ ـ تعالى ـ:﴿فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً[النساء:3] ، لا يعني هذا أنهُ لا عدلَ بينَ الرجلِ والمرأةِ لا، هُناك عدلٌ بينَ الرجلِ والمرأةِ حتى ولو كانَ لهُ زوجةٌ واحدةٌ، لكن هُنا إذا كانَ هُناك أكثرُ مِن مرأةٍ؛ لأنهُ تشتركُ في الرجلِ فهُنا لا بُدَّ مِن عدلٍ، بخلافِ ما إذا كانَ الرجلُ منفردًا بزوجةٍ فليسَ لها فيهِ شريكٌ.

ولذلكَ هُنا هلْ لا عدلَ في الموضوعِ؟ الجوابُ لا، هناكَ عدلٌ آخرُ غيرُ ذاكَ العدلِ المطلوبِ في حالِ التعددِ، وهو أنْ يعدِلَ في صلتِه بها، وأنْ يعدلَ في إعطائِها حقوقَها وذلكَ أنَّ اللهَ ـ تعالى ـ أمرَ بإيتاءِ الأماناتِ فقالَ:﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا[النساء:58]، والأماناتُ يشملُ كلَّ الحقوقِ التي للهِ تعالى والتي للخلقِ.

والمرأةُ لها حقوقٌ على زوجِها أثبتَ اللهُ ذلكَ في كتابِه فقالَ: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ[البقرة:228]، فبدأَ اللهُ ـ تعالى ـ بالذي لهنَّ قبلَ الذي علَيهِنَّ، لأنَّ الذي عليهِنَّ لا يغفُلُ عنهُ ولا يسقطُ المطالبُ فيهِ وهنَّ ضعيفاتٌ، فالحقُّ الذي عليهِنَّ في الغالبِ قريبُ الحصولِ، بخلافِ الحقِّ الذي لهن قدْ يشحُّ بهِ الرجلُ وقدْ يماطلُ في أدائِه، ولهذا تنشأُ كثيرٌ مِنَ الإشكالياتِ مِن مسألةِ الظلمِ.

وأنا أقولُ: إنَّ الظلمَ ظلُماتٌ يومَ القيامةِ، وقدْ قالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- في أُخرياتِ أيامِه «مَن كانَتْ لهُ مظلمةٌ عندَ أخيهِ»، وهُنا «أخيهِ» يشملُ كلَّ مَن يربِطُك به حقٌّ مِن حقوقٍ الإيمانِ ولو كانَتِ الزوجةَ.

المقدمُ: شيخُ عذرًا على المقاطعةِ حيثُ نتحولُ إلى بيتِ اللهِ الحرامِ في مكةِ المكرمةِ لنقلِ أذانِ صلاةِ المغربِ مُشاهدينا الكرامَ ثُم نعودُ إلَيكُم.

أهلًا وسهلًا بكُم مُشاهدينا الكرامَ مرةً أخرَى، صاحبَ الفضيلةِ نُكمِلُ الحديثَ حفِظَك اللهُ.

الشيخُ: فالنبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ في أخرياتِ أيامِه قالَ لأصحابِه: «مَن كانَتْ عندَه مظلمةٌ لأخيهِ في شيءٍ من مالِه أو عِرضِه، فليتحلَّلْ منهُ قبلَ أنْ لا يكونَ درهمٌ ولا دينارٌ»[صحيح البخاري(6534)] فابتدأَ بنفسِه فقالَ: «فَمَنْ شَتَمْتُ لَهُ عِرْضًا فَهَذَا عِرْضِي، وَمَنْ ضَرَبْتُ لَهُ ظَهْرًا فَهَذَا ظَهْرِي فَلْيَسْتَقْدِ مِنْهُ »[أخرجه البزار في مسنده(2154)، والطبراني في الكبير(718)، وضعفه الألباني في الضعيفة(13/644)]

 فبالتالي يَنبغي للمؤمنِ أنْ يحرصَ على أنْ لا يقعَ في الظلمِ.

 المعاشرةُ والمخالطةُ هي سببٌ للاختلاطِ والخطإِ والوقوعِ في الاعتداءِ، لكنْ كونُ الإنسانِ يُتبعُ السيئةَ الحسنةَ وكونُ الإنسانُ يتحللُ مِن صاحبِه، كونُ الإنسانُ يسعَى في الإحسانِ إليه بأوجُهِ الإحسانِ الممكنةِ، كلُّ هذا مما تحصلُ بهِ الحياةُ الطيبةُ وتستقيمُ بهِ الأمورُ؛ لأنَّ الإنسانَ الذي يريدُ مَن لا يُخطيءُ لا يجدُ، لكنْ فرقُ مَن يخطيءُ ويتوبُ ويرجعُ ويحسنُ وبينَ مَن يخطيءُ، وإذا نُبِّهَ زادَ خطأً وسوءًا وشرًّا.

ولهذا نقولُ: مِنَ الضروريِّ بناءُ العلاقةِ الزوجيةِ على شيءٍ مِنَ الودِّ والرحمةِ، على شيءٍ مِنَ الأُلفةِ والطمأنينةِ، على شيءٍ، أقلُّ الأحوالِ على العدلِ، اللهُ تعالى يقولُ في أهلِ الكتابِ الذينَ لا تربِطُنا بهم صلةٌ دينيةٌ يقولُ: ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ[الممتحنة:8].

 هُنا عندَنا المرتبةُ العُليا البرُّ وهوَ الإحسانُ وإيصالُ الخيرِ، والثاني وهي أدنَى المراتبِ الإقساطِ وهو العدلُ، ﴿وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾أي تعدِلوا معَهم في المعاملةِ، ولهذا لا شكَّ أنهُ في حقِّ الزوجةِ وفي حقِّ مَن يُعاشِرُه الإنسانُ آكدُ وأوجبُ.

ولهذا مِنَ الضروريِّ أنْ يتذكرَ الإنسانُ قدرةَ اللهِ عَليهِ؛ لأنَّ بعضَ أصحابِ القوةِ وأنا لا أقصدُ بهذا فقطْ الرجلَ، بلِ الرجلُ والمرأةُ؛ لأنَّ المرأةَ قدْ تكونُ في بعضِ الأحيانِ أقوَى مِنَ الرجلِ، وقدْ يكونُ الرجلُ أقوَى مِنَ المرأةِ، وقدْ تكونُ هُناك مناوبةٌ في القوةِ، يعني مثلًا الوقتُ وقتُ شبابِ الرجلِ أو قوتُه يكونُ ثُم إذا مرِضَ وكانَتِ المرأةُ شابةً أو تحتفظُ بشيءٍ مِن قوتِها انقلبَ الأمرُ، وهذا مُشاهَدٌ وندرِكُه والواجبُ أنْ يرقبَ الإنسانُ ربَّ العالَمين في كلِّ ما يَأتي ويذرُ.

المقدمُ: أحسنَ اللهُ إلَيكم صاحبَ الفضيلةِ.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات95120 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات90819 )

مواد مقترحة

442. Jealousy
8029. مقدمة.
8088. مقدمة
12235.